أسئلة حول تفسير الصحابة

إنضم
21 أبريل 2003
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
سلامٌ من الله عليكم ورحمته وبركاته

حياكم الله يا إخواني.. هل لديكم أقوال أهل العلم حول قبول تفسير الصحابي؟ وهل هو في حكم المرفوع؟
ثانياً.. متى يقدم قول المتأخرين على قول السلف؟ هل لذلك ضوابط وما هي؟

ولدي سؤال أخير خارج عن الموضوع ، هل منكم من يعرف قول الإمام الشافعي حول الخطاب العام والخاص في القرآن؟
 
الأخ الفاضل أحمد الأزهري
االسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد : فأسئلتك من الأسئلة التي تحتاج إلى تحرير وتدقيق ، وقد كنت بحثت في موضوع تفسير الصحابي ، فوجدت أن التقعيد قد يختلف عن التطبيق ، وإن كان قد يستفيد منه العالم في تقرير ما يذهب إليه في بعض الأحيان ، وإجمالاً للقول ،أقول :
أولاً : لا يكاد يختلف العلماء على تقديم قول الصحابي ، دون تمييز بين ما يرويه من أسباب النزول ، وبين ما يجتهد فيه .
ثانيًا : إن المسألة إنما يُعملُ بها فيما إذا لم يكن عندك في المسألة إلا قول الصحابي ، وقول المتأخرين ، ويظهر لك بادي الرأي أن قول المتأخرين أقرب للصواب ، وهنا تأتي المشكلة في هذه المسألة .
ولقد نظرت في بعض ما يقع فيه الاعتراض على قول الصحابي ( أو قول بعض السلف من التابعين وتابعيهم ) فوجدته ـ في غالبه ـ يظهر من قصوٍر في فهم مسالكهم في التعبير عن التفسير .
ثالثًا : إذا وقع الاختلاف في التفسير بين الصحابة ، وكان من الاختلاف المحقق الذي لابدَّ فيه من الترجيح ، فإنه لا يُتصوَّر في هذه المسألة ورود السؤال عن تقديم قول االصحابي ، لأن قول بعضهم ليس حجة على قول الآخر .
رابعًا : إن بعض الأسئلة المفترضة لا يكون لها رصيد من المثال ، فياحبذا لو كان في سؤالك مثالاً يُنطلق منه لنقاش المسألة ، بدلاً من أن تكون المسألة مسألة مفترضة ، وقد لا يكون لها رصيد من واقع الأمثلة .
أما ما سألت عنه من تقديم قول المتأخرين ، فإنه أيضًا مفترض بلا مثال ، لكن لا يصح البتة تقديم قول المتأخرين على قول السلف ؛ لأن فيه إغماضًا في حقهم ، ودعوى أنَّ السلف لم يفهموا شيئًا من القرآن ، وفهمه المتأخرون ، وهذا أمر عظيم .
وأقول لك لأجل نقاش هذه المسألة بدقة أكثر : حدِّد مرادك بالمتأخرين ، واذكر مثالاً لما تسأل عنه ، والله الموفق .
 
شيخنا العزيز مساعد الطيار..

أولاً.. بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً على ردكم الكريم

ثانياً: الذي دعاني لطرح تلك الأسئلة أنني كنت في نقاش مع بعض طلبة العلم حول مسئلة الغناء وقوله تعالى في سورة لقمان (ومن الناس من يشترى لهو الحديث..الآية). ومن هنا فُتح النقاش حول أقوال الصحابة وتفسير المتقدمين..
فبعضهم قال لي.. أن قول الصحابي لا يُقدّم بإطلاق إلا في أسباب النزول، ومن هذا المنطلق طرحت أسئلتي

ثالثاً: أعرف أن هذا الموضوع طُحن بحثاً وتنقيباً ولكني مبتدىء في طلب العلم وخصوصاً التفسير.
 
أولا:الاتباع هو الأصل في ديننا بل هو الدين كله قال الله تعالى (ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه الى الله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا)وقال تعالى(اتبع مايوحى إليك من ربك)
معنى الاتباع لغتا:السير في طريق مسلوك
والاتباع الشرعي يعني :السير على طريق من رضي الله عن سيرهم قال تعالى (واتبع سبيل من أناب إلى)(والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه)
ومن هنا نعلم أن للاتباع شرطيين:
1-لغوي:وهو أن يكون العمل أو القول مسبوقا به
2-شرعي:وهوان يكون العمل أو القول صادرا ممن أناب الى الله تعالى والمنيبون لا يعرفون إلا بتزكية الله ورسوله لهم.
أما الابتداع لغتا:فهو إحداث طريق جديد لم يسلك أو اختراع قول لم يسبق وابتدأ فعل لم يفعل.
واهل السنة والجماعة يتسمون أيضا قديما أهل الحديث وأهل الأثر وأهل الاتباع لتميزهم بهذه الأمور عن غيرهم.والفرقة الناجية هي التي وصفها الرسول بقوله(هم من كان على مثل ماانا عليه واصحابي) فاستبان بهذا البيان وجوب اتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام ابن كثير –رحمه الله-في صفة أهل السنة والجماعة(وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة –رضي الله عنهم-هو بدعة,لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ,لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها)تفسير ابن كثير سورة الأحقاف,عند قوله تعالى :( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لوكان خيرا لسبقونا إليه)
ثانيا:الأصل في فهم الكتاب والسنة وماورد فيهما من الألفاظ الشرعية أن يكون على منهج السلف الصالح وان ما عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه لم يحتج معه الى بيان آخر وان من تأولهما على ظاهرهما بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه هو تأويل أهل البدع.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسام في بين الفرقة الناجية (ما أنا عليه واصحابي)ولم يقل ما أنا عليه فقط وقال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)ولم يقل بسنتي فقط ..
قال الإمام حمد بن حنبل –رحمه الله-(أصول السنة عندنا التمسك بما عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل بدعة ضلالة)أعلام الموقعين ج1
وقال الإمام احمد ( وان تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل عليه على معنى ما أراد الله منه او اثر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف ذلك بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم اوعن أصحابه فهم شاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم وشهدوا تنزيله وما قصه الله في القرآن وماعني به وما أراد اخاص هو أم عام فأما من تأوله على ظاهره بلا دلالة من رسول الله ولا أحد من اصحابه فهذا تأويل أهل البدع)الإيمان ابن تيمية ص373
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-(وما ينبغي أن يعلم إن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك الى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم)
قال الإمام البربهاري –رحمه الله-(وابتدعت –الجهمية- من وجوه إلا من ثبت على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره ونهيه وأصحابه ولم يتخطى أحد منهم ولم يجاوز أمرهم ووسعه ما وسعهم ولم يرغب عن طريقتهم ومذهبهم وعلى انهم على الإسلام الصحيح والإيمان الصحيح فقلدهم دينه واستراح) شرح السنه للبربهاري
وقال أيضا (واعلم أن الدين هو التقليد والتقليد لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) شرح السنة للبربهاري
ثالثا:هل قول الصحابي حجة أم لا؟
ذهب جمهور أهل العلم منهم الإمام أبى حنيفة ومالك والإمام احمد والشافعي في القديم باتفاق اصحابه وفي الجديد على الراجح من قول اصحابه كماحرره الإمام ابن القيم ورد على المخالفين منهم أن قول الصحابي حجة إذا لم يوجد له مخالف من الصحابة ولانص محكم صريح واستدلوا بالآيات البينات للآمرة باتباعهم وأيضا الأحاديث النبوية والآثار المروية عن بعض الصحابة والتابعين في ذلك راجع إعلام الموقعين لابن القيم ج4 في حجية قول الصحابة فإنه مهم
وقول الصحابي حجة في التفسير والعقائد والعبادات المحضة وغيرها وقوله إذا لم يوجد له مخالف من الصحابة انع أصوب ممن جاء بعدهم كما قال الإمام الشافعي –رحمه الله-(هم فوقنا _الصحابة-في كل علم وفقه ودين وهدى وفي كل سبيل ينال به علم وهدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا)أه كما انهم يتميزون بخصائص عنا لا نشاركهم فيها كمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والأخذ عنه وفهم مقاله وتطبيقه عنده ومعرفة أسباب النزول وهم أهل سليقة عربيه وغيرها من الخصائص كما أنهم ابر قلوبا واعقل واحكم واعلم واعبد ممن جاء بعدهم ولهم فضائل ذكرها الله في كتابه ورسوله في سنته لانصل إليها وقد ذكر هذه الخصائص الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين المصدر السابق
أما إذا اختلف الصحابة فنأخذ من أحد أقوالهم ولا نخرج عن قولهم كلهم الى قول ثالث,قال الإمام الشافعي (ومن أدركنا ممن نرضى او حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما يعلموا فيه سنة إلى قولهم أن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وكذا نقول ولم نخرج من اقوالهم كلهم)المصدر السابق وذكر مثل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(قال القاضي:الإجماع حجة مقطوع عليها يجب المصير إليها ويحرم مخالفتها ولا يجوز أن تجمع الأمة على الخطأ وقد نص احمد على هذا في رواية عبد الله وأبى الحارث في الصحابة إذا اختلفوا لم يخرج عن أقاويلهم ارأيت إن اجمعوا له أن يخرجوا من اقاويلهم ؟هذا قول خبث قول أهل البدع لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة اذا اختلفوا) المستدرك على مجمع الفتاوى (2/113)أصول الفقه
وقال الإمام محمد بن عبد الهادي –رحمه الله-في الصارم المنكي في الرد على السبكي(ولا يجوز إحداث تأويل في آية اوسنة لم يكن على عهد السلف ولاعرفوه ولابينوه للأمة فان هذا يتضمن انهم جهلوا الحق في هذا وضلوا عنه واهتدى إليه هذا المعترض المستأجر فكيف اذا كان التأويل يخالف تأويلهم ويناقضه)أه
وقال الإمام ابن –رجب الحنبلي –رحمه الله (فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح اذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم او عند طائفة منهم فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يعمل به ,قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم فإنهم كانوا اعلم منكم...) من رسالة فضل علم السف على علم الخلف لابن رجب
وقال لإمام الآجري –رحمه الله-في سياق كلامه على صاحب العلم النافع(فإذا أوردت عليه مسألة قد اختلف فيها أهل العلم اجتهد فيها فما كان أشبه بالكتاب والسنة والإجماع ولم يخرج به من قول الصحابة وقول الفقهاء بعدهم قال به اذا كان موافقا لقول بعض الصحابة وقول الفقهاء المسلمين حتى يخرج عن قولهم لم يقل به واتهم رأيه ووجب عليه أن يسأل من هو اعلم منه او مثله حتى ينكشف له الحق ويسأل مولاه أن يوفقه لاصابة الخير والحق)من كتاب أخلاق العلماء للآجري
واعلم اخي القارئ أن هذه المسالة تعرف عند الأصوليين بلأجماع الضمني وهو اذا ا أختلف المجتهدون في عصر من العصور في مسالة من المسائل على قولين فهل عدم زيادتهم للقولين يعتبر إجماع على عدم الزيادة فلا يجوز لمن بعدهم أن يحدث قولا ثالثا او لا يعتبر ؟على القول انه إجماع يكون إجماع ضمني فالجمهور يمنعون إحداث قول ثالثا مطلقا كما مر علينا أقوال بعضهم, والبعض من فصل في المسالة فقال يجوز اذا لم يرفع اتفق عليه الأولون ويمنعونه اذا رفعه والذي يظهر انه اذا ظهر من قولي المجتهدين أن القولين بنيا على مناسبة او ملائمة حال وحمل كل قول على حال فهذا يجوز وإلا فلا يجوز لنا أن نستحدث رأيا او حكما في المسائل التي بين أيديهم لأننا نقول هم فوقنا في كل علم وفضل وعقل وتقى..والله اعلم راجع أصول الإمام احمد دراسة أصولية مقارن للدكتور عبد الله التركي
وهاهو اللامة الألباني يقسم المسائل الى اصلين عظيمين:
1-المسائل المستجدة التي يسميها بعض الفقهاء بالنوازل فهذه قال في حقها العلامة الألباني لابد للعالم حقا أن يفتي بما عنده من علم بنصوص الكتاب والسنة والقواعد العلمية التي منها ينطلق المفتي
2-هي المسائل التي يقطع بأنها كانت واقعة في زمن السلف والتي لابد أن يكون للسلف في مثلها رأي وجواب فهذه قال في حقها العلامة الألباني (فهنا يجب على المسلم أن يتورع أن يبادر الى تقديم رأيه بمثل تلك المسألة إلا أن يكون له فيها سلف بهذا القيد او التفصيل يمكن أن يعتبر كلمة الإمام احمد هي في الحقيقة قيد لكثير من طلاب العلم اليوم الذين يركبون رؤوسهم ويتسرعون في إصدار فتاوى كما يصرح بعضهم قائلا مستهترا بأقوال من سبقوه هم رجال ونحن رجال ,لكن أين أنت وأين هم ثم ذكر الشيخ بيتا شعريا –وهذا من الغرور الذي أصاب كثير من طلاب العلم اليوم لان بعضهم كما ذكرت آنفا يصرحون بهذا الكلام هم رجال ونحن رجال وبعضهم لسان حالهم هو هذا وقد يكون هذا الذي يدعي او يقول هذا الكلام لم يؤت في العلم ولا قليلا فإنما عنده نتف من هنا وهناك..)شريط653/1
رابعا: العمل بظواهر الكتاب والسنة:
أولا: الظاهر عند الا صوليين هو مادل بنفسه على معنى راجح مع احتمال غيره
((والمقصود به هنا الألفاظ الظاهرة التي يمكن لها معارض كالعام والمطلق والأمر والنهي
آراء جمهور العلماء في العمل بالظواهر التي لها معارض كالعام والمطلق والأمر والنهي هو انه يمتنع العمل بهذا الظاهر قبل البحث عن معارضه فيمتنع العمل بالعام قبل البحث عن المخصص وبالمطلق قبل البحث عن المقيد وبأمر قبل البحث عن ما يصرفه الى الندب او الإباحة
والإمام بن تيمية –رحمه الله-تكلم عن لفظ المجمل والمطلق والعام وما يراد بها في اصطلاح الأئمة كأحمد ورجح عدم العمل بالظواهر حتى يبحث عن المعارض بحث يطمئن القلب إليه...
ولهذا قال الإمام احمد يحذر المتكلم في الفقه هذين الاصلين المجمل والقياس وقال اكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس يريد بذلك انه لا يحكم بما يدل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ,ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه أولا؟فأكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنون من دلالة اللفظ والقياس فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن معارض لها بحثا يطمئن القلب إليه والخطأ من لم يفعل ذلك وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظواهر والاقيسه ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه طريق أهل البدع وله في ذلك مصنف كبير(7/391)
واما الظاهر الذي ليسله معارض كالخاص والمقيد ونحوهما لم يخالف أحد من العلماء في وجوب العمل به إذ هو مقتضى التكليف وليس فيه احتمال معارض له ولولم يعمل به لتعطلت النصوص)) انظره في أصول الإمام احمد دراسة أصولية مقارن للدكتور عبد الله التركي
وقال الإمام الشاطبي-رحمه الله-(وكثير من فرق الاعتقادات تعلق بظواهر من الكتاب والسنة في تصحيح ما ذهبوا إليه مما لم يجد له ذكر ولاوقع ببال أحد من السلف الأولين)الموافقات (3/282)تحقيق مشهور
وقال أيضا:(كما أن اعتبار النصوص من غير اعتماد على الفهم الوارد عن السلف فهي مؤدية الى التعارض والاختلاف وهو مشاهد معنى ولأن تعارض الظواهر كثير مع القطع بأن الشريعة لااختلاف فيها.
ولذلك لا تجد فرقة من فرق الضلالة الأحد من المختلفين في الأحكام الفرعية ولا الأصولية يعجز عن الاستدلال على مذهبه بظواهر من الأدلة وقد مر من ذلك أمثلة)أه( 3/288) ا لموافقات

وقال الإمام ابن –رجب الحنبلي –رحمه الله (فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح اذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم او عند طائفة منهم فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به لأنهم ما تركوه إلا على علم أنه لا يعمل به ,قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز –رحمه الله-خذوا من الرأي ما يوافق من كان قبلكم فإنهم كانوا اعلم منكم...) من رسالة فضل علم السف على علم الخلف
(قال القاضي:يجوز تخصيص العموم بقول الصحابي اذا لم يظهر خلافه وكذلك تفسير الآية المحتملة وهذا على الرواية التي تجعل قوله حجة مقدم على القياس..) ) أنظره في أصول الإمام احمد دراسة أصولية مقارن للدكتور عبد الله

وقال أبو البركات بن تيمية-رحمه الله-(وإذا قلنا أن قول الصحابي حجه جاز تخصيص العام به )المصدر السابق
واعلم اخي الكريم إن قول هؤلاء العلماء في كون قول الصحابي حجة وجاز به تخصيص العام..وذلك لعدة أمور منها:
1-لأننا امرنا بأتباعهم
2-ولأنهم خصوا بأشياء كثيرة لا نشاركهم فيها قد بينها الإمام ابن القيم في أعلام الموقعين
3-ولاحتمال كون اقولهم وافعالهم من أحاديث لم يصرحوا بها
4-ولأن هذا هو منهج الاستدلال عند الصحابة التابعين ومن اتبعهم أهل القرون المفضلة كما ذكر ذلك الإمام الدهلوي في كتابه حجة الله البالغة وله رسالة بعنوان الإنصاف في أسباب الاختلاف وهي من افضل من كتب وبين في هذه المسألة المهمة فراجعها مشكورا
5-ولأن فهم مراد الله ورسوله من الآيات والأحاديث لا يكون إلا بطريقة الجمع بين الآيات والأحاديث فيخصص العام ويقيد المطلق ويبين المجمل ويصرف الظاهر ..أو يحصل الفهم عن طريق معرفة القرائن واعلم أن للقرائن أربع صور:*قرينة مقاليه متصلة *قرينة مقالة منفصلة *وقرينة حالية متصلة *وقرينة حالية منفصلة ولا تجتمع معرفتها إلا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو ايسر لمعرفة مراد الله ورسوله, قال شيخ الإسلام ابن تيمية(فمتابعة الآثار فيها الاعتدال والائتلاف والتوسط الذي هو أفضل الأمور)القواعد النورانيةص49
6-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خدلهم ولامن خالفهم حتى يأتي امر الله ..) وفيه دليل على أن قول الحق لايخفى اذا فلا يخرج الحق منهم الى عصر آخر من العصور فلايجوز احداث قول ثالث خلافهم ولا الخروج عن قول الواحد منهم اذا لم يكن له مخالف ويكون الحق في غير عصرهم لأن الله كتب الظهور للحق لذلك لايمكن أن يكون الحق مخفي في عصرهم أبدا بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يخلو عصر من قائل بالحق
قال ابن رجب الحنبلي عند شرحه لحديث النعمان ابن بشير(ومع هذا فلابد في الأمة من عالم يوافق قوله الحق فيكون هذا العالم بهذا الحكم وغيره يكون الأمر مشتبها عليه ولايكون عالما بهذا فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة ولا يظهر أهل باطلها على أهل حقها فلا يكون الحق مهجورا غير معمول به في جميع الأمصار الاعصار )جامع العلوم والحكم
7-واعلم أخي القارئ ان الله ماكان ليحفظ كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصوصا تقرأثم يذر الناس يفهمون مقاصدهما حسب إفهامهم ونزعات عقولهم ونتائج أفكارهم ,وما كان الله ليترك العباد دون أن يرشدهم الى سبيله ثم يأمرهم بالاعتصام دون أن يرشدهم الى سبيله وكيفية تحقيقه ودون أن يبين ضابط الفهم الذي هو سبيل الاعتصام والخلاص من هذا الخلاف محال هذا وهو الرؤف الرحيم بعباده(وماكان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون)أي وربي إنه لأرأف بعباده من أنفسهم ولأرحم بهم من أن يدعهم حيارى وإذا كان الأمر كذلك1- فإن هذا الضابط الملزم والمنهج القويم لم يترك لاستنباط عقولنا ونتائج تجاربنا وألا عدنا من حيث بدأنا في الاختلاف2-أن هذا الضابط هو منهج الطائفة المنصورة والفرقة الناجية التي أشارت إليه الآيات والأحاديث السابقة وهناك آيات وأحاديث كثيرة لم ندكرها حتى لا يطول بنا المقام يمكن الرجوع إليها في الام الموقعين لابن القيم ج4 فصل وجوب الأخذ بقول الصحابي حيث فصل الأدلة واستخرج الدلائل ورد على المخالفين فراجعه لأهميته
3-أن بمعرفة الضابط والالتزام به والسير على منهج الطائفة المنصورة يزول الخلاف وتتم الهداية والائتلاف, قال شيخ الإسلام ابن تيمية(فمتابعة الآثار فيها الاعتدال والائتلاف والتوسط الذي هو أفضل الأمور)القواعد النورانيةص49
وفي الأخير أسأل الله أن يجعلني و إياكم من أهل الأثر والاتباع ولا يجعلنا من أهل الرأي والابتداع
وأن يرد المسلمين الى دينهم ردا جميلا وأسأله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا أتباعه ويرينا الباطل باطل ويرزقنا إجتنابه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى آثارهم الى يوم الدين
 
قول الصحابي مصدر من مصادر التفسير المعتبرة

قول الصحابي مصدر من مصادر التفسير المعتبرة

بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد
المبعوث رحمة للعالمين

( سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (البقرة:32)

اشتهر كثير من الصحابة رضوان الله عليهم بالتفسير ، منهم الخلفاء الأربعة. وأكـثـر من روى عـنه منهـم الإمـام علـي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أما الثلاثة الباقون فلم يرو عنهم إلا النزر القليل ، ومنهم عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وأبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير .

واختلف العلماء في حكم التفسير المأثور عنهم ، ويمكننا أن نصنف آراءهم إلى ثلاثة أقسام :
1- من يقول بالأخذ بقول الصحابي في التفسير مطلقا ، وممن قال بذلك الحاكم في تفسيره ، حيث اعتبره بمنزل الحديث المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذهب إلى ذلك ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في "مقدمة في أصول التفسير" : "إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها ، ولما لهم من الفهم التام ، والعلم الصحيح ، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين منهم عبد الله بن مسعود".

بل إننا نجده يتهم كل من يتأول القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف على غير ما أثر عن الصحابة، وذلك حيث يقول : "إن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين ، فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله ، محرف للكلم عن مواضعه ، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالإضطرار من دين الإسلام" .

وفي هذا ما يثبت إيمان ابن تيمية بأهمية قول الصحابي وضرورة الإحتجاج به مطلقا .
2- من يرده مطلقا ولا يعتبره حجة نحو ما ذهب إليه الإمام الغزالي الذي انتصر لعدم الإحتجاج بقول الصحابي . قد رجح الشيخ محمد الخضري قوله على أقوال غيره محتجا بأن "الصحابي ليس محجورا عليه أن يستنبط أو يقيس فلعله قال ما قال عن استنباط أو اجتهاد. وتعيين الأشياء التي لا مجال للرأي فيها عسر ضبطه ، ولنضرب لذلك مثلا أقل الحيض وأكثره ، فقد قال الحنفية : إن أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة ، لا ينقص عن ذلك لحظة ولا يزيد عملا بفتوى بعض الصحابة. وقالوا إن هذا لا مجال للرأي فيه مع أنه من الأمور التي يمكن للفقيه أن يفتي فيها بالمشاهدات وسؤال ذوات الشأن".
3- وذهب الأحناف إلى التفصيل فقالوا : إذا كان قول الصحابي في بيان أسباب النزول ونحوه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع، لانه لا يعقل -عندهم- أن يقول فيه برأيه . ومن ثم اتفقوا على الأخذ به ، كما أنهم اتفقوا على الأخذ بقوله في الأمور التي فيها مجال للرأي شريطة أن تكون مما تعم به البلوى ولم يعرف له مخالف من الصحابة ، وقد اعتبروه إجماعا سكوتيا .

أما إذا كان قوله فيما يكون مظنة للإجتهاد والإستنباط فقد اختلفوا فيه ، فمنهم من اعتبره موقوفا مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي هذه الحالة لا يعتبرونه ولا يأخذون به ، لأنه لما لم يرفعه علم أنه اجتهد فيه، والمجتهد قد يصيب ويخطئ . ومنهم من جعله حجة لظن سماعه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى إن فسروه برأيهم فإصابتهم للحق أقرب لأنهم أدرى الناس بكتاب الله لما شاهدوه وعاينوه من الأحوال حال نزوله ، ولما تلقوه من تفسيره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ونستنتج من مجموع هذه الأقوال ما يلي :
1- تفسير الصحابي له حكم المرفوع مالم يكن للرأي فيه مجال، وهو موقوف إن كان كذلك مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
2- إذا كان قول الصحابي من قبيل المرفوع فلا يجوز رده ، بل يتعين على المفسر الأخذ به ، ولا يعدل عنه إلى غيره .
3- اختلف العلماء في وجوب الأخذ بقول الصحابي المحكوم عليه بالوقف ، وقد يرجح الاخذ به لما يمتاز به الصحابة من جملة صفات وخصائص لا تتوفر في من أتى بعدهم ، والواقع أن المأثور عن الصحابة هو أحد أمرين :
أ- ما يروونه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويكون حكمه عندئذ سنة نبوية يتعين الأخذ بها مطلقا.
ب- ما هو من قبيل الرأي والإجتهاد منهم ، ونقل عنهم الإختلاف فيه، كما وقع بينهم في بعض الأحكام الفقهية التي لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة فهذا يستـأنس به في تأويل النص . أما إذا أجمع الصحابة على رأي فقهي معين فإن قولهم يكون حجة ، فيؤخذ به ، ولا يتجاوز إلى غيره .

وخلاصة الأمر أن قول الصحابي حجة خاصة فيما لا سبيل فيه للرأي ، أسنده أم لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لاحتمال روايته عن الرسول من جهة ، إذ لا يعقل أن يقول برأيه في قضايا لا مجال للإجتهاد فيها.

أما ما يصدر فيه عن رأيه واجتهاده فيؤخذ به مالم يكن فيه مصادرة عقلية ، أو مخالف صريحة لنص مأثور، أو تناقض مع معطيات العلم الحديث
 
عودة
أعلى