عمر محمد
New member
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما وجدت المسلمين من العوام والدعاة قد اختلفوا في فهم هذه الآية، فزعت إلى كتب التفاسير، وبحسب فهمي الضعيف لم أجد بُغيتي في تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير والسعدي
وإنما وجدت بغيتي في تفسير أربعة من كبار الأزاهرة: الطنطاوي والمراغي شيخا الأزهر السابقين، ومحمد أبو زهرة ومتولي الشعراوي العالِمين المعروفين .
مع العلم أني حاصل على ماجستير في الفقه المقارن في كلية الحقوق جامعة القاهرة ، ولم أطلع على كتب أصول وقواعد التفسير ولم تسنح لي الفرصة بمشاهدة سلاسل ومحاضرات شرح هذا الفن.
فأرجو ألا أكون وقعت في قول ابن حجر العسقلاني: مَن تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب .
وقد استعنت بالمكتبة الشاملة في مطالعة هذه التفاسير معتمداً على أن اختلاف الطبعات لن يؤثر طالما أنه يمكن العزو برقم الآية التي قال العالم الأزهري المعزو المعلومات إلى تفسيره تحتها ما أنقله عنه.
المشكلة أنني لما عرضت هذا الكلام في الفيس بوك وجدت الردود كلها سياسية لا تليق بـ " طالب علم " بل البعض اتهمني أنني أتكلم في السياسة !!!!! رغم أني صدّرت الكلام بالآية 82 من سورة المائدة وختمته بمراجع تفاسير لعلماء أزاهرة .
هناك قولين: القول الأول: أن عداوتنا مع اليهود " اليهود والذين أشركوا " سببها الدين، وعليه: فكل يهودي عدو لكل مسلم أو يمكن أن نقول : اليهود في مجموعهم عدو للمسلمين في مجموعهم .
القول الثاني: أن عداوتنا مع اليهود سببها الاعتداء على الأرض - فلسطين والمسجد الأقصى - ، وعليه: فاليهودي الصهيوني عدو للمسلمين أما اليهودي الرافض للصهيونية ليس عدو للمسلمين، باعتبار أن " اليهودية " دين و " الصهيونية " مذهب سياسي قد تجد مسلم أو مسيحي - فضلاً عن يهودي - مقتنع به، بحسب ما يُشاع في وسائل الإعلام.
ورداً على القول بأن سبب عداوتنا مع اليهود سببها الأرض ، كتبت ما يلي ، وهو نتيجة ما وصلت إليه من بحث في كتب التفاسير:
أولاً: ينبغي التنبيه على أن طوال فترة العهد المكي والعهد المدني - أي قبل الهجرة وبعدها - لم يكن ثمة أرض للمسلمين أخذها منهم اليهود بالغصب والقوة، ولا حتى في عهد الخلفاء الراشدين كان لليهود قوة ولا غلبة على المسلمين في قطعة من أرض بلاد الإسلام، وغاية ما فعلوه الوقيعة والمكر والفتنة ونقل الكلام الخاطئ بين المسلمين حتى اشتعلت الفتنة وتم قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ثانياً: أسباب عداوة اليهود لنا وعداوتنا لليهود:
1) لأن عداوة اليهود منشؤها الحقد والحسد المترسّخان في النفس اليهودية قال عز وجل: كفاراً حسداً، وعبّر سبحانه بوصف " اليهود " وليس " الذين هادوا " للإشارة إلى استمرار هذه العداوة واستحكامها، بخلاف الطائفة الأخرى فقال: " الذين أشركوا " ولم يقل " المشركين " للدلالة على أن الشرك قريب الزوال منهم أما اليهود فعداوتهم سببه الحقد وليس قريب الزوال، لأنهم كانوا يريدون أن تكون النبوة دائمة فيهم لا تخرج عنهم، والواقع أكّد ذلك، فنسبة الذين دخلوا الإسلام من المشركين أكبر من نسبته في اليهود.
2) جمع الله عز وجل بين " اليهود والذين أشركوا " لِأن كلاهما غلبت فيه الحياة المادية والأنانية وقسوة القلب والعصبية القومية، ولكن مشركي العرب على جاهليتهم كانوا أرق من اليهود قلوباً وأغظم منهم سخاءً وإيثاراً، ولم يكن ميل اليهود مع المسلمين في بيت المقدس إلا لمصلحتهم الخاصة والانتفاع بعدالة حكام المسلمين الذين خلّصوهم من إيذاء الروم، كما أنه اجتمع في اليهود والذين أشركوا الاستكبار، فاليهود يرون أنهم أبناء الله وأنهم من صنف فوق الناس والجميع أقل منهم، فأدّاهم الكبر إلى قتل الأنبياء وتكذيبهم وجحد الحق رغم معرفته، والمشركون ما كفروا بالنبي إلا لأنهم رأوا العبيد والفقراء والضعفاء هم الذين يتبعونه ففعلوا كما فقالوا مقالة قوم نوح: " وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ "، وفي قوله عز وجل عن النصارى " وأنهم لا يستكبرون " فيه تلميح على الذين أشركوا واليهود بآفة الاستكبار.
فاجتمع في اليهود مما سبق الحقد والحسد والعناد والغرور والاستكبار وهذه الرذائل متى تمكنت في النفس منعتها عن متابعة الحق والإذعان له رغم الإقرار به.
3) أن من دين اليهود أنه يجب على اليهود إيذاء المخالف لهم في الدين، فالربا عند اليهود محرم بين اليهود وبعضهم وليس محرم بين اليهودي وغير اليهودي، انظر شريعة اليهود في مقرر تاريخ القانون الفرقة الأولى.
4) لأن اليهود ناصروا المشركين على المؤمنين قال الله عز وجل عن اليهود في سورة المائدة " تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا "، وغزوة الأحزاب وخيانة بني قريظة للنبي خير دليل، وهذه صفة دائمة في اليهود، فقد ناصروا الرومان ضد عيسى وأتباعه الحواريين، فهم يعادون أهل الحق دائماً بوقوفهم مع أهل الباطل، رغم تمييزهم ومعرفتهم أيهما الحق وأيهما الباطل.
5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " صحيح البخاري برقم 2926 ، لاحظ قول الحجر " يا مسلم هذا يهودي " إذن المسألة مسألة دين وليس مسألة " أرض " ، والنبي قال " تقاتلوا اليهود " والألف واللام هنا من صيغ العموم فتعم كل يهودي وليس اليهود الصهاينة فقط .
انظر فيما سبق تفسير الآية 82 من المائدة في المراجع التالية:
معاني القرآن وإعرابه للزّجاج ج 2 ص 199، تفسير الألوسي ج 7 ص 1، تفسير محمد متولي الشعراوي نشر: مطابع أخبار اليوم، ج 6 ص 3332، تفسير المراغي شيخ الأزهر الأسبق ج 7 ص 5، زهرة التفاسير للشيخ أبي زهرة العالم الأزهري المعاصر ج 5 ص 2324 وما بعدها، التفسير الوسيط لشيخ الأزهر السابق الطنطاوي ج 4 ص 254.
لما وجدت المسلمين من العوام والدعاة قد اختلفوا في فهم هذه الآية، فزعت إلى كتب التفاسير، وبحسب فهمي الضعيف لم أجد بُغيتي في تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير والسعدي
وإنما وجدت بغيتي في تفسير أربعة من كبار الأزاهرة: الطنطاوي والمراغي شيخا الأزهر السابقين، ومحمد أبو زهرة ومتولي الشعراوي العالِمين المعروفين .
مع العلم أني حاصل على ماجستير في الفقه المقارن في كلية الحقوق جامعة القاهرة ، ولم أطلع على كتب أصول وقواعد التفسير ولم تسنح لي الفرصة بمشاهدة سلاسل ومحاضرات شرح هذا الفن.
فأرجو ألا أكون وقعت في قول ابن حجر العسقلاني: مَن تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب .
وقد استعنت بالمكتبة الشاملة في مطالعة هذه التفاسير معتمداً على أن اختلاف الطبعات لن يؤثر طالما أنه يمكن العزو برقم الآية التي قال العالم الأزهري المعزو المعلومات إلى تفسيره تحتها ما أنقله عنه.
المشكلة أنني لما عرضت هذا الكلام في الفيس بوك وجدت الردود كلها سياسية لا تليق بـ " طالب علم " بل البعض اتهمني أنني أتكلم في السياسة !!!!! رغم أني صدّرت الكلام بالآية 82 من سورة المائدة وختمته بمراجع تفاسير لعلماء أزاهرة .
هناك قولين: القول الأول: أن عداوتنا مع اليهود " اليهود والذين أشركوا " سببها الدين، وعليه: فكل يهودي عدو لكل مسلم أو يمكن أن نقول : اليهود في مجموعهم عدو للمسلمين في مجموعهم .
القول الثاني: أن عداوتنا مع اليهود سببها الاعتداء على الأرض - فلسطين والمسجد الأقصى - ، وعليه: فاليهودي الصهيوني عدو للمسلمين أما اليهودي الرافض للصهيونية ليس عدو للمسلمين، باعتبار أن " اليهودية " دين و " الصهيونية " مذهب سياسي قد تجد مسلم أو مسيحي - فضلاً عن يهودي - مقتنع به، بحسب ما يُشاع في وسائل الإعلام.
ورداً على القول بأن سبب عداوتنا مع اليهود سببها الأرض ، كتبت ما يلي ، وهو نتيجة ما وصلت إليه من بحث في كتب التفاسير:
أولاً: ينبغي التنبيه على أن طوال فترة العهد المكي والعهد المدني - أي قبل الهجرة وبعدها - لم يكن ثمة أرض للمسلمين أخذها منهم اليهود بالغصب والقوة، ولا حتى في عهد الخلفاء الراشدين كان لليهود قوة ولا غلبة على المسلمين في قطعة من أرض بلاد الإسلام، وغاية ما فعلوه الوقيعة والمكر والفتنة ونقل الكلام الخاطئ بين المسلمين حتى اشتعلت الفتنة وتم قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ثانياً: أسباب عداوة اليهود لنا وعداوتنا لليهود:
1) لأن عداوة اليهود منشؤها الحقد والحسد المترسّخان في النفس اليهودية قال عز وجل: كفاراً حسداً، وعبّر سبحانه بوصف " اليهود " وليس " الذين هادوا " للإشارة إلى استمرار هذه العداوة واستحكامها، بخلاف الطائفة الأخرى فقال: " الذين أشركوا " ولم يقل " المشركين " للدلالة على أن الشرك قريب الزوال منهم أما اليهود فعداوتهم سببه الحقد وليس قريب الزوال، لأنهم كانوا يريدون أن تكون النبوة دائمة فيهم لا تخرج عنهم، والواقع أكّد ذلك، فنسبة الذين دخلوا الإسلام من المشركين أكبر من نسبته في اليهود.
2) جمع الله عز وجل بين " اليهود والذين أشركوا " لِأن كلاهما غلبت فيه الحياة المادية والأنانية وقسوة القلب والعصبية القومية، ولكن مشركي العرب على جاهليتهم كانوا أرق من اليهود قلوباً وأغظم منهم سخاءً وإيثاراً، ولم يكن ميل اليهود مع المسلمين في بيت المقدس إلا لمصلحتهم الخاصة والانتفاع بعدالة حكام المسلمين الذين خلّصوهم من إيذاء الروم، كما أنه اجتمع في اليهود والذين أشركوا الاستكبار، فاليهود يرون أنهم أبناء الله وأنهم من صنف فوق الناس والجميع أقل منهم، فأدّاهم الكبر إلى قتل الأنبياء وتكذيبهم وجحد الحق رغم معرفته، والمشركون ما كفروا بالنبي إلا لأنهم رأوا العبيد والفقراء والضعفاء هم الذين يتبعونه ففعلوا كما فقالوا مقالة قوم نوح: " وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ "، وفي قوله عز وجل عن النصارى " وأنهم لا يستكبرون " فيه تلميح على الذين أشركوا واليهود بآفة الاستكبار.
فاجتمع في اليهود مما سبق الحقد والحسد والعناد والغرور والاستكبار وهذه الرذائل متى تمكنت في النفس منعتها عن متابعة الحق والإذعان له رغم الإقرار به.
3) أن من دين اليهود أنه يجب على اليهود إيذاء المخالف لهم في الدين، فالربا عند اليهود محرم بين اليهود وبعضهم وليس محرم بين اليهودي وغير اليهودي، انظر شريعة اليهود في مقرر تاريخ القانون الفرقة الأولى.
4) لأن اليهود ناصروا المشركين على المؤمنين قال الله عز وجل عن اليهود في سورة المائدة " تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا "، وغزوة الأحزاب وخيانة بني قريظة للنبي خير دليل، وهذه صفة دائمة في اليهود، فقد ناصروا الرومان ضد عيسى وأتباعه الحواريين، فهم يعادون أهل الحق دائماً بوقوفهم مع أهل الباطل، رغم تمييزهم ومعرفتهم أيهما الحق وأيهما الباطل.
5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " صحيح البخاري برقم 2926 ، لاحظ قول الحجر " يا مسلم هذا يهودي " إذن المسألة مسألة دين وليس مسألة " أرض " ، والنبي قال " تقاتلوا اليهود " والألف واللام هنا من صيغ العموم فتعم كل يهودي وليس اليهود الصهاينة فقط .
انظر فيما سبق تفسير الآية 82 من المائدة في المراجع التالية:
معاني القرآن وإعرابه للزّجاج ج 2 ص 199، تفسير الألوسي ج 7 ص 1، تفسير محمد متولي الشعراوي نشر: مطابع أخبار اليوم، ج 6 ص 3332، تفسير المراغي شيخ الأزهر الأسبق ج 7 ص 5، زهرة التفاسير للشيخ أبي زهرة العالم الأزهري المعاصر ج 5 ص 2324 وما بعدها، التفسير الوسيط لشيخ الأزهر السابق الطنطاوي ج 4 ص 254.