هَـذا حُكمٌ اختصَّ بهِ البزِّيُّ عن ابنِ كثيرٍ -رحمهما الله - فشدَّد التاءَ في واحدٍ وثلاثينَ موضعاً في القرآن , ويجدُرُ التنبيهُ إلى أنَّـهُ لا يُشدِّدها إلا متصلةً بما قبلها , أمَّا ابتداؤهُ فهو بالتخفيف كسائر القراء.
وهذه المواضعُ توقيفيَّـةٌ لا يدخلها قياسٌ فتُلحقَ بها نظائرها , وتعليلُ التشديد لغةً هو أنَّ التاءاتِ التي شدَّها البزيُّ هي في أصولها اللغوية تُثبتُ تاءينِ خطاً ونُطقاً , وحذفُ التاء الأولى (كما هو مذهب الجمهور) لاحقٌ لهذا الأصلِ.
مثل قوله تعالى (((وَلاَ تَيَمّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ))) فأصلها (وَلاَ تَتَيَمَّمُوا) , وكذلك قوله تعالى (((يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ))) أصله (لاَ تَتَكلَّمُ)
من أجلِ ذلكَ ثبتتِ التاءُ مشدَّدةً عند البزيِّ لعلمِ العرَبِ أنَّ كُلَّ مُشدَّدٍ إنَّـما هو حرفانِ سكَنَ أولُهما وتحرَّك الثاني , وجاء الرسمُ القرآنيُّ محتملاً هذين الوجهين القِرَائِيَّـيْنِ , إذ لو أشير إلى الأصل في رواية البزيِّ بفكِّ الإدغام وإثبات التاءينِ خطاً لخرج بذلك عن مرسوم المصاحفِ.