أحاديث أبى هريرة وأحاديث آل البيت: قراءة سريعة فى كتاب الكافى للكلينى

إنضم
18/03/2005
المشاركات
203
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
أحاديث أبى هريرة وأحاديث آل البيت
(قراءة سريعة فى كتاب "الكافى" للكلينى)
د. إبراهيم عوض
[email protected]
http://awad.phpnet.us/
http://ibrahimawad.com/
http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9

كنت قد نشرت قبل أيام دراسة مطوَّلة أردّ فيها على الاتهامات الغليظة المجحفة التى صبها عبد الحسين شرف الدين الموسوى العالم الشيعى الإمامى المعاصر على رأس الصحابى الجليل أبى هريرة رضى الله عنه جريا على سنة كثير من علماء الشيعة وكتّابهم فى التشكيك بأمانة معظم الصحابة الكرام وطهارة أخلاقهم، ورسم صورة قاتمة لهم تنفر الناس منهم وتوحى بأنهم جماعة لا تتمتع بأقل قدر من خشية الله أو حب رسوله. ذلك أن هذا الضرب من الشيعة لا يعترف باستقامة أحد من الصحابة إلا إذا كان من شيعة على، إذ إن عليا عندهم، كرم الله وجهه ورضى عنه رضا واسعا كبيرا، هو الإسلام، والإسلام هو على. وعلى هذا فأبو بكر وعمر وعثمان وكل الصحابة تقريبا بما فيهم معظم أمهات المؤمنين خارجون على الملة أو على الأقل: منافقون، ومن ثم يصح، بل يجب، فضحهم والإبداء والإعادة فى ذمهم ونهش لحومهم وأعراضهم. ورغم أنى لم أفعل شيئا فى الدراسة المذكورة سوى الذَّبّ عن الصحابى الكريم فقد تعرضت فى الحال للاتهام بأننى أهاجم الشيعة وأشعل نار الفتنة بين السنة وبينهم. الله أكبر! هكذا إذن؟ ليس ذلك فقط، بل أضاف المعلقون على تلك الدراسة مزيدا من الاتهامات لأبى هريرة وأشار أحدهم إلى بعض الكتب الأخرى التى تهاجم ذلك الصحابى أو الصدّيقة بنت الصدّيق عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها وأرضاها، موصيا بقراءتها حتى تتجلى لنا الحقيقة حسبما قال.
الشيعة إذن يريدون أن يشتموا الصحابة ويحقروهم فنسكت، وإلا تتابعت الاتهامات الظالمة ضدنا، فى الوقت الذى لا يفكر أحد من أهل السنة فى التعرض لعلى أو لفاطمة أو للحسنين أو للمقداد أو لسلمان الفارسى... إلى آخر الرموز التى يعتز بها الشيعة ويَعُدّونهم هم وحدهم المؤمنين والناجين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ إن أهل السنة يعتزون أيما اعتزاز بعلىٍّ وفاطمة والحسنين ويتقربون إلى الله بحبهم وتبجيلهم مثلما يعتزون بالصديق والفاروق وعثمان وسائر الصحابة ويتقربون إلى الله بحبهم وتبجيلهم. وهذا ما استفزنى إلى الرد على الموسوى، إذ رأيت أنه عديم اللياقة. وهذا أقل ما يقال فى وصف ما كتب، وإلا فالأمر أبشع من عدم اللياقة بما لا يقاس. وقد قلت، وأكرر القول، إننى أَعُدّ نفسى مسلما، وكفى.
وقد دعا أحد المعلقين الشيعيين إلى تكاتف جَنَاحَىِ الأمة واحترام كل من السنة والشيعة لما تعتقده الطائفة الأخرى. وهو فى الحقيقة كلام جميل، لكننى فى الواقع قليل الأمل فى أن يتزحزح الشيعة بوجه عام عن موقفهم من معظم الصحابة، إذ هم ينظرون إليهم بوصفهم أعداء لآل البيت اغتصبوا حق على وذريته فى خلافة المسلمين، اللهم إلا إذا غير الشيعة فهمهم للدين تغييرا جذريا، وإلا فلسوف نظل فى هذا الهم إلى ما لا نهاية. فهل يمكن أن يكذّب الشيعة ظنى ويُقْدِموا على هذه الخطوة؟ إن من علمائهم ومفسريهم من لا يقول شيئا من هذا الكلام الذى يردده الفريق الآخر منهم عن الصديق والفاروق وذى النورين وعائشة وحفصة مثلا، وإن كنت أشعر بوجه عام أنهم يتحدثون عنهم من تحت أسنانهم، فضلا عن أننا لا نعرف أهذا الفريق منهم عقلاء حكماء فعلا، أم هم يمارسون مبدأ التقية لسبب أو لآخر. مسألة محيرة. وكذلك الأمر بالنسة لأهل السنة، إذ لا أظنهم سوف يعتنقون يوما ما يعتنقه الشيعة من أن ولاية على وذريته تشكل الركن السادس فى الإسلام وأن الخلفاء الراشيدن الثلاثة الأوائل قد اغتصبوا حقه فى الخلافة فخرجوا من الملة أو نافقوا على أقل تقدير. فهل يمكن أن يحترم كل من الفريقين ما يذهب إليه الآخر؟ نظريا ممكن، لكن هل يكف الشيعة عن التطاول على الصديق والفاروق وذى النورين وعائشة وحفصة... ولا ينهشون عرضهم أو يشوهون سمعتهم أو يتهمونهم فى دينهم؟ إن الشيعة لا يمكن أن تكون لهم من أهل السنة شكوى فى هذا المجال، فهل يستطيعون أن يبادلوهم احترامهم لرموزهم باحترام مثله؟ كذلك هل يمكن أن يكفوا عن وضع أيديهم فى أيدى أعداء الإسلام كما فعلوا فى أفغانستان والعراق مثلا تحقيقا لانتصار مذهبى ضيق وبلوغ غاية قصيرة النظر؟ هذا هو السؤال.
والآن إلى الرد على الاعتراضات التى وُجِّهَتْ إلى ما سبق أن نشرتُه عن كتاب الموسوى الذى يشتم فيه أبا هريرة ويحقره ويقول فيه أشد وأسوأ مما قال مالك فى الخمر، فأقول وبالله التوفيق للمعلق الذى ذكر أن الشيعة ليسوا وحدهم الذين ذموا أبا هريرة، بل هناك مثلا محمود أبورية، وهو من أهل السنة: إننى أعرف أن أبا رية ألف كتابا بعنوان "شيخ المضيرة"، وقد قرأت شيئا منه قبلا، ولكن لم يقم وقتها من الدواعى ما يحملنى على الكتابة فى ذلك الموضوع. ثم تصادف منذ عدة ليال أن وقع كتاب الموسوى فى يدى فخطر لى أن أدرسه وأكتب عنه. وهذا هو السبب، ولا سبب غيره. ثم إن أبا رية إنما ألف كتابه تأثرا بكتاب الموسوى وأمثاله. وفوق هذا فإن أبا رية، لو قلنا إنه ليس شيعيا، هو فرد واحد، بخلاف كتاب الموسوى، الذى لا يمثل صاحبه وحده، بل يمثل آراء الشيعة كلهم تقريبا. أما إذا كان أبو رية قد تشيع ففى هذه الحالة لا معنى لاعتراض ذلك المعترض على اختيارى لكتاب الموسوى دون كتاب أبى رية.
وحين قرأت التعليقات المذكورة خطر لى فى الحال أن أنظر فى كتاب "الكافى" لمحمد بن يعقوب الكلينى المعروف لدى الشيعة بــ"ثقة الإسلام" والمتوفى سنة 329 هجرية، وهو يشبه لدى أهل السنة "صحيح البخارى"، لأرى هل هذا الكتاب يضم بين أحاديثه تلك النصوص التى أخذها الموسوى على أبى هريرة أو نصوصا تشبهها أَوْ لا حتى أعرف إلى أى مدى يكون للموسوى الحق فى إثارة هذه الزوابع والأعاصير. والحق أننى قد وجدت فى "الكافى" كثيرا من الأحاديث المشابهة لما أخذوه على أبى هريرة، وعليه فلا معنى لانتقادهم الصحابى الجليل. وفى "الكافى" أيضا كثير من الأحاديث التى تناقض المنطق والعلم وتخالف التاريخ الثابت وتذيع الخرافة والأباطيل، لكننا لا نحمل وزرها على أبى الحسنين أو مناصريه من الصحابة كسلمان والمقداد... بل نقول إنها محمولة عليهم لأنه لا يُعْقَل أبدا أن يُقْدِم هؤلاء الكرام النبلاء على الكذب أو التزييف.
قلت إننى أعد نفسى مسلما فحسب، ومن ثم كان لا بد أن أوضح موقفى من إيران وحزب الله، أهم وأشهر كيانين شيعيين فى وقتنا هذا حتى يعرف القارئ مدى صحة دعواى هذه. فأما بالنسبة إلى إيران فقد أذكر أننى كنت متحمسا وما زلت لثورتها الأصيلة التى هب فيها معظم طوائف الشعب متمردين على الحكم الشاهنشاهى والتى وقف رجالها ونساؤها بصدورهم العارية فى وجه الجيش ولم يعبأوا بجبروته وأسلحته وتعضيد الولايات المتحدة لرضا بهلوى ووقوف كبار رجال الدولة آنذاك خلفه صفا واحدا، حتى أسقطوا الشاه ونظامه وجيشه ومخابراته وحطموا كل ذلك تحطيما. وكنت أقول وقتئذ بملء فمى: لقد ذهبت الشيعة بفخر اليوم كله، أما أهل السنة فلا يزالون "مَحَلَّك سِرْ!". إنهم ينهنهون كالنساء مما يقاسونه على أيدى حكامهم وعلى أيدى الدول الكبرى التى تناصر أولئك الحكام، لكنهم لا يزيدون عن ذلك فترا واحدا، إذ تراهم رغم كل تلك النهنهة خاضعين خانعين راكعين ساجدين ومسبحين بأسماء ظالميهم ومستبديهم الذين حولوا حياتهم جحيما، طوال نهارهم وليلهم لا يفترون ولا يرعوون ولا يستحون. ورغم ما تبدّى بعد ذلك من أن الإيرانيين لا ينطلقون من الإسلام الرحب السمح بل من مذهبهم الشيعى الضيق المتعصب، وأنهم للأسف لا ينطوون لأهل السنة على حب أو خير، وأن كلامهم عن تحرير فلسطين هو فى الحقيقة، حتى الآن على الأقل، ليس سوى كلام لا يقدم ولا يؤخر، كلام شبعنا منه حتى بَشِمْنا، وبخاصة حين طلب الإيرانيون يوما من صدام حسين أن يسمح لقواتهم بالمرور خلال أرض العراق فى طريقها إلى فلسطين للدفاع عن أهلها فوافق الرجل فى الحال، فما كان منهم إلا أن حَرَنوا قائلين إنه ينوى أن يضربهم فى ظهورهم أثناء مرورهم! وهى حجة داحضة تافهة، وإلا فلماذا طلبوا منه مثل هذا الطلب أصلا ماداموا غير مطمئنين إليه؟ كما قرأنا فى الفترة الأخيرة أخبار التصريحات التى قام بها نائب الرئيس الإيرانى فى التاسع عشر من يوليه 2008م، تلك التصريحات التى ذكر خلالها أن "إيران صديقة الشعب الإسرائيلى"، وتمنيه مجىء اليوم الذي لا يحتاج فيه الإسرائيليون الحصول على تأشيرات لدخول إيران، وكذلك تصريحات الرئيس الإيرانى ذاته لصحيفة نيوريوك ديلى نيوز الأمريكية في الرابع عشر من سبتمبر من ذات العام حين أكد استعداد بلاده للاعتراف بالكيان الصهيونى. اللهم إلا إذا ثبت أن هذه التصريحات وتلك غير صحيحة! إننى رغم هذا كله لا أنحاز أبدا لأمريكا أو لإسرائيل ضد الإيرانيين رغم ما يتهمهم به الكثيرون من أنهم ضالعون مع الأمريكان مثلا فى احتلال أفغانستان والعراق، وإن لم يبوؤوا وحدهم بإثم هذا التعاون، وهو إثم رهيب وشنيع، بل يبوء معهم أيضا معظم حكام المنطقة السنيين به وبمشاركتهم فى حصار غزة لتركيعها فى الوقت الذى يضعون أيديهم فى أيدى السفاحين الصهاينة. أما حزب الله فإنه، رغم كل شىء، قد أجبر الصهاينة على اللجوء إلى المخابئ لأول مرة فى مواجهتهم لأى طرف عربى ولفترة طويلة من الزمن رغم أنه ليس جيشا كبقية الجيوش، بل أقرب إلى العصابات المحاربة، وأطلق رجاله على عدد من المدن الإسرائيلية الصواريخ التى زلزت قلوبهم، وإن كان صدام حسين قد فعلها من قبل حين أطلق بضع عشرات منها على تل أبيب فى حرب الخليج الأولى، إلا أنه لم تكن ثم مواجهة مباشرة بينه وبين الإسرائيليين، كما جاء إطلاق الصواريخ من وحى اللحظة لدن العدوان الأمريكى الأول على أرض الرافدين، علاوة على أنه لم يستمر. كذلك لقن حزب الله الدبابات الصهيونية درسا لا يمكنها أن تنساه مدى الحياة. سيقول المتّهِمون لحزب الله إن إسرائيل، بسبب ما فعله الحزب، قد دمرت الجنوب اللبنانى ودخلته القوات الأوربية وتمركزت هناك بحجة الحيلولة بين الطرفين. وهذا رغم صحته لا ينفى أن حزب الله قد أبلى بلاء عظيما. ثم إن إسرائيل قد مردت على ضرب الجنوب اللبنانى وغيره كلما عَنَّ لها ذلك دون أن يعترض طريقها معترض، وكانت تحتل هذا الجنوب لفترة طويلة قبل أن يُكْرِهها حزب الله على الخروج منه تجرر أذيال الهزيمة والخزى. كما لا يقلل من هذا البلاء ما قيل من أن الحزب إنما يعمل بوحى من مصلحة الإيرانيين لشغل الغرب عن البرنامج النووى الإيرانى بعض الوقت. بل إنى لأرى أن هذا البرنامج، إذا صح ما نسمعه من أن إيران قد تقدمت فى هذا المجال تقدما عظيما، هو مفخرة لهم لا يقلل منها أنهم قد يستخدون السلاح النووى يوما فى إخضاع المنطقة لنفوذهم، إذ السؤال هو: ولماذا لم تهتم الدول السنية المجاورة لإيران بالوصول فى هذا المجال إلى ما وصلت إليه إيران؟ أقول هذا كيلا يتمحك متمحك فى الكلام السخيف عن فتنة التحريش بين السنة والشيعة.
وقد كتب أحد المعلقين الشيعة قائلا إنه حريص على الوحدة بين طائفتى السنة والشيعة، اللتين وصفهما بأنهما جناحا الأمة، وبدونهما لا تستطيع الأمة الطيران. وهذا نص كلامه: "وأنا هنا لست في مقام الرد وإظهار الحقائق لأن ماذكرته لا يستحق ذلك! فضلا عن أنه مردود عليه من قبل علماء الطائفتين المسلمتين :سنة وشيعة. ولكن أنا أريد أن أزودك والقارئين الأعزاء، ولمن أراد الحقيقة والإستفادة، للمقال ببعض الكتب المفيدة جدا راجيا من الجميع الرجوع لها وقرائتها، وهي: 1-كتاب "خمسون ومائة صحابي مختلق" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 2-كتاب "معالم المدرستين" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 3- كتاب "أحاديث أم المؤمنين عائشة" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 4- كتاب " شيخ المضيرة أبو هريرة" الداعية المربي المجاهد محمود أبو رية المصري 5- كتاب "أضواء على السنة المحمدية" للداعية المربي المجاهد محمود أبو رية المصري". فكتبت ردا على هذا التعليق أقول فيه: "أشكرك على تعليقك المملوء حبا (!) للوحدة بين الشيعة والسنة رغم أننى، كما قلت، أعد نفسى مسلما وكفى. لكن ألا ترى أنك بطريقتك هذه لا تبنى وحدة ولا تريدها؟ يُشْتـــَم أبو هريرة وعائشة ويُنَال منهما فيُوصَف هذا بأنه حفاظ على الوحدة الإسلامية، أما أن ينبّه منبه إلى مجافاة الأدب فى هذا الأمر فإن عمله يوصف حينئذ بأنه تفتيت للوحدة. على كل حال أرجو أن أقرأ بعض الكتب المشار إليها هنا، وإذا وجدتُ فيها ما يستحق التعقيب فلعل الله يساعدنى على أن أكتب كلمة. أما تطاولك على العبد الضعيف فإننى أسامحك عليه، على الأقل: هذه المرة".
وبعد قليل جاء تعليقه الثانى علىَّ هكذا: "بسمه تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الإستاذ العزيز إبراهيم عوض، أرجو أن تكون بصحة وعافية وأدعوا الله لك وللجميع بالخير والبركة في كل حياته ومماته. أخي وحبيبي، أرجو أن تعيد قراءة ماكتبته لك فأنا، وأعوذ بالله، لم أتطاول عليك في كتابي، وأعوذ بالله أن أتطاول على أنسان فضلا عن أنه مسلم، "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". فأين هو التطاول؟ ومع هذا إن كنتُ فعلت ذلك "فعلتها إذن وأنا من الضالين"، فأرجوا أن تسامحني! أما مايتعلق بالوحدة الإسلامية فهذا أمر مطلوب وندعوا له وهذا لا يعني أن أتنازل عما أؤمن به أو تتنازل أنت عما تؤمن به. ولا نعني بالوحدة الإسلامية أن يتخلى كل ذي مذهب عن فكره واجتهاده الذي يطمئن إليه بل نقصد من وراء ذلك إلى الوحدة في الموقف والتلاحم بين الصفوف والتنسيق في العمل وبذل الجهود في مواجهة التحديات التاريخية والحضارية التي تواجه الأمة وتكتنف مسيرتها وتحيط بها من كل جانب. ويلزم التمهيد لذلك بعاملين: الأول: استساغة تعدد النظر وتباين الآراء باعتبارهما أمرين فطريين ناشئين عن تفاوت الأفهام بين البشر ومحاولة إيجاد صيغة للالتقاء بينها. الثاني: جعل المصلحة العليا للإسلام الهدف الأسمى من وراء كل تحرك ونشاط. ومن هذا المنطق أردنا أن نسلك هذا الدرب الرسالي في إرساء دعائم التلاحم والتقارب بين المذهبين العريقين والإخوة المتحابين من الشيعة والسنة حتى تسير الأمة في إطارها الوحدوي المرسوم لها من قبل الله عز وجل: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء/ 92)، "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" (المؤمنون/ 52). وقد سار في هذه السبيل الراشدة، وبخاصة في المجال الفقهي، بعض السادة الفضلاء والأساتذة الأجلاء الذين أثروا بكتاباتهم القيمة الفكر الإسلامي وأخذوا على عاتقهم تبعة توحيد صفوف الأمة ونظم عقد اجتماعها وتقريب وجهات النظر فيما بينها.
فهذا الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله عندما كان شيخا للأزهر يقول في فتواه التاريخية التي أصدرها: قيل لفضيلته إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة، وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مثلا؟ فأجاب فضيلته: 1- إن الإسلام لا يوجب على أحد اتباع مذهب معين بل نقول: إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة. ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره، أي مذهب كان، ولا حرج عليه في شئ من ذلك. 2- إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة. فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة. فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالجميع مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات. ولا شك أن هذه الفتوى التاريخية كان لها صدى واسع ودور بالغ في إصلاح ذات البين وفتح باب التقارب والتجاوب بين المسلمين.
ويقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ( الإمام الصادق ص 16): "وأن المسائل التي يتخلف فيها الفقه الإمامي نجد من بينها حتما ما يتفق مع رأي الجمهور، ونجد ما لا يوافق الجمهور، وليس فيه معارضة لكتاب أو سنة، نجد له وجهة معقولة يقبلها الدارس الفاحص كقولهم بجواز إنهاء الوقف وتقسيمه بين المستحقين إذا طلبه بعضهم ولو كان الوقف مرتب الطبقات. وقد ذكرنا في بعض بحوثنا أن القانون (رقم 180 لسنة 1952) الذي أنهى الوقف الأهلي يتلاقى مع ذلك الرأي الذي نص عليه في فقه الإمامية وأن الأقوال التي نرى أنها تخالف إجماع جماهير المسلمين ليست كثيرة. ولهذا نقرر أن الفقه الاثني عشريا ليس بعيدا كل البعد عن فقه أئمة الأمصار". ويقول أيضا عند حديثه عن البلاد التي ينتشر فيها التشيع ( ص 567): "إن أكثر البلاد الإسلامية، وخصوصا النائية عن البلاد العربية، فيها تشيع بفئات كبيرة أو أعداد صغيرة، ولكنه في مجموعه لا يكون كثرة إسلامية ولا عددا قريبا من الكثرة المطلقة، وإن كان عددا كبيرا في جملته. فالكثرة الكبيرة سنية بلا ريب. وإننا نأمل أن يندمج الجميع في وحدة شاملة لا تكون فيها كثرة وقلة طائفية، بل يكون فيها جمع موحد. وإن كانت فيه مذاهب مختلفة وتفسيرات للشريعة في دائرة المقررات الشرعية متعددة فتعدد التفسيرات في دائرة المقررات الإسلامية دليل على الحيوية الفكرية، والانقسام إلى طوائف دليل على التفرق والانقسام، والفرق بين الأمرين عظيم".
ويقول الأستاذ المستشار عبد الحليم الجندي في كتابه: "الإمام الصادق" (ص 3): "فقد تأكد في كتابنا: "توحيد الأمة العربية" أن "الوحدة القانونية" هي الطريقة المثلى لربط المسلمين في شتى أقطارهم بتشريع إسلامي شامل تتضاءل دونه التشريعات المعاصرة في الغرب أو في الشرق. والفقه "الشيعي" واحد من النهرين اللذين تسقى منهما حضارة أهل الإسلام، وإليه لجأ الشارع المصري في هذا القرن لإجراء إصلاحات ذات بال في نظم الأسرة المصرية. والإمام جعفر الصادق يقف شامخا في قمة فقه أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهو في الفقه إمام، وحياته للمسلمين إمام. والمسلمون اليوم يلتمسون في كنوزهم الذاتية مصادر أصلية للنهضة مسلمة غير مخلطة ولا مستوردة". ويقول (ص 6): "فالكتاب الحالي يبلغ غرضه إذا كان صوتا يدعو للوحدة. والمسلمون تجمعهم أصول فكرية واحدة، وإن اختلفت الفروع أو تعددت الآراء. وفي تعدد الآراء ثراء". وأعود وأقول أن نقد الذات هو الخطوة الأولى لتصحيح مسار الشخص. "وإنا أو أياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين".
كَـــأَنَّ قُلُــوبَ الطَّيْـرِ رَطْبًا وَيابِسًا * لَدَى وَكْرِهَا الْعُنّابُ وَالحَشَفُ الْبالي".
ويلاحظ القارئ أن الأستاذ المعلق قد نفى أن يكون قد تطاول علىّ، ولكن هل هو فعلا لم يتطاول على العبد لله؟ فماذا نسمى إذن مثل تلك الكلمات: "وأنا هنا لست في مقام الرد وإظهار الحقائق لأن ما ذكرته لا يستحق ذلك! فضلا عن أنه مردود عليه من قِبَل علماء الطائفتين المسلمتين سنة وشيعة"؟ ثم كيف نفهم أيضا الفقرة التالية التى يزودنا فيها بكتب تنال من أبى هريرة وعائشة: "ولكن أنا اريد أن أزودك والقارئين الأعزاء، ولمن أراد الحقيقة والإستفادة، للمقال ببعض الكتب المفيدة جدا راجيا من الجميع الرجوع لها وقرائتها، وهي: 1- كتاب "خمسون ومائة صحابي مختلق" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 2- كتاب "معالم المدرستين" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 3- كتاب "أحاديث أم المؤمنين عائشة" للمحقق المعروف السيد مرتضى العسكري 4- كتاب "شيخ المضيرة أبو هريرة" الداعية المربي المجاهد محمود أبو رية المصري 5-كتاب "أضواء على السنة المحمدية" الداعية المربي المجاهد محمود أبو رية المصري"؟
وإذا كان قد أورد كلام الشيخ شلتوت والشيخ أبو زهرة والمستشار الجندى وترحم عليهم بما يفيد أنه لا يجد فرقا فى الإسلام بين سنى وشيعى، فهل هو ينظر إلى عائشة وحفصة وأبى بكر وعمر وعثمان وأبى هريرة وسائر الصحابة بنفس العين التى يريد منا أن ننظر بها إلى الشيعة؟ إن أهل السنة، كما هو معروف، لا يمكن أن ينالوا من على وفاطمة والحسنين وأى صحابى من شيعة على كرم الله وجهه، فهل من المرجو أن يبادلهم الشيعة بدورهم احتراما لرموزهم، ولا يفكروا فى أن يمسوا أيا منهم بسوء؟ إننى لا أسأله عن رأيه هو فقط، بل عن رأى الشيعة أجمعين. وأنا لا أريد من أى من الطرفين أن يقدّم أكثر مما يقدّم الطرف الاخر، بل أطالب الشيعة بما أعرف ويعرف كل إنسان أن أهل السنة يلتزمون به. فماذا هو قائل؟ وماذا هم قائلون؟ كذلك لا بد من التنبيه إلى أن ما قاله شلتوت وأبو زهرة والجندى إنما يقتصر على العبادات والمعاملات الاقتصادية وما إلى هذا، وإلا فهل يقبل هؤلاء العلماء زواج المتعة مثلا؟ ودعنا من وجوب الإيمان بولاية علىٍّ وذريته بوصفها ركنا من أركان الدين لا يتم الإسلام إلا به. أما السِّبَاب والبذاء الذى يبوء به معظم الصحابة من أفواه الشيعة فلا أظن أولئك العلماء ينظرون إليه إلا بوصفه مناقضا لحب النبى ودينه، ولا أزيد!
وبمناسبة هذا الكلام أود أن أنبه إلى أن عبارة "أهل البيت"، التى يظن الشيعة أنها لا تشمل زوجات النبى عليه السلام، إنما تشمل أول ما تشمل هؤلاء الزوجات بنص القرآن الكريم، إذ جاء فى خطاب الملائكة لسارة زوجة الخليل عليه السلام: "قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ" (هود/ 73). فلماذا نقبل هذا التفسير هنا وننكره فى خطاب المولى سبحانه لأمهات المؤمنين فى سورة "الأحزاب" على ما سوف يأتى بيانه؟ وكيف تكون زوجة الرجل غير معدودة من "أهل بيته"، وهى نفسها "أهله"؟ وهذا موجود فى عدة مواضع من القرآن الكريم والسنة النبوية. ومنه أيضا الحديث التالى الموجود فى "الكافى" ذاته: "أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ أَتَى أَهْلَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَالَ لا بَأْسَ". أما الحديث التالى فمن الواضح أن "أهل البيت" هن زوجات الرجل، على الأقل: فى المقام الأول، إذ قد عُطِف عليهن أولاده، بما يفيد أن المقصود بهذا التعبير الزوجات أولا: "وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ وعاشُورَاءَ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ تَاسُوعَاءُ يَوْمٌ حُوصِرَ فِيهِ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) واصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِكَرْبَلاءَ واجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَيْلُ أَهْلِ الشَّامِ وانَاخُوا عَلَيْهِ وفرِحَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وعمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِتَوَافُرِ الْخَيْلِ وكثْرَتِهَا واسْتَضْعَفُوا فِيهِ الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ واصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وايْقَنُوا أَنْ لا يَأْتِيَ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) نَاصِرٌ ولا يُمِدَّهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِي الْمُسْتَضْعَفُ الْغَرِيبُ ثُمَّ قَالَ وامَّا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَيَوْمٌ أُصِيبَ فِيهِ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) صَرِيعاً بَيْنَ أَصْحَابِهِ واصْحَابُهُ صَرْعَى حَوْلَهُ عُرَاةً أَفَصَوْمٌ يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَلا وربِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ مَا هُوَ يَوْمَ صَوْمٍ وما هُوَ إِلا يَوْمُ حُزْنٍ ومصِيبَةٍ دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاءِ واهْلِ الأرْضِ وجمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ويوْمُ فَرَحٍ وسرُورٍ لابْنِ مَرْجَانَةَ والِ زِيَادٍ واهْلِ الشَّامِ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وعلَى ذُرِّيَّاتِهِمْ وذلِكَ يَوْمٌ بَكَتْ عَلَيْهِ جَمِيعُ بِقَاعِ الأرْضِ خَلا بُقْعَةِ الشَّامِ فَمَنْ صَامَهُ أَوْ تَبَرَّكَ بِهِ حَشَرَهُ اللَّهُ مَعَ آلِ زِيَادٍ مَمْسُوخُ الْقَلْبِ مَسْخُوطٌ عَلَيْهِ ومنِ ادَّخَرَ إِلَى مَنْزِلِهِ ذَخِيرَةً أَعْقَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى نِفَاقاً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وانْتَزَعَ الْبَرَكَةَ عَنْهُ وعنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَوُلْدِهِ وشارَكَهُ الشَّيْطَانُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ". ثم مَنْ هم أهل بيت على رضى الله عنه يا ترى؟ ألا تدخل فيه فاطمة زوجته؟ أم هل هى مبعدة عنه؟
وقد سمى القرآن الكريم زوجات النبى صلى الله عليه وسلم أثناء خطابه لهن فى سورة "الأحزاب" بــ"أهل البيت"، وإن كان مفسرو الشيعة يلجأون إلى أساليب غاية فى العجب والغرابة يلوون بها النص القرآنى ويمزقون آياته ويتجاهلون سياقه كى يبعدوهن عن شىء هن أول من ينطبق عليهن، وإنْ رَغِمَتْ أنوف وعيون! وهذا هو النص المذكور: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)"، وهو واضح المعنى حتى للأعمى البصر. أما الأعمى البصيرة فهذا َأَمْرُه أَمْرٌ!
وبمناسبة هذا الكلام أيضا نسوق هذين الحديثين من كتاب "الكافى" للكلينى، وفيهما أن النبى، مَثَلُه مَثَلُ جميع الأنبياء، لم يورِّث درهما ولا دينارا، بل ورَّث العلم والهدى فحسب، وهو ما يدل على أن اتهام الشيعة للصديق بأنه ظلم فاطمة الزهراء رضى الله عنها رضا واسعا حين رفض أن يدفع لها ما تريده من ميراث أبيها عليه الصلاة والسلام هو اتهام لا أساس له ولا معنى. وقد ورد هذان الحديثان فى باب "ثواب العالم والمتعلم"، وهذان هما: "إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً ولكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ"، "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وعلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ومحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ وعلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وانَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ وانَّهُ يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً ولَكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ".
ولا ريب أن هذين الحديثين يضربان موقف الشيعة من أبى بكر رضى الله عنه فى الصميم، إذ إن ما جاء فيهما هو نفسه ما قاله الصديق حين طُلِبَ منه أن يعطى الزهراء رضى الله عنها ميرائها المالى من أبيها فأكد أنه سمع الرسول يقول: "نحن معاشر الأنبياء لا نُورَث. ما تركناه صدقة". ومع هذا فإنه، رضى الله عنه وعن فاطمة رضا واسعا عريضا، لم يسلم من ألسنتهم منذ ذلك الحين إلى يوم الناس هذا، ونرجو أن يكفوا أذاهم عنه ما داموا قد رَوَوْا بسلاسل إسنادهم الحديثين الفائتين اللذين لا يختلفان عما قاله هو عن ميراث النبى عليه الصلاة والسلام. ونرجو أن ينظر الفريقان إلى الخلاف بين الصِّدّيق وعمر وبين علىّ باعتباره اختلافا فى الاجتهاد، ومن ثم لا حرج عليهما حتى لو قال الشيعة إنهما لم يصيبا المراد باجتهادهما هذا. إننى طبعا لا أخطئهما للحظة واحدة، لكنى أحاول أن أساهم فى إطفاء تلك النار المشتعلة بين جناحى الأمة منذ قرون وقرون. فهل أنجح؟ لا أظن ذلك، بل كل ما أطمع فيه أن أكون قد قدمت شيئا يمكن التفكر فيه، وقد يؤدى يوما إلى تخفيف الاحتقان الخطير بين الفريقين. قل: يا رب!
أما قول المعلق الذى أطلق على نفسه لقب "شيعى": "وأما حملك الأحاديث غير المعقولة لأبي هريرة على المجاز فهو تهرب من نقدها، خصوصا وإنها حولت الدين الى قصص فولكلورية"، فرَدِّى عليه هو أننى لم أقل إن كل الأحاديث المنسوبة إلى أبى هريرة ولا يمكن حملها على الحقيقة ينبغى أن تحمل على المجاز، بل الذى فعلته هو أننى طبقت هذا المبدأ على بعض أحاديثه فقط رضى الله عنه. كما قلت إن من الممكن أن تكون هناك أحاديث حُمِلَتْ عليه خطأ أو كذبا، مستبعدا أن يَكْذِب صحابى جليل كأبى هريرة لم يقل النبى عليه الصلاة والسلام فى حقه كلمة سيئة واحدة على رغم توافر الدواعى التى تدفع إلى هذا لو كان، رضى الله عنه، معيبا كما يحاول الشيعة أن يجعلوه، حاشا لله!
لكنْ ما دمنا قد وصلنا إلى هذه النقطة فهأنذا أُورِد من كتاب "الكافى" عددا من الأحاديث التى لا يمكن أن تصنَّف إلا فى هذا الباب، باب الخرافات: فمن ذلك مثلا الحديث الذى يزعم راويه أن سفينة نوح جاءت إلى البيت الحرام (طبعا قبل أن يبنيه إبراهيم وإسماعيل لأن نوحا سبقهما فى التاريخ!) وطافت حوله سبعا: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) إِنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ كَانَتْ مَأْمُورَةً طَافَتْ بِالْبَيْتِ حَيْثُ غَرِقَتِ الأرْضُ ثُمَّ أَتَتْ مِنًى فِي أَيَّامِهَا ثُمَّ رَجَعَتِ السَّفِينَةُ وكانَتْ مَأْمُورَةً وَ طَافَتْ بِالْبَيْتِ طَوَافَ النِّسَاء" (طبعا لأنها "سفينة"، أى مؤنثة، فلذلك طافت طواف النساء. ولو سماها الراوى: "مَرْكَبًا"، أى خلع عليها اسما مذكرا، لطوّفها طواف الرجال! ما علينا!)، "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يُحَدِّثُ عَطَاءً قَالَ كَانَ طُولُ سَفِينَةِ نُوحٍ أَلْفَ ذِرَاعٍ ومائَتَيْ ذِرَاعٍ وعرْضُهَا ثَمَانَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَطُولُهَا فِي السَّمَاءِ مِائَتَيْنِ ذِرَاعاً وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وسعَتْ بَيْنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ".
وكذلك الحديث الذى يقول ملفقه إن كلا من آدم وموسى وعيسى وداود وسبعين من أنبياء بنى إسرائيل قد ذهبوا إلى مكة وزاروا بيت الله الحرام وأَدَّوْا فريضة الحج، رغم أنهم لم يكونوا عربا ولا كانوا من سكان بلاد العرب ولا ذكر القرآن أو ذكرت كتبهم عن أى منهم أنه ذهب إلى مكة، فضلا عن أن يكون قد أدى فريضة الحج: "عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَرَّ مُوسَى النَّبِيُّ (عليه السلام) بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ خِطَامُهُ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِيَّتَانِ وهوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ يَا كَرِيمُ لَبَّيْكَ قَالَ ومرَّ يُونُسُ بْنُ مَتَّى بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ وهوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ كَشَّافَ الْكُرَبِ الْعِظَامِ لَبَّيْكَ قَالَ ومرَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ وهوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ عَبْدُكَ ابْنُ أَمَتِكَ لَبَّيْكَ ومرَّ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ وهوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ ذَا الْمَعَارِجِ لَبَّيْكَ"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ أَحْرَمَ مُوسَى (عليه السلام) مِنْ رَمْلَةِ مِصْرَ قَالَ ومرَّ بِصِفَاحِ الرَّوْحَاءِ مُحْرِماً يَقُودُ نَاقَتَهُ بِخِطَامٍ مِنْ لِيفٍ عَلَيْهِ عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِيَّتَانِ يُلَبِّي وتجِيبُهُ الْجِبَالُ"، "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ حَجَّ الْبَيْتَ فِي الْجِنِّ والأنْسِ والطَّيْرِ والرِّيَاحِ وكسَا الْبَيْتَ الْقَبَاطِيَّ "، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ صَلَّى فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ سَبْعُمِائَةِ نَبِيٍّ وانَّ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ والْمَقَامِ لَمَشْحُونٌ مِنْ قُبُورِ الأنْبِيَاءِ وانَّ آدَمَ لَفِي حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ"، "أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ حَجَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ (عليه السلام) ومعَهُ سَبْعُونَ نَبِيّاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ خُطُمُ إِبِلِهِمْ مِنْ لِيفٍ يُلَبُّونَ وتجِيبُهُمُ الْجِبَالُ وعلَى مُوسَى عَبَاءَتَانِ قَطَوَانِيَّتَانِ يَقُولُ لَبَّيْكَ عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلادِ عَنْ أَبِي بِلالٍ الْمَكِّيِّ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) دَخَلَ الْحِجْرَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ فَقَامَ يُصَلِّي عَلَى قَدْرِ ذِرَاعَيْنِ مِنَ الْبَيْتِ فَقُلْتُ لَهُ مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ يُصَلِّي بِحِيَالِ الْمِيزَابِ فَقَالَ هَذَا مُصَلَّى شَبَّرَ وشبِيرٍ ابْنَيْ هَارُونَ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ دُفِنَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ والْحَجَرِ الأسْوَدِ سَبْعُونَ نَبِيّاً أَمَاتَهُمُ اللَّهُ جُوعاً وضرّاً" (لماذا يا ترى كُتِبَتْ عليهم هذه الموتة؟)، "أَبُو عَلِيٍّ الأشْعَرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ دَاوُدَ لَمَّا وَقَفَ الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ وكثْرَتِهِمْ فَصَعِدَ الْجَبَلَ فَأَقْبَلَ يَدْعُو فَلَمَّا قَضَى نُسُكَهُ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ يَا دَاوُدُ يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ لِمَ صَعِدْتَ الْجَبَلَ ظَنَنْتَ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ ثُمَّ مَضَى بِهِ إِلَى الْبَحْرِ إِلَى جُدَّةَ فَرَسَبَ بِهِ فِي الْمَاءِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فِي الْبَرِّ فَإِذَا صَخْرَةٌ فَفَلَقَهَا فَإِذَا فِيهَا دُودَةٌ فَقَالَ لَهُ يَا دَاوُدُ يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ أَنَا أَسْمَعُ صَوْتَ هَذِهِ فِي بَطْنِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فِي قَعْرِ هَذَا الْبَحْرِ فَظَنَنْتَ أَنَّهُ يَخْفَى عَلَيَّ صَوْتُ مَنْ صَوَّتَ".
ومنها أيضا الحديث الذى جاء فيه أن النبى عليه الصلاة والسلام قد أعاد الشمس إلى الأفق بعد غروبها حتى يصلّى على بن أبى طالب فريضة العصر التى كانت قد فاتته، أما هو صلى الله عليه وسلم فلم يصلها لا أداءً ولا قضاءً!: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وابُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَسْجِدَ الْفَضِيخِ فَقَالَ يَا عَمَّارُ تَرَى هَذِهِ الْوَهْدَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَتِ امْرَأَةُ جَعْفَرٍ الَّتِي خَلَفَ عَلَيْهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَاعِدَةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ومعَهَا ابْنَاهَا مِنْ جَعْفَرٍ فَبَكَتْ فَقَالَ لَهَا ابْنَاهَا مَا يُبْكِيكِ يَا أُمَّهْ قَالَتْ بَكَيْتُ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالا لَهَا تَبْكِينَ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ولا تَبْكِينَ لأبِينَا قَالَتْ لَيْسَ هَذَا هَكَذَا ولكِنْ ذَكَرْتُ حَدِيثاً حَدَّثَنِي بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَبْكَانِي قَالا وما هُوَ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا وامِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِي تَرَيْنَ هَذِهِ الْوَهْدَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كُنْتُ أَنَا ورسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَاعِدَيْنِ فِيهَا إِذْ وَضَعَ رَأْسَهُ فِي حَجْرِي ثُمَّ خَفَقَ حَتَّى غَطَّ وحضَرَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُحَرِّكَ رَأْسَهُ عَنْ فَخِذِي فَأَكُونَ قَدْ آذَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ وفاتَتْ فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ يَا عَلِيُّ صَلَّيْتَ قُلْتُ لا قَالَ ولمَ ذَلِكَ قُلْتُ كَرِهْتُ أَنْ أُوذِيَكَ قَالَ فَقَامَ واسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ومدَّ يَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا وقالَ اللَّهُمَّ رُدَّ الشَّمْسَ إِلَى وَقْتِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلِيٌّ فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ إِلَى وَقْتِ الصَّلاةِ حَتَّى صَلَّيْتُ الْعَصْرَ ثُمَّ انْقَضَّتْ انْقِضَاضَ الْكَوْكَبِ". أى أن الرسول نام نهارا لعدة ساعات دون أن يستيقظ لصلاة العصر، ومعنى ذلك أنه كان ثقيل النوم جدا ولا يتمتع بأية حساسية تجاه وقت الصلاة، أستغفر الله. كما أن الرسول لم يصل العصر، بل علىٌّ فقط. وثَمَّ سؤال يلح على عقلى هو: ألم يشاهد هذه المعجزة الكونية التى ملأت الآفاق أحد فيخبرنا بها غير على كرم الله وجهه؟ لقد وقع ذلك فى المدينة بطبيعة الحال بين المسلمين، حيث لا يمكن أن يجحد أحد هذه الآية وينكرها فلا يذكرها.
ومن هذا الوادى كذلك الحديث الذى يدعى صانعه أن الزمن يسرع ويبطئ حسب الظروف!: "جَعْفَرٌ عَنْ عَنْبَسَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ ذِكْرُهُ إِذَا أَرَادَ فَنَاءَ دَوْلَةِ قَوْمٍ أَمَرَ الْفَلَكَ فَأَسْرَعَ السَّيْرَ فَكَانَتْ عَلَى مِقْدَارِ مَا يُرِيدُ". ومثله الأحاديث الخرافية التالية: "عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صلى الله عليه وآله) فَسَقَطَ شُرْفَةٌ مِنْ شُرَفِ الْمَسْجِدِ فَوَقَعَتْ عَلَى رَجُلٍ فَلَمْ تَضُرَّهُ واصَابَتْ رِجْلَهُ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) سَلُوهُ أَيَّ شَيْ‏ءٍ عَمِلَ الْيَوْمَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ خَرَجْتُ وفي كُمِّي تَمْرٌ فَمَرَرْتُ بِسَائِلٍ فَتَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ بِتَمْرَةٍ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) بِهَا دَفَعَ اللَّهُ عَنْكَ". فهل هناك بالله من يصدق شيئا من هذا العبث؟ أم هل هناك من يصدق أن مريم عليها السلام قد ذهبت إلى الكوفة وأكلت من نخلة هناك، وأن هذه النخلة ظلت كما هى تثمر من لدن ذلك الوقت حتى زمن أبى عبد الله كما جاء فى الحديث التالى؟: "عن حَفْصٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَتَخَلَّلُ بَسَاتِينَ الْكُوفَةِ فَانْتَهَى إِلَى نَخْلَةٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا ثُمَّ رَكَعَ وسجَدَ فَأَحْصَيْتُ فِي سُجُودِهِ خَمْسَمِائَةِ تَسْبِيحَةٍ ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى النَّخْلَةِ فَدَعَا بِدَعَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا حَفْصٍ إِنَّهَا واللَّهِ النَّخْلَةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ وعزَّ لِمَرْيَمَ (عليها السلام) وهزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا".
ثم هذه الأحاديث العجيبة: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي الْعَلاءِ الشَّامِيِّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي زِيَادٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَطْعِمُوا حَبَالاكُمُ اللُّبَانَ فَإِنَّ الصَّبِيَّ إِذَا غُذِّيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِاللُّبَانِ اشْتَدَّ قَلْبُهُ وزيدَ فِي عَقْلِهِ فَإِنْ يَكُ ذَكَراً كَانَ شُجَاعاً وانْ وُلِدَتْ أُنْثَى عَظُمَتْ عَجِيزَتُهَا فَتَحْظَى بِذَلِكَ عِنْدَ زَوْجِهَا"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الأشْعَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ الْفِيلُ مَسْخٌ كَانَ مَلِكاً زَنَّاءً والذِّئْبُ مَسْخٌ كَانَ أَعْرَابِيّاً دَيُّوثاً والأرْنَبُ مَسْخٌ كَانَتِ امْرَأَةً تَخُونُ زَوْجَهَا ولا تَغْتَسِلُ مِنْ حَيْضِهَا والْوَطْوَاطُ مَسْخٌ كَانَ يَسْرِقُ تُمُورَ النَّاسِ والْقِرَدَةُ والْخَنَازِيرُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ والْجِرِّيثُ والضَّبُّ فِرْقَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُؤْمِنُوا حَيْثُ نَزَلَتِ الْمَائِدَةُ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ (عليه السلام) فَتَاهُوا فَوَقَعَتْ فِرْقَةٌ فِي الْبَحْرِ وفرْقَةٌ فِي الْبَرِّ والْفَأْرَةُ فَهِيَ الْفُوَيْسِقَةُ والْعَقْرَبُ كَانَ نَمَّاماً والدُّبُّ والزُّنْبُورُ كَانَتْ لَحَّاماً يَسْرِقُ فِي الْمِيزَانِ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) قَالَ الطَّاوُسُ مَسْخٌ كَانَ رَجُلاً جَمِيلاً فَكَابَرَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ تُحِبُّهُ فَوَقَعَ بِهَا ثُمَّ رَاسَلَتْهُ بَعْدُ فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وجلَّ طَاوُسَيْنِ أُنْثَى وذكَراً ولا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ولا بَيْضُهُ" (معنى ذلك أن الله لم يخلق فى بداءة الأمر سوى البشر، أما الحيوانات والطيور فهى بشر قد مسخهم الله تعالى عقوبة لهم)، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الطِّينُ حَرَامٌ كُلُّهُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ومنْ أَكَلَهُ ثُمَّ مَاتَ فِيهِ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ إِلا طِينَ الْقَبْرِ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ومنْ أَكَلَهُ لِشَهْوَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شِفَاءٌ" (فلنغلق كليات الطب وعيادات الأطباء إذن، ومعها الصيدليات بالمرة!)، "عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الطِّينِ فَقَالَ أَكْلُ الطِّينِ حَرَامٌ مِثْلُ الْمَيْتَةِ والدَّمِ ولحْمِ الْخِنْزِيرِ إِلا طِينَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وامْناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ"، "عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ ومحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِنَا يُكَنَّى أَبَا الْحَسَنِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعَالَى خَلَقَ دِيكاً أَبْيَضَ عُنُقُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ ورجْلاهُ فِي تُخُومِ الأرْضِ السَّابِعَةِ لَهُ جَنَاحٌ فِي الْمَشْرِقِ وجنَاحٌ فِي الْمَغْرِبِ لا تَصِيحُ الدُّيُوكُ حَتَّى يَصِيحَ فَإِذَا صَاحَ خَفَقَ بِجَنَاحَيْهِ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ قَالَ فَيُجِيبُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعَالَى فَيَقُولُ لا يَحْلِفُ بِي كَاذِباً مَنْ يَعْرِفُ مَا تَقُولُ" (دِيكٌ بهذه الضخامة العالمية، ولا نراه أو نسمع صياحه وتسبيحه؟ يا حرام!).
ونمضى فى هذا السبيل، سبيل الخرافات التى ينسبونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو منها برىء. ولا أزعم أن كتب الحديث السنية تخلو من أمثال الأحاديث التالية، فهذا لا يمكن أن يقول به من له اتصال بكتب الحديث، إلا أننا ننتقدها فى تلك الكتب ولا نقبلها، لكننا مع ذلك لا نقول إن الصحابة هم الذين عزَوْها إلى رسول الله بل الرواة الذين جاؤوا بعدهم، وهو ذاته ما نجرى عليه هنا مع الأحاديث الشيعية فيما نقرؤه من كتاب "الكافى": "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ جَاءَتْ زَيْنَبُ الْعَطَّارَةُ الْحَوْلاءُ إِلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) وبنَاتِهِ وكانَتْ تَبِيعُ مِنْهُنَّ الْعِطْرَ فَجَاءَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) وهيَ عِنْدَهُنَّ فَقَالَ إِذَا أَتَيْتِنَا طَابَتْ بُيُوتُنَا فَقَالَتْ بُيُوتُكَ بِرِيحِكَ أَطْيَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا بِعْتِ فَأَحْسِنِي ولا تَغُشِّي فَإِنَّهُ أَتْقَى وابْقَى لِلْمَالِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَتَيْتُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ بَيْعِي وانَّمَا أَتَيْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ فَقَالَ جَلَّ جَلالُ اللَّهِ سَأُحَدِّثُكِ عَنْ بَعْضِ ذَلِكِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذِهِ الأرْضَ بِمَنْ عَلَيْهَا عِنْدَ الَّتِي تَحْتَهَا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهاتَانِ بِمَنْ فِيهِمَا ومنْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الَّتِي تَحْتَهَا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والثَّالِثَةُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّابِعَةِ وتلا هَذِهِ الأيَةَ خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ والسَّبْعُ الأرَضِينَ بِمَنْ فِيهِنَّ ومنْ عَلَيْهِنَّ عَلَى ظَهْرِ الدِّيكِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والدِّيكُ لَهُ جَنَاحَانِ جَنَاحٌ فِي الْمَشْرِقِ وجنَاحٌ فِي الْمَغْرِبِ ورجْلاهُ فِي التُّخُومِ والسَّبْعُ والدِّيكُ بِمَنْ فِيهِ ومنْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّخْرَةِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والصَّخْرَةُ بِمَنْ فِيهَا ومنْ عَلَيْهَا عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والسَّبْعُ والدِّيكُ والصَّخْرَةُ والْحُوتُ بِمَنْ فِيهِ ومنْ عَلَيْهِ عَلَى الْبَحْرِ الْمُظْلِمِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والسَّبْعُ والدِّيكُ والصَّخْرَةُ والْحُوتُ والْبَحْرُ الْمُظْلِمُ عَلَى الْهَوَاءِ الذَّاهِبِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ والسَّبْعُ والدِّيكُ والصَّخْرَةُ والْحُوتُ والْبَحْرُ الْمُظْلِمُ والْهَوَاءُ عَلَى الثَّرَى كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الأيَةَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأرْضِ وما بَيْنَهُما وما تَحْتَ الثَّرى ثُمَّ انْقَطَعَ الْخَبَرُ عِنْدَ الثَّرَى والسَّبْعُ والدِّيكُ والصَّخْرَةُ والْحُوتُ والْبَحْرُ الْمُظْلِمُ والْهَوَاءُ والثَّرَى بِمَنْ فِيهِ ومنْ عَلَيْهِ عِنْدَ السَّمَاءِ الأولَى كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهذَا كُلُّهُ وسمَاءُ الدُّنْيَا بِمَنْ عَلَيْهَا ومنْ فِيهَا عِنْدَ الَّتِي فَوْقَهَا كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهاتَانِ السَّمَاءَانِ ومنْ فِيهِمَا ومنْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الَّتِي فَوْقَهُمَا كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهذِهِ الثَّلاثُ بِمَنْ فِيهِنَّ ومنْ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الرَّابِعَةِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّابِعَةِ وهنَّ ومنْ فِيهِنَّ ومنْ عَلَيْهِنَّ عِنْدَ الْبَحْرِ الْمَكْفُوفِ عَنْ أَهْلِ الأرْضِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهذِهِ السَّبْعُ والْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ عِنْدَ جِبَالِ الْبَرَدِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وتلا هَذِهِ الأيَةَ وينَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ وهذِهِ السَّبْعُ والْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وجبَالُ الْبَرَدِ عِنْدَ الْهَوَاءِ الَّذِي تَحَارُ فِيهِ الْقُلُوبُ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهذِهِ السَّبْعُ والْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وجبَالُ الْبَرَدِ والْهَوَاءُ عِنْدَ حُجُبِ النُّورِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وهذِهِ السَّبْعُ والْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وجبَالُ الْبَرَدِ والْهَوَاءُ وحجُبُ النُّورِ عِنْدَ الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الأيَةَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ والأرْضَ ولا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وهوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وهذِهِ السَّبْعُ والْبَحْرُ الْمَكْفُوفُ وجبَالُ الْبَرَدِ والْهَوَاءُ وحجُبُ النُّورِ والْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ فِي فَلاةٍ قِيٍّ وتلا هَذِهِ الأيَةَ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [وَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ] الْحُجُبُ قَبْلَ الْهَوَاءِ الَّذِي تَحَارُ فِيهِ الْقُلُوبُ"، "عََنْهُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ الْحُوتَ الَّذِي يَحْمِلُ الأرْضَ أَسَرَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْمِلُ الأرْضَ بِقُوَّتِهِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ حُوتاً أَصْغَرَ مِنْ شِبْرٍ واكْبَرَ مِنْ فِتْرٍ فَدَخَلَتْ فِي خَيَاشِيمِهِ فَصَعِقَ فَمَكَثَ بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ رَءُوفَ بِهِ ورحِمَهُ وخرَجَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ جَلَّ وعزَّ بِأَرْضٍ زَلْزَلَةً بَعَثَ ذَلِكَ الْحُوتَ إِلَى ذَلِكَ الْحُوتِ فَإِذَا رَآهُ اضْطَرَبَ فَتَزَلْزَلَتِ الأرْضُ" (كل هذا الغثاء يُنْسَب إلى رسول الله؟ أستغفر الله!).
ومن الأحاديث الخرافية أيضا فى "الكافى" الحديثان التاليان: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ قَالَ أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ فَجِئْنَا نُسَلِّمُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ كَأَنَّكُمْ طَلَبْتُمْ بَرَكَةَ الأثْنَيْنِ فَقُلْنَا نَعَمْ فَقَالَ وايُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ شُؤْماً مِنْ يَوْمِ الأثْنَيْنِ يَوْمٍ فَقَدْنَا فِيهِ نَبِيَّنَا وارْتَفَعَ الْوَحْيُ عَنَّا لا تَخْرُجُوا واخْرُجُوا يَوْمَ الثَّلاثَاءِ"، "عَنْهُ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) قَالَ الشُّؤْمُ لِلْمُسَافِرِ فِي طَرِيقِهِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ الْغُرَابُ النَّاعِقُ عَنْ يَمِينِهِ والنَّاشِرُ لِذَنَبِهِ والذِّئْبُ الْعَاوِي الَّذِي يَعْوِي فِي وَجْهِ الرَّجُلِ وهوَ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يَعْوِي ثُمَّ يَرْتَفِعُ ثُمَّ يَنْخَفِضُ ثَلاثاً والظَّبْيُ السَّانِحُ مِنْ يَمِينٍ إِلَى شِمَالٍ والْبُومَةُ الصَّارِخَةُ والْمَرْأَةُ الشَّمْطَاءُ تِلْقَاءَ فَرْجِهَا والأتَانُ الْعَضْبَاءُ يَعْنِي الْجَدْعَاءَ فَمَنْ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ مِنْهُنَّ شَيْئاً فَلْيَقُلْ اعْتَصَمْتُ بِكَ يَا رَبِّ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي قَالَ فَيُعْصَمُ مِنْ ذَلِكَ" (إذن فيا ضيعة ما جاء به رسول الله من إنكار التشاؤم والتطير والتحذير من الركون إلى الخرافات العامية والأوهام الشيطانية!).
أما الحديث التالى فخرافيته من واد آخر، إذ يزعم صانعه أن هناك من سيُبْعَث قبل يوم القيامة. وطبعا لا بد أن يكون المبعوثون من الشيعة!: "سَهْلٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَوْلُهُ تَبَارَكَ وتعَالَى واقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ مَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الأيَةِ قَالَ قُلْتُ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَزْعُمُونَ ويحْلِفُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنَّ اللَّهَ لا يَبْعَثُ الْمَوْتَى قَالَ فَقَالَ تَبّاً لِمَنْ قَالَ هَذَا سَلْهُمْ هَلْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أَمْ بِاللاتِ والْعُزَّى قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَوْجِدْنِيهِ قَالَ فَقَالَ لِي يَا أَبَا بَصِيرٍ لَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ قَوْماً مِنْ شِيعَتِنَا قِبَاعُ سُيُوفِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ شِيعَتِنَا لَمْ يَمُوتُوا فَيَقُولُونَ بُعِثَ فُلانٌ وفلانٌ وفلانٌ مِنْ قُبُورِهِمْ وهمْ مَعَ الْقَائِمِ فَيَبْلُغُ ذَلِكَ قَوْماً مِنْ عَدُوِّنَا فَيَقُولُونَ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ مَا أَكْذَبَكُمْ هَذِهِ دَوْلَتُكُمْ وانْتُمْ تَقُولُونَ فِيهَا الْكَذِبَ لا واللَّهِ مَا عَاشَ هَؤُلاءِ ولا يَعِيشُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَحَكَى اللَّهُ قَوْلَهُمْ فَقَالَ واقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ".
ومن أحاديث الخرافة أيضا ما فى الحديث التالى من كلام عن أنواع الطين الذى خُلِق منه البشر، وهو كلام غريب لا رأس له ولا ذيل، ولا يعرفه القرآن، الذى قال إن الناس جميعا قد خلقوا من طينة واحدة هى الطينة التى خلق منها أبونا آدم. أم ترى لنا أكثر من أب: فهذا الأب من طينة، وذاك الأب الثانى من طينة أخرى، وذلك الأب الثالث من طينة ثالثة؟ لنسمع: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْجَازِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ خَلَقَ الْمُؤْمِنَ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ وخلَقَ الْكَافِرَ مِنْ طِينَةِ النَّارِ وقالَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً طَيَّبَ رُوحَهُ وجسَدَهُ فَلا يَسْمَعُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ إِلا عَرَفَهُ ولا يَسْمَعُ شَيْئاً مِنَ الْمُنْكَرِ إِلا أَنْكَرَهُ قَالَ وسمِعْتُهُ يَقُولُ الطِّينَاتُ ثَلاثٌ طِينَةُ الأنْبِيَاءِ والْمُؤْمِنُ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ إِلا أَنَّ الأنْبِيَاءَ هُمْ مِنْ صَفْوَتِهَا هُمُ الأصْلُ ولهُمْ فَضْلُهُمْ والْمُؤْمِنُونَ الْفَرْعُ مِنْ طِينٍ لازِبٍ كَذَلِكَ لا يُفَرِّقُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ بَيْنَهُمْ وبيْنَ شِيعَتِهِمْ وقالَ طِينَةُ النَّاصِبِ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وامَّا الْمُسْتَضْعَفُونَ فَمِنْ تُرَابٍ لا يَتَحَوَّلُ مُؤْمِنٌ عَنْ إِيمَانِهِ ولا نَاصِبٌ عَنْ نَصْبِهِ وللَّهِ الْمَشِيئَةُ فِيهِمْ". ألا ينتتمى الكفار والمؤمنون، وكذلك الأنبياء، إلى نفس الأب كلهم؟ أم ماذا؟ ألم يقل القرآن إن البشر جميعا مخلوقون من حمإ مسنون ومن طين لازب ومن تراب؟ ثم يتهم الموسوى أبا هريرة بأنه يأتى بالخرافات!
ويشبهه الحديث التالى الذى يقول إن البشر بعضهم مخلوق من طين السماء، وبعضهم من طين الأرض. كذلك فرغم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، فى حديث من أحاديثه الشريفة، يقول عن الله سبحانه وتعالى إن كلتا يديه يمين، بغض النظر عما إذا كان الكلام هنا على ظاهره مع تفويض العلم بالكيفية إلى الله عز شأنه، أم الكلام فيه على المجاز بمعنى البركة واليمن والكرم والخير العميم الخالص، فالمهم أن كلتا يديه يمين، فإننا نفاجأ فى النص الذى نحن بصدده بأن له جل جلاله يمينا وشمالا. ومعروف أن الشمال فى العربية يرتبط بالشر والشؤم والمصير السيئ، علاوة على مخالفة ذلك لما قاله سيد النبيين والمرسلين. فما العمل؟: "عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ (عليه السلام) بَعَثَ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَبَضَ بِيَمِينِهِ قَبْضَةً بَلَغَتْ قَبْضَتُهُ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ تُرْبَةً وَقَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى مِنَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا إِلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ الْقُصْوَى فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَلِمَتَهُ فَأَمْسَكَ الْقَبْضَةَ الأُولَى بِيَمِينِهِ وَالْقَبْضَةَ الأُخْرَى بِشِمَالِهِ فَفَلَقَ الطِّينَ فِلْقَتَيْنِ فَذَرَا مِنَ الأَرْضِ ذَرْواً وَمِنَ السَّمَاوَاتِ ذَرْواً فَقَالَ لِلَّذِي بِيَمِينِهِ مِنْكَ الرُّسُلُ وَالأَنْبِيَاءُ وَالأَوْصِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالسُّعَدَاءُ وَمَنْ أُرِيدُ كَرَامَتَهُ فَوَجَبَ لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ وَقَالَ لِلَّذِي بِشِمَالِهِ مِنْكَ الْجَبَّارُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ وَالطَّوَاغِيتُ وَمَنْ أُرِيدُ هَوَانَهُ وَشِقْوَتَهُ فَوَجَبَ لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ ثُمَّ إِنَّ الطِّينَتَيْنِ خُلِطَتَا جَمِيعاً وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى فَالْحَبُّ طِينَةُ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهَا مَحَبَّتَهُ وَالنَّوَى طِينَةُ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ نَأَوْا عَنْ كُلِّ خَيْرٍ وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّوَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ نَأَى عَنْ كُلِّ خَيْرٍ وَتَبَاعَدَ عَنْهُ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ فَالْحَيُّ الْمُؤْمِنُ الَّذِي تَخْرُجُ طِينَتُهُ مِنْ طِينَةِ الْكَافِرِ وَالْمَيِّتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحَيِّ هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ طِينَةِ الْمُؤْمِنِ فَالْحَيُّ الْمُؤْمِنُ وَالْمَيِّتُ الْكَافِرُ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ فَكَانَ مَوْتُهُ اخْتِلاطَ طِينَتِهِ مَعَ طِينَةِ الْكَافِرِ وَكَانَ حَيَاتُهُ حِينَ فَرَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَهُمَا بِكَلِمَتِهِ كَذَلِكَ يُخْرِجُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُؤْمِنَ فِي الْمِيلادِ مِنَ الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا إِلَى النُّورِ وَيُخْرِجُ الْكَافِرَ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ إِلَى النُّورِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ".
ولنأخذ أيضا هذا الحديث عن العُطَاس، ولا أدرى من أين استقى صاحبه هذا السخف الذى قاله: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ مَنْ عَطَسَ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَصَبَةِ أَنْفِهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً كَثِيراً كَمَا هُوَ أَهْلُهُ وصلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ والِهِ وسلَّمَ خَرَجَ مِنْ مَنْخِرِهِ الأيْسَرِ طَائِرٌ أَصْغَرُ مِنَ الْجَرَادِ واكْبَرُ مِنَ الذُّبَابِ حَتَّى يَسِيرَ تَحْتَ الْعَرْشِ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
ولنسمع كذلك الحديث التالى الذى يجرى على نفس النهج الخرافى: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وغيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وغيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ عَنْ أَبِي نَهْشَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وعزَّ خَلَقَنَا مِنْ أَعْلَى عِلِّيِّينَ وخلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنَا مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ وخلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ وقلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْنَا لأنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خُلِقْنَا مِنْهُ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الأيَةَ كَلا إِنَّ كِتابَ الأبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وخلَقَ عَدُوَّنَا مِنْ سِجِّينٍ وخلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ مِمَّا خَلَقَهُمْ مِنْهُ وابْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْهِمْ لأنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خُلِقُوا مِنْهُ ثُمَّ تَلا هَذِهِ الأيَةَ كَلا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ...". ولنلاحظ أن هذا الحديث يخطو خطوة أخرى فى طريق المغالاة التى يستنكرها القرآن الكريم وحديث رسول الله. ولى هنا تعليق، وهو أننى لا أتصور أن يقول أحد من آل البيت الكرام الطيبين مثل هذا الكلام المسىء الذى لا نجد له وجها نوجهه به إلى معنى يليق، بل هو عندنا من صنع من يتظاهر بأنه من شيعتهم، وهم برؤاء منه ومن أمثاله.
***
وإلى جانب تلك الخرافات هناك لون آخر من الأحاديث يبعث على القهقهة لا يمكن أن يقبله النبى صلى الله عليه وسلم أو أى شخص به مُسْكَة من عقل وذوق، كهذا الحديث الذى يقول إن الزواج باليهودية والنصرانية أفضل من الزواج بالسنية، ويسميها راوى الحديث: "الناصبية": "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلَهُ أَبِي وانَا أَسْمَعُ عَنْ نِكَاحِ الْيَهُودِيَّةِ والنَّصْرَانِيَّةِ فَقَالَ نِكَاحُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نِكَاحِ النَّاصِبِيَّةِ وما أُحِبُّ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْيَهُودِيَّةَ ولا النَّصْرَانِيَّةَ مَخَافَةَ أَنْ يَتَهَوَّدَ وَلَدُهُ أَوْ يَتَنَصَّرَ"، "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ تَزَوُّجُ الْيَهُودِيَّةِ والنَّصْرَانِيَّةِ أَفْضَلُ أَوْ قَالَ خَيْرٌ مِنْ تَزَوُّجِ النَّاصِبِ والنَّاصِبِيَّةِ"، أو ذلك الحديث الآخر الذى يحرم تعليم النساء القراءة والكتابة: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لا تُنْزِلُوا النِّسَاءَ بِالْغُرَفِ ولا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَةَ وعلِّمُوهُنَّ الْمِغْزَلَ وسورَةَ النُّورِ" (وماذا عن بقية القرآن؟)، أو الحديث الذى يحلل إتيان المرأة فى دبرها: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام) إِنَّ رَجُلاً مِنْ مَوَالِيكَ أَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَابَكَ واسْتَحْيَا مِنْكَ أَنْ يَسْأَلَكَ قَالَ وما هِيَ قُلْتُ الرَّجُلُ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا قَالَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ قُلْتُ لَهُ فَأَنْتَ تَفْعَلُ قَالَ إِنَّا لا نَفْعَلُ ذَلِكَ"، أو ذينك الحديثين اللذين يصفان سبيل الشفاء من الشذوذ الجنسى: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ومحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وعنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُحِبُّ الصِّبْيَانَ فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَتَصْنَعُ مَاذَا قَالَ أَحْمِلُهُمْ عَلَى ظَهْرِي فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَوَلَّى وَجْهَهُ عَنْهُ فَبَكَى الرَّجُلُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) كَأَنَّهُ رَحِمَهُ فَقَالَ إِذَا أَتَيْتَ بَلَدَكَ فَاشْتَرِ جَزُوراً سَمِيناً واعْقِلْهُ عِقَالاً شَدِيداً وخذِ السَّيْفَ فَاضْرِبِ السَّنَامَ ضَرْبَةً تَقْشِرُ عَنْهُ الْجِلْدَةَ واجْلِسْ عَلَيْهِ بِحَرَارَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ فَقَالَ الرَّجُلُ فَأَتَيْتُ بَلَدِي فَاشْتَرَيْتُ جَزُوراً فَعَقَلْتُهُ عِقَالاً شَدِيداً وأَخَذْتُ السَّيْفَ فَضَرَبْتُ بِهِ السَّنَامَ ضَرْبَةً وقشَرْتُ عَنْهُ الْجِلْدَ وجلَسْتُ عَلَيْهِ بِحَرَارَتِهِ فَسَقَطَ مِنِّي عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ شِبْهُ الْوَزَغِ أَصْغَرُ مِنَ الْوَزَغِ وسكَنَ مَا بِي"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْهَيْثَمِ النَّهْدِيِّ رَفَعَهُ قَالَ شَكَا رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الأبْنَةَ فَمَسَحَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَلَى ظَهْرِهِ فَسَقَطَتْ مِنْهُ دُودَةٌ حَمْرَاءُ فَبَرَأَ".
***
ومن أحاديث "الكافى" نوع آخر يعمل ملفقوه على النيل عبثا ممن يكرهم الشيعة كراهية عمياء، مثل أمهات المؤمنين والصِّدّيق والفاروق رضى الله عنهم، وبنى أمية كلهم على بكرة أبيهم عاطلا مع باطل بما فيهم النساء. وهذا النوع من الأحاديث يتسم بالغباء وتفوح منه رائحة العصبية والغل: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ أَنِفَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ مَقَالَةٍ قَالَتْهَا بَعْضُ نِسَائِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّخْيِيرِ فَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) نِسَاءَهُ تِسْعاً وعشْرِينَ لَيْلَةً فِي مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ دَعَاهُنَّ فَخَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ فَلَمْ يَكُ شَيْئاً ولوِ اخْتَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً قَالَ وسأَلْتُهُ عَنْ مَقَالَةِ الْمَرْأَةِ مَا هِيَ قَالَ فَقَالَ إِنَّهَا قَالَتْ يَرَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَنَا أَنَّهُ لا يَأْتِينَا الأكْفَاءُ مِنْ قَوْمِنَا يَتَزَّوَجُونَّا"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ قَالَ ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّ زَيْنَبَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لا تَعْدِلُ وانْتَ رَسُولُ اللَّهِ وقالَتْ حَفْصَةُ إِنْ طَلَّقَنَا وَجَدْنَا أَكْفَاءَنَا فِي قَوْمِنَا فَاحْتُبِسَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) عِشْرِينَ يَوْماً قَالَ فَأَنِفَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ لِرَسُولِهِ فَأَنْزَلَ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وزينَتَها فَتَعالَيْنَ إِلَى قَوْلِهِ أَجْراً عَظِيماً قَالَ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ ورسُولَهُ ولوِ اخْتَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ لَبِنَّ وانِ اخْتَرْنَ اللَّهَ ورسُولَهُ فَلَيْسَ بِشَيْ‏ءٍ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الأعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ إِنَّ بَعْضَ نِسَاءِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) قَالَتْ أَيََرَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ إِنْ طَلَّقَنَا لا نَجِدُ الأكْفَاءَ مِنْ قَوْمِنَا قَالَ فَغَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ فَأَمَرَهُ فَخَيَّرَهُنَّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَقَامَتْ وقبَّلَتْهُ وقالَتْ أَخْتَارُ اللَّهَ ورسُولَهُ"، "أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ أَيَرَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِنْ خَلَّى سَبِيلَنَا أَنَّا لا نَجِدُ زَوْجاً غَيْرَهُ وقدْ كَانَ اعْتَزَلَ نِسَاءَهُ تِسْعاً وعشْرِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا قَالَتْ زَيْنَبُ الَّذِي قَالَتْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ جَبْرَئِيلَ إِلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ قُلْ لأزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وزينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ الأيَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فَقُلْنَ بَلْ نَخْتَارُ اللَّهَ ورسُولَهُ والدَّارَ الأخِرَةَ"، "عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لا تَعْدِلُ وانْتَ نَبِيٌّ فَقَالَ تَرِبَتْ يَدَاكِ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ فَقَالَتْ دَعَوْتَ اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِيَقْطَعَ يَدَيَّ فَقَالَ لا ولكِنْ لَتَتْرَبَانِ فَقَالَتْ إِنَّكَ إِنْ طَلَّقْتَنَا وَجَدْنَا فِي قَوْمِنَا أَكْفَاءَنَا فَاحْتُبِسَ الْوَحْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) تِسْعاً وعشْرِينَ لَيْلَةً ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) فَأَنِفَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ لِرَسُولِهِ فَأَنْزَلَ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وزينَتَها الآيَتَيْنِ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ ورسُولَهُ فَلَمْ يَكُ شَيْئاً ولوِ اخْتَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ لَبِنَّ. وعنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ مِثْلَهُ"، "وَ بِهَذَا الأسْنَادِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الرَّجُلِ إِذَا خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَقَالَ إِنَّمَا الْخِيَرَةُ لَنَا لَيْسَ لأحَدٍ وانَّمَا خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِمَكَانِ عَائِشَةَ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ ورسُولَهُ ولمْ يَكُنْ لَهُنَّ أَنْ يَخْتَرْنَ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)".
"حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَقْبَلَ يَقُولُ لأبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ اسْكُنْ فَإِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وقدْ أَخَذَتْهُ الرِّعْدَةُ وهوَ لا يَسْكُنُ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حَالَهُ قَالَ لَهُ تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ أَصْحَابِي مِنَ الأنْصَارِ فِي مَجَالِسِهِمْ يَتَحَدَّثُونَ فَأُرِيَكَ جَعْفَراً واصْحَابَهُ فِي الْبَحْرِ يَغُوصُونَ قَالَ نَعَمْ فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَنَظَرَ إِلَى الأنْصَارِ يَتَحَدَّثُونَ ونظَرَ إِلَى جَعْفَرٍ (عليه السلام) واصْحَابِهِ فِي الْبَحْرِ يَغُوصُونَ فَأَضْمَرَ تِلْكَ السَّاعَةَ أَنَّهُ سَاحِرٌ"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وعمَرَ أَتَيَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالا لَهَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّكِ قَدْ كُنْتِ عِنْدَ رَجُلٍ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَكَيْفَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ ذَاكَ فِي الْخَلْوَةِ فَقَالَتْ مَا هُوَ إِلا كَسَائِرِ الرِّجَالِ ثُمَّ خَرَجَا عَنْهَا واقْبَلَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) فَقَامَتْ إِلَيْهِ مُبَادِرَةً فَرَقاً أَنْ يَنْزِلَ أَمْرٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حَتَّى تَرَبَّدَ وَجْهُهُ والْتَوَى عِرْقُ الْغَضَبِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وخرَجَ وهوَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ وبادَرَتِ الأنْصَارُ بِالسِّلاحِ وامَرَ بِخَيْلِهِمْ أَنْ تَحْضُرَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ واثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَّبِعُونَ عَيْبِي ويسْأَلُونَ عَنْ غَيْبِي واللَّهِ إِنِّي لاكْرَمُكُمْ حَسَباً واطْهَرُكُمْ مَوْلِداً وانْصَحُكُمْ لِلَّهِ فِي الْغَيْبِ ولا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَبِيهِ إِلا أَخْبَرْتُهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ فُلانٌ الرَّاعِي فَقَامَ إِلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ غُلامُكُمُ الأسْوَدُ وقامَ إِلَيْهِ الثَّالِثُ فَقَالَ مَنْ أَبِي فَقَالَ الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ فَقَالَتِ الأنْصَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَكَ رَحْمَةً فَاعْفُ عَنَّا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ وكانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) إِذَا كَلَّمَ اسْتَحْيَا وعرِقَ وغضَّ طَرْفَهُ عَنِ النَّاسِ حَيَاءً حِينَ كَلَّمُوهُ فَنَزَلَ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ هَبَطَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) بِصَفْحَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فِيهَا هَرِيسَةٌ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذِهِ عَمِلَهَا لَكَ الْحُورُ الْعِينُ فَكُلْهَا أَنْتَ وعلِيٌّ وذرِّيَّتُكُمَا فَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ أَنْ يَأْكُلَهَا غَيْرُكُمْ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وعلِيٌّ وفاطِمَةُ والْحَسَنُ والْحُسَيْنُ (عليهم السلام) فَأَكَلُوا فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فِي الْمُبَاضَعَةِ مِنْ تِلْكَ الأكْلَةِ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً فَكَانَ إِذَا شَاءَ غَشِيَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْخَضِيبِ الْبَجَلِيِّ قَالَ كُنْتُ مَعَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مُزَامِلَهُ حَتَّى جِئْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صلى الله عليه وآله) إِذْ دَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) فَقُلْتُ لابْنِ أَبِي لَيْلَى تَقُومُ بِنَا إِلَيْهِ فَقَالَ وما نَصْنَعُ عِنْدَهُ فَقُلْتُ نُسَائِلُهُ ونحَدِّثُهُ فَقَالَ قُمْ فَقُمْنَا إِلَيْهِ فَسَاءَلَنِي عَنْ نَفْسِي وأَهْلِي ثُمَّ قَالَ مَنْ هَذَا مَعَكَ فَقُلْتُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَاضِي الْمُسْلِمِينَ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَأْخُذُ مَالَ هَذَا فَتُعْطِيهِ هَذَا وتقْتُلُ وتفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وزوْجِهِ لا تَخَافُ فِي ذَلِكَ أَحَداً قَالَ نَعَمْ قَالَ فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ تَقْضِي قَالَ بِمَا بَلَغَنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وعنْ عَلِيٍّ (عليه السلام) وعنْ أَبِي بَكْرٍ وعمَرَ قَالَ فَبَلَغَكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ قَالَ إِنَّ عَلِيّاً (عليه السلام) أَقْضَاكُمْ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ تَقْضِي بِغَيْرِ قَضَاءِ عَلِيٍّ (عليه السلام) وقدْ بَلَغَكَ هَذَا فَمَا تَقُولُ إِذَا جِي‏ءَ بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّةٍ وسمَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِيَدِكَ فَأَوْقَفَكَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ هَذَا قَضَى بِغَيْرِ مَا قَضَيْتَ قَالَ فَاصْفَرَّ وَجْهُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى حَتَّى عَادَ مِثْلَ الزَّعْفَرَانِ ثُمَّ قَالَ لِي الْتَمِسْ لِنَفْسِكَ زَمِيلاً واللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ مِنْ رَأْسِي كَلِمَةً أَبَداً"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليهما السلام) قَالَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَوْماً كَئِيباً حَزِيناً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عليه السلام) مَا لِي أَرَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَئِيباً حَزِيناً فَقَالَ وكيْفَ لا أَكُونُ كَذَلِكَ وقدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ أَنَّ بَنِي تَيْمٍ وبنِي عَدِيٍّ وبنِي أُمَيَّةَ يَصْعَدُونَ مِنْبَرِي هَذَا يَرُدُّونَ النَّاسَ عَنِ الأسْلامِ الْقَهْقَرَى فَقُلْتُ يَا رَبِّ فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِي فَقَالَ بَعْدَ مَوْتِكَ"، جَمِيلٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا (عليهما السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَوْ لا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً اسْتَعَانَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا ظَفِرَ بِعَدُوِّهِ قَتَلَهُمْ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَ قَوْمٍ كَثِيرٍ"، "عَنْهُ عَنِ السَّيَّارِيِّ رَفَعَهُ قَالَ إِنَّهُ ذُكِرَتِ اللُّحْمَانُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ أَطْيَبَ اللُّحْمَانِ لَحْمُ الدَّجَاجِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) كَلا إِنَّ ذَلِكَ خَنَازِيرُ الطَّيْرِ وانَّ أَطْيَبَ اللُّحْمَانِ لَحْمُ فَرْخٍ قَدْ نَهَضَ أَوْ كَادَ أَنْ يَنْهَضَ".
"عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الْجَبَلِيِّ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( صلوات الله عليه) نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذَكِّرُ النَّارَ ويذْهَبُ بِالدَّرَنِ وقالَ عُمَرُ بِئْسَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُبْدِي الْعَوْرَةَ ويهْتِكُ السِّتْرَ قَالَ ونسَبَ النَّاسُ قَوْلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِلَى عُمَرَ وقوْلَ عُمَرَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)"، عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ ذُكِرَ الْحَمَامُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ رَأَى حَمَاماً يَطِيرُ ورجُلٌ تَحْتَهُ يَعْدُو فَقَالَ عُمَرُ شَيْطَانٌ يَعْدُو تَحْتَهُ شَيْطَانٌ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَا كَانَ إِسْمَاعِيلُ عِنْدَكُمْ فَقِيلَ صِدِّيقٌ فَقَالَ إِنَّ بَقِيَّةَ حَمَامِ الْحَرَمِ مِنْ حَمَامِ إِسْمَاعِيلَ، عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ تَوَدُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وتكْثِرُ التَّعَاهُدَ لَنَا وانَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَقِيَهَا ذَاتَ يَوْمٍ وهيَ تُرِيدُنَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ تَذْهَبِينَ يَا عَجُوزَ الأنْصَارِ فَقَالَتْ أَذْهَبُ إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ أُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ واجَدِّدُ بِهِمْ عَهْداً واقْضِي حَقَّهُمْ فَقَالَ لَهَا عُمَرُ وَيْلَكِ لَيْسَ لَهُمُ الْيَوْمَ حَقٌّ عَلَيْكِ ولا عَلَيْنَا إِنَّمَا كَانَ لَهُمْ حَقٌّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فَانْصَرِفِي فَانْصَرَفَتْ حَتَّى أَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ مَا ذَا أَبْطَأَ بِكِ عَنَّا فَقَالَتْ إِنِّي لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ واخْبَرَتْهَا بِمَا قَالَتْ لِعُمَرَ وما قَالَ لَهَا عُمَرُ فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ كَذَبَ لا يَزَالُ حَقُّ آلِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) وَاجِباً عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
"عَنْهُ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ زُرْعَةَ عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ تَعَرَّضَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِجَارِيَةِ رَجُلٍ عَقِيلِيٍّ فَقَالَتْ لَهُ إِنَّ هَذَا الْعُمَرِيَّ قَدْ آذَانِي فَقَالَ لَهَا عِدِيهِ وادْخِلِيهِ الدِّهْلِيزَ فَأَدْخَلَتْهُ فَشَدَّ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ والْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ فَاجْتَمَعَ الْبَكْرِيُّونَ والْعُمَرِيُّونَ والْعُثْمَانِيُّونَ وقالُوا مَا لِصَاحِبِنَا كُفْوٌ لَنْ نَقْتُلَ بِهِ إِلا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وما قَتَلَ صَاحِبَنَا غَيْرُهُ وكانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَدْ مَضَى نَحْوَ قُبَا فَلَقِيتُهُ بِمَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَقَالَ دَعْهُمْ قَالَ فَلَمَّا جَاءَ ورأَوْهُ وَثَبُوا عَلَيْهِ وقالُوا مَا قَتَلَ صَاحِبَنَا أَحَدٌ غَيْرُكَ وما نَقْتُلُ بِهِ أَحَداً غَيْرَكَ فَقَالَ لِيُكَلِّمْنِي مِنْكُمْ جَمَاعَةٌ فَاعْتَزَلَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمْ فَأَدْخَلَهُمُ الْمَسْجِدَ فَخَرَجُوا وهمْ يَقُولُونَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَفْعَلُ هَذَا ولا يَأْمُرُ بِهِ انْصَرِفُوا قَالَ فَمَضَيْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا كَانَ أَقْرَبَ رِضَاهُمْ مِنْ سَخَطِهِمْ قَالَ نَعَمْ دَعَوْتُهُمْ فَقُلْتُ أَمْسِكُوا والا أَخْرَجْتُ الصَّحِيفَةَ فَقُلْتُ وما هَذِهِ الصَّحِيفَةُ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَقَالَ إِنَّ أُمَّ الْخَطَّابِ كَانَتْ أَمَةً لِلزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَسَطَّرَ بِهَا نُفَيْلٌ فَأَحْبَلَهَا فَطَلَبَهُ الزُّبَيْرُ فَخَرَجَ هَارِباً إِلَى الطَّائِفِ فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ خَلْفَهُ فَبَصُرَتْ بِهِ ثَقِيفٌ فَقَالُوا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَعْمَلُ هَاهُنَا قَالَ جَارِيَتِي سَطَّرَ بِهَا نُفَيْلُكُمْ فَهَرَبَ مِنْهُ إِلَى الشَّامِ وخرَجَ الزُّبَيْرُ فِي تِجَارَةٍ لَهُ إِلَى الشَّامِ فَدَخَلَ عَلَى مَلِكِ الدُّومَةِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ قَالَ وما حَاجَتُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِكَ قَدْ أَخَذْتَ وَلَدَهُ فَأُحِبُّ أَنْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ قَالَ لِيَظْهَرْ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَلَمَّا رَآهُ الْمَلِكُ ضَحِكَ فَقَالَ مَا يُضْحِكُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَالَ مَا أَظُنُّ هَذَا الرَّجُلَ وَلَدَتْهُ عَرَبِيَّةٌ لَمَّا رَآكَ قَدْ دَخَلْتَ لَمْ يَمْلِكِ اسْتَهُ أَنْ جَعَلَ يَضْرِطُ فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِذَا صِرْتُ إِلَى مَكَّةَ قَضَيْتُ حَاجَتَكَ فَلَمَّا قَدِمَ الزُّبَيْرُ تَحَمَّلَ عَلَيْهِ بِبُطُونِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ ابْنَهُ فَأَبَى ثُمَّ تَحَمَّلَ عَلَيْهِ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ مَا بَيْنِي وبيْنَهُ عَمَلٌ أَ مَا عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ فِي ابْنِي فُلانٍ ولكِنِ امْضُوا أَنْتُمْ إِلَيْهِ فَقَصَدُوهُ وكلَّمُوهُ فَقَالَ لَهُمُ الزُّبَيْرُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَهُ دَوْلَةٌ وانَّ ابْنَ هَذَا ابْنُ الشَّيْطَانِ ولسْتُ آمَنُ أَنْ يَتَرَأَّسَ عَلَيْنَا ولكِنْ أَدْخِلُوهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عَلَيَّ عَلَى أَنْ أُحْمِيَ لَهُ حَدِيدَةً واخُطَّ فِي وَجْهِهِ خُطُوطاً واكْتُبَ عَلَيْهِ وعلَى ابْنِهِ أَلا يَتَصَدَّرَ فِي مَجْلِسٍ ولا يَتَأَمَّرَ عَلَى أَوْلادِنَا ولا يَضْرِبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ قَالَ فَفَعَلُوا وخطَّ وَجْهَهُ بِالْحَدِيدَةِ وكتَبَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وذلِكَ الْكِتَابُ عِنْدَنَا فَقُلْتُ لَهُمْ إِنْ أَمْسَكْتُمْ والا أَخْرَجْتُ الْكِتَابَ فَفِيهِ فَضِيحَتُكُمْ فَأَمْسَكُوا وتوُفِّيَ مَوْلًى لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمْ يُخَلِّفْ وَارِثاً فَخَاصَمَ فِيهِ وُلْدُ الْعَبَّاسِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وكانَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَدْ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَجَلَسَ لَهُمْ فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَلاءُ لَنَا وقالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) بَلِ الْوَلاءُ لِي فَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ إِنَّ أَبَاكَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ إِنْ كَانَ أَبِي قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ فَقَدْ كَانَ حَظُّ أَبِيكَ فِيهِ الأوْفَرَ ثُمَّ فَرَّ بِخِيَانَتِهِ وقالَ واللَّهِ لاطَوِّقَنَّكَ غَداً طَوْقَ الْحَمَامَةِ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ كَلامُكَ هَذَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ بَعْرَةٍ فِي وَادِي الأزْرَقِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُ وَادٍ لَيْسَ لَكَ ولا لأبِيكَ فِيهِ حَقٌّ قَالَ فَقَالَ هِشَامٌ إِذَا كَانَ غَداً جَلَسْتُ لَكُمْ فَلَمَّا أَنْ كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) ومعَهُ كِتَابٌ فِي كِرْبَاسَةٍ وجلَسَ لَهُمْ هِشَامٌ فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) الْكِتَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا أَنْ قَرَأَهُ قَالَ ادْعُوا لِي جَنْدَلَ الْخُزَاعِيَّ وعكَّاشَةَ الضَّمْرِيَّ وكانَا شَيْخَيْنِ قَدْ أَدْرَكَا الْجَاهِلِيَّةَ فَرَمَى بِالْكِتَابِ إِلَيْهِمَا فَقَالَ تَعْرِفَانِ هَذِهِ الْخُطُوطَ قَالا نَعَمْ هَذَا خَطُّ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وهذَا خَطُّ فُلانٍ وفلانٍ لِفُلانٍ مِنْ قُرَيْشٍ وهذَا خَطُّ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ فَقَالَ هِشَامٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَرَى خُطُوطَ أَجْدَادِي عِنْدَكُمْ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ قَضَيْتُ بِالْوَلاءِ لَكَ قَالَ فَخَرَجَ وهوَ يَقُولُ:
إِنْ عَادَتِ الْعَقْرَبُ عُدْنَا لَهَا * وكانَتِ النَّعْلُ لَهَا حَاضِرَهْ
قَالَ فَقُلْتُ مَا هَذَا الْكِتَابُ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ فَإِنَّ نُتَيْلَةَ كَانَتْ أَمَةً لامِّ الزُّبَيْرِ ولأَبِي طَالِبٍ وعبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَوْلَدَهَا فُلاناً فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ هَذِهِ الْجَارِيَةُ وَرِثْنَاهَا مِنْ أُمِّنَا وابْنُكَ هَذَا عَبْدٌ لَنَا فَتَحَمَّلَ عَلَيْهِ بِبُطُونِ قُرَيْشٍ قَالَ فَقَالَ قَدْ أَجَبْتُكَ عَلَى خَلَّةٍ عَلَى أَنْ لا يَتَصَدَّرَ ابْنُكَ هَذَا فِي مَجْلِسٍ ولا يَضْرِبَ مَعَنَا بِسَهْمٍ فَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَاباً واشْهَدَ عَلَيْهِ فَهُوَ هَذَا الْكِتَابُ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ نَزَعَ الشَّهْوَةَ مِنْ نِسَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وجعَلَهَا فِي رِجَالِهِمْ وكذَلِكَ فَعَلَ بِشِيعَتِهِمْ وانَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ نَزَعَ الشَّهْوَةَ مِنْ رِجَالِ بَنِي أُمَيَّةَ وجعَلَهَا فِي نِسَائِهِمْ وكذَلِكَ فَعَلَ بِشِيعَتِهِمْ".
ومن المعروف أن عمر رضى الله عنه قد تزوج أم كلثوم بنت على بن أبى طالب وأن عليًّا رحب به وزوجه إياها عن رضا وطيب خاطر، وهو ما يدل على أن الأمور بين الرجلين العظيمين كانت سمنا على عسل، إلا أن الشيعة لا تريد أن تبصر من ثقوب الغربال، ومن هنا نجدهم يروون بعض الأحاديث التى يظنون أنها تنفى طيب العلاقة بين الصحابيين الكريمين. ومنها الحديثان التاليان: "مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَمَّا خَطَبَ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهَا صَبِيَّةٌ قَالَ فَلَقِيَ الْعَبَّاسَ فَقَالَ لَهُ مَا لِي أَ بِي بَأْسٌ قَالَ وما ذَاكَ قَالَ خَطَبْتُ إِلَى ابْنِ أَخِيكَ فَرَدَّنِي أَمَا واللَّهِ لأُعَوِّرَنَّ زَمْزَمَ ولا أَدَعُ لَكُمْ مَكْرُمَةً إِلا هَدَمْتُهَا ولأُقِيمَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ سَرَقَ ولأَقْطَعَنَّ يَمِينَهُ فَأَتَاهُ الْعَبَّاسُ فَأَخْبَرَهُ وسأَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الأمْرَ إِلَيْهِ فَجَعَلَهُ إِلَيْهِ"، "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ وحمَّادٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي تَزْوِيجِ أُمِّ كُلْثُومٍ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ فَرْجٌ غُصِبْنَاهُ". وهو كلام بلغ النهاية فى السخف والرقاعة لا لشىء إلا أنه يسىء إلى علىّ أولا وأخيرا، إذ يصوره بصورة الشخص الخالى من الشهامة والرجولة حتى إنه ليرضى باغتصاب عمر لابنته، التى اختزلها الحديث الأخير إلى "فَرْج"، أستغفر الله من الغباء والسفاهة وبذاءة الملافظ، فلا يهبّ للدفاع عن عرضه وكرامته وكرامة بيته وقومه، وفى نفس الوقت يصورونه بصورة الرجل الذى لولا دفاعه ما نجح الرسول فى دعوته ولا انتشر الإسلام. فهل يصدق أحد أن مثل هذا البطل الصنديد، وهو بحقٍّ بطلٌ صنديد لا مراء، يقبل الدنية دون أن ينبس ببنت شفة جُبْنًا وهلعا ويرضى باغتصاب عمر لابنته حتى لا ينفذ تهديده وينزل به الأذى والضرر؟
أما النواصب (جمع "ناصب")، وهم أهل السنة فى اصطلاح الشيعة، فهذا ما يقوله الشيعة عنهم بعد أن نسبوا الكلام إلى واحد من آل البيت حتى تكون عليه "الدمغة الرسمية" فلا يعترض عليه معترض منهم: "بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ لا تَغْتَسِلْ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي تَجْتَمِعُ فِيهَا غُسَالَةُ الْحَمَّامِ فَإِنَّ فِيهَا غُسَالَةَ وَلَدِ الزِّنَا وهوَ لا يَطْهُرُ إِلَى سَبْعَةِ آبَاءٍ وفيهَا غُسَالَةَ النَّاصِبِ وهوَ شَرُّهُمَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ خَلْقاً شَرّاً مِنَ الْكَلْبِ وانَّ النَّاصِبَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْكَلْبِ قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ مَاءِ الْحَمَّامِ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْجُنُبُ والصَّبِيُّ والْيَهُودِيُّ والنَّصْرَانِيُّ والْمَجُوسِيُّ فَقَالَ إِنَّ مَاءَ الْحَمَّامِ كَمَاءِ النَّهَرِ يُطَهِّرُ بَعْضُهُ بَعْضاً"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ حَنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ لا يُبَالِي النَّاصِبُ صَلَّى أَمْ زَنَى وهذِهِ الأيَةُ نَزَلَتْ فِيهِمْ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً" (أرأيت أيها القارئ، هذا التفسير العبقرى للآية؟).
وعندنا كذلك القصتان التاليتان، ولهما نظائر فى "الكافى"، وقد لُفِّقَتْ كلها من أجل الانتصار لعلىٍّ على عمر، رضى الله عنهما جميعا، ولعن من يحشر نفسه بينهما فيشتم أحدهما لحساب الآخر، سواء كان من هذا الطرف أو من ذاك. وملفق القصتين يقرّر عمر بفضل علىٍّ، مع أن هذا الإقرار، لو صحت الروايتان، إنما يشهد فى الواقع لعمر بأنه كان يحترم عليًّا ولا يجد فى نفسه من ناحيته شيئا. أى أنها تدل على عكس ما يريد الشيعة: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِامْرَأَةٍ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِرَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ وكانَتْ تَهْوَاهُ ولمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ فَذَهَبَتْ فَأَخَذَتْ بَيْضَةً فَأَخْرَجَتْ مِنْهَا الصُّفْرَةَ وصبَّتِ الْبَيَاضَ عَلَى ثِيَابِهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى عُمَرَ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَخَذَنِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وكذَا فَفَضَحَنِي قَالَ فَهَمَّ عُمَرُ أَنْ يُعَاقِبَ الأنْصَارِيَّ فَجَعَلَ الأنْصَارِيُّ يَحْلِفُ وامِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) جَالِسٌ ويقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَثَبَّتْ فِي أَمْرِي فَلَمَّا أَكْثَرَ الْفَتَى قَالَ عُمَرُ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا تَرَى فَنَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِلَى بَيَاضٍ عَلَى ثَوْبِ الْمَرْأَةِ وبيْنَ فَخِذَيْهَا فَاتَّهَمَهَا أَنْ تَكُونَ احْتَالَتْ لِذَلِكَ فَقَالَ ائْتُونِي بِمَاءٍ حَارٍّ قَدْ أُغْلِيَ غَلَيَاناً شَدِيداً فَفَعَلُوا فَلَمَّا أُتِيَ بِالْمَاءِ أَمَرَهُمْ فَصَبُّوا عَلَى مَوْضِعِ الْبَيَاضِ فَاشْتَوَى ذَلِكَ الْبَيَاضُ فَأَخَذَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَأَلْقَاهُ فِي فِيهِ فَلَمَّا عَرَفَ طَعْمَهُ أَلْقَاهُ مِنْ فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَتَّى أَقَرَّتْ بِذَلِكَ ودفَعَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ عَنِ الأنْصَارِيِّ عُقُوبَةَ عُمَرَ".
"عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الأحْمَرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عِيسَى يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَرَابَةً لِسُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ الأمْرَانِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَارِسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَمْزَةَ السَّلُولِيِّ قَالَ سَمِعْتُ غُلاماً بِالْمَدِينَةِ وهوَ يَقُولُ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنِي وبيْنَ أُمِّي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا غُلامُ لِمَ تَدْعُو عَلَى أُمِّكَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهَا حَمَلَتْنِي فِي بَطْنِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وأَرْضَعَتْنِي حَوْلَيْنِ فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وعرَفْتُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ ويمِينِي عَنْ شِمَالِي طَرَدَتْنِي وانْتَفَتْ مِنِّي وزعَمَتْ أَنَّهَا لا تَعْرِفُنِي فَقَالَ عُمَرُ أَيْنَ تَكُونُ الْوَالِدَةُ قَالَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي فُلانٍ فَقَالَ عُمَرُ عَلَيَّ بِأُمِّ الْغُلامِ قَالَ فَأَتَوْا بِهَا مَعَ أَرْبَعَةِ إِخْوَةٍ لَهَا وارْبَعِينَ قَسَامَةً يَشْهَدُونَ لَهَا أَنَّهَا لا تَعْرِفُ الصَّبِيَّ وانَّ هَذَا الْغُلامَ غُلامٌ مُدَّعٍ ظَلُومٌ غَشُومٌ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَهَا فِي عَشِيرَتِهَا وانَّ هَذِهِ جَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ وانَّهَا بِخَاتَمِ رَبِّهَا فَقَالَ عُمَرُ يَا غُلامُ مَا تَقُولُ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذِهِ واللَّهِ أُمِّي حَمَلَتْنِي فِي بَطْنِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وأَرْضَعَتْنِي حَوْلَيْنِ فَلَمَّا تَرَعْرَعْتُ وعرَفْتُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ ويمِينِي مِنْ شِمَالِي طَرَدَتْنِي وانْتَفَتْ مِنِّي وزعَمَتْ أَنَّهَا لا تَعْرِفُنِي فَقَالَ عُمَرُ يَا هَذِهِ مَا يَقُولُ الْغُلامُ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ والَّذِي احْتَجَبَ بِالنُّورِ فَلا عَيْنَ تَرَاهُ وحقِّ مُحَمَّدٍ وما وَلَدَ مَا أَعْرِفُهُ ولا أَدْرِي مِنْ أَيِّ النَّاسِ هُوَ وانَّهُ غُلامٌ مُدَّعٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَنِي فِي عَشِيرَتِي وانِّي جَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أَتَزَوَّجْ قَطُّ وانِّي بِخَاتَمِ رَبِّي فَقَالَ عُمَرُ أَ لَكِ شُهُودٌ فَقَالَتْ نَعَمْ هَؤُلاءِ فَتَقَدَّمَ الأرْبَعُونَ الْقَسَامَةَ فَشَهِدُوا عِنْدَ عُمَرَ أَنَّ الْغُلامَ مُدَّعٍ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَهَا فِي عَشِيرَتِهَا وانَّ هَذِهِ جَارِيَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ تَتَزَوَّجْ قَطُّ وانَّهَا بِخَاتَمِ رَبِّهَا فَقَالَ عُمَرُ خُذُوا هَذَا الْغُلامَ وانْطَلِقُوا بِهِ إِلَى السِّجْنِ حَتَّى نَسْأَلَ عَنِ الشُّهُودِ فَإِنْ عُدِّلَتْ شَهَادَتُهُمْ جَلَدْتُهُ حَدَّ الْمُفْتَرِي فَأَخَذُوا الْغُلامَ يُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَتَلَقَّاهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَنَادَى الْغُلامُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِنَّنِي غُلامٌ مَظْلُومٌ واعَادَ عَلَيْهِ الْكَلامَ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ عُمَرَ ثُمَّ قَالَ وهذَا عُمَرُ قَدْ أَمَرَ بِي إِلَى الْحَبْسِ فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) رُدُّوهُ إِلَى عُمَرَ فَلَمَّا رَدُّوهُ قَالَ لَهُمْ عُمَرُ أَمَرْتُ بِهِ إِلَى السِّجْنِ فَرَدَدْتُمُوهُ إِلَيَّ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَنْ نَرُدَّهُ إِلَيْكَ وسمِعْنَاكَ وانْتَ تَقُولُ لا تَعْصُوا لِعَلِيٍّ (عليه السلام) أَمْراً فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَقَالَ عَلَيَّ بِأُمِّ الْغُلامِ فَأَتَوْا بِهَا فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) يَا غُلامُ مَا تَقُولُ فَأَعَادَ الْكَلامَ فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) لِعُمَرَ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ عُمَرُ سُبْحَانَ اللَّهِ وكيْفَ لا وقدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ أَعْلَمُكُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ قَالَ لِلْمَرْأَةِ يَا هَذِهِ أَلَكِ شُهُودٌ قَالَتْ نَعَمْ فَتَقَدَّمَ الأرْبَعُونَ قَسَامَةً فَشَهِدُوا بِالشَّهَادَةِ الأولَى فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) لاقْضِيَنَّ الْيَوْمَ بِقَضِيَّةٍ بَيْنَكُمَا هِيَ مَرْضَاةُ الرَّبِّ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ عَلَّمَنِيهَا حَبِيبِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ قَالَ لَهَا أَلَكِ وَلِيٌّ قَالَتْ نَعَمْ هَؤُلاءِ إِخْوَتِي فَقَالَ لاخْوَتِهَا أَمْرِي فِيكُمْ وفي أُخْتِكُمْ جَائِزٌ فَقَالُوا نَعَمْ يَا ابْنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) أَمْرُكَ فِينَا وفي أُخْتِنَا جَائِزٌ فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) أُشْهِدُ اللَّهَ واشْهِدُ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُ هَذَا الْغُلامَ مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ والنَّقْدُ مِنْ مَالِي يَا قَنْبَرُ عَلَيَّ بِالدَّرَاهِمِ فَأَتَاهُ قَنْبَرٌ بِهَا فَصَبَّهَا فِي يَدِ الْغُلامِ قَالَ خُذْهَا فَصُبَّهَا فِي حَجْرِ امْرَأَتِكَ ولا تَأْتِنَا إِلا وبكَ أَثَرُ الْعُرْسِ يَعْنِي الْغُسْلَ فَقَامَ الْغُلامُ فَصَبَّ الدَّرَاهِمَ فِي حَجْرِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ تَلَبَّبَهَا فَقَالَ لَهَا قُومِي فَنَادَتِ الْمَرْأَةُ النَّارَ النَّارَ يَا ابْنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ تُرِيدُ أَنْ تُزَوِّجَنِي مِنْ وَلَدِي هَذَا واللَّهِ وَلَدِي زَوَّجَنِي إِخْوَتِي هَجِيناً فَوَلَدْتُ مِنْهُ هَذَا الْغُلامَ فَلَمَّا تَرَعْرَعَ وشبَّ أَمَرُونِي أَنْ أَنْتَفِيَ مِنْهُ واطْرُدَهُ وهذَا واللَّهِ وَلَدِي وفؤَادِي يَتَقَلَّى أَسَفاً عَلَى وَلَدِي قَالَ ثُمَّ أَخَذَتْ بِيَدِ الْغُلامِ وانْطَلَقَتْ ونادَى عُمَرُ وَا عُمَرَاهْ لَوْ لا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.
***
أما الحديث التالى فيمثل الغلوّ فى علىٍّ كرم الله وجهه غلوًّا ينكره الإسلام والعقل والمنطق: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِنَّ فِيكَ شَبَهاً مِنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ولوْلا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاً لا تَمُرُّ بِمَلا مِنَ النَّاسِ إِلا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ قَالَ فَغَضِبَ الأعْرَابِيَّانِ والْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وعدَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَعَهُمْ فَقَالُوا مَا رَضِيَ أَنْ يَضْرِبَ لابْنِ عَمِّهِ مَثَلاً إِلا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ ولمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وجعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ولوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ يَعْنِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ قَالَ فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلاً بَعْدَ هِرَقْلٍ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ ونزَلَتْ هَذِهِ الأيَةُ وما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وانْتَ فِيهِمْ وما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وهمْ يَسْتَغْفِرُونَ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ عَمْرٍو إِمَّا تُبْتَ وإمَّا رَحَلْتَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ بَلْ تَجْعَلُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ شَيْئاً مِمَّا فِي يَدَيْكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِمَكْرُمَةِ الْعَرَبِ والْعَجَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وتعَالَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ قَلْبِي مَا يُتَابِعُنِي عَلَى التَّوْبَةِ ولكِنْ أَرْحَلُ عَنْكَ فَدَعَا بِرَاحِلَتِهِ فَرَكِبَهَا فَلَمَّا صَارَ بِظَهْرِ الْمَدِينَةِ أَتَتْهُ جَنْدَلَةٌ فَرَضَخَتْ هَامَتَهُ ثُمَّ أَتَى الْوَحْيُ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ بِوَلايَةِ عَلِيٍّ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا لا نَقْرَؤُهَا هَكَذَا فَقَالَ هَكَذَا واللَّهِ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) وهكَذَا هُوَ واللَّهِ مُثْبَتٌ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَ (عليها السلام) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِمَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ انْطَلِقُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ فَقَدْ أَتَاهُ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ واسْتَفْتَحُوا وخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ".

وعلى الشاكلة ذاتها يمضى ملفق القصة التالية محاولا أن يوهمنا بأن عليا كرم الله وجهه كان يعلم الغيب فى التو واللحظة، وهو ما نرفضه ويرفضه كل مسلم، فليس فى مقدور علىٍّ ولا غيره أن يعلم الغيب، إذ الغيب لا يعلمه إلا الله. وحتى النبى محمد لم يكن يعلم الغيب بنص القرآن حيث أُمِر فيه بأن يعلن على الناس ذلك ويؤكده تأكيدا. ولنقرأ: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ رَفَعَهُ قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِخَمْسَةِ نَفَرٍ أُخِذُوا فِي الزِّنَى فَأَمَرَ أَنْ يُقَامَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدُّ وكانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) حَاضِراً فَقَالَ يَا عُمَرُ لَيْسَ هَذَا حُكْمَهُمْ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ عَلَيْهِمُ الْحُكْمَ فَقَدَّمَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وقدَّمَ الثَّانِيَ فَرَجَمَهُ وقدَّمَ الثَّالِثَ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ وقدَّمَ الرَّابِعَ فَضَرَبَهُ نِصْفَ الْحَدِّ وقدَّمَ الْخَامِسَ فَعَزَّرَهُ فَتَحَيَّرَ عُمَرُ وتعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا أَبَا الْحَسَنِ خَمْسَةُ نَفَرٍ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ أَقَمْتَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ حُدُودٍ لَيْسَ شَيْ‏ءٌ مِنْهَا يُشْبِهُ الأخَرَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَمَّا الأوَّلُ فَكَانَ ذِمِّيّاً خَرَجَ عَنْ ذِمَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ إِلا السَّيْفُ وامَّا الثَّانِي فَرَجُلٌ مُحْصَنٌ كَانَ حَدُّهُ الرَّجْمَ وامَّا الثَّالِثُ فَغَيْرُ مُحْصَنٍ جُلِدَ الْحَدَّ وامَّا الرَّابِعُ فَعَبْدٌ ضَرَبْنَاهُ نِصْفَ الْحَدِّ وامَّا الْخَامِسُ فَمَجْنُونٌ مَغْلُوبٌ عَلَى عَقْلِهِ".
ولنأخذ أيضا هذا الحديث الذى يسوى راويه بين على كرم الله وجهه وبين الرسول، بل بينه وبين الله سبحانه وتعالى أيضا: "عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ومحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الأعْرَجُ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وسلَيْمَانُ بْنُ خَالِدٍ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَابْتَدَأَنَا فَقَالَ يَا سُلَيْمَانُ مَا جَاءَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يُؤْخَذُ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ يُنْتَهَى عَنْهُ جَرَى لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا جَرَى لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَلِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الْفَضْلُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ الْمُعَيِّبُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي شَيْ‏ءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ كَالْمُعَيِّبِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وجلَّ وعلَى رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله) والرَّادُّ عَلَيْهِ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صلوات الله عليه) بَابَ اللَّهِ الَّذِي لا يُؤْتَى إِلا مِنْهُ وسبِيلَهُ الَّذِي مَنْ سَلَكَ بِغَيْرِهِ هَلَكَ وبذَلِكَ جَرَتِ الأئِمَّةُ (عليهم السلام) وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ جَعَلَهُمُ اللَّهُ أَرْكَانَ الأَرْضِ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَالْحُجَّةَ الْبَالِغَةَ عَلَى مَنْ فَوْقَ الأَرْضِ ومنْ تَحْتَ الثَّرَى وَقَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَنَا قَسِيمُ اللَّهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ وَأَنَا الْفَارُوقُ الأَكْبَرُ وَأَنَا صَاحِبُ الْعَصَا وَالْمِيسَمِ ولقَدْ أَقَرَّتْ لِي جَمِيعُ الْمَلائِكَةِ والرُّوحُ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ لِمُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) ولقَدْ حُمِلْتُ عَلَى مِثْلِ حَمُولَةِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) وهيَ حَمُولَةُ الرَّبِّ وانَّ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) يُدْعَى فَيُكْسَى ويسْتَنْطَقُ وَأُدْعَى فَأُكْسَى وَأُسْتَنْطَقُ فَأَنْطِقُ عَلَى حَدِّ مَنْطِقِهِ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ خِصَالاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي عُلِّمْتُ عِلْمَ الْمَنَايَا والْبَلايَا والأَنْسَابَ وفصْلَ الْخِطَابِ فَلَمْ يَفُتْنِي مَا سَبَقَنِي ولمْ يَعْزُبْ عَنِّي مَا غَابَ عَنِّي أُبَشِّرُ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُؤَدِّي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلُّ ذَلِكَ مَكَّنَنِيَ اللَّهُ فِيهِ بِإِذْنِهِ".
ومع هذا فالحديث يناقض من بعض جوانبه حديثا آخر من أحاديث "الكافى" ذاته مناقضة بلقاء: "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ الْوَاسِطِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) الْمَسْجِدَ فَإِذَا جَمَاعَةٌ قَدْ أَطَافُوا بِرَجُلٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَقِيلَ عَلامَةٌ فَقَالَ وما الْعَلامَةُ فَقَالُوا لَهُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِأَنْسَابِ الْعَرَبِ وَوَقَائِعِهَا وَأَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ والأَشْعَارِ الْعَرَبِيَّةِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) ذَاكَ عِلْمٌ لا يَضُرُّ مَنْ جَهِلَهُ ولا يَنْفَعُ مَنْ عَلِمَهُ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) إِنَّمَا الْعِلْمُ ثَلاثَةٌ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ وَمَا خَلاهُنَّ فَهُوَ فَضْلٌ". ذلك أن عليا فى الحديث الذى بين أيدينا يفتخر بعلمه بالأنساب، على حين يقول الحديث الآخر إن الأنساب من الأمور التى لا ينفع العلم بها ولا يضر الجهل بها. أى أنها لا تقدم ولا تؤخر، ومن ثم فافتخار على كرم الله وجهه بعلم الأنساب هو افتخار فى غير مفتخَر، أى افتخار لا معنى له ولا مصداقية. ولسنا نتهمه رضوان الله عليه بالتقول بغير حق، بل نتهم فقط ملفقى هذا الحديث لا أكثر ولا أقل.
***
أما هجوم من علق على قولى، فى دراستى الأولى، بالمجاز فى بعض ما ينسب إلى أبى هريرة من أحاديث، فأفضل رد عليه هو الحديث التالى الموجود فى كتاب "الكافى"، حيث يخاطب سبحانه وتعالى العقل ويستنطقه ويأمره وينهاه، ويستجيب العقل فيقبل ويدبر... وهو ما لا يستطيعه العقل لأنه لا يفهم ولا يُقْبِل ولا يُدْبِر، بل الذى يفهم ويقبل ويدبر إنما هو الإنسان. كما يخبره سبحانه أن الثواب والعقاب يوم القيامة إنما سيقع عليه هو، مع أن الثواب والعقاب إنما يقع على الإنسان. وليس فى القرآن كله ولا فى الأحاديث النبوية أن العقل هو الذى سوف يحاسَب ويجازَى. وليس أمامنا إذن إلا القول بالمجاز. وهذا إن صح الحديث أصلا، وأهل السنة بالمناسبة لا يصححونه: "أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ اسْتَنْطَقَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلا أَكْمَلْتُكَ إِلا فِيمَنْ أُحِبُّ أَمَا إِنِّي إِيَّاكَ آمُرُ وَإِيَّاكَ أَنْهَى وَإِيَّاكَ أُعَاقِبُ وايَّاكَ أُثِيبُ". والملاحظ أن لفظ "العقل" لم يرد فى القرآن بتاتا، بل الذى فيه هو "الفؤاد" و"الأفئدة" و"الألباب"، وإن كان هناك الفعل "يعقل"، لكنّ هذا شىء آخر. أما السنة فليس فيها "العقل" بالمعنى المجرد، أى العقل مستقلا عن الإنسان كما فى هذا الحديث، بل العقل متلبسا بالإنسان غير مستقل عنه، كالكلام عن نقصان العقل عند النساء مثلا. وفوق ذلك فالحديث عن أول شىء خلقه الله سبحانه وتعالى هو من الأمور التى تضاربت فيها الآثار: فمرة هو القلم، ومرة هو العقل، ومرة هو هذا الأمر أو ذاك.
ومن الآثار التى رواها الكلينى فى "الكافى" ولا تصح إلا بعد حملها على المجاز ما جاء فى الحديث التالى: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ صَدِيقُ كُلِّ امْرِئٍ عَقْلُهُ وَعَدُوُّهُ جَهْلُهُ". ذلك أن الصداقة والعداوة إنما تقوم بين الإنسان والإنسان لا بين الإنسان وبين العقل أو الجهل. ومثله فى ذلك الحديثُ التالى، وهو يجرى على شاكلة التعبير القرآنى الذى يتحدث عن إقراض المؤمن ماله لله تعالى رغم أنه سبحانه هو الغنى المعطى، فلا يحتاج ولا يقترض، لكنه المجاز كما نعرف جميعا، ومن ثم لا يقول قائل إن الحديث ينال من الله ويسىء إلى مقام الألوهية كما قال الموسوى عن بعض ما رواه أبو هريرة من أحاديث ينبغى حملها على المجاز، وإلا فسدت اللغة وتوقف العقل البشرى عاجزا فى كثير من الحالات عن التعبير عما يريد بالطريقة المثلى. وهذا هو الحديث المذكور: "أَبُو عَلِيٍّ الأشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ وعبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ إِنِّي جَعَلْتُ الدُّنْيَا بَيْنَ عِبَادِي قَرْضاً فَمَنْ أَقْرَضَنِي مِنْهَا قَرْضاً أَعْطَيْتُهُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْراً إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وما شِئْتُ مِنْ ذَلِكَ ومنْ لَمْ يُقْرِضْنِي مِنْهَا قَرْضاً فَأَخَذْتُ مِنْهُ شَيْئاً قَسْراً فَصَبَرَ أَعْطَيْتُهُ ثَلاثَ خِصَالٍ لَوْ أَعْطَيْتُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ مَلائِكَتِي لَرَضُوا بِهَا مِنِّي قَالَ ثُمَّ تَلا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وانَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ فَهَذِهِ وَاحِدَةٌ مِنْ ثَلاثِ خِصَالٍ ورحْمَةٌ اثْنَتَانِ واولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ثَلاثٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) هَذَا لِمَنْ أَخَذَ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئاً قَسْراً".
وينكر الموسوى أيضا على أبى هريرة روايته حديثا تتكلم فيه الجنة والنار وتتحاوران، فما قوله فى هذا الحديث الذى يحاور الجهل فيه الله سبحانه وتعالى؟ فما دام الجهل يتكلم ويتحاور، ومع من؟ مع الله سبحانه وتعالى، فلماذا لا تتكلم الجنة والناروتتحاوران؟ وفوق هذا فقد جعل الحديث لكل من الجهل والعلم جندا ووزيرا، وهو ما لا يكون إلا لملوك البشر. إننى طبعا لا آخذ الكلام هنا أو هناك على الحقيقة، بل أفهمه على أنه كلام مجازى: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَقَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ والْجَهْلِ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) اعْرِفُوا الْعَقْلَ وجنْدَهُ وَالْجَهْلَ وجنْدَهُ تَهْتَدُوا قَالَ سَمَاعَةُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لا نَعْرِفُ إِلا مَا عَرَّفْتَنَا فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وهوَ أَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعَالَى خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وَكَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي قَالَ ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ الْعَقْلَ وَمَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ فَقَالَ الْجَهْلُ يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَقَوَّيْتَهُ وَأَنَا ضِدُّهُ وَلا قُوَّةَ لِي بِهِ فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وجنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي قَالَ قَدْ رَضِيتُ...".
ومثله هذا الحديث، اللهم إلا إذا لم يصح أصلا: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وعدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ عَنِ الأصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِنَّ لِلشَّمْسِ ثَلاثَمِائَةٍ وستِّينَ بُرْجاً كُلُّ بُرْجٍ مِنْهَا مِثْلُ جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْعَرَبِ فَتَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى بُرْجٍ مِنْهَا فَإِذَا غَابَتِ انْتَهَتْ إِلَى حَدِّ بُطْنَانِ الْعَرْشِ فَلَمْ تَزَلْ سَاجِدَةً إِلَى الْغَدِ ثُمَّ تُرَدُّ إِلَى مَوْضِعِ مَطْلَعِهَا ومعَهَا مَلَكَانِ يَهْتِفَانِ مَعَهَا وانَّ وَجْهَهَا لأهْلِ السَّمَاءِ وقفَاهَا لأهْلِ الأرْضِ ولوْ كَانَ وَجْهُهَا لأهْلِ الأرْضِ لاحْتَرَقَتِ الأرْضُ ومنْ عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ حَرِّهَا ومعْنَى سُجُودِهَا مَا قَالَ سُبْحَانَهُ وتعَالَى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ ومنْ فِي الأرْضِ والشَّمْسُ والْقَمَرُ والنُّجُومُ والْجِبالُ والشَّجَرُ والدَّوَابُّ وكثِيرٌ مِنَ النَّاسِ".
ومن أحاديث "الكافى" التى لا بد من حملها أيضا على المجاز الحديث التالى:"عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ السَّخِيُّ مُحَبَّبٌ فِي السَّمَاوَاتِ مُحَبَّبٌ فِي الأرْضِ خُلِقَ مِنْ طِينَةٍ عَذْبَةٍ وخلِقَ مَاءُ عَيْنَيْهِ مِنْ مَاءِ الْكَوْثَرِ والْبَخِيلُ مُبَغَّضٌ فِي السَّمَاوَاتِ مُبَغَّضٌ فِي الأرْضِ خُلِقَ مِنْ طِينَةٍ سَبِخَةٍ وخلِقَ مَاءُ عَيْنَيْهِ مِنْ مَاءِ الْعَوْسَجِ". وبالمناسبة فللشريف الرضى كتابان عن المجاز فى كل من القرآن والحديث النبوى. ومعروف مَنْ هو الشريف. إنه أحد كبار العلماء الشيعة وأحد كبار النقاد والشعراء العرب فى كل العصور. واسما الكتابين: "تلخيص البيان في مجازات القرآن"، و"المجازات النبوية". أقول هذا ردا على المعلق الشيعى الذى يقول إن قولى بالمجاز فى بعض أحاديث أبى هريرة هو هروب من إدانة الصحابى الجليل.
***
وفوق هذا ففى "الكافى" أحاديث مفعمة بما لا يقبله عقل المسلم ولا ضميره أبدا لتعارضه مع عقيدته. ففى الحديث التالى غلو فظيع واجتراء على مقام الألوهية لا يمكن هضمه أبدا: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي سَلاّمٍ النَّخَّاسِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ نَحْنُ الْمَثَانِي الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) وَنَحْنُ وَجْهُ اللَّهِ نَتَقَلَّبُ فِي الأَرْضِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ونحْنُ عَيْنُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ويدُهُ الْمَبْسُوطَةُ بِالرَّحْمَةِ عَلَى عِبَادِهِ عَرَفَنَا مَنْ عَرَفَنَا وجهِلَنَا مَنْ جَهِلَنَا وامَامَةَ الْمُتَّقِينَ". ومثله أيضا الحديث التالى: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي اخْتَرَعْتُ دُعَاءً قَالَ دَعْنِي مِنِ اخْتِرَاعِكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ أَمْرٌ فَافْزَعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وصلِّ رَكْعَتَيْنِ تُهْدِيهِمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ قَالَ تَغْتَسِلُ وتصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَسْتَفْتِحُ بِهِمَا افْتِتَاحَ الْفَرِيضَةِ وتشَهَّدُ تَشَهُّدَ الْفَرِيضَةِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنَ التَّشَهُّدِ وسلَّمْتَ قُلْتَ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ ومنْكَ السَّلامُ والَيْكَ يَرْجِعُ السَّلامُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ وبلِّغْ رُوحَ مُحَمَّدٍ مِنِّي السَّلامَ وارْوَاحَ الأئِمَّةِ الصَّادِقِينَ سَلامِي وارْدُدْ عَلَيَّ مِنْهُمُ السَّلامَ والسَّلامُ عَلَيْهِمْ ورحْمَةُ اللَّهِ وبرَكَاتُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَأَثِبْنِي عَلَيْهِمَا مَا أَمَّلْتُ ورجَوْتُ فِيكَ وفي رَسُولِكَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِداً وتقُولُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا حَيُّ لا يَمُوتُ يَا حَيُّ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ يَا ذَا الْجَلالِ والأكْرَامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الأيْمَنَ فَتَقُولُهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ ضَعْ خَدَّكَ الأيْسَرَ فَتَقُولُهَا أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ وتمُدُّ يَدَكَ وتقُولُ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ تَرُدُّ يَدَكَ إِلَى رَقَبَتِكَ وتلُوذُ بِسَبَّابَتِكَ وتقُولُ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ مَرَّةً ثُمَّ خُذْ لِحْيَتَكَ بِيَدِكَ الْيُسْرَى وابْكِ أَوْ تَبَاكِ وقلْ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْكُو إِلَى اللَّهِ والَيْكَ حَاجَتِي والَى أَهْلِ بَيْتِكَ الرَّاشِدِينَ حَاجَتِي وبكُمْ أَتَوَجَّهُ إِلَى اللَّهِ فِي حَاجَتِي ثُمَّ تَسْجُدُ وتقُولُ يَا اللَّهُ يَا اللَّهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ نَفَسُكَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ وافْعَلْ بِي كَذَا وكذَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وجلَّ أَنْ لا يَبْرَحَ حَتَّى تُقْضَى حَاجَتُهُ". إن المسلم إذا احتاج حاجة فإنه يتجه إلى الله سبحانه وحده يبتهل إليه بقلب خالص، لا يلتفت فى ذلك إلى أى شخص أو شيء آخر. وفضلا عن ذلك ففى الحديث تكلف فى الدعاء وتعقيد وإعنات لا يتسق مع سماحة الإسلام ومراحم الله.
ومن الغلو غير المفهوم ولا المقبول ولا له أصل فى الدين على أى نحو، إنما هو كلام قد اختُرِع اختراعا، الحديث التالى: "مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وعلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَزَّازِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ لِي يَا هَارُونَ بْنَ خَارِجَةَ كَمْ بَيْنَكَ وبيْنَ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يَكُونُ مِيلاً قُلْتُ لا قَالَ فَتُصَلِّي فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا قُلْتُ لا فَقَالَ أَمَا لَوْ كُنْتُ بِحَضْرَتِهِ لَرَجَوْتُ أَلا تَفُوتَنِي فِيهِ صَلاةٌ وتدْرِي مَا فَضْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَا مِنْ عَبْدٍ صَالِحٍ ولا نَبِيٍّ إِلا وقدْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ كُوفَانَ حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أَسْرَى اللَّهُ بِهِ قَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) تَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّاعَةَ أَنْتَ مُقَابِلُ مَسْجِدِ كُوفَانَ قَالَ فَاسْتَأْذِنْ لِي رَبِّي حَتَّى آتِيَهُ فَأُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَاسْتَأْذَنَ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ فَأَذِنَ لَهُ وانَّ مَيْمَنَتَهُ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وانَّ وَسَطَهُ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وانَّ مُؤَخَّرَهُ لَرَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وانَّ الصَّلاةَ الْمَكْتُوبَةَ فِيهِ لَتَعْدِلُ أَلْفَ صَلاةٍ وانَّ النَّافِلَةَ فِيهِ لَتَعْدِلُ خَمْسَمِائَةِ صَلاةٍ وانَّ الْجُلُوسَ فِيهِ بِغَيْرِ تِلاوَةٍ ولا ذِكْرٍ لَعِبَادَةٌ ولوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِيهِ لاتَوْهُ ولوْ حَبْواً قَالَ سَهْلٌ وروَى لِي غَيْرُ عَمْرٍو أَنَّ الصَّلاةَ فِيهِ لَتَعْدِلُ بِحَجَّةٍ وانَّ النَّافِلَةَ فِيهِ لَتَعْدِلُ بِعُمْرَةٍ"، مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ نِعْمَ الْمَسْجِدُ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍّ والْفُ وَصِيٍّ ومنْهُ فَارَ التَّنُّورُ وفيهِ نُجِرَتِ السَّفِينَةُ مَيْمَنَتُهُ رِضْوَانُ اللَّهِ وَ وَسَطُهُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وميْسَرَتُهُ مَكْرٌ فَقُلْتُ لأبِي بَصِيرٍ مَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ مَكْرٌ قَالَ يَعْنِي مَنَازِلَ السُّلْطَانِ وكانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَقُومُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَرْمِي بِسَهْمِهِ فَيَقَعُ فِي مَوْضِعِ التَّمَّارِينَ فَيَقُولُ ذَاكَ مِنَ الْمَسْجِدِ وكانَ يَقُولُ قَدْ نُقِصَ مِنْ أَسَاسِ الْمَسْجِدِ مِثْلُ مَا نُقِصَ فِي تَرْبِيعِهِ".
***
كذلك انتقد الموسوى أبا هريرة للأحاديث التى زعم أن فيها إساءة إلى رب العالمين. فلنأخذ إذن الحديث التالى:"عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ الأَحْمَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فُلانٌ مِنْ عِبَادَتِهِ ودينِهِ وَفَضْلِهِ فَقَالَ كَيْفَ عَقْلُهُ قُلْتُ لا أَدْرِي فَقَالَ إِنَّ الثَّوَابَ عَلَى قَدْرِ الْعَقْلِ إِنَّ رَجُلا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ خَضْرَاءَ نَضِرَةٍ كَثِيرَةِ الشَّجَرِ ظَاهِرَةِ الْمَاءِ وَإِنَّ مَلَكاً مِنَ الْمَلائِكَةِ مَرَّ بِهِ فَقَالَ يَا رَبِّ أَرِنِي ثَوَابَ عَبْدِكَ هَذَا فَأَرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فَاسْتَقَلَّهُ الْمَلَكُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ اصْحَبْهُ فَأَتَاهُ الْمَلَكُ فِي صُورَةِ إِنْسِيٍّ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا رَجُلٌ عَابِدٌ بَلَغَنِي مَكَانُكَ وعبَادَتُكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فَأَتَيْتُكَ لأعْبُدَ اللَّهَ مَعَكَ فَكَانَ مَعَهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ إِنَّ مَكَانَكَ لَنَزِهٌ وما يَصْلُحُ إِلا لِلْعِبَادَةِ فَقَالَ لَهُ الْعَابِدُ إِنَّ لِمَكَانِنَا هَذَا عَيْباً فَقَالَ لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ لَيْسَ لِرَبِّنَا بَهِيمَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ رَعَيْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ هَذَا الْحَشِيشَ يَضِيعُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الْمَلَكُ وَمَا لِرَبِّكَ حِمَارٌ فَقَالَ لَوْ كَانَ لَهُ حِمَارٌ مَا كَانَ يَضِيعُ مِثْلُ هَذَا الْحَشِيشِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَكِ إِنَّمَا أُثِيبُهُ عَلَى قَدْرِ عَقْلِهِ".
فلو قسنا هذا الحديث بمقياس الموسوى فبماذا يا ترى ينبغى أن نصفه؟ علاوة على ما بين هذا الحديث والحديث التالى، وهو أيضا فى "الكافى"، من تناقض لا يمكن حله أو توجيهه: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ لِي جَاراً كَثِيرَ الصَّلاةِ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ كَثِيرَ الْحَجِّ لا بَأْسَ بِهِ قَالَ فَقَالَ يَا إِسْحَاقُ كَيْفَ عَقْلُهُ قَالَ قُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ قَالَ فَقَالَ لا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ". ذلك أن الكلام فى الحديث الأول هو أن الثواب إنما يكون على قدر العقل، بمعنى أن الضعيف العقل يُتَسامح معه بما لا يُتَسامح مع القوىّ العقل، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وإلا كلفناه فوق طاقته وناقضنا مبادئ الإسلام. أما الكلام فى الحديث الآخر فمعناه أن الأعمال الصالحة لا تُقْبَل إذا ما كان عقل صاحبها ضعيفا، وهو ما يعنى أن النفس إنما تكلَّف أكثر من وسعها. ومثله الحديث التالى أيضا: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ كَثِيرَ الصَّلاةِ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَلا تُبَاهُوا بِهِ حَتَّى تَنْظُرُوا كَيْفَ عَقْلُهُ".
وأشد منه الأحاديث التالية، وفيها غلو شنيع واجتراء غليظ على مقام الألوهية: "مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ صَبَّاحٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنَّ اللَّهَ خَلَقَنَا فَأَحْسَنَ خَلْقَنَا وصوَّرَنَا فَأَحْسَنَ صُوَرَنَا وجعَلَنَا عَيْنَهُ فِي عِبَادِهِ ولسَانَهُ النَّاطِقَ فِي خَلْقِهِ ويدَهُ الْمَبْسُوطَةَ عَلَى عِبَادِهِ بِالرَّأْفَةِ والرَّحْمَةِ وَ وَجْهَهُ الَّذِي يُؤْتَى مِنْهُ وبابَهُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ وخزَّانَهُ فِي سَمَائِهِ وارْضِهِ بِنَا أَثْمَرَتِ الأشْجَارُ وايْنَعَتِ الثِّمَارُ وجرَتِ الأنْهَارُ وبنَا يَنْزِلُ غَيْثُ السَّمَاءِ وينْبُتُ عُشْبُ الأرْضِ وبعِبَادَتِنَا عُبِدَ اللَّهُ ولوْ لا نَحْنُ مَا عُبِدَ اللَّهُ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فَأَنْشَأَ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ نَحْنُ حُجَّةُ اللَّهِ ونحْنُ بَابُ اللَّهِ ونحْنُ لِسَانُ اللَّهِ ونحْنُ وَجْهُ اللَّهِ ونحْنُ عَيْنُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ ونحْنُ وُلاةُ أَمْرِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ حَسَّانَ الْجَمَّالِ قَالَ حَدَّثَنِي هَاشِمُ بْنُ أَبِي عُمَارَةَ الْجَنْبِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَقُولُ أَنَا عَيْنُ اللَّهِ وانَا يَدُ اللَّهِ وانَا جَنْبُ اللَّهِ وانَا بَابُ اللَّهِ"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ قَالَ جَنْبُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وكذَلِكَ مَا كَانَ بَعْدَهُ مِنَ الأوْصِيَاءِ بِالْمَكَانِ الرَّفِيعِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الأمْرُ إِلَى آخِرِهِمْ"، "الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الصَّلْتِ عَنِ الْحَكَمِ واسْمَاعِيلَ ابْنَيْ حَبِيبٍ عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ بِنَا عُبِدَ اللَّهُ وبنَا عُرِفَ اللَّهُ وبنَا وُحِّدَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعَالَى ومحَمَّدٌ حِجَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وتعَالَى"، "َبَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ قَادِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ وما ظَلَمُونا ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْظَمُ واعَزُّ واجَلُّ وامْنَعُ مِنْ أَنْ يُظْلَمَ ولكِنَّهُ خَلَطَنَا بِنَفْسِهِ فَجَعَلَ ظُلْمَنَا ظُلْمَهُ وَ وَلايَتَنَا وَلايَتَهُ حَيْثُ يَقُولُ إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا يَعْنِي الأئِمَّةَ مِنَّا ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وما ظَلَمُونا ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ".
***
كذلك أنكر الموسوى على أبى هريرة روايته للحديث الذى يتحدث عن نزوله عز وجل فى الثلث الأخير من الليل، والذى فسرتُه فى دراستى السابقة بما يفيد أن الاستيقاظ والدعاء والاستغفار فى ذلك الوقت أقمنُ أن يكون سببا فى استجابة الطلب، فماذا يقول يا ترى فى الحديث الذى رواه الكلينى فى الكافى"، ونصه: "عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى قَالَ كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي قَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ اللَّهَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وانَّهُ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي النِّصْفِ الأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَرُوِيَ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهِ فَقَالَ بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ فَقَدْ يُلاقِيهِ الْهَوَاءُ وَيَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ وَالْهَوَاءُ جِسْمٌ رَقِيقٌ يَتَكَنَّفُ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ بِقَدْرِهِ فَكَيْفَ يَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ فَوَقَّعَ (عليه السلام) عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَهُوَ الْمُقَدِّرُ لَهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ تَقْدِيراً وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ والأَشْيَاءُ كُلُّهَا لَهُ سَوَاءٌ عِلْماً وقدْرَةً وملْكاً واحَاطَةً"؟ إن على بن محمد لم ينكر على من قال ذلك بل سلّم به، وإن كان قد وجَّهه بأن الأمور كلها بالنسبة إليه عز وجل سواء، وهذا قول بالمجاز على وجه من الوجوه. وعلى أية حال فها هو ذا الحديث التالى فى "الكافى" يتناول هذا المعنى، وإن لم يلجأ إلى المجاز، بل عبر عن ذلك تعبيرا مباشرا، إذ نبه إلى الأهمية البالغة للدعاء فى الثلث الأخير من الليل، بالضبط مثلما جاء فى حديث أبى هريرة مجازا: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ بِوَجْهِي يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْتَلِ بِهِ عَبْداً لَهُ فِيهِ حَاجَةٌ فَقَالَ لا قَدْ كَانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ مُكَتَّعَ الأصَابِعِ فَكَانَ يَقُولُ هَكَذَا ويمُدُّ يَدَهُ ويقُولُ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ قَالَ ثُمَّ قَالَ لِي إِذَا كَانَ الثُّلُثُ الأخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِهِ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ قُمْ إِلَى صَلاتِكَ الَّتِي تُصَلِّيهَا فَإِذَا كُنْتَ فِي السَّجْدَةِ الأخِيرَةِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ الأوَّلَتَيْنِ فَقُلْ وانْتَ سَاجِدٌ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ يَا سَامِعَ الدَّعَوَاتِ يَا مُعْطِيَ الْخَيْرَاتِ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ واهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ واعْطِنِي مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا والأخِرَةِ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ واصْرِفْ عَنِّي مِنْ شَرِّ الدُّنْيَا والأخِرَةِ مَا أَنَا أَهْلُهُ واذْهِبْ عَنِّي هَذَا الْوَجَعَ وتسَمِّيهِ فَإِنَّهُ قَدْ غَاظَنِي واحْزَنَنِي والِحَّ فِي الدُّعَاءِ قَالَ فَفَعَلْتُ فَمَا وَصَلْتُ إِلَى الْكُوفَةِ حَتَّى أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي كُلَّهُ"؟
***
وبالنسبة للحديث المنسوب إلى أبى هريرة فى أبى داود والخاص بصلاة الرسول الظهر أو العصر ركعتين اثنتين فحسب على سبيل السهو، والتطاول الحاقد الخالى من اللياقة الذى تطاوله العالم الشيعى على الصحابى الجليل، هناك فى "الكافى" نفس الحديث. فلم التطاول على الصحابة الكرام إذن؟ ولنبدأ أولا بما قاله الموسوى عن الحديث المنسوب إلى أبى هريرة: "أخرج أبو داود باسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد. أخرج الشيخان فيما جاء في السهو من صحيحيهما عن أبي هريرة قال صلى النبي أحدى صلاتي العشي واكثر ظني العصر ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها وفيهم أبو بكر وعمر فهابا ان يكلماه وخرج سرعان الناس فقالوا: أقصرت الصلاة؟ ورجل يدعوه النبي ذو اليدين فقال: انسيت أم قصرت؟ فقال: لم انس ولم تقصر! قال: بلى نسيت! فصل ركعتين! ثم سلم ثم كبر! فسجد... الحديث، وفيه كيفية سجود السهو، وأنت ترى ما فيه من الوجوه الحاكمة بامتناعه. احدها: ان مثل هذا السهو الفاحش لا يكون ممن فرغ للصلاة شيئا من قلبه، أو أقبل عليها بشئ من لبه، وانما يكون من الساهين عن صلاتهم، اللاهين عن مناجاتهم، وحاشا انبياء الله من احوال الغافلين، وتقدسوا عن اقوال الجاهلين، فان انبياء الله عزوجل ولا سيما سيدهم وخاتمهم أفضل مما يظنون على أنه لم يبلغنا مثل هذا السهو عن أحد ولا أظن وقوعه الا ممن يمثل حال القائل:
أُصَلِّي فما أدري إذا ما ذكرتُها * أثِنْتَيْنِ صَلَّيْتُ الضحى أم ثمانيا؟
وأما سيد النبيين، وتقلبه في الساجدين ان مثل هذا السهو لو صدر مني لاستولى على الحياء واخذني الخجل واستخف المؤمتون بي وبعبادتي ومثل هذا لا يجوز على انبياء الله ابدا. الثاني ان الحديث قد اشتمل على ان النبي صلى الله عليه وآله قال لم أنس ولم تقصر فكيف يمكن أن يكون قد نسى بعد هذا؟ ولو فرضنا عدم وجوب عصمته عن مثل هذا السهو. فان عصمته عن المكابرة والتسرع بالاقوال المخالفة للواقع مما لا بد منه عند جميع المسلمين. الثالث: ان أبا هريرة قد أضطرب في هذا الحديث، وتعارضت أقواله فتارة يقول: صلى بنا احدى صلاتي العشى اما الظهر واما العصر، على سبيل الشك، واخرى يقول: صلى بنا صلاة العصر، على سبيل القطع بأنها الظهر. وهذه الروايات كلها ثابتة في صحيحي البخاري ومسلم كليهما، وقد ارتبك فيها شارحو الصحيحين ارتباكا دعاهم إلى التعسف والتكلف كما تكلفوا وتعسفوا في الرد على الزهري إذ جزم بان ذا اليدين وذا الشمالين واحد لا اثنان، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا: "تحفة المحدثين". الرابع: ان ما اشتمل هذا الحديث عليه من قيام النبي صلى الله عليه وآله عن مصلاه ووضع يده على الخشبة وخروج سرعان الناس من المسجد وقولهم أقصرت الصلاة؟ وقول ذي اليدين أنسيت أم قصرت؟ وقول النبي صلى الله عليه وآله لم أنس ولم تقصر، فقال له: قد نسيت، وقول النبي لاصحابه: أحق ما يقول قالوا: بلى نعم وغير ذلك مما نقله أبو هريرة لمما يمحو صورة الصلاة بتاتا، والمعلوم من الشريعة المقدسة يقينا بطلان الصلاة بكل ماح لصورتها فلا يمكن بعد هذا بناؤه صلى الله عليه وآله على الركعتين الاوليتين لانه يناقض الحكم المقطوع بثبوته عنه صلى الله عليه وآله فتأمل. الخامس: أن ذا اليدين المذكور في الحديث انما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وقد استشهد في بدر، نص على ذلك امام بني زهرة واعرف الناس بحلفائهم محمد بن مسلم الزهري كما في الاستيعاب والاصابة وشروح الصحيحين كافة وهذا هو الذي صرح به الثوري في أصح الروايتين عنه وأبو حنيفة حين تركوا العمل بهذا الحديث، وافتوا بخلاف مفاده كما في اواخر باب السهو والسجود له من شرح النووي لصحيح مسلم. وحسبك حديث النسائي، مما يدل على ان ذا اليدين وذا الشمالين واحد. واليك لفظه: قال فقال له ذو الشمالين ابن عبد عمرو: انقصت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما يقول ذو اليدين فصرح بان ذا الشمالين هو ذو اليدين، ومثله بل اصرح منه ما أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان ابن أبي خيثمة كليهما عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر أو العصر فسلم في ركعتين، فقال له ذو الشمالين بن عبد عمرو (قال): وكان حليفا لبني زهرة أخففت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ما يقول ذو اليدين؟ قالوا صدق... الحديث. وأخرج أبو موسى من طريق حعفر المستغفري كما في ترجمة عبد عمرو ابن نضلة من الاصابة بالاسناد إلى محمد بن كثير عن الاوزاعي عن الزهري عن كل من سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: سلم رسول الله صلى الله عليه وآله في الركعتين فقام عبد عمرو بن نضلة رجل من خزاعة حليف لبني زهرة فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ الحديث، وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله: اصدق ذو الشمالين؟ فهذه الاحاديث كلها صريحة في أن ذا اليدين المذكور في حديث أبي هريرة انما هو ذو الشمالين ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، ولا ريب في ان ذا الشمالين المذكور قتل يوم بدر قبل ان يسلم أبو هريرة باكثر من خمس سنين، وان قاتله اسامة الجشعي، نص على ذلك ابن عبد البر وسائل أهل الاخبار فكيف يمكن أن يجتمع مع أبي هريرة في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أولي الالباب؟ وقد اعتذر بعضهم بأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وآله أو من صحابي آخر، وعلى هذا لا يكون موت ذي اليدين قبل اسلام أبي هريرة مانعا من رواية أبي هريرة لهذا الحديث. لكن هذا الاعتذار غلط محض، لان دعوى الحضور من ابي هريرة محفوظة ثابتة برواية الثقات الحفظة الاثبات، وحسبك في اثباتها ما أخرجه البخاري فيما جاء في السهو من صحيحه عن آدم بن شعبة عن سعد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله الظهر أو العصر وساق حديث ذي اليدين. وأخرج مسلم في باب السهو في الصلاة والسجود له من صحيحه عن محمد بن سيرين قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله احدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر وساق الحديث. وقد ارتبك الامام الطحاوي في هذه الاحاديث لبنائه على صحتها مع جزمه بما جزم به الامام الزهري من أن ذا اليدين انما هو ذو الشمالين حليف بني زهرة المستشهد في بدر قبل اسلام أبي هريرة باكثر من خمس سنين، فلا يمكن اجتماعهما في الصلاة أبدا، لذلك اضطر إلى التأويل فحمل، كما في ص 266 من الجزء الثالث من ارشاد الساري في شرح البخاري للقسطلاني، قول أبي هريرة في هذه الاحاديث: صلى بنا على المجاز وأن المراد صلى بالمسلمين. والجواب أنه قد ثبت عن أبي هريرة النص الصريح بحضوره على وجه لا يقبل التأويل ابدا. وحسبك ما أخرجه مسلم في باب السهو في الصلاة والسجود له من صحيحه عن أبي هريرة قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الظهر سلم في الركعتين وساق الحديث، فهل يتأتى التجوز فيه؟ كلا! بل منينا بقوم لا يتأملون؟ فانا لله وإنا إليه راجعون".
والآن بعد أن انتهينا من حديث أبى هريرة رضى الله عنه ننظر فى حديث "الكافى"، وسوف نرى أن ما أخذه الموسوى على أبى هريرة موجود مثله فى كتاب الكلينى: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) مَنْ حَفِظَ سَهْوَهُ فَأَتَمَّهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) صَلَّى بِالنَّاسِ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَهَا فَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ ذُو الشِّمَالَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَزَلَ فِي الصَّلاةِ شَيْ‏ءٌ فَقَالَ وما ذَاكَ قَالَ إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَتَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ قَالُوا نَعَمْ فَقَامَ (صلى الله عليه وآله) فَأَتَمَّ بِهِمُ الصَّلاةَ وسجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَالَ قُلْتُ أَرَأَيْتَ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ ظَنَّ أَنَّهُمَا أَرْبَعٌ فَسَلَّمَ وانْصَرَفَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ مَا ذَهَبَ أَنَّهُ إِنَّمَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلاةَ مِنْ أَوَّلِهَا قَالَ قُلْتُ فَمَا بَالُ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمْ يَسْتَقْبِلِ الصَّلاةَ وانَّمَا أَتَمَّ بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلاتِهِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَلْيُتِمَّ مَا نَقَصَ مِنْ صَلاتِهِ إِذَا كَانَ قَدْ حَفِظَ الرَّكْعَتَيْنِ الأوَّلَتَيْنِ"، "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ سَعِيدٍ الأعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلَهُ مَنْ خَلْفَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْ‏ءٌ قَالَ وما ذَلِكَ قَالُوا إِنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ أَ كَذَلِكَ يَا ذَا الْيَدَيْنِ وكانَ يُدْعَى ذَا الشِّمَالَيْنِ فَقَالَ نَعَمْ فَبَنَى عَلَى صَلاتِهِ فَأَتَمَّ الصَّلاةَ أَرْبَعاً وقالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَنْسَاهُ رَحْمَةً لِلأمَّةِ أَلا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً صَنَعَ هَذَا لَعُيِّرَ وقيلَ مَا تُقْبَلُ صَلاتُكَ فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ ذَاكَ قَالَ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وصارَتْ أُسْوَةً وسجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِمَكَانِ الْكَلامِ". والآن ما رأى الموسوى؟ ثم ما رأى من غضبوا حين انتقدته لهذا التطاول الذى لا معنى له ولا يقبله الإسلام؟
***
كذلك ففى الحديث التالى عن داود وسليمان نجد شيئا مطابقا لما انتقده الموسوى على أبى هريرة. ذلك أن سليمان قد قضى فى القضية المطروحة هنا بحكمٍ رأى والده داود أنه كان ينبغى أن يُحْكَم فيها بحكم آخر، لكن الله انتصر للحكم الذى أصدره سليمان على الحكم الذى رآه أبوه بناء على ما كان علماء بنى إسرائيل يحكمون به من قبل، وهو ما يُفْهَم منه أن سليمان عليه السلام لم يفكر فى المسألة بعقله هو ولا أوحى الله له بالحكم المطلوب، بل سار وراء من لم يكونوا بأنبياء فلم يصب الحكم المقبول عند الله: "الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَيْثَمِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّ الإِمَامَةَ عَهْدٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ مَعْهُودٌ لِرِجَالٍ مُسَمَّيْنَ لَيْسَ لِلإِمَامِ أَنْ يَزْوِيَهَا عَنِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ (عليه السلام) أَنِ اتَّخِذْ وَصِيّاً مِنْ أَهْلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِي أَنْ لا أَبْعَثَ نَبِيّاً إِلا وَلَهُ وَصِيٌّ مِنْ أَهْلِهِ وَكَانَ لِدَاوُدَ (عليه السلام) أَوْلادٌ عِدَّةٌ وفيهِمْ غُلامٌ كَانَتْ أُمُّهُ عِنْدَ دَاوُدَ وَكَانَ لَهَا مُحِبّاً فَدَخَلَ دَاوُدُ (عليه السلام) عَلَيْهَا حِينَ أَتَاهُ الْوَحْيُ فَقَالَ لَهَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ أَوْحَى إِلَيَّ يَأْمُرُنِي أَنِ أَتَّخِذَ وَصِيّاً مِنْ أَهْلِي فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ فَلْيَكُنِ ابْنِي قَالَ ذَلِكَ أُرِيدُ وَكَانَ السَّابِقُ فِي عِلْمِ اللَّهِ الْمَحْتُومِ عِنْدَهُ أَنَّهُ سُلَيْمَانُ فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى دَاوُدَ أَنْ لا تَعْجَلْ دُونَ أَنْ يَأْتِيَكَ أَمْرِي فَلَمْ يَلْبَثْ دَاوُدُ (عليه السلام) أَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي الْغَنَمِ والْكَرْمِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وجلَّ إِلَى دَاوُدَ أَنِ اجْمَعْ وُلْدَكَ فَمَنْ قَضَى بِهَذِهِ الْقَضِيَّةِ فَأَصَابَ فَهُوَ وَصِيُّكَ مِنْ بَعْدِكَ فَجَمَعَ دَاوُدُ (عليه السلام) وُلْدَهُ فَلَمَّا أَنْ قَصَّ الْخَصْمَانِ قَالَ سُلَيْمَانُ (عليه السلام) يَا صَاحِبَ الْكَرْمِ مَتَى دَخَلَتْ غَنَمُ هَذَا الرَّجُلِ كَرْمَكَ قَالَ دَخَلَتْهُ لَيْلا قَالَ قَضَيْتُ عَلَيْكَ يَا صَاحِبَ الْغَنَمِ بِأَوْلادِ غَنَمِكَ واصْوَافِهَا فِي عَامِكَ هَذَا ثُمَّ قَالَ لَهُ دَاوُدُ فَكَيْفَ لَمْ تَقْضِ بِرِقَابِ الْغَنَمِ وَقَدْ قَوَّمَ ذَلِكَ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ ثَمَنُ الْكَرْمِ قِيمَةَ الْغَنَمِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ إِنَّ الْكَرْمَ لَمْ يُجْتَثَّ مِنْ أَصْلِهِ وانَّمَا أُكِلَ حِمْلُهُ وهوَ عَائِدٌ فِي قَابِلٍ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وجلَّ إِلَى دَاوُدَ إِنَّ الْقَضَاءَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مَا قَضَى سُلَيْمَانُ بِهِ يَا دَاوُدُ أَرَدْتَ أَمْراً وارَدْنَا أَمْراً غَيْرَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَرَدْنَا أَمْراً وارَادَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ أَمْراً غَيْرَهُ ولمْ يَكُنْ إِلا مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ فَقَدْ رَضِينَا بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ وسلَّمْنَا وَكَذَلِكَ الأَوْصِيَاءُ (عليهم السلام) لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَعَدَّوْا بِهَذَا الأَمْرِ فَيُجَاوِزُونَ صَاحِبَهُ إِلَى غَيْرِهِ".
***
وإلى جانب ما مر أود أن أشير إلى الحديث التالى الذى يزعم صانعه وناحله آل البيت أنه كان بعد عيسى أنبياء. وكنا نحب أن يكلف خاطره شيئا من الجهد فيذكر لنا أسماء أولئك الأنبياء المزعومين، ويقول لنا من أين استقى تلك المعلومة الخطيرة التى لم يقل بها مسلم من قبل. ألعلها جاءته وهو نائم؟: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فَقَالَ نُوحٌ وابْرَاهِيمُ وموسَى وعيسَى ومحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) قُلْتُ كَيْفَ صَارُوا أُولِي الْعَزْمِ قَالَ لأنَّ نُوحاً بُعِثَ بِكِتَابٍ وشرِيعَةٍ وكلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ نُوحٍ أَخَذَ بِكِتَابِ نُوحٍ وشرِيعَتِهِ ومنْهَاجِهِ حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ (عليه السلام) بِالصُّحُفِ وبعَزِيمَةِ تَرْكِ كِتَابِ نُوحٍ لا كُفْراً بِهِ فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) أَخَذَ بِشَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ ومنْهَاجِهِ وبالصُّحُفِ حَتَّى جَاءَ مُوسَى بِالتَّوْرَاةِ وشرِيعَتِهِ ومنْهَاجِهِ وبعَزِيمَةِ تَرْكِ الصُّحُفِ وكلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ مُوسَى (عليه السلام) أَخَذَ بِالتَّوْرَاةِ وشرِيعَتِهِ ومنْهَاجِهِ حَتَّى جَاءَ الْمَسِيحُ (عليه السلام) بِالأنْجِيلِ وبعَزِيمَةِ تَرْكِ شَرِيعَةِ مُوسَى ومنْهَاجِهِ فَكُلُّ نَبِيٍّ جَاءَ بَعْدَ الْمَسِيحِ أَخَذَ بِشَرِيعَتِهِ ومنْهَاجِهِ حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وآله) فَجَاءَ بِالْقُرْآنِ وبشَرِيعَتِهِ ومنْهَاجِهِ فَحَلالُهُ حَلالٌ إِلَىيَوْمِ الْقِيَامَةِ وحرَامُهُ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَهَؤُلاءِ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (عليهم السلام)".
ثم خذ عندك هذا الإسلام الجديد: "عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَقَالَ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ أَخْبِرْنِي عَنِ الدِّينِ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ عَلَى الْعِبَادِ مَا لا يَسَعُهُمْ جَهْلُهُ ولا يُقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرُهُ مَا هُوَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وانَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) واقَامُ الصَّلاةِ وايتَاءُ الزَّكَاةِ وحجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وصوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلاً ثُمَّ قَالَ والْوَلايَةُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ ولا يَسْأَلُ الرَّبُّ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولَ أَلا زِدْتَنِي عَلَى مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْكَ ولكِنْ مَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) سَنَّ سُنَناً حَسَنَةً جَمِيلَةً يَنْبَغِي لِلنَّاسِ الأخْذُ بِهَا"، "الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْحَلالِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلاءِ الأزْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ خَمْساً فَرَخَّصَ فِي أَرْبَعٍ ولمْ يُرَخِّصْ فِي وَاحِدَةٍ". يعنى أن الله سبحانه وتعالى يقبل من العبد ألا يصلى ولا يزكى ولا يصوم ولا يحج، لكنه لا يسامحه أبدا إذا لم يكن شيعيا! فكيف يفسر لنا صانع هذا الحديث ما نقرؤه فى الحديث التالى، وهو من أحاديث "الكافى"، من كلام هو نفسه ما تقوله الأحاديث الموجودة فى كتب أهل السنة حَذْوَك القِذَّة بالقِذَّة؟: "فَلَمَّا أَذِنَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَنَى الأسْلامَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وانَّ مُحَمَّداً (صلى الله عليه وآله) عَبْدُهُ ورسُولُهُ واقَامِ الصَّلاةِ وايتَاءِ الزَّكَاةِ وحجِّ الْبَيْتِ وصيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ".
***
ليس هذا فحسب، بل إن فى "الكافى" أحاديث تسىء إلى على وآل البيت أنفسهم: فمثلا هل من الممكن أن يكون على رضى الله عنه بهذه الخشونة التى يصورها الحديث التالى: "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ دَخَلَ رَجُلانِ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَأَلْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وِسَادَةً فَقَعَدَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا وابَى الأخَرُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) اقْعُدْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لا يَأْبَى الْكَرَامَةَ إِلا حِمَارٌ ثُمَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ"؟ لا أظن أبا الحسن، كرم الله وجهه وطهَّر لسانه عن مثل تلك الخشونة، يمكن أن يصدر عنه شىء من هذا. كذلك لا يمكن أن نصدق ما نسبه إليه ملفق الحديث التالى: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ إِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الزَّانِي أَنَّهُ قَدْ جَلَسَ مِنْهَا مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَ وكانَ عَلِيٌّ (عليه السلام) يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ أَمْكَنْتَنِي مِنَ الْمُغِيرَةِ لأرْمِيَنَّهُ بِالْحِجَارَةِ"، إذ كيف يفكر علىٌّ على هذا النحو الهزلى، وقد مضى حكم عمر فى المغيرة، وانتهت القضية؟ ثم كيف والرسول أمر بدرء الحدود بالشبهات؟ وهذا إن كان فى الأمر شبهة، إذ إن نصاب الشهود لم يكتمل، فلم يشهد إلا ثلاثة منهم فقط.
أم هل من الممكن أن يُنْزِل، كرَّم الله وجهه، العقاب بإنسان قد مات، فضلا عن أن يكون سبب موته إقامة حد آخر عليه منذ لحظات؟ ألا إن هذا لهو العبث بعينه، وحاشا عليًّا أن يكون بهذه العقلية!: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ (عليه السلام) قَالَ أُتِيَ عُمَرُ بِرَجُلٍ وقدْ نُكِحَ فِي دُبُرِهِ فَهَمَّ أَنْ يَجْلِدَهُ فَقَالَ لِلشُّهُودِ رَأَيْتُمُوهُ يُدْخِلُهُ كَمَا يُدْخَلُ الْمِيلُ فِي الْمُكْحُلَةِ فَقَالُوا نَعَمْ فَقَالَ لِعَلِيٍّ (عليه السلام) مَا تَرَى فِي هَذَا فَطَلَبَ الْفَحْلَ الَّذِي نَكَحَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) أَرَى فِيهِ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ قَالَ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ ثُمَّ قَالَ خُذُوهُ فَقَدْ بَقِيَتْ لَهُ عُقُوبَةٌ أُخْرَى قَالُوا وما هِيَ قَالَ ادْعُوا بِطُنٍّ مِنْ حَطَبٍ فَدَعَا بِطُنٍّ مِنْ حَطَبٍ فَلُفَّ فِيهِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ قَالَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً لَهُمْ فِي أَصْلابِهِمْ أَرْحَامٌ كَأَرْحَامِ النِّسَاءِ قَالَ فَمَا لَهُمْ لا يَحْمِلُونَ فِيهَا قَالَ لأنَّهَا مَنْكُوسَةٌ فِي أَدْبَارِهِمْ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ فَإِذَا هَاجَتْ هَاجُوا واذَا سَكَنَتْ سَكَنُوا".
أم هل من الممكن أن يكون أبو عبد الله، وهو مَنْ هو عندالشيعة، على هذا الخلق الكريه، خلق النفاق والجبن والتلون وسلاطة اللسان كما يصوره هذا الحديث الغريب؟: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وعلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ جَمِيعاً عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وذكِرَ هَؤُلاءِ عِنْدَهُ وسوءُ حَالِ الشِّيعَةِ عِنْدَهُمْ فَقَالَ إِنِّي سِرْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ وهوَ فِي مَوْكِبِهِ وهوَ عَلَى فَرَسٍ وبيْنَ يَدَيْهِ خَيْلٌ ومنْ خَلْفِهِ خَيْلٌ وانَا عَلَى حِمَارٍ إِلَى جَانِبِهِ فَقَالَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَدْ كَانَ فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفْرَحَ بِمَا أَعْطَانَا اللَّهُ مِنَ الْقُوَّةِ وفتَحَ لَنَا مِنَ الْعِزِّ ولا تُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّكَ أَحَقُّ بِهَذَا الأمْرِ مِنَّا واهْلَ بَيْتِكَ فَتُغْرِيَنَا بِكَ وبهِمْ قَالَ فَقُلْتُ ومنْ رَفَعَ هَذَا إِلَيْكَ عَنِّي فَقَدْ كَذَبَ فَقَالَ لِي أَتَحْلِفُ عَلَى مَا تَقُولُ قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ النَّاسَ سَحَرَةٌ يَعْنِي يُحِبُّونَ أَنْ يُفْسِدُوا قَلْبَكَ عَلَيَّ فَلا تُمَكِّنْهُمْ مِنْ سَمْعِكَ فَإِنَّا إِلَيْكَ أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَيْنَا فَقَالَ لِي تَذْكُرُ يَوْمَ سَأَلْتُكَ هَلْ لَنَا مُلْكٌ فَقُلْتَ نَعَمْ طَوِيلٌ عَرِيضٌ شَدِيدٌ فَلا تَزَالُونَ فِي مُهْلَةٍ مِنْ أَمْرِكُمْ وفسْحَةٍ مِنْ دُنْيَاكُمْ حَتَّى تُصِيبُوا مِنَّا دَماً حَرَاماً فِي شَهْرٍ حَرَامٍ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ الْحَدِيثَ فَقُلْتُ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ أَنْ يَكْفِيَكَ فَإِنِّي لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا وانَّمَا هُوَ حَدِيثٌ رَوَيْتُهُ ثُمَّ لَعَلَّ غَيْرَكَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ يَتَوَلَّى ذَلِكَ فَسَكَتَ عَنِّي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى مَنْزِلِي أَتَانِي بَعْضُ مَوَالِينَا فَقَالَ جُعِلْتُ فِدَاكَ واللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُكَ فِي مَوْكِبِ أَبِي جَعْفَرٍ وانْتَ عَلَى حِمَارٍ وهوَ عَلَى فَرَسٍ وقدْ أَشْرَفَ عَلَيْكَ يُكَلِّمُكَ كَأَنَّكَ تَحْتَهُ فَقُلْتُ بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِي هَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْخَلْقِ وصاحِبُ هَذَا الأمْرِ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ وهذَا الأخَرُ يَعْمَلُ بِالْجَوْرِ ويقْتُلُ أَوْلادَ الأنْبِيَاءِ ويسْفِكُ الدِّمَاءَ فِي الأرْضِ بِمَا لا يُحِبُّ اللَّهُ وهوَ فِي مَوْكِبِهِ وانْتَ عَلَى حِمَارٍ فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شَكٌّ حَتَّى خِفْتُ عَلَى دِينِي ونفْسِي قَالَ فَقُلْتُ لَوْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ حَوْلِي وبيْنَ يَدَيَّ ومنْ خَلْفِي وعنْ يَمِينِي وعنْ شِمَالِي مِنَ الْمَلائِكَةِ لاحْتَقَرْتَهُ واحْتَقَرْتَ مَا هُوَ فِيهِ فَقَالَ الأنَ سَكَنَ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ إِلَى مَتَى هَؤُلاءِ يَمْلِكُونَ أَوْ مَتَى الرَّاحَةُ مِنْهُمْ فَقُلْتُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُدَّةً قَالَ بَلَى فَقُلْتُ هَلْ يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ أَنَّ هَذَا الأمْرَ إِذَا جَاءَ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ حَالَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ وكيْفَ هِيَ كُنْتَ لَهُمْ أَشَدَّ بُغْضاً ولوْ جَهَدْتَ أَوْ جَهَدَ أَهْلُ الأرْضِ أَنْ يُدْخِلُوهُمْ فِي أَشَدِّ مَا هُمْ فِيهِمْ مِنَ الأثْمِ لَمْ يَقْدِرُوا فَلا يَسْتَفِزَّنَّكَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ ولرَسُولِهِ وللْمُؤْمِنِينَ ولكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ أَلا تَعْلَمُ أَنَّ مَنِ انْتَظَرَ أَمْرَنَا وصبَرَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ الأذَى والْخَوْفِ هُوَ غَداً فِي زُمْرَتِنَا فَإِذَا رَأَيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وذهَبَ أَهْلُهُ ورأَيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلادَ ورأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ واحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَ وُجِّهَ عَلَى الأهْوَاءِ ورأَيْتَ الدِّينَ قَدِ انْكَفَأَ كَمَا يَنْكَفِئُ الْمَاءُ ورأَيْتَ أَهْلَ الْبَاطِلِ قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ ورأَيْتَ الشَّرَّ ظَاهِراً لا يُنْهَى عَنْهُ ويعْذَرُ أَصْحَابُهُ ورأَيْتَ الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ واكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ والنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ ورأَيْتَ الْمُؤْمِنَ صَامِتاً لا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ورأَيْتَ الْفَاسِقَ يَكْذِبُ ولا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وفرْيَتُهُ ورأَيْتَ الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ بِالْكَبِيرِ ورأَيْتَ الأرْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ ورأَيْتَ مَنْ يَمْتَدِحُ بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ ولا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ورأَيْتَ الْغُلامَ يُعْطِي مَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ ورأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النِّسَاءَ ورأَيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ فَلا يُنْهَى ولا يُؤْخَذُ عَلَى يَدَيْهِ ورأَيْتَ النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِمَّا يَرَى الْمُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ الاجْتِهَادِ ورأَيْتَ الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وليْسَ لَهُ مَانِعٌ ورأَيْتَ الْكَافِرَ فَرِحاً لِمَا يَرَى فِي الْمُؤْمِنِ مَرِحاً لِمَا يَرَى فِي الأرْضِ مِنَ الْفَسَادِ ورأَيْتَ الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلانِيَةً ويجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لا يَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ ورأَيْتَ الأمِرَ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِيلًا ورأَيْتَ الْفَاسِقَ فِيمَا لا يُحِبُّ اللَّهُ قَوِيّاً مَحْمُوداً ورأَيْتَ أَصْحَابَ الأيَاتِ يُحْتَقَرُونَ ويحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ ورأَيْتَ سَبِيلَ الْخَيْرِ مُنْقَطِعاً وسبِيلَ الشَّرِّ مَسْلُوكاً ورأَيْتَ بَيْتَ اللَّهِ قَدْ عُطِّلَ ويؤْمَرُ بِتَرْكِهِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لا يَفْعَلُهُ ورأَيْتَ الرِّجَالَ يَتَسَمَّنُونَ لِلرِّجَالِ والنِّسَاءَ لِلنِّسَاءِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ دُبُرِهِ ومعِيشَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ فَرْجِهَا ورأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَّخِذْنَ الْمَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرِّجَالُ ورأَيْتَ التَّأْنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاسِ قَدْ ظَهَرَ واظْهَرُوا الْخِضَابَ وامْتَشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا واعْطَوُا الرِّجَالَ الأمْوَالَ عَلَى فُرُوجِهِمْ وتنُوفِسَ فِي الرَّجُلِ وتغَايَرَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وكانَ صَاحِبُ الْمَالِ أَعَزَّ مِنَ الْمُؤْمِنِ وكانَ الرِّبَا ظَاهِراً لا يُعَيَّرُ وكانَ الزِّنَا تُمْتَدَحُ بِهِ النِّسَاءُ ورأَيْتَ الْمَرْأَةَ تُصَانِعُ زَوْجَهَا عَلَى نِكَاحِ الرِّجَالِ ورأَيْتَ أَكْثَرَ النَّاسِ وخيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النِّسَاءَ عَلَى فِسْقِهِنَّ ورأَيْتَ الْمُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلًا ورأَيْتَ الْبِدَعَ والزِّنَا قَدْ ظَهَرَ ورأَيْتَ النَّاسَ يَعْتَدُّونَ بِشَاهِدِ الزُّورِ ورأَيْتَ الْحَرَامَ يُحَلَّلُ ورأَيْتَ الْحَلالَ يُحَرَّمُ ورأَيْتَ الدِّينِ بِالرَّأْيِ وعطِّلَ الْكِتَابُ واحْكَامُهُ ورأَيْتَ اللَّيْلَ لا يُسْتَخْفَى بِهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ ورأَيْتَ الْمُؤْمِنَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ إِلا بِقَلْبِهِ ورأَيْتَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمَالِ يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ ورأَيْتَ الْوُلاةَ يُقَرِّبُونَ أَهْلَ الْكُفْرِ ويبَاعِدُونَ أَهْلَ الْخَيْرِ ورأَيْتَ الْوُلاةَ يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْمِ ورأَيْتَ الْوِلايَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ ورأَيْتَ ذَوَاتِ الأرْحَامِ يُنْكَحْنَ ويكْتَفَى بِهِنَّ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عَلَى التُّهَمَةِ وعلَى الظِّنَّةِ ويتَغَايَرُ عَلَى الرَّجُلِ الذَّكَرِ فَيَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ ومالَهُ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُعَيَّرُ عَلَى إِتْيَانِ النِّسَاءِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ امْرَأَتِهِ مِنَ الْفُجُورِ يَعْلَمُ ذَلِكَ ويقِيمُ عَلَيْهِ ورأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا وتعْمَلُ مَا لا يَشْتَهِي وتنْفِقُ عَلَى زَوْجِهَا ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُكْرِي امْرَأَتَهُ وجارِيَتَهُ ويرْضَى بِالدَّنِيِّ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ ورأَيْتَ الأيْمَانَ بِاللَّهِ عَزَّ وجلَّ كَثِيرَةً عَلَى الزُّورِ ورأَيْتَ الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ ورأَيْتَ الشَّرَابَ يُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ ورأَيْتَ النِّسَاءَ يَبْذُلْنَ أَنْفُسَهُنَّ لأهْلِ الْكُفْرِ ورأَيْتَ الْمَلاهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لا يَمْنَعُهَا أَحَدٌ أَحَداً ولا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ عَلَى مَنْعِهَا ورأَيْتَ الشَّرِيفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ ورأَيْتَ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ الْوُلاةِ مَنْ يَمْتَدِحُ بِشَتْمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ورأَيْتَ مَنْ يُحِبُّنَا يُزَوَّرُ ولا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ورأَيْتَ الزُّورَ مِنَ الْقَوْلِ يُتَنَافَسُ فِيهِ ورأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُهُ وخفَّ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُ الْبَاطِلِ ورأَيْتَ الْجَارَ يُكْرِمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ ورأَيْتَ الْحُدُودَ قَدْ عُطِّلَتْ وعمِلَ فِيهَا بِالأهْوَاءِ ورأَيْتَ الْمَسَاجِدَ قَدْ زُخْرِفَتْ ورأَيْتَ أَصْدَقَ النَّاسِ عِنْدَ النَّاسِ الْمُفْتَرِيَ الْكَذِبَ ورأَيْتَ الشَّرَّ قَدْ ظَهَرَ والسَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ ورأَيْتَ الْبَغْيَ قَدْ فَشَا ورأَيْتَ الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ ويبَشِّرُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً ورأَيْتَ طَلَبَ الْحَجِّ والْجِهَادِ لِغَيْرِ اللَّهِ ورأَيْتَ السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِرِ الْمُؤْمِنَ ورأَيْتَ الْخَرَابَ قَدْ أُدِيلَ مِنَ الْعُمْرَانِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ بَخْسِ الْمِكْيَالِ والْمِيزَانِ ورأَيْتَ سَفْكَ الدِّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا ورأَيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ لِعَرَضِ الدُّنْيَا ويشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللِّسَانِ لِيُتَّقَى وتسْنَدَ إِلَيْهِ الأمُورُ ورأَيْتَ الصَّلاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا ورأَيْتَ الرَّجُلَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ ثُمَّ لَمْ يُزَكِّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ ورأَيْتَ الْمَيِّتَ يُنْبَشُ مِنْ قَبْرِهِ ويؤْذَى وتبَاعُ أَكْفَانُهُ ورأَيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ ويصْبِحُ سَكْرَانَ لا يَهْتَمُّ بِمَا النَّاسُ فِيهِ ورأَيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ ورأَيْتَ الْبَهَائِمَ يَفْرِسُ بَعْضُهَا بَعْضاً ورأَيْتَ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلَى مُصَلاهُ ويرْجِعُ وليْسَ عَلَيْهِ شَيْ‏ءٌ مِنْ ثِيَابِهِ ورأَيْتَ قُلُوبَ النَّاسِ قَدْ قَسَتْ وجمَدَتْ أَعْيُنُهُمْ وثقُلَ الذِّكْرُ عَلَيْهِمْ ورأَيْتَ السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ يُتَنَافَسُ فِيهِ ورأَيْتَ الْمُصَلِّيَ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَرَاهُ النَّاسُ ورأَيْتَ الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْرِ الدِّينِ يَطْلُبُ الدُّنْيَا والرِّئَاسَةَ ورأَيْتَ النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ ورأَيْتَ طَالِبَ الْحَلالِ يُذَمُّ ويعَيَّرُ وَ طَالِبَ الْحَرَامِ يُمْدَحُ ويعَظَّمُ ورأَيْتَ الْحَرَمَيْنِ يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لا يُحِبُّ اللَّهُ لا يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ ولا يَحُولُ بَيْنَهُمْ وبيْنَ الْعَمَلِ الْقَبِيحِ أَحَدٌ ورأَيْتَ الْمَعَازِفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْنِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْحَقِّ ويأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وينْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ فَيَقُولُ هَذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ ورأَيْتَ النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ويقْتَدُونَ بِأَهْلِ الشُّرُورِ ورأَيْتَ مَسْلَكَ الْخَيْرِ وَ طَرِيقَهُ خَالِياً لا يَسْلُكُهُ أَحَدٌ ورأَيْتَ الْمَيِّتَ يُهْزَأُ بِهِ فَلا يَفْزَعُ لَهُ أَحَدٌ ورأَيْتَ كُلَّ عَامٍ يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ والْبِدْعَةِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ ورأَيْتَ الْخَلْقَ والْمَجَالِسَ لا يُتَابِعُونَ إِلا الأغْنِيَاءَ ورأَيْتَ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى عَلَى الضَّحِكِ بِهِ ويرْحَمُ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ ورأَيْتَ الأيَاتِ فِي السَّمَاءِ لا يَفْزَعُ لَهَا أَحَدٌ ورأَيْتَ النَّاسَ يَتَسَافَدُونَ كَمَا يَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ لا يُنْكِرُ أَحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ النَّاسِ ورأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ ويمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ورأَيْتَ الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ واسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْنِ وكانَا مِنْ أَسْوَإِ النَّاسِ حَالًا عِنْدَ الْوَلَدِ ويفْرَحُ بِأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِمَا ورأَيْتَ النِّسَاءَ وقدْ غَلَبْنَ عَلَى الْمُلْكِ وغلَبْنَ عَلَى كُلِّ أَمْرٍ لا يُؤْتَى إِلا مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى ورأَيْتَ ابْنَ الرَّجُلِ يَفْتَرِي عَلَى أَبِيهِ ويدْعُو عَلَى وَالِدَيْهِ ويفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا ورأَيْتَ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ ولمْ يَكْسِبْ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ مِنْ فُجُورٍ أَوْ بَخْسِ مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ أَوْ غِشْيَانِ حَرَامٍ أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً حَزِيناً يَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضِيعَةٌ مِنْ عُمُرِهِ ورأَيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ ورأَيْتَ أَمْوَالَ ذَوِي الْقُرْبَى تُقْسَمُ فِي الزُّورِ ويتَقَامَرُ بِهَا وتشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ ورأَيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوَى بِهَا ويوصَفُ لِلْمَرِيضِ ويسْتَشْفَى بِهَا ورأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الأمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وترْكِ التَّدَيُّنِ بِهِ ورأَيْتَ رِيَاحَ الْمُنَافِقِينَ واهْلِ النِّفَاقِ قَائِمَةً وريَاحَ أَهْلِ الْحَقِّ لا تَحَرَّكُ ورأَيْتَ الأذَانَ بِالأجْرِ والصَّلاةَ بِالأجْرِ ورأَيْتَ الْمَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لا يَخَافُ اللَّهَ مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ واكْلِ لُحُومِ أَهْلِ الْحَقِّ ويتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ الْمُسْكِرِ ورأَيْتَ السَّكْرَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وهوَ لا يَعْقِلُ ولا يُشَانُ بِالسُّكْرِ واذَا سَكِرَ أُكْرِمَ واتُّقِيَ وخيفَ وترِكَ لا يُعَاقَبُ ويعْذَرُ بِسُكْرِهِ ورأَيْتَ مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى يُحْمَدُ بِصَلاحِهِ ورأَيْتَ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلافِ مَا أَمَرَ اللَّهُ ورأَيْتَ الْوُلاةَ يَأْتَمِنُونَ الْخَوَنَةَ لِلطَّمَعِ ورأَيْتَ الْمِيرَاثَ قَدْ وَضَعَتْهُ الْوُلاةُ لأهْلِ الْفُسُوقِ والْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ ويخَلُّونَهُمْ وما يَشْتَهُونَ ورأَيْتَ الْمَنَابِرَ يُؤْمَرُ عَلَيْهَا بِالتَّقْوَى ولا يَعْمَلُ الْقَائِلُ بِمَا يَأْمُرُ ورأَيْتَ الصَّلاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِأَوْقَاتِهَا ورأَيْتَ الصَّدَقَةَ بِالشَّفَاعَةِ لا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ ويعْطَى لِطَلَبِ النَّاسِ ورأَيْتَ النَّاسَ هَمُّهُمْ بُطُونُهُمْ وفرُوجُهُمْ لا يُبَالُونَ بِمَا أَكَلُوا وما نَكَحُوا ورأَيْتَ الدُّنْيَا مُقْبِلَةً عَلَيْهِمْ ورأَيْتَ أَعْلامَ الْحَقِّ قَدْ دَرَسَتْ فَكُنْ عَلَى حَذَرٍ واطْلُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وجلَّ النَّجَاةَ واعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ فِي سَخَطِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ وانَّمَا يُمْهِلُهُمْ لأمْرٍ يُرَادُ بِهِمْ فَكُنْ مُتَرَقِّباً واجْتَهِدْ لِيَرَاكَ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ فِي خِلافِ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَإِنْ نَزَلَ بِهِمُ الْعَذَابُ وكنْتَ فِيهِمْ عَجَّلْتَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وانْ أُخِّرْتَ ابْتُلُوا وكنْتَ قَدْ خَرَجْتَ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وجلَّ واعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وانَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ". ثم هل من المعقول أن يظل أحد يتحدث كل هذا الوقت ردا على سؤال شفوى عابر؟

***
وبعد، فهل ينبغى أن يصنع أهل السنة صنيع الموسوى ويتهموا عليًّا وغيره من الصحابة الذين تُنْسَب إليهم نقل تلك الأحاديث السابقة بما يتهم به الشيعةُ أبا هريرة وغيره وينالوا منهم كما نالوا هم من ذلك الصحابى الكريم وأمثاله؟ لا أظن هذا يمكن أن يحدث أبد الآبدين ودهر الداهرين. بل الأقرب إلى العقل والمنطق أن يقال إن أحد الرواة المتأخرين هو الذى أخطأ ونسب هذه الأحاديث إلى علىٍّ وغيره من آل البيت رضى الله عنهم أجمعين. فهذا ما أريد أن ألفت نظر أهل التشيع إليه وأطالبهم بتفهمه والكف عن أعراض صحابة رسول الله الذين يَرَوْن أنهم كانوا يعادون عليًّا كرم الله وجهه، ونرى نحن أنهم لم يكونوا يعادونه، بل أقصى ما يقال إنهم رَأَوْا فى بعض قضايا الإسلام والمسلمين رؤية أخرى غير التى كان يراها رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

[email protected]
http://awad.phpnet.us/
http://ibrahimawad.com/
http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9
 
جزاك الله خيراً د. إبراهيم

وأحب هنا أن أسجل بعض الملاحظات:

لا شك أن الخلاف بيننا وبين الشيعة هو في الأصول وليس في الفروع. فالسنة عندهم تشمل ما نقل عن الأئمة. وهذا تحريف يجعل من البشر مشرعين. ولا أدري ما الذي يحمل الكثير من العلماء على الصمت تجاه هذا الأمر الخطير.

أنا من الذين نشأوا يحبون الصحابة ومنهم علي والحسن والحسين حتى قرأت للشيعة فكدّروا هذه المحبة فلم تعد صافية كما كانت، لأن من نشأ على التوحيد ينكر الوثنية.

أنا من الذين كانوا يعتبرون الشيعة فرقة إسلامية لأنني كنت أقرأ كتابات أهل السنة عن الشيعة، حتى تيسر لي أن أسمع الشيعة مباشرة عبر الفضائيات والإنترنت والكتب المطبوعة من قِبلهم فأدركت أننا كنا نعيش في خدعة تحت عنوان وحدة المسلمين.

إن علماء الشيعة أصدق من كثير من علمائنا لأنهم يعلمون أنهم يختلفون عنا اختلافا جذرياً، وقد سول لهم هذا أن يستقدموا الأمريكان إلى العراق ويقتلوا أكثر من مليون من المسلمين ثم يريدوننا أن ننسى باسم وحدة الأمة الإسلامية. نعم علينا أن ننسى ما فعلوه في العراق ليعيدوا الكرة بعد حين.
من يقرأ كلامهم عن الأئمة يدرك أنهم غالوا في الأئمة كما فعلت النصارى عندما غالت في المسيح وأمه عليهما السلام.
(فاصدع بما تؤمر...).
 
عودة
أعلى