أسئلة التدبر البلاغية

إنضم
05/07/2004
المشاركات
103
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
مواجهة النص بالأسئلة تعد أداة مهمة لفهمه واستظهار معانيه واستكشاف خفاياه واستنطاق دلالاته.
والتساؤل مع آيات القرآن الكريم من مفاتيح التدبر ومحفزاته، فهو يجعل المتدبر في تحد مع أسئلته؛ فيتعمق في تأمله وتدبره، ويتحفز إلى البحث في كتب التفسير ومعاني القرآن وغريبه للإجابة عن تلك الأسئلة التي تلح عليه.
وفي التساؤل والبحث عن الإجابة رسوخ للمعلومة في الذهن وفي القلب، كما أن فيه استقصاء لجميع المعاني والأساليب دون الاقتصار على بعضها، وفي ذلك سد لبعض النقص الذي يوجد عند بعض المفسرين، كما أن فيه إعمالاً للاجتهاد وعدم الرضا بمجرد التقليد، لكنه الاجتهاد المبني على القواعد والضوابط، وهذا يجعل القارئ لكتب التفسير لا يكتفي بمجرد القراءة بل يتساءل ويناقش حتى يصل إلى الفهم الصحيح.
والسؤال التدبري موجود عند بعض المفسرين، كالزمخشري والرازي وغيرهما، وهو ظاهر في كتب "المتشابه اللفظي".
ولا يقف السؤال عند حدود الآية بل يتعداها إلى المقارنة بينها وبين غيرها من الآيات في السورة أو في السور الأخرى، كما هو في المتشابه اللفظي الذي يتناوله العلماء في كتب التفسير وفي الكتب المصنفة فيه.
وهذا نموذج للأسئلة البلاغية في نظم سورة الكوثر، تفتح آفاقًا في تدبر السورة والوصول إلى أقصى ما يمكن من الفهم والتذكر والاعتبار.

[TABLE="width: 100%"]
[TR]
[TD]
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ . فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ . إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾
[/TD]
[/TR]
[/TABLE]

﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾

- لم جاء التعبير عن الرب سبحانه بضمير الجمع وليس الإفراد؟
- لم عبر بالضمير وليس الاسم الظاهر؟
- لم عبر بضمير الجمع (نا)، وليس: نحن؟
- لم أكد الخبر؟
- لم جاء التأكيد بإن؟
- لم قدم المسند إليه "ضمير الجلالة"؟
- لم عبر بالإعطاء دون الإيتاء؟
- لم عبر عن الإعطاء بالفعل وليس الاسم؟
- لم عبر عن الإعطاء بالفعل الماضي؟
- لم جاء الكلام على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم؟
- لم عُرّف "الكوثر"؟
- لم لم يقيد "الكوثر" بالمضاف "نهر"؟

﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾

- ما فائدة الفاء؟
- لم جاء الفعلان "صل، انحر" بصيغة الأمر؟
- ما وجه اختصاص الصلاة والنحر بالذكر دون غيرهما؟
- لم حذف المفعول به للفعلين؟
- ما السر في التقييد بالجار والمجرور: "لربك"؟
- لم عدل عن الضمير "نا" إلى الاسم الظاهر "رب" وهو مفرد؟
- لم عبر بلفظ الجلالة "الرب"، دون لفظ الجلالة "الله"، مع أنه أمر بالعبودية؟
- لم أضاف لفظ الجلالة "الرب" إلى ضمير المخاطب؟
- لم عبر بـ"النحر" دون "الذبح"؟
- لم لم يقيد النحر بـ"لربك" كالصلاة؟
- لم قدم الأمر بالصلاة على النحر؟
- ما مناسبة الآية للتي قبلها؟

﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾

- لم أكد الخبر؟
- لم عبر بالشنآن دون العداوة أو البغض؟
- لم أفرد الشانئ، وهم جمع؟
- لم لم يعين الشانئ باسمه؟
- ما فائدة ضمير الفصل "هو"؟
- لم عبر بصيغة "أبتر" وليس: مبتور؟
- لم عبر بالجملة الاسمية؟
- لم لم يكن المسند إليه هو "الأبتر"؟
- ما فائدة السجع؟
- ما مناسبة الآية لما قبلها؟
- ما مناسبة السورة لما قبلها؟ وما بعدها؟

هذه نماذج من الأسئلة، وكلما تعمق القارئ في البلاغة واللغة انفتح له من الأسئلة ما يفتح له أبواب الفهم في كلام الله جل جلاله.
رزقنا الله علمًا نافعًا وعملاً صالحًا.
 
بارك الله فيكم واحسن اليكم وفتح عليكم


[تمت المشاركة باستخدام تطبيق ملتقى أهل التفسير]
 
أليس السؤال التدبري المشروع هو قول لم قال الله كذا ؟ وحصر البحث في أسرار اللفظ القرآني ؟ وأليس افتراض ألفاظ وصيغ أخرى لم يقلها الله غير لائق بالقرآن ، حيث أنه ليس لافتراض مثل هذا حد ؟
وجزى الله الشيخ يوسف خيرا .
 
أليس السؤال التدبري المشروع هو قول لم قال الله كذا ؟ وحصر البحث في أسرار اللفظ القرآني ؟ وأليس افتراض ألفاظ وصيغ أخرى لم يقلها الله غير لائق بالقرآن ، حيث أنه ليس لافتراض مثل هذا حد ؟
وجزى الله الشيخ يوسف خيرا .


الأخ محمد،
شكر الله لك.. وجزاك خيرًا.

ولا حرج في ذكر الألفاظ والتراكيب الأخرى الممكنة التي عدل عنها النظم القرآني للكشف عن دقة القرآن في نظمه ومراده، وهي ألفاظ وتراكيب لا تنسب إلى القرآن، لكن موازنة الشيء بغيره يبين حسنه ويعين على فهمه.
وهذه الطريقة واردة بكثرة عند المفسرين من أهل السنة وغيرهم، وتجدها عند ابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
وهذا نموذج من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال في مجموع الفتاوى [14/88]:
((قوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} من باب بدل الاشتمال، والسؤال إنما وقع عن القتال فيه، فلم قدم الشهر وقد قلتم: إنهم يقدمون ما بيانه أهم وهم به أعنى؟
قيل: السؤال لم يقع منهم إلا بعد وقوع القتال في الشهر وتشنيع أعدائهم عليهم انتهاكه وانتهاك حرمته، وكان اهتمامهم بالشهر فوق اهتمامهم بالقتال، فالسؤال إنما وقع من أجل حرمة الشهر؛ فلذلك قدم في الذكر، وكان تقديمه مطابقًا لما ذكرنا من القاعدة.
فإن قيل: فما الفائدة في إعادة ذكر القتال بلفظ الظاهر
وهلا اكتفى بضميره فقال: هو كبير؟ وأنت إذا قلت: سألته عن زيد: هو في الدار، كان أوجز من أن تقول: أزيد في الدار؟
قيل: في إعادته بلفظ الظاهر بلاغة بديعة، وهو تعليق الحكم الخبري باسم القتال فيه عمومًا، ولو أتى بالمضمر فقال: هو كبير، لتوهم اختصاص الحكم بذلك القتال المسؤول عنه، وليس الأمر كذلك؛ وإنما هو عام في كل قتال وقع في شهر حرام.
ونظير هذه الفائدة قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن الوضوء بماء البحر، فقال: هو الطهور ماؤه} فأعاد لفظ الماء ولم يقتصر على قوله: "نعم توضئوا به"؛ لئلا يتوهم اختصاص الحكم بالسائلين لضرب من ضروب الاختصاص، فعدل عن قوله: "نعم توضئوا" إلى جواب عام يقتضي تعليق الحكم والطهورية بنفس مائه من حيث هو، فأفاد استمرار الحكم على الدوام وتعلقه بعموم الأمة، وبطل توهم قصره على السبب، فتأمله فإنه بديع.
فكذلك في الآية لما قال: {قتال فيه كبير} فجعل الخبر بـ(كبير) واقعا عن {قتال فيه} فيتعلق الحكم به على العموم؛ ولفظ "المضمر" لا يقتضي ذلك.
وقريب من هذا قوله تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين}
ولم يقل: أجرهم؛ تعليقًا لهذا الحكم بالوصف، وهو كونهم مصلحين، وليس في الضمير ما يدل على الوصف المذكور.
وقريب منه وهو ألطف معنى قوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}
ولم يقل: فيه؛ تعليقًا بحكم الاعتزال بنفس الحيض، وأنه هو سبب الاعتزال، وقال: {قل هو أذى} ولم يقل: المحيض أذى؛ لأنه جاء به على الأصل؛ ولأنه لو كرره لثقل اللفظ به، لتكرره ثلاث مرات، وكان ذكره بلفظ الظاهر في الأمر بالاعتزال أحسن من ذكره مضمرًا؛ ليفيد تعليق الحكم بكونه حيضًا، بخلاف قوله: {قل هو أذى} فإنه إخبار بالواقع، والمخاطبون يعلمون أن جهة كونه أذى هو نفس كونه حيضًا، بخلاف تعليق الحكم به، فإنه إنما يعلم بالشرع فتأمله)).
 
لكني يا شيخنا أفهم من شواهدك التي سقتها أنها كلها في البحث في لماذا قال الله تعالى كذا ، وليس في لماذا لم يقل الله كذا أو كذا أو كذا ! وكنت أظن أن مثل هذا باب من البحث ممنوع !
 
لكني يا شيخنا أفهم من شواهدك التي سقتها أنها كلها في البحث في لماذا قال الله تعالى كذا ، وليس في لماذا لم يقل الله كذا أو كذا أو كذا ! وكنت أظن أن مثل هذا باب من البحث ممنوع !

لم يتضح لي مقصودك !
 
أقصد يا شيخ يوسف أن النظر في ألفاظ آية من القرآن بغرض تدبر معانيها ومعرفة مراد الله بها أمر مشروع ، فإن فتح الله على أحد من عباده بكشف وجه الإعجاز البلاغي في آية وتلمس سبب قول الله تعالى لفظامعينا في الآية ، فإن ذلك اجتهاد مشروع طالما أنه محصور في اللفظ القرآني لا يخرج عنه ، فإن احتج أحد بقول بعض أهل العلم في آية أن الله قال فيها كذا ولم يقل كذا لبيان الوجه البلاغي في الآية ، فنقول لكن ليس أحدا منهم افترض ألفاظا لم يقلها الله تعالى أوأقبل يفند هذه الألفاظ ويناقش لم لم يقلها الله تعالى ! ولم أقف في مؤلفات الإعجاز البلاغي في القرآن على شيء من هذا .
وقد ظهر محدثون - أكثرهم ليس على منهج أهل السنة - افترضوا ألفاظا لم يقلها الله عز وجل وناقشوا لم لم يقلها الله تعالى ، واعجب ما شئت أن تعجب كيف يزعم هؤلاء معرفتهم للسر البلاغي للفظ معين في الآية قاله الله تعالى ، ثم يشيحون بوجوههم إلى ألفاظ أخرى عديدة لم يقلها الله تعالى وينسبون إلى الله أسبابالعدم ذكره تعالى هذه الألفاظ وذلك بدعوى التفكر والتدبر !
 
عودة
أعلى