السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
وودت أن أعرف قليلاً عن تفسير ابن عطية وصاحبة،، وما هي أهمية تفسيره؟
وكيف فسر ابن عطية القرآن؟ أقصد منهجة في ذلك؟
وهل ينصح بقرائته والإطلاع عليه... وبالضبط أين تكمن أهمية تفسير ابن عطيه؟
وما هو التفسير الذي يضاهي تفسير ابن عطيه او يسبقه في مجاله..
وما هي أفضل دور النشر التي نشرت تفسيره؟
وجزاكم الله خيراً...
جزاك الله خيراً...
فلقد استفت كثيراً من المقال،،، إضافة الى مجموع المقالات الآخرى....
وكنت وجدت منذ اسابيع الوجيز لابن عطية،،، وكانت هناك طبعتان:
الأولى: خمس مجلدات
والثانية: حوالي 18 مجلد
فاستغربت لذلك...
هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
الأخ الكريم
هذه بعض أفكار في منهج ابن عطية وكتابه المحرر الوجيز .
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ( ت : 542 )
ـ قصد أن يكون جامعًا وجيزًا .
ـ لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به .
ـ أثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم .
ـ إذا وقع من العلماء ما يكون منحاه من القول الباطن نبَّه عليه .
ـ سرد التفسير بحسب رتبة ألفاظ الآية : من حكم أو نحو أو لغة ، أو معنى ، أو قراءة .
ـ قصد تتبع الألفاظ لكي لا يترك لفظًا بلا تفسير ، ولا ينتقل من لفظ إلى غيره ، ثم يعود إلى لفظ تركه .
ـ نقد بعض كتب التفسير التي اطلع عليها ، مثل ( تفسير المهدوي ) .
ـ قصد إيراد القراءات متواترها وشاذها ، وبيان وجوهها في المعنى واللغة .
ـ اعتمد تبيين جميع المعاني وجميع محتملات الألفاظ .
ـ قدَّم لتفسيره بعدة مقدمات قدَّم مثلها المفسرون قبله كتبهم ، وهذه المقدمات كما يأتي :
1 ـ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ونبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به .
2 ـ باب : في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه .
3 ـ باب : ما قيل في الكلام في تفسير القرآن، والجرأة عليه ومراتب المفسرين .
4 ـ معرفة قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا القرآن انزل على سبعة أحرف ، فاقرأوا ما تيسر منه .
5 ـ باب : ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره .
6 ـ باب : في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلُّق .
7 ـ نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن .
8 ـ باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب لله تعالى .
9 ـ في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية .
10 ـ باب : القول في الاستعاذة .
11 ـ القول في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم .
ثمَّ شرع في تفسير القرآن من الفاتحة إلى الناس .
يتميز بتعليقات مفيدة ونافعة في معرفة الأقوال المؤتلفة والمختلفة ، ويعلق عليها بما يناسبها .
ومن ذلك ما يأتي :
في قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ( ] البقرة : 3 [ ، قال : (( و(ينفقون) : معناه هنا : يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة ، وما ندبهم إليه من غير ذلك .
قال ابن عباس : ) ينفقون) : يؤتون الزكاة احتسابًا لها .
وقال غيره : الآية في النفقة في الجهاد .
قال الضحاك : هي نفقة كانوا يتقربون بها إلى الله عز وجل على قدر يُسْرِهم .
قال ابن مسعود ، وابن عباس أيضًا : هي نفقة الرجل على أهله .
والآية تَعُمُّ الجميع ، وهذه الأقوال تمثيلٌ ، لا خلاف (( (1) .
وفي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيد ) ( البقرة : 267 ) ، قال : » هذا الخطاب هو لجميع أمة محمد ، وهذه صيغة أمر من الإنفاق .
واختلف المتأولون ، هل المراد بهذا الإنفاق الزكاة المفروضة أو التطوُّع ؟
فقال علي بن أبي طالب وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين : هي في الزكاة المفروضة ، نُهيَ الناس عن إنفاق الرديء بدل الجيد ، وأما التطوع ، فكما للمرء أن يتطوع بقليل ، فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر ، ودرهم زائف خير من تمرة ، فالأمر ـ على هذا القول ـ للوجوب .
والظاهر من قول البراء بن عازب والحسن بن أبي الحسن وقتادة : أنَّ الآية في التطوع .
وروى البراء بن عازب وعطاء بن أبي رباح ما معناه : أنَّ الأنصار كانوا أيام الجداد يعلقون أقناء التمر في حبل بين أسطوانتين ، فيأكل من ذلك فقراء المهاجرين ، فعلق رجل حشفًا ، فرآه رسول الله ، فقال : » بئس ما علَّق هذا « ، فنَزلت هذه الآية .
والأمر على هذا القول للندب، وكذلك نُدِبوا إلى ألاَّ يتطوعوا إلاَّ بجيد مختار .
والآية تَعُمُّ الوجهين ، لكن صاحب الزكاة يتلقاها على الوجوب ، وصاحب التطوع يتلقاها على الندب .
وهؤلاء كلهم وجمهور المتأولين قالوا : معنى (من طيبات) : من جيد ومختار ما كسبتم . وجعلوا الخبيث بمعنى : الرديء والرذالة .
وقال ابن زيد : معناه : من حلال ما كسبتم . قال : وقوله : (ولا تيمموا الخبيث) ؛ أي : الحرام .
وقول ابن زيد ليس بالقوي من جهة نسق الآية ، لا من معناه في نفسه « (2).
حرص على الإبانة عن فصاحة القرآن وبلاغته .
عقد ابن عطية فصلاً فيما قاله العلماء في إعجاز القرآن ، وقد اختار أنَّ » إنما وقع بنظمه ، وصحة معانيه ، وتوالي فصاحة ألفاظه .
ووجه إعجازه : أن الله قد أحاط بكل شيء علمًا ، وأحاط بالكلام كله علمًا ، فإذا ترتَّبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أيَّ لفظة تصلح أن تلي الأولى ، وتبيَّن المعنى بعد المعنى ، ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره ، والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول . ومعلومًا ضرورة أن بشرًا لم يكن قطُّ محيطًا ، فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة ، وبهذا النظر يبطل قول من قال : إن العرب كان في قدرتها أن تأتي بمثل القرآن ، فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم صُرِفوا عن ذلك ، وعجزوا عنه .
والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة واحد من المخلوقين ، ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة ، يستفرغ فيها جهده ، ثم لا يزال ينقحها حَوْلاً كاملاً ، ثم تُعطى لآخر نظيرِه ، فيأخذها بقريحة جامَّة ] أي : نشيطة [ ، فيبدِّل فيها وينقِّح ، ثم لا تزال ـ كذلك ـ فيها مواضع للنظر والبدل .
وكتاب الله ، لو نُزِعَت منه لفظة ، ثم أديرَ لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد .
ونحن تبين لنا البراعة في أكثره ، ويخفى علينا وجهها في مواضع ، لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ : في سلامة الذوق ، وجودة القريحة ، ومَيْزِ الكلام ... « (3) .
وتراه في مواطن من كتابه يبين قد حرص على بيان فصاحة ألفاظ هذا الكتاب ، وبراعتها في البلاغة ، وقد جاء ذلك منه على سبيل الإجمال ، ومن باب الإشارة إليها دون الدخول في تحليلها كما فعل معاصرة الزمخشري ( ت : 358 ) مثلاً .
ومن أمثلة ذلك :
ما ذكر في تفسير قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ( المائدة : 48 ) .
قال : (( وهذه الآية بارعة الفصاحة ، جمعت المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة ، وكل كتاب الله كذلك ، إلاَّ أنَّا بقصور أفهامنا يَبِين في بعضٍ لنا أكثر مما يبين في بعض )) (4 ) .
وفي آية المخلفين الثلاثة ، وهي قوله تعالى : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )) ( التوبة : 118 ) ، قال : (( قوله : (ثم تاب عليهم ليتوبوا ، لما كان هذا القول من تعديد نعمه بدأ ترتيبه بالجهة التي هي عن الله عز وجل ؛ ليكون ذلك منبهًا على تلقي النعمة من عنده لا ربَّ غيرُه ، ولو كان القول في تعديد الذنب لكان الابتداء بالجهة التي هي عن المذنب ، كما قال تعالى : (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُم) ( الصف : 5 ) ؛ ليكون هذا أشدَّ تقريرًا للذنب عليهم .
وهذا من فصاحة القرآن ، وبديع نظمه ، ومعجز اتساقه .
وبيان هذه الآية ، ومواقع ألفاظها إنما يكمل مع مطالعة حديث الثلاثة الذين خلفوا في الكتب التي ذكرنا ... )) (5) .
ـ اعتراضه على الأقوال التي يرى ضعفها .
ومن ذلك ما أورد في تفسير قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ( الأنعام : 1 ) ، فقد أورد تفسيرات السلف فقال : (( وقال السدي والجمهور المفسرين : الظلمات : الليل ، والنور : النهار .
وقالت فرقة : الظلمات : الكفر ، والنور الإيمان .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا غير جيد ؛ لأنه إخراجُ لفظٍ بيِّن في اللغة عن ظاهره الحقيقي إلى باطن = لغير ضرورة ، وهذا هو طريق اللغز الذي برِئَ القرآن منه ) (6) .
ـ اختصاره لقصص الآي ، وجمع ما روي فيها بإيجاز .
ـ اعتناؤه بالقراءات ؛ متواترها وشاذها ، واستفادته من أبي حاتم السجستاني .
ـ بيان الأحكام التي نصَّت عليها الآية ، دون الاستطراد فيما لم تنص عليه .
بيان أحكام القرآن أحد المقاصد التي يمرُّ بها المفسر لا محالة ، لكن تتمايز مناهجهم بالاختيار في الحكم بسبب اختلاف المذهب ، وبالاستطرادات التي تخرج عن منطوق حكم الآية .
وقد كان ابن عطية مالكي المذهب ، ولا شك أن هذا سيظهر على اختياراته الفقهية التي يذكرها .
ويلاحظ أنه لا يذكر أصحاب الأقوال ، بل يبهمهم بقوله : قالت فرقة ، أو قال بعض العلماء ، أو غيرها من المصطلحات .
ولم يُقم كتابه على الاحتجاج الفقهي بل يكتفي بالحكم الذي نطقت به الآية ، دون الاستطراد في مسائل تتعلق بهذا الحكم مما لم تنص عليه الآية ، إلا في القليل النادر .
ومن أمثلة ذلك تفسيره لقوله تعالى : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( الأعراف : 204 ) ، قال : ((... فأما الاستماع والإنصات عن الكلام في الصلاة فإجماع .
وأما الإمساك والإنصات عن القراءة ، فقالت فرقة : يمسك المأموم عن القراءة جملة ، قرأ الإمام جهرًا أو سرًا .
وقالت فرقة : يقرأ المأموم إذا أسر الإمام ، ويمسك إذا جهر .
وقالت فرقة : يمسك المأموم في جهر الإمام عن قراءة السورة ، ويقرأ فاتحة الكتاب .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
ومع هذا القول أحاديث صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذه الآية واجبة الحكم في الصلاة أن ينصت عن الحديث وما عدا القراءة .
وواجبة الحكم أيضًا في الخطبة من السنة لا من هذه الآية .
ويجب من الآية الإنصات إذا قرأ الخطيب القرآن أثناء الخطبه .
وحكم هذه الآية في غير الصلاة على الندب ؛ أعني : في نفس الإنصات والاستماع إذا سمع الإنسان قراءة كتاب الله عز وجل .
وأما ما تتضمنه الألفاظ وتعطيه من توقير القرآن وتعظيمه = فواجب في كل حالة .
والإنصات : السكوت . و» لعلكم « على ترجي البشر .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
ولم نستوعب اختلاف العلماء في القراءة خلف الإمام ؛ إذ ألفاظ الآية لا تعرض لذلك ، لكن لما عنَّ ذلك في ذكر السبب ذكرنا نبذة منه ... )) (7) .
وقد كان يرد على بعض التفقه الذي لا يراه صوابًا ، ومن ذلك :
في قوله تعالى : (وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ) ( الزخرف : 33 ) ، قال : (( قال المهدوي : ودلَّت هذه الآية على أن السقف لربِّ البيت الأسفل ؛ إذ هو منسوب إلى البيت .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا تفقُّهن واهنٌ )) (8) .
الاعتقاد في تفسيره
مشى على أصول الأشعرية ، وقرر مسائل في الاعتقاد بالعقل ، وكان بذلك موافقًا لمنهج المعتزلة الذين يقررون معتقداتهم بالعقل المجرد .
ومن الأمثلة التي بان فيها تقديم العقل ما ورد في تفسيره لقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير ) ( الأنعام : 103 ) .
قال : (( أجمع أهل السنة على أن الله تبارك وتعالى يُرى يوم القيامة ، يراه المؤمنون ، قاله ابن وهب عن مالك بن أنس رضي الله عنه.
والوجه أن يبين جواز ذلك عقلاً ، ثمَّ يُستند إلى ورود السمع بوقوع ذلك الجائز ... )) (9) .
وقد أعاد هذا الاستدلال في قوله تعالى : (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ( القيامة : 23 ) ، قال : (( حمل هذه الآية جميع أهل السنة على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله تعالى ... )) .
ثم قال : (( وأما المعتزلة الذين ينفون رؤية الله تعالى ، فذهبوا في هذه الآية إلى أنَّ المعنى : إلى رحمة ربها ناظرة ، أو إلى ثوابه وملكه ، فقدَّروا مضافًا محذوفًا ، وهذا وجه سائغ في العربية ، كما تقول : فلان ناظر إليك في كذا ؛ أي إلى صنعك في كذا .
والرؤية إنما يثبتها (10) بأدلة قطعية غير هذه الآية ، فإذا ثبتت حَسُنَ تأويل أهل السنة في هذه الآية وقَوِيَ ... )) (11) .
فإذا كانت هناك أدلة قطعية غير هذه الآية ، فيعني أن هذه الآية غير قطعية الدلالة ، وقطعي الدلالة هو الأدلة العقلية عنده .
وقد مرَّ على بعض المسائل العقدية على مذهب الأشاعرة ، فهو يرى الكلام النفسي ، وأن الإيمان مجرد التصديق ، وأنه لا يزيد ولا ينقص ، ويرى الكسب الأشعري ، أن نسب الأفعال إلى العباد مجاز ، كما أن نسب التزيين للمخلوقين مجاز ، ويرى تأويل الصفات ، ويرى ان التقبيح والتحسين لا يدرك إلا من جهة الشرع ، ولا مدخل للعقل به ، وينفي العلو ، ويؤول الاستواء ، وغير ذلك من المعتقدات الأشعرية .
وقد حكى في فهرس الكتب التي رواها وقرأها على مشايخه كتب بعض أعلام الأشاعرة، أخذها بالإسناد عنهم ، وقرأها ، وتعلَّم منها ، ككتب الباقلاني (12) ، والجويني (13) ، وابن فورك (14) ، وغيرهم .
ـ ثراء الكتاب بمراجعه العلمية ، واستفادة المؤلِّف من العلماء السابقين ، بل إن بعضهم ممن فُقِدَ كتابه أو لم يُطبَع بعد .
ـ رد أقوال الباطنية والملاحدة ، والأقوال التي يراها باطلة تنحو إلى الرَّمزِّ .
حالة الاستفادة من الكتاب :
1 ـ هذا الكتاب من أهم كتب التفسير ، وفيه نفائس كثيرة جدَّا.
2 ـ يُعدُّ مرجعًا من أهم مراجع التفسير .
3 ـ وهو من الكتب التي يحسن بطالب التفسير قراءتها قراءة كاملة لما فيه من الفوائد النفيسة .
4 ـ ويمكن قراءته أيضًا من طريق تحديد صفحات منه وإخراج فوائدها ، ودراسة ما فيه من مسائل التفسير .
يمكن دراسة مسائل كثيرة تتعلق بهذا التفسير ، منها :
1 ـ علوم القرآن وتطبيقاتها في المحرر الوجيز .
2 ـ القراءات في المحرر الوجيز .
3 ـ توجيه أقوال مفسري السلف عند ابن عطية .
4 ـ ترجيحات ابن عطية ، ونقده للتفاسير .
5 ـ الاتجاه النحوي في تفسير ابن عطية ، ومناقشة أبي حيان والسمين له .
وهو من الكتب التي تصلح في المرحلة المتوسطة ، وهو جامع لميزتي جمع أقوال السلف والتعليق عليها توجيهًا وترجيحًا .
........................................
(1) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 1 : 148 ) .
(2) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 2 : 447 ) .
(3) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 1 : 59 ـ 61 ) ، وقد أشار إلى هذا المعنى في ( 7 151 ـ 152 ) .
(4) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 4 : 471 ) .
(5) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 7 : 73 ) .
(6) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 5 : 122 ) .
(7) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 6 : 196 ـ 197 ) .
(8) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 13 : 220 ) .
(9) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 5 : 306 )
(10) كذا في المطبوعتين القطرية والمغربية ، ولعلها » نثبتها « ، والله أعلم .
(11 ) المحرر الوجيز ، ط : قطر ( 15 : 218 ـ 219 ) .
( 12) فهرس ابن عطية ( ص : 75 ، 76 ، 95 ) .
(13) فهرس ابن عطية ( ص : 77 ) .
(14) فهرس ابن عطية ( ص : 75 ) .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
لقد أوجزت واوفيت،،، فهذا المقال.. كان رائعاً بالفعل...وفيه من الدراسة ما يبهر المتعجل والمتأني سواء...
وكان الأخ أبو مجاهد قد أشار لي بالمقال في شبكة الإسلام وهو جيدٌ على العموم وما هنا أوفى وأحلى...
ولكن هناك طرح حول طبعات هذا الكتاب؟ فما هو الأولى من هذه الطبعات؟
وكنت قد رأيت مقالاً لاحد الأخوة يقول:
" تفسير الزخمشري أفضل من تفسير ابن عطية، فالأول معروف بأعزليته،،، لكن الثاني لا يعرف ما في باطنه إلا قليل"
فهل يقصد أشعريته؟....هذا ما تبادر الى ذهني بعد قرائة مقالك الماتع، ام هناك أمرٌ آخر؟
عموماً: ما مضى كان عذباً زلالاً،،، فإن أتممت إجابتك فمن عندك وما أريد أن أشق عليك...
أخي الكريم
أشكر لك حسن ظنك بمقالتي ، وهاأنذا أجيبك على ما بقي في نفسك فأقول :
أما الطبعات لابن عطية فهي فيما أعلم أربع :
الأولى طبعة ناقصة طُبِعة بمصر .
الثانية : الطبعة المغربية ، وفي قراءتها لبعض مواضع المخطوط أخطاء ظاهرة .
الثالثة : الطبعة القطرية ، وهي مثل سابقتها المغربية في قراءة النص ، وإنما امتازت بحسن الطباعة فقط .
الرابع : طبعة مصرية مأخوذة من الطبعة المغربية ، وهي في خمس مجلدات .
والكتاب ـ في نظري ـ يحتاج إلى تحقيق علمي أرقى مما هو عليه في هذه الطبعات السالفة ، لكن أفضل الموجود الطبعة القطرية ، ولو أخذت معها الطبعة المغربية لكان أحسن للموازنة في قراءة بعض المواطن المشكلة في أحد النسختين .
أما ما يقال عن اعتزالية ابن عطية ، فقد اتهمه بذلك ابن عرفة الورغمي المالكي الأشعري ( ت : 803 ) من علماء تونس ، وقد نقل عنه هذا الاتهام ابن حجر الهيتمي في فتاواه الحديثية .
أما شيخ الإسلام فقد قال : (( ... ويذكر ـ أي : ابن عطية ـ ما يزعم أنه قول المحققين ، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم ، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة ... )) ، ويقصد شيخ الإسلام بهؤلاء المحققين الذين يذكرهم ابن عطية بهذا اللقب علماء الأشاعرة ومنظروه كالباقلاني وابن فورك والجويني الذين اعتمدوا المنهج العقلي في تقرير العقيدة كما هو الحال عند المعتزلة .
والغريب أن محققي الطبعة القطرية ـ رحم الله الأموات منهم ، وبارك للأحياء ـ قد انطلقوا لنقد كلام شيخ الإسلام في ابن عطية ، وحمَّلوه ما لم يقله ، فقد زعموا أنه يتهم ابن عطية بالميل إلى الاعتزال ، وذلك ما لم ينصَّ عليه ابن تيمية ولا أشار إليه ، وإنما قصد بعبارته هذه متأخري الأشاعرة الذين مالوا بالمذهب إلى التقريرات العقلية ، بل الفلسفية ، وهذا موضوع تجد بسطه في رسالة الشيخ عبد الرحمن المحمود حول منهج شيخ الإسلام في نقد الأشاعرة .
وأغرب منه أنهم لم يُعرِّجوا على نقد ابن حجر الهيتمي ولا ابن عرفة اللذين كان كلامهما أقسى وأبعد عن الحقيقة في ابن عطية ، ذلك ما لم أجد له تفسيرًا !
يقول ابن حجر الهيتمي :(( ... ومن هؤلاء من يدس البدع والتفاسير الباطلة فيروج على أكثر أهل السنة ؛ كصاحب الكشاف ، ويقرب من هؤلاء تفسير ابن عطية ، بل كان ابن العرفة المالكي يبالغ في الحط عليه ، ويقول : إنه أقبح من صاحب الكشاف ؛ لأن كل أحد يعلم اعتزال ذلك فيتجنبه ؛ بخلاف هذا ، فإنه يوهم الناس أنه من أهل السنة )) كذا ذكر ملا علي قاري في مرقاة المفاتيح ( 1 : 291 ) ووازنه بما في الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي ( ص : 242 ) .
وقد ناقشت هذا في شرحي لرسالة شيخ الإسلام في أصول التفسير أسأل الله أن ييسر لي إتمامها .
وعلى العموم ، فتفسير ابن عطية سار على المعتقد الأشعري في المسائل العقدية ، وقد ذكر شيئًا من آراء المعتزلة وانتقدها ، كما أنه في مواضع لا تكاد تُذكر ذكر بعض أقوال المعتزلة مرسلة من غير نقد .
وهذا التفسير من التفاسير التي يحسن بطالب علم التفسير الاعتناء به ، وقراءته قراءة فكٍّ وتحرير .
وأخيرا أسأل الله أن أكون جئت على ما تريد من المسألة
، كما أسأله لي ولك التوفيق والسدلد .
وعن طبعة قطر قامت دار ابن حزم ببيروت بطبع التفسير وتقديمه في مجلد واحد كبير في 2020 صفحة
وهي فكرة جيدة تصلح لم يريد الكتاب رفيقاً له لسهولة حمله .
والطبعة الجيدة التي أشرت إليها سابقاً هي طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف بمصر بتحقيق الأستاذ أحمد صادق الملاح ، وهي من أول التفسير إلى الآية 93 من سورة آل عمران .
[color=000099]تنبيه :[/color]
اختصر الثعالبي تفسير ابن عطية في تفسيره الجواهر الحسان في تفسير القرآن ، وزاد عليه بعض التعليقات والفوائد من غيره من الكتب .
قال في مقدمة تفسيره : ( فإني جمعت لنفسي ولك في هذا المختصر ما أرجو أن يقر الله به عيني وعينك في الدارين ؛ فقد ضمنته بحمد الله المهم مما اشتمل عليه تفسير ابن عطية وزدته فوائد جمة من غيره من كتب الأئمة وثقات أعلام هذه الأمة حسبما رأيته أو رويته عن الأثبات ، وذلك قريب من مائة تأليف وما منها تأليف إلا وهو منسوب لإمام مشهور بالدين ومعدود في المحققين .
وكل من نقلت عنه من المفسرين شيئا فمن تأليفه نقلت وعلى لفظ صاحبه عولت ولم أنقل شيئا من ذلك بالمعنى خوف الوقوع في الزلل وإنما هي عبارات وألفاظ لمن أعزوها إليه ...) .
هناك رسائل جامعية حول تفسير ابن عطية... [color=FF0000]لكني لا ادري هل طبعت ام لا ؟[/color]
منها/
[color=3366FF]استدراكات ابن عطية في كتاب المحرر الوجيز على الطبري في تفسيره [/color]
للباحث/شايع بن عبده شايع الأسمري
رسالة/دكتوراة...من الجامعة الاسلامية
بإشراف/د. محمد عمر حوية
وناقش الرسالة كل من /
د/ عبدالعزيز بن محمد عثمان ، و د/ عبدالله بن عمر محمد الأمين الشنقيطي
وكانت المناقشة بتاريخ 21 / 12 / 1417هـ ، وحازت على مرتبة الشرف الأولى
[color=FF0033]والتعريف المختصر بالرسالة:[/color]
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين، وخاتمة. القسم الأوّل: تكلم فيه عن الإمامين الطبري وابن عطية وكتابيهما في التفسير، وفيه ثلاثة فصول: ترجمة موجزة للإمام الطبري، ترجمة موجزة للقاضي ابن عطية، عقد مقارنة بين جامع البيان والمحرر الوجيز. القسم الثاني: خصصه لاستدراكات ابن عطية، عرضها مرتبة على نسق ترتيب السور والآيات في المصحف. ثم ختم الباحث رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ملخصها: أن عدد استدراكات ابن عطية على الطبري بلغت (208) استدراكاً أكثرها وارد على الإمام الطبري، ويترجح فيه قول ابن عطية، وغالبها في مسائل خلافية بين العلماء، وقد جاءت متنوعة في التفسير واللغة والفقه والعقيدة والحديث وتوجيه القراءات، وأوردها ابن عطية بأدب وابتعد عن عبارات التجريح غالباً، وشارك ابن عطية في طائفة من استدراكاته غيره من العلماء. http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=587
أما الرسالة الثانية/
[color=3366FF]تحقيق ودراسة كتاب/ضياء القلوب للإمام سليم بن أيوب أبي الفتح الرازي الشافعي (ت447هـ) "من أول سورة الأنعام إلى نهاية سورة الأنفال " مع المقارنة بكتاب ابن عطية .[/color]
للباحث/محمد بن عبدالعزيز بن عبدالله الفالح
رسالة/الماجستير...من الجامعة الاسلامية
بإشراف/د. محمد عمر حوية
وناقش الرسالة كل من /
د/ حكمت بشير ياسين، و د/ سليمان بن صالح الخزي
وكانت المناقشة بتاريخ 3/ 6 / 1415هـ ، بتقدير جيد جداً
[color=FF0033]والتعريف المختصر بالرسالة:[/color]
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين: دراسي وتحقيقي:
القسم الأوّل: دراسة حول المؤلف وكتابه، وفيه ثلاثة فصول: ترجمة المؤلف وبيان مكانته، دراسة الكتاب من حيث تحقيق اسمه ونسبته لمؤلفه، وبيان منهجه وقيمته العلمية ومصادره، ووصف النسخة الخطية، ومقارنة موجزة بين هذا الكتاب وكتاب المحرر الوجيز لابن عطية. وقد اعتمد المحقق على نسخة فريدة محفوظة بمكتبة المسجد النبوي الشريف تحت رقم (34/212) تفسير، عدد أوراقها (275) عدد الأسطر (24-25) تاريخ نسخها 791هـ الجزء المحقق منها 51 ورقة.
القسم الثاني: النص المحقق، ويحتوي على تفسير سورة الأنعام والأعراف والأنفال. http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=659