أرجو المساعدة على درء التعارض بين كلام الأئمة في توحيد المشركين لله توحيد ربوبية

عمر محمد

New member
إنضم
24/12/2011
المشاركات
805
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
33
الإقامة
القاهرة
السلام عليكم

أرجو أن يشاركني أهل العلم في حل هذه الإشكالية :

إذ قد وجدت لقتادة ومجاهد والطبري وابن كثير كلاماً متناقضاً ، إذ يُثبت هؤلاء الأعلام توحيد الربوبية للمشركين في مواضع ويُثبتوا وقوع المشركين في شرك الربوبية في مواضع أخرى من كلامهم في التفسير

ولا يمكن أن نقول أن الأقوال المنسوبة لهؤلاء الأعلام في نفي توحيد الربوبية عن المشركين تقتصر على حال الرخاء دون حال الشدة
ذلك أن بعض هذه الأقوال المنسوبة لهؤلاء الأعلام قد وقع فيها التصريح بأن الشرك الذي وقع فيه المشركين هو شرك ربوبية وفي حالة الشدة

وسأذكر الآن الأقوال التي تُثبت وقوع المشركين في شرك الربوبية
ثم سأردفها بأقوال نفس الأعلام التي تثبت توحيد المشركين لله توحيد ربوبية
وأرجو مساعدتي في نفي هذا التعارض عن أقوال هؤلاء الأعلام


أقوال الأئمة في إثبات وقوع المشركين في شرك الربوبية :

يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ( 41 ) إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم ( 42 ) وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ( 43 ) )

قال :هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، يرجون نصرهم ورزقهم ، ويتمسكون بهم في الشدائد ، فهم في ذلك كبيت العنكبوت في ضعفه ووهنه فليس في أيدي هؤلاء من آلهتهم إلا كمن يتمسك ببيت العنكبوت ، فإنه لا يجدي عنه شيئا ، فلو علموا هذا الحال لما اتخذوا من دون الله أولياء ، وهذا بخلاف المسلم المؤمن قلبه لله ، وهو مع ذلك يحسن العمل في اتباع الشرع فإنه مستمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، لقوتها وثباتها .انتهى

في تفسير ابن جرير الطبري لقوله تعالى ( ويخوفونك بالذين من دونه ) يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ويخوفك هؤلاء المشركون يا محمد بالذين من دون الله من الأوثان والآلهة أن تصيبك بسوء ، ببراءتك منها ، وعيبك لها ، والله كافيك ذلك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ويخوفونك بالذين من دونه ) : الآلهة . قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى شعب بسقام ليكسر العزى ، فقال سادنها ، وهو قيمها : يا خالد أنا أحذركها ، إن لها شدة لا يقوم إليها شيء ، فمشى إليها خالد بالفأس فهشم أنفها " . ...

وهو في تفسيره على هذا الرابط
http://www.islamweb.net/newlibrary/d...no=39&ayano=36

وفي تفسير قوله تعالى ( اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) من تفسير ابن جرير قال:
18267 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) ، قال : أصابتك الأوثان بجنون . .............

18272 - حدثنا محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ،

عن ابن عباس قوله ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) ، قال : تصيبك آلهتنا بالجنون . .....انتهى



أقوال نفس الأئمة في إثبات توحيد المشركين لله توحيد ربوبية :


قال الله عز وجل : " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " العنكبوت الآية 63

قال ابن كثير في تفسيره : يَقُول تَعَالَى مُقَرِّرًا أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ
لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْره مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ الْمُسْتَقِلّ بِخَلْقِ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَتَسْخِير اللَّيْل وَالنَّهَار وَأَنَّهُ الْخَالِق الرَّازِق لِعِبَادِهِ وَمُقَدِّر آجَالهمْ وَاخْتِلَافهَا وَاخْتِلَاف أَرْزَاقهمْ . فَتَفَاوَتَ بَيْنهمْ فَمِنْهُمْ الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَهُوَ الْعَلِيم بِمَا يُصْلِح كُلًّا مِنْهُمْ وَمَنْ يَسْتَحِقّ الْغِنَى مِمَّنْ يَسْتَحِقّ الْفَقْر فَذَكَرَ أَنَّهُ الْمُسْتَقِلّ بِخَلْقِ الْأَشْيَاء الْمُنْفَرِد بِتَدْبِيرِهَا فَإِذَا كَانَ الْأَمْر كَذَلِكَ فَلِمَ يُعْبَد غَيْره ؟ وَلِمَ يُتَوَكَّل عَلَى غَيْره ؟ فَكَمَا أَنَّهُ الْوَاحِد فِي مُلْكه فَلْيَكُنْ الْوَاحِد فِي عِبَادَته وَكَثِيرًا مَا يُقَرِّر تَعَالَى مَقَام الْإِلَهِيَّة بِالِاعْتِرَافِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ كَمَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتهمْ لَبَّيْكَ لَا شَرِيك لَك إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَك تَمْلِكهُ وَمَا مَلَكَ . انتهى كلام ابن كثير


قال الله عز وجل : " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ " يوسف آية 106

قال الطبري في تفسيره : " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يُقِرّ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ عَزَّ وَجَلَّ صِفَتَهُمْ بِقَوْلِهِ : { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } بِاللَّهِ ,
أَنَّهُ خَالِقه وَرَازِقه وَخَالِق كُلّ شَيْء , إِلَّا وَهُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ فِي عِبَادَتهمْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَاتِّخَاذهمْ مِنْ دُونه أَرْبَابًا , وَزَعْمهمْ أَنَّهُ لَهُ وَلَد , تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل " انتهى كلام الطبري

قال عكرمة في تفسير الآية : " تَسْأَلُهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ وَمَنْ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَيَقُولُونَ : اللَّه . فَذَلِكَ إِيمَانهمْ بِاللَّهِ , وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْره " ذكره الطبري في تفسيره

قال مجاهد في تفسير الآية : " إِيمَانهمْ قَوْلهمْ : اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا , فَهَذَا إِيمَان مَعَ شِرْك عِبَادَتهمْ غَيْره " ذكره الطبري في تفسيره

قال قتادة في تفسير الآية : " { وَمَا يُؤْمِن أَكْثَرهمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } فِي إِيمَانهمْ هَذَا , إِنَّك لَسْت تَلْقَى أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْبَأَك أَنَّ اللَّه رَبّه وَهُوَ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ , وَهُوَ مُشْرِك فِي عِبَادَته " ذكره الطبري في تفسيره


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال :
كيف ندفع التعارض الواقع في كلام ابن كثير مع نفسه وكلام الطبري مع نفسه وكلام قتادة ومجاهد رحمهم الله جميعاً ؟؟؟؟؟؟؟؟
 
الفاضل عمر محمد ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فأصل المسألة هي :
1 ـ أن توحيد الله يعني وجوب إفراده سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية جميعا ، لأن التوحيد لا يقبل التجزئة .
لذلك فالقرآن الكريم لم يطلق على الكفار أنهم موحدون توحيد الربوبية حين أقروا أن الله تعالى هو الخالق المالك الرازق ، وإنما سماهم كفاراً مشركين .
2 ـ قد يُستعمل كل من الربوبية والألوهية في مكان الآخر في القرآن الكريم :
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }[النمل:60]
فالسؤال من أول الآية وقع على أشياء تتصل بالخلق وإنزال الماء من السماء وعملية الإنبات وهي كلها من معاني الربوبية ، فالسؤال كان يقتضي أن يكون : (أرب مع الله) ، لكن وقع السؤال بقوله : {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} لأن مفردة الرب والإله متلازمتان وتدلان على وصفين متفردين لذات واحدة .

فإذا علمنا ذلك تبين لنا أن أقوال المفسرين في هذا الموضوع لا تناقض فيها .

والله أعلم وأحكم
 
الأخ عمر
الذي يظهر أن هؤلاء المشركين كانوا يقرون بأن الله تعالى هو الذي خلق الخلق ، غير أنهم كانوا يشركون في الربوبية في أمور هي التي ذكر أهل العلم شركهم فيها .. كاعتقادهم أن آلهتهم تضر وتنفع ، وإنكارهم البعث ، وغير ذلك ، فلم يكن عندهم توحيد خالص للربوبية ، من أجل ذلك عبدوا آلهتهم من دون الله تعالى ، ولو كان توحيدهم للربوبية خالصًا ، لسهل عليهم أن يوحدوا توحيد الألوهية . ومن هنا كانت آيات القرآن تقرن بين الربوبية والألوهية ... إذ هما متلازمان ، وإنما يذكر أهل العلم التفصيل للبيان ، نجد ذلك في مثل قوله تعالى : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلكقم والذين من قبلكم } ، وفي آيات سورة النمل التي ذكر الأخ عبد الكريم الآية الأولى منها ... والعلم عند الله تعالى .
 
الفاضل عمر محمد ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فأصل المسألة هي :
1 ـ أن توحيد الله يعني وجوب إفراده سبحانه وتعالى بالربوبية والألوهية جميعا ، لأن التوحيد لا يقبل التجزئة .
لذلك فالقرآن الكريم لم يطلق على الكفار أنهم موحدون توحيد الربوبية حين أقروا أن الله تعالى هو الخالق المالك الرازق ، وإنما سماهم كفاراً مشركين .

يا سيدي الفاضل :
إنك ترى في الواقع المعاصر إنساناً مسلماً يفهم معنى التقوى والورع ويعرف أنهما الحق إلا أنه قد يعيش في حياة الفسق والفجور في وقت الرخاء ، ووقتما يقع في شدة إذا به يلتزم بأحكام الشرع ويترك الحرام ويلتزم بالفرائض بل والمستحبات ليرفع الله عنه البلاء
فمعرفته بمعنى التقوى والورع وأنهما الحق رغم أنه يلزم منه - عقلاً وشرعاً - التزامه بأحكام الشريعة
إلا أن الواقع لم يُرَتِّب هذا اللزوم ، بل رغم معرفته بمعنى التقوى وأنها الحق إلا أنه تركها في وقت الرخاء والتزم بها وقت الشدة

فالقول بأن الإيمان بالربوبية يلزم منه بالضرورة الإيمان بالألوهية قول يحتاج إلى تفصيل :
فإن كنت تقصد بقولك " يلزم منه " أي لزوم عقلي بترتب النتيجة على السبب ولزوم شرعي يأمرنا الله به يُثيب من أطاع ويُعاقب من عصى ، فهذا المعنى صحيح
وإن كنت تقصد بقولك " يلزم منه " أي لزوم واقعي بمعنى أن كل من عرف الإيمان بالربوبية - والتي تساوي العلم بأن التقوى هي الحق الواجب اتباعه في المثال السابق - فسنجده في الواقع بالضرورة مؤمناً بتوحيد العبادة - والتي تساوي العمل بالتقوى في المثال السابق - فهذا المعنى - بحسب فهمي - خاطئ
ذلك أنه رغم أن العقل يحكم بضرورة اتقاء كل من علم أن التقوى هي طريق الجنة والنجاة من النار
إلا أن الواقع يُظهِر لنا أن هناك من علم بوجوب التقوى ورغم ذلك يضعف ولا يتقي إلا في الشدة لرفع الشدة عنه .

فالعقل يحكم أن كل من آمن بالله رباً خالقاً ومدبراً فلابد أن يؤمن به إلهاً مشرعاً إلا أن الواقع لا يقول ذلك بدليل أن القرآن - رداً على قول حضرتك بأن القرآن لم يقل أن مشركي العرب موحدين - نص في أكثر من موضع على أنهم لو كانوا في البحر وهاجت عليهم الأمواج العاتية دَعَوا الله مخلصين له الدين ، والإخلاص في الشدة لا يكون إلا لمن آمن في الرخاء بأن الإخلاص هو الحق، فكيف الحال لو علمنا أن الإخلاص الذي نسبه الله عز وجل للمشركين في وقت الشدة هو عين التوحيد لأن :
التوحيد = الإخلاص = الإفراد
فتوحيد المشركين لله عز وجل في الشدة توحيد عبادة - بإفراده بالدعاء والاستغاثة - لا يتأتى إلا ممن علم أن الله وحده هو القادر على الرد السوء وكشف الضر عنهم .

لذلك فالقرآن الكريم لم يطلق على الكفار أنهم موحدون


قال الله عز وجل :
" فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) " العنكبوت

فأثبت لهم الإخلاص - الذي هو عين التوحيد - في الشدة ثم أثبت لهم الشرك في الرخاء
والدعاء هو عين العبادة، ولا يوحد اللهَ أحدٌ توحيد عبادة إلا وقد وحَّدَه - من قبل - توحيد ربوبية
فإثبات توحيد العبادة لشخص يلزم منه الدلالة على توحيده للربوبية دلالة النتيجة على السبب .

2 ـ قد يُستعمل كل من الربوبية والألوهية في مكان الآخر في القرآن الكريم :
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ }[النمل:60]
فالسؤال من أول الآية وقع على أشياء تتصل بالخلق وإنزال الماء من السماء وعملية الإنبات وهي كلها من معاني الربوبية ، فالسؤال كان يقتضي أن يكون : (أرب مع الله) ، لكن وقع السؤال بقوله : {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} لأن مفردة الرب والإله متلازمتان وتدلان على وصفين متفردين لذات واحدة .

بل - بحسب فهمي - أن السؤال لا يقتضي إلا ما ذكره الله ، فالسياق يقتضي ما ذكره الله في قوله : {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ} لأن سياق الآية يذكر تفرد الله عز وجل بأفعال الربوبية بالخلق والإيجاد والتدبير والإمداد ، فلما آمن المشركين بذلك ، كان حجة عليهم في وجوب إقرارهم ، لا بأن الله متفرد بالربوبية - إذ أنهم بالفعل أقروا بذلك بدليل استخدام الله عز وجل لهذا الدليل في إقامة الحجة عليهم - بل بأن الله متفرد بوجوب صرف أحكام العبادة له وحده
وكما قلت لحضرتك : التلازم بين الإيمان بالربوبية والألوهية هو تلازم عقلي وشرعي لكنه قد لا يكون موجود في الخارج - أي في الواقع خارج العقل - .

وفي الختام : أذكِّر حضرتك أن ابن كثير الذي لا يشرع عالم من علماء التفسير المعاصرين في تفسير القرآن إلا وينصح طلاب العلم باقتنائه ، ابن كثير هذا ، قد صَرَّح بإقرار المشركين بتوحيد الربوبية فيما نقلته سابقاً : "
وَكَثِيرًا مَا يُقَرِّر تَعَالَى مَقَام الْإِلَهِيَّة بِالِاعْتِرَافِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ "

لكن المشكلة أن الله عز وجل يصرح أن إيمان المشركين وتوحيدهم لله كان في الشدة فقط دون الرخاء
مما يُفهَم معه أنه لا شرك في الشدة ، ورغم ذلك أجد ابن كثير نفسه في موضع ثاني يقول : "
قال :هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ، يرجون نصرهم ورزقهم ، ويتمسكون بهم في الشدائد "

ألا تلاحظ التعارض الصارخ بين إقرار ابن كثير باعتراف المشركين بتوحيد الربوبية - والذي نتج عنه إخلاص المشركين بألوهية الله في الشدة بدعائهم له دون غيره - وبين إقرار ابن كثير في آية أخرى بعدم إفراد المشركين لله في الرزق والنصرة بل يقعوا في الشرك في ذلك حتى في وقت الشدة الذي صرح الله في القرآن أن المشركين فيه - أي وقت الشدة - مخلصين له الدين ؟؟؟؟

 
فلم يكن عندهم توحيد خالص للربوبية ، من أجل ذلك عبدوا آلهتهم من دون الله تعالى ، ولو كان توحيدهم للربوبية خالصًا ، لسهل عليهم أن يوحدوا توحيد الألوهية .
لو كان توحيدهم للربوبية غير خالص لما أفردوا الله عز وجل باللجوء والدعاء والاستغاثة وقت الشدة
وعبادتهم لآلهتهم هو في الرخاء لكن وقت الشدة يظهر الإخلاص الذي يمكن في صدورهم
فذمهم الله عز وجل على هذا التعارض بين إيمانهم بتوحيد الربوبية ورغم ذلك وقوعهم في شرك العبادة في الرخاء

وتوحيدهم للربوبية خالصاً ورغم ذلك عاندوا ولم يوحدوا توحيد عبادة إلا وقت الشدة .
 
جزاك الله خيرا على تدبر كتابه: ولكن أرى في نسبة هذا القول هكذا:"أقوال الأئمة في إثبات وقوع المشركين في شرك الربوبية" فيه نظر: لعلك تنعم النظر مرة أخرى فيما نقلته عنهم فقد لا يدل على ما ذهبت إليه...لأن الذي يظهر أن ما أوردته في القسم الأول هو في توحيد الألوهية، وعليه فلا إشكال في كلامهم.
والله نسأل أن يفهمنا ما أشكل علينا من كتابه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.
 
الأخ عمر :
لا يا أخي ، لم يكن توحيدهم للربوبية خالصًا ، ولو كان خالصًا ما كان منهم ما قالوه من اعتقادهم النفع والضر بالآلهة ، ولو كان خالصًا لآمنوا بالبعث .
وأما اللجوء إلى الله تعالى في حال الشدة بالدعاء ، فهذا شأن الجميع مؤمنهم وكافرهم ، فأما المؤمن فلخالص توحيده ، وأما الكافر ، فلاعتقاده أنه لا ينجيه – بعد انقطاع الأسباب – إلا الله تعالى … ففي هذه اللحظة يدعو الله مخلصًا ، فهو دعاه في الشدة مخلصًا ، ولكنه لا يدعوه في كل أحواله مخلصًا ، وإنما يلجأ إلى آلهته في رخائه .
فإقرارهم بالخلق والرزق لا يعني إخلاصهم في الربوبية ، إذ صرفوا بعض صفات الرب تعالى إلى آلهتهم .. والعلم عند الله تعالى .
 
يقول تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }[النساء:48]
إن اللجوء إلى الله في حالة الشدة عند الكافر والمشرك والملحد ، لهو دليل قاطع على أن التدين الحق غريزة في الإنسان . وهذا السلوك بينه القرآن الكريم :
{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }[يونس:22]
لكنهم سرعان ما يرجعون إلى ما كانوا عليه سابقا :
{فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }[يونس:23]
وخلاصة القول : فالشرك هو الذي ينسف الأعمال ، والأعمال الحقيقية هي ما كانت أيام الرخاء ، والله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر . وأقوى مثال على ذلك ما وقع لفرعون فكان الرد : {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }[يونس:91]

والله أعلم وأحكم
 
الأخ عمر :
لا يا أخي ، لم يكن توحيدهم للربوبية خالصًا
فإقرارهم بالخلق والرزق لا يعني إخلاصهم في الربوبية .

من فضلك راجع ما نقلته بالأعلى عن تفسير ابن كثير إذ قال :
" وَكَثِيرًا مَا يُقَرِّر تَعَالَى مَقَام الْإِلَهِيَّة بِالِاعْتِرَافِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّة وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْتَرِفُونَ بِذَلِكَ " انتهى كلام ابن كثير وتفضل بقرائته كاملاً بالأعلى
 
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }[العنكبوت:61]
يقول طنطاوي في تفسيره : " وقوله - سبحانه -: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ... } بيان لما كان عليه مشركو العرب من اعتراف بأن المستقل بخلق هذا الكون هو الله - تعالى -. أي: ولئن سألت - أيها الرسول الكريم - هؤلاء المشركين، من الذي أوجد هذه السماوات وهذه الأرض، ومن الذي ذلل وسخر لمنفعتكم الشمس والقمر، ليقولن بدون تردد: الله - تعالى - هو الذي فعل ذلك بقدرته.
وقوله - سبحانه -: { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } تعجيب من تناقضهم في أفعالهم، ومن انحراف في تفكيرهم، ومن تركهم العمل بموجب ما تقتضيه أقوالهم.
أي: إذا كنتم معترفين بأن الله وحده هو الخالق للسماوات والأرض. المسخر للشمس والقمر، فلماذا أشركتم معه في العبادة آلهة أخرى؟ ولماذا تنصرفون عن الإِقرار بوحدانيته - عز وجل -؟"
 
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ }[العنكبوت:61]
يقول طنطاوي في تفسيره : " وقوله - سبحانه -: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ... } بيان لما كان عليه مشركو العرب من اعتراف بأن المستقل بخلق هذا الكون هو الله - تعالى -. أي: ولئن سألت - أيها الرسول الكريم - هؤلاء المشركين، من الذي أوجد هذه السماوات وهذه الأرض، ومن الذي ذلل وسخر لمنفعتكم الشمس والقمر، ليقولن بدون تردد: الله - تعالى - هو الذي فعل ذلك بقدرته.
وقوله - سبحانه -: { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } تعجيب من تناقضهم في أفعالهم، ومن انحراف في تفكيرهم، ومن تركهم العمل بموجب ما تقتضيه أقوالهم.
أي: إذا كنتم معترفين بأن الله وحده هو الخالق للسماوات والأرض. المسخر للشمس والقمر، فلماذا أشركتم معه في العبادة آلهة أخرى؟ ولماذا تنصرفون عن الإِقرار بوحدانيته - عز وجل -؟"

يصرفوها لغير الله لأنهم لم يقروا بوحدانيته ، فقد آمنوا بأن الأنواء تُنزل المطر ، وكانوا يعتقدوا في الطيرة والتمائم وهي من الشرك ، وكانوا يعتقدوا أن آلهتهم تنصرهم في الشدائد وهي لهم عزاً .
 
يا أخ عمر بارك الله بك ، هم مقرُّون بما ذكَّرهم الله تعالى به ، وقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - لا يدل على إخلاصهم في الربوبية ، وإنما يدل على أنهم مقِرُّون بأنه لا خالق إلا الله تعالى ، وهذا توحيد ، لكنهم لما أنكروا البعث ، وسحبوا من صفات الله تعالى على آلهتهم ، لم يكونوا مخلصين في توحيد الربوبية ، وإن كان عندهم أصل هذا التوحيد ... فتأمل .
 
اعذرني فلست مقتنع بكلامك
لأن التوحيد يعني الإفراد يعني الإخلاص كلها مترادفات
ولا يوجد توحيد مع إنكار
فلا يوجد شئ اسمه أصل التوحيد وفرع التوحيد
بل التوحيد هو أن تُفرد الله بأفعال الربوبية
فإما تفرده بكل الأفعال فتكون موحداً
وإما تفرده بمعظم الأفعال لكن تشرك معه غيره في بعض الأفعال فلا تكون موحد
ولا وسط بينهم
لأن عدم إفرادك لله عز وجل بفعل واحد فقط يخرجك من التوحيد لأن التوحيد إفراد لله في كل الأفعال
فلو قلت : الله خالق كل شئ ومدبر كل ما في الكون ما عدا الانتقال من الليل للنهار ومن النهار لليل فهذا ليس لله بل للإله آمون إله الشمس عند المصريين القدماء الفراعنة
فهذا لا يعتبر توحيد ربوبية لأن التوحيد إفراد في كل شئ وليس للتوحيد أصل وفرع وليس للتوحيد نسبة مئوية لنقول أن المشركين آمنوا بتوحيد الربوبية بنسبة كذا في المائة
أما قول ابن كثير في نسبة توحيد الربوبية للمشركين - وليس مجرد الإيمان بالربوبية بل توحيد الربوبية أي الإفراد - فهو يتعارض مع ما نسبه ابن كثير نفسه للمشركين من استغاثتهم بالآلهة وقت الشدائد
 
الأخ عمر :
لنتأمل هذه الآيات :
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [ [ العنكبوت : 61 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [ [ العنكبوت : 63 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [ [ لقمان : 25 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [ [ الزمر : 38 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [ [ الزخرف : 9 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [ [ الزخرف : 87 ] .
هذا الذي أثبته القرآن لهم في هذا المقام .. وهو توحيد الخالق .. وهو من توحيد الربوبية .
لكن الربوبية تتعلق – أيضًا – بالملك وتصريف أمور الكون ، والبعث بعد الموت .. فهل كانوا مقرين بهذه الأمور لله تعالى ؟
وإذا لم يكونوا مقرين بها لله تعالى ؟ فهل هذا يكون إخلاصا في توحيد الربوبية ؟
 
الأخ عمر :
لنتأمل هذه الآيات :
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [ [ العنكبوت : 61 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [ [ العنكبوت : 63 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ [ [ لقمان : 25 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [ [ الزمر : 38 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [[ الزخرف : 9 ] .
] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [ [ الزخرف : 87 ] .
هذا الذي أثبته القرآن لهم في هذا المقام .. وهو توحيد الخالق .. وهو من توحيد الربوبية .
لكن الربوبية تتعلق – أيضًا – بالملك وتصريف أمور الكون ، والبعث بعد الموت .. فهل كانوا مقرين بهذه الأمور لله تعالى ؟
وإذا لم يكونوا مقرين بها لله تعالى ؟ فهل هذا يكون إخلاصا في توحيد الربوبية ؟
نعم أخي محمود ، بارك الله فيك . فالإخلاص لب العبادة
قال الله تعالى :{ وما أُمروا إلا ليعبدوا اللهَ مخلصينَ لهُ الدينَ حنفاءَ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاةَ وذلكَ دينُ القيّمة }[البيّنة:5] العبادة لا تسمى عبادة إلا إذا كانت خالصة لله تعالى ليس فيها شِرك ولا رياء ولا نفاق .
وماذا ينفع المشركين إيمانُهم إن كانوا لا يتمتعون بالإخلاص في عبادتهم . وإيمانهم كما نعلم قولهم : (اللَّه خَالِقنَا وَيَرْزُقنَا وَيُمِيتنَا) .فهو إيمان مع الشرك . لذلك فلا غرابة في ذكر إيمانهم مرة وشركهم أخرى لأن ذلك واقعهم ، ولا تعارض ولا تناقض في وصف حالهم .
يقول تعالى : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }[يوسف:106]
وما سمي المشرك مشركا إلا لتلك التناقضات في عبادته بين الله الواحد الأحد وغيره من المخلوقات .
والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى