د محمد الجبالي
Well-known member
أربع مسائل في آية إبراهيم 47
أربع مسائل في في قول الله تعالى: ({فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)} [إبراهيم: 47]
الْمَسْأَلَة الأولى: إلامَ تَرْمِي الآية، ما الهدف منها؟
الْمَسْأَلَة الثانية: لماذا مَالَ القرآن الكريم إلى استعمال اسم الفاعل [مُـخْلِف] ولم يقل [يُـخْلِف]؟
الْمَسْأَلَة الثالثة: لماذا قُدِّمَ الْمَفعول الثاني [وَعْده] لاسم الفاعل [مُـخْلِف] على الْمَفعول الأول [رُسُلَه]؟
الْمَسْأَلَة الرابعة: ما الغَرَض مِنَ الفاصِلَة: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}؟
وإليكم الجواب سائلا الله السداد:
الْمَسْأَلَة الأولى:
إن الآية {{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ترمي إلى إثبات وتأكيد اِنْتِفَاء إخلاف اللهِ وَعْدَهُ رُسُلَه، وجاء التركيب اللفظي البلاغي للآية لتقرير وإثبات وتأكيد اِنْتِفَاء إخلاف اللهِ وَعْدَهُ رُسُلَه، وذلك بهدف تثبيت رسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، وبَثِّ الطمأنينة واليقين في قلبه صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، وتَسْرِيَةً عنه صلى الله عليه وسلم لِمَا يَنَالُه مِنَ التكذيب والأذَى مِنْ قَوْمِه؛ حيث إن سورة إبراهيم كلها مَكِّيَّة نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم يناله أذَى شديد مِن مشركي مكة.
الْمَسْأَلَة الثانية:
لِمَاذا مَالَ القرآن الكريم إلى استعمال اسم الفاعل [مُـخْلِف] ولم يقل [يُـخْلِف]؟
ذلك لِمَا يَـمْتَاز به اسمُ الفاعل مِنْ خصائص مَعْنَوِيَّة وبلاغية، فَكَوْنُه اسما دَلَّ على الثبات، وكَوْنُه مُشْتَقا على وزن مضارعه دَلَّ على الدوام والاستمرار، أَضِفْ إلى ذلك أن اسم الفاعل حقيقة في الحال ثم هو مجاز في الماضي والاستقبال، فَشَمَلَ كُلَّ الأزمان، أما الفعل الْمُضارع فإنه يَفتَقِد الزمانَ الْمَاضي، ويَفتَقِد خَاصِيَّةَ الثبات، ومِنْ هنا كان التعبير باسم الفاعل [مُـخْلِف] أوْلَى وأَدَقَّ في أداء المعنى.
الْمَسْأَلة الثالثة:
لماذا قُدِّمَ الْمَفعول الثاني [وَعْده] لاسم الفاعل [مُـخْلِفَ] على المفعول الأول [رُسُلَه]؟
قال ابن عاشور رحمه الله: "وَأُضِيفَ مُخْلِفَ إِلَى مَفْعُولِهِ الثَّانِي، وَهُوَ وَعْدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالْإِضَافَةُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الِاهْتِمَامَ بِنَفْيِ إِخْلَافِ الْوَعْدِ أَشَدُّ، فَلِذَلِكَ قَدَّمَ وَعْدِهِ عَلَى رُسُلَهُ".
وأَرَى أنَّ تقديم الْمَفعول الثاني [وَعْدِه] على الأول [رُسُلَه] له فائدتان:
الأولى: التأكيد على عدم إخلاف الله الوعد.
والثانية: الشمول، أي لِيَشْمَلَ أنَّ الله عز وجلعز وجل لا يُـخلِفُ وَعْدَه الرُّسُلَ وغَيرَ الرُّسُلِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ [رُسُلَه] لَاخْتَصَّ اِنْتَفَاءُ إِخْلافِ الْوَعْد بهم.
الْمَسْأَلة الرابعة:
ما الغَرَضُ مِنَ الفاصِلَة: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}؟
لقد جاءت الفاصلة تعليلا لِمَا تَقَدَّمَ، وتَذْيِيلاً للآية، وخَبَراً مُؤَكَّداً حامِلا صِفَتَيْنِ مِنْ صفات الله عز وجل، خَبَراً يؤكد أن الله عزيز غالِب لا يُغْلَب، ذو انتقام أي مُنْتَقِمٌ ينتصر لِرُسُلِه ولأوليائه، وينتقم من أعدائهم، وفي ذلك تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم،صلى الله عليه وسلم وبَثٌّ للطمأنينة في قلبه صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم ، وإخباره بأن الله ناصره، وأن أعداءه مَدْحُورون مَهْزُمُون.
والله أعلم
د. محمد الجبالي
أربع مسائل في في قول الله تعالى: ({فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)} [إبراهيم: 47]
الْمَسْأَلَة الأولى: إلامَ تَرْمِي الآية، ما الهدف منها؟
الْمَسْأَلَة الثانية: لماذا مَالَ القرآن الكريم إلى استعمال اسم الفاعل [مُـخْلِف] ولم يقل [يُـخْلِف]؟
الْمَسْأَلَة الثالثة: لماذا قُدِّمَ الْمَفعول الثاني [وَعْده] لاسم الفاعل [مُـخْلِف] على الْمَفعول الأول [رُسُلَه]؟
الْمَسْأَلَة الرابعة: ما الغَرَض مِنَ الفاصِلَة: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}؟
وإليكم الجواب سائلا الله السداد:
الْمَسْأَلَة الأولى:
إن الآية {{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ترمي إلى إثبات وتأكيد اِنْتِفَاء إخلاف اللهِ وَعْدَهُ رُسُلَه، وجاء التركيب اللفظي البلاغي للآية لتقرير وإثبات وتأكيد اِنْتِفَاء إخلاف اللهِ وَعْدَهُ رُسُلَه، وذلك بهدف تثبيت رسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، وبَثِّ الطمأنينة واليقين في قلبه صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم، وتَسْرِيَةً عنه صلى الله عليه وسلم لِمَا يَنَالُه مِنَ التكذيب والأذَى مِنْ قَوْمِه؛ حيث إن سورة إبراهيم كلها مَكِّيَّة نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم يناله أذَى شديد مِن مشركي مكة.
الْمَسْأَلَة الثانية:
لِمَاذا مَالَ القرآن الكريم إلى استعمال اسم الفاعل [مُـخْلِف] ولم يقل [يُـخْلِف]؟
ذلك لِمَا يَـمْتَاز به اسمُ الفاعل مِنْ خصائص مَعْنَوِيَّة وبلاغية، فَكَوْنُه اسما دَلَّ على الثبات، وكَوْنُه مُشْتَقا على وزن مضارعه دَلَّ على الدوام والاستمرار، أَضِفْ إلى ذلك أن اسم الفاعل حقيقة في الحال ثم هو مجاز في الماضي والاستقبال، فَشَمَلَ كُلَّ الأزمان، أما الفعل الْمُضارع فإنه يَفتَقِد الزمانَ الْمَاضي، ويَفتَقِد خَاصِيَّةَ الثبات، ومِنْ هنا كان التعبير باسم الفاعل [مُـخْلِف] أوْلَى وأَدَقَّ في أداء المعنى.
الْمَسْأَلة الثالثة:
لماذا قُدِّمَ الْمَفعول الثاني [وَعْده] لاسم الفاعل [مُـخْلِفَ] على المفعول الأول [رُسُلَه]؟
قال ابن عاشور رحمه الله: "وَأُضِيفَ مُخْلِفَ إِلَى مَفْعُولِهِ الثَّانِي، وَهُوَ وَعْدِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ فِي التَّقْدِيمِ وَالْإِضَافَةُ إِلَيْهِ لِأَنَّ الِاهْتِمَامَ بِنَفْيِ إِخْلَافِ الْوَعْدِ أَشَدُّ، فَلِذَلِكَ قَدَّمَ وَعْدِهِ عَلَى رُسُلَهُ".
وأَرَى أنَّ تقديم الْمَفعول الثاني [وَعْدِه] على الأول [رُسُلَه] له فائدتان:
الأولى: التأكيد على عدم إخلاف الله الوعد.
والثانية: الشمول، أي لِيَشْمَلَ أنَّ الله عز وجلعز وجل لا يُـخلِفُ وَعْدَه الرُّسُلَ وغَيرَ الرُّسُلِ، فَلَوْ تَقَدَّمَ [رُسُلَه] لَاخْتَصَّ اِنْتَفَاءُ إِخْلافِ الْوَعْد بهم.
الْمَسْأَلة الرابعة:
ما الغَرَضُ مِنَ الفاصِلَة: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}؟
لقد جاءت الفاصلة تعليلا لِمَا تَقَدَّمَ، وتَذْيِيلاً للآية، وخَبَراً مُؤَكَّداً حامِلا صِفَتَيْنِ مِنْ صفات الله عز وجل، خَبَراً يؤكد أن الله عزيز غالِب لا يُغْلَب، ذو انتقام أي مُنْتَقِمٌ ينتصر لِرُسُلِه ولأوليائه، وينتقم من أعدائهم، وفي ذلك تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم،صلى الله عليه وسلم وبَثٌّ للطمأنينة في قلبه صلى الله عليه وسلمصلى الله عليه وسلم ، وإخباره بأن الله ناصره، وأن أعداءه مَدْحُورون مَهْزُمُون.
والله أعلم
د. محمد الجبالي