بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم اما بعد:
هذه جملة من اللطائف القرآنية اساهم بها في منتدانا الجميل هذا واليوم ادون لطيفة من سورة النازعات:
فان سورة النازعات تضمنت اسلوبا مميزا لحظته بعد طول نظر،فهذه السورة استعملت القمة من كل شئ فلو جئنا للقوة راينا ان اقصى قوة تاتي في قول الجليل عز وجل {والنازعات غرقا} ولو جئنا للتوكيد لراينا القسم واضحا في السورة ولو جئنا للسرعة لراينا كلمتان تدلان على اقصى السرعة { فالسابقات سبقا} ولو جئنا للاضطراب فلن تجد اضطرابا اكثر من قوله تعالى {يوم ترجف الراجفة} فالارض المرجوفة بلغ بها من الرجفة مبلغا تحولت بها من مرجوفة الى راجفة ولو جئت للاضطراب الذي حل بالبشر رايت قوله تعالى {قلوب يومئذ واجفة @ ابصارها خاشعة } فترى ان اخص واعمق عضو بالانسان وهو قلبه قد بلغ به الاضطراب مبلغ الوجف
وهو الاسراع في الخفقان عند الخوف الشديد واي خفقان سريع فان اصل الوجف ان تخيف الخيل وغيره بحركة مفاجئة فتجفل الخيل واجفة سريعة فالوجف سرعة السير:ثم انظر لكأن هذه القلوب ابصارا ثم انظر لما حل بابصار القلوب :خاشعة منكسرة ذليلة خائفة
اذن كما قلنا قمة الاضطراب
ثم الى الزجرة ثم الى فرعون قمة من طغى من البشر ثم انظر بم وصف اية موسى {الكبرى} ثم انظر لما استدل على قدرته في الخلق
ثم الى الطامة الكبرى ثم لما اختار اللفظة التي تعني النار والعذاب اختار كلمة {الجحيم} فقد ذكر اللغويون انها نار على نار وجمر على جمر
كما قال العسكري في معجم الفروق :وجاحم الحرب اشد موضع فيها ويقال لعين الاسد جحمة لشدة توقدها واخيرا في نهاية السورة ذكر اقصر مدة يمكن بها وصف مدة هذه الدنيا{عشية او ضحاها} والسلام عليكم
بسم1 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ففي مطلع سورة النازعات نقرا {يقولون اءنا لمردودون في الحافرة@اءذا كنا عظاما نخرة@قالوا تلك اذن كرة خاسرة@فانما هي زجرة واحدة@فاذا هم بالساهرة} وفيها فوائد:
1- الاولى في الجملتان الفعليتان يقولون و قالوا نراها متتاليتان من نفس القائلين وهم هنا منكرو البعث:وفائدة ذاك ان يقولون مضارعة متجددة متكررة فهم يقولونها دوما عندما ياتي ذكر اليوم الاخر فينكرون اءذا كنا عظاما نخرة؟والجملة الماضية لاتتكرر منهم لأن هذه المقالة قالوها استهزاء فليست مما يتكرر منهم
2-الثانية في افادة اقصى السرعة للمرة الثانية بعدما ذكر في القسم الاول من لطائف سورة النازعات فهنا تعبير ثان للسرعة
فاء ) فإذا هم بالساهرة ( للتفريع على جملة ) إنما هي زجرة واحدة ). و ( إذا ) للمفاجأة ، أي الحصول دون تأخير
والإِتيان ب ( إذا ) الفجائية للدلالة على سرعة حضورهم بهذا المكان عقب البعث .
وعطفها بالفاء لتحقيق ذلك المعنى الذي أفادته ( إذا ) لأن الجمع بين المفاجأة والتفريع أشد ما يعبر به عن السرعة مع إيجاز اللفظ .
بسم1 و الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نلحظ في سورة النازعات ملحظا دقيقا ان هذه السورة فيها الكثير من دلائل الحركة
السابحات فالسباحة حركة السابقات السباق حركة الراجفة الرجف حركة الواجفة والوجف حركة والزجر وهو التحريك بعنف وغضب من هو ساكن هامد نائم ايضا حركة اذهب والذهاب حركة يسعى والسعي حركة وكذلك الحشر ومن معاني العبرة العبور وهي حركة ومن معاني النشط الحركة لانه اخراج الدلو من البئر وهناك كلمة اخرج صريحة وهي حركة ومرسى الشئ استقراره بعد انتهاء حركته
فاذن السورة حافلة بمظاهر الحركة والسلام عليكم
1 –اضافة لما سبق فقد ذكر في سورة النازعات أ--قمة الاظلامات فالغطش هو شدة ظلمة الليل ب --قمة الحوادث فالطامة الحدث الذي يذهلك ويغمرك كما يغمر الفيضان كل شئ
2- تلحظ في سورة النازعات نوعا من التعاكس فالنزع شئ تجره وتبذل فيه قوة لاخراجه وهو لايريد
والمردود ان يعود شئ الى مكان بعد ان ذهب عنه اي العكس في الاتجاه الحركي كذلك كلمة الكرة:ثم ترى كلمة الساهرة والموضع موضع الغافلين المكذبين بالبعث فكأنهم النائمين فهذا كالاضداد اللغوية ثم ان هناك تعاكسا اخرا فهاهو من طغى يدعوه الكليم باللين من القول:وهاهو تعاكس اتجاهات الهداية والسعاية بالكفر فان الجليل ينادي كليمه في الوادي وهاهو فرعون يتجبر في مكان عالي((عال في الارض)سورة يونس 83) ولو رأينا بعين بعض المفسرين في النازعات بانها السهام التي يسحبها الرامون اقصى مايمكن فالناشطات سهام مقذوفة في عكس الاتجاه وعكس ردة الفعل ففي اقواسها تسحب ببطء وفي نشطها ورميها تنطلق من عقالها مسرعة ثم ان البعث هو نفسه حركة عكسية فهو بناء بعد هدم، حيوان بعد موت والسلام عليكم
بسم1 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذا جميل ماقرات عن لطائف سورة النازعات عن التناسب بين القسم في المطلع وقصة فرعون وموسى عليه السلام قال البقاعى :
ولما كانت قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع القبط أشبه شيء بالقيامة لما حصل فيها من التقلبات والتغيرات وإيجاد المعدومات من الجراد والقمل والضفادع على تلك الهيئات الخارجة عن العادات في أسرع وقت.وقهر الجبابرة والمن على الضعفاء حتى كان آخر ذلك أن حشر بني إسرائيل فنشطهم من القبط نشطا رقيقا كلهم وجميع ما لهم مع دوابهم إلى ربهم وحشر جميع القبط وراءهم فنزعهم نزعا كلهم بحشر فرعون لهم بأصوات المنادين عنه في أسرع وقت وأيسر أمر إلى هلاكهم كما يحشر الأموات بعد إحيائهم بالصيحة إلى الساهرة ، ثم كانت العاقبة في الطائفتين بما للمدبرات أمرا أن نجا بنو إسرائيل بالبحر كما ينجو يوم البعث المؤمنون بالصراط ، وهلك فرعون وآله به كما يتساقط الكافرون بالصراط ، وذلك أنه رأى فرعون وجنوده البحر قد انفلق لبني إسرائيل فلم يعتبروا بذلك ثم دخلوا فيه وراءهم ، ولم يجوزوا أن الذي حسره عن مكانه قادر على أن يعيده كما ابتدأه فيغرقهم واستمروا في عماهم حتى رده الله فأغرقهم به كما أن من يكذب بالقيامة رأى بدء الله له ولغيره وإفناءه بعد إبدائه ثم إنه لم يجز أن يعيده كما بدأه أول مرة ، وصل بذلك قوله تعالى جوابا لمن يقول : هل لذلك من دليل؟ مخاطبا لأشرف الخلق إشارة إلى أنه لا يعتبر هذا حق اعتباره إلا أنت ، مستفهما عن الإتيان للتنبيه والحث على جمع النفس على التأمل والتدبر والاعتبار مقررا ومسليا له ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومهددا للمكذبين أن يكون حالهم - وهم أضعف أهل الأرض لأنه لا ملك لهم - كحال فرعون في هذا ، وقد كان أقوى أهل الأرض بما كان له من الملك وكثرة الجنود وقوتهم وسحرهم ومرودهم في خداعهم ومكرهم ورأى من الآيات ما لم يره أحد قبله ، فلما أصر على التكذيب ولم يرجع ولا أفاده التأديب أغرقه الله وآله فلم يبق منهم أحدا وقد كانوا لا يحصون عددا بحيث إنه قيل : إن طليعته كانت على عدد بني إسرائيل ستمائة ألف انتهى والسلام عليكم
بسم1 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فمن جميل تناسب سورة النازعات مع سورة عبس بالاضافة لماذكره علماء المناسبات هو كثرة مدلولات الرؤية في سورة النازعات ثم تاتي سورة عبس لتتحدث عن الاعمى الذي يؤمن ويتزكى اما مدلولات الرؤية فناتي على ايرادها
1- (ابصارها خاشعة)الاية 9
2- (فاذا هم بالساهرة) الاية 14
3- (فاراه الاية الكبرى)الاية 20
4- (وبرزت الجحيم لمن يرى) الاية 36
5-(كانهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية او ضحاها) الاية 46
وهكذا ترى كم حفلت ايات السورة بايات الابصار والمبصرين لنتعلم انما البصائر هي التي تهم وهاهو فرعون يرى الاية الكبرى ويكذب الرسول ويعصى الله جل وعلا ثم هاهو الاعمى يؤمن ويتزكى ويسعى للهدى .والسلام عليكم
بسم1 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فان سورة النازعات وصفت ارض المحشر بالساهرة فوضعت هدفا للتدبر وسألت لم ذكرت الارض بهذا الاسم هنا بالذات وهي ليست المرة الاولى في ذكر ارض المحشر فقد ورد اوصاف لها في مواضع اخرى لكنها سميت في سورة النازعات بالساهرة لم تذكر الا هنا فلماذا؟
اقول بعد النظر في المعنى اللغوي في المعاجم والقواميس:التي ذكرت ان الساهرة اطلقت على ارض الدنيا لسببين اولهما لسهر الارض ليلا ونهارا لتعمل في انبات النبات فهي ساهرة:والثاني ان الارض المستوية يظهر عليها السراب والسراب يظهر للناظر كالماء الجاري والعين الجارية تسمى ساهرة ايضا واضاف الامام الفخر الرازي في مفاتيح الغيب ان الساهرة يسهر بها الكفار لخوفهم ورعبهم فيطير النوم منهم
انتهى.ولو نظرت للاية(فانما هي زجرة واحدة)لاستفدنا ملحظا جديدا في تسمية الارض بالساهرة فان الزجر لمن سها وغفل وسكن ونام و هو نهر مع صياح وغضب فانظر رحمك الله لحال من زجره القوي عز وجل (فاذا هم بالساهرة) لقد اصبحوا في لمحة بالبصر في ارض لاتنام ولاينامون هم بعد فيها هي ساهرة فالاحرى انهم ساهرون بها من باب اولى والموتى حالهم كالنيام الغافلين حتى لو لم يكونوا نائمين في قبورهم فهم غافلين عما هم مقبلون عليه ولقد قالوها ووصفوها (كرة خاسرة) وهناك ملحظ اخر فان المعنى اللغوي الذي يذكر ان الساهرة في الدنيا تسهر لانبات النبات هاهي في الاخرى تسهر لاخراج الموتى من بطنها فلا تنام ولا تتوقف الى ان تتم عملها والسلام عليكم
بسم1 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ملحظ لطيف احببت اضافته لهذا الموضوع فلو نظرت الى سورة النازعات لوجدت في مطلعه ابهاما والى خاتمته لوجدت ابهاما فلقد اقسم الله جل جلاله بطوائف من مخلوقاته في مطلعها اختلف المفسرون في ماهيتها ثم ختم السورة بالمبهم المسؤول عن وقت حصوله ومرساه
او افتتح بالمغيبات وهي طوائف الملائكة وختم بالغيب الذي لايعلمه الاهو سبحانه وتعالى وبينهما بين الغيبين او المبهمين اثبت الحق عز وجل اهم مايجدر بنا ان نعمله ونعتبر منه ونخشاه والسلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من لطيف ماقرأت لمقالة الاستاذ سلامة عبدالهادي محمد العميد السابق لمعهد الطاقة بأسوان عن {اغطش ليلها} بان تلك النجوم التي نراها في سماءنا الصافية هي شموس اضخم من شمسنا ملايين المرات لواقتربت لحرقت ارضنا بل وشمسنا المحدودة حجماوشكلا ولبددت ظلمة ليلنا وماكانت لنا سماء خاصة ننعم بليلها وننعم بهدوئنا ونومنا..فكم ابعدها الحق عز وجل عنا..انها ملايين السنين بالنسبة للضوء اذا سافر والسلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من لطيف ماقرأت لمقالة الاستاذ سلامة عبدالهادي محمد العميد السابق لمعهد الطاقة بأسوان عن {اغطش ليلها} بان تلك النجوم التي نراها في سماءنا الصافية هي شموس اضخم من شمسنا ملايين المرات لواقتربت لحرقت ارضنا بل وشمسنا المحدودة حجماوشكلا ولبددت ظلمة ليلنا وماكانت لنا سماء خاصة ننعم بليلها وننعم بهدوئنا ونومنا..فكم ابعدها الحق عز وجل عنا..انها ملايين السنين بالنسبة للضوء اذا سافر والسلام عليكم
بسم1 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فلو نظرناالى سورة النازعات نظرة عامة لوجدناها ابتدأت بالقسم ثم اتبعت بجواب القسم ثم تجد وصفا لحالة المكذبين بالبعث ثم تجد عرضا لمايقولونه دوما وماقالوه مرة ثم تجدالردعليه ثم تجد ذكرا لفرعون والعبرة من حاله ثم تجد انتقالا لعرض قدرة الله في الكون وامتنانا علينا بما انعمه ثم تذكيرا بالاخرة والانقسام فيه حسب العمل ثم يعرض موضوع وقت مجيئه هل يهم ام ان الخشية والاعتبار اهم..هذه هي خطوط سير السورة..ولندخل الى تفصيل اخر فانك في القسم الذي ابتدأ بها القوي عز وجل لتجد قسما على جنود لله سبحانه وتعالى ولاحسست بضعف البشر ولكأنه _اي القسم_ادى لنا معنى التوكيد على تحقق البعث ومعنى التذكير بضعف البشر امام طوائف وجماعات كثيرة من جند الله تنزع نزعا وتنشط نشط وتسبح سبحا فتسبق سبقا فتدبر امرا فتتواضع النفس المتطاولة على ربها وهو يذكرها بقوته وبعد ذلك تنتقل الاجواء للنقطة الاساسية وهي يوم الراجفة والرادفة فتتصاغر النفس اكثر ثم تصف حال بعض الانفس يومها وكأنها في نسق تدريجي تصاعدي لكل نفس تخشى خالقها وبعد ذلك يذكر السياق لنا مقالاتهم التي يقولونها فنتعجب منها نحن المؤمنون بيوم الدين بل يتعجب لها كل ذي لب:فان اللبيب يعلم ان الكون له مدبر مقتدر وان لكل شيء نهاية وهو يرى نفسه ان لها اجلا تنتهي اليه فهو واضح الضعف امام مدبر واضح القوة سبحانه:وبعد مقالاتهم التي تنم عن عقول وابصار نائمة غافلة تستحق الزجر لتعي وترى ::لهذا تكررت مدلولات الرؤية في السورة لان هؤلاء القوم نائمين غافلين :::ياتي السياق فيبين سهولة البعث ثم ياتي السياق ليذكر مثلا معروفا معلوما لقدرة الله على بشر من خلقه طغى على رسول من رسله لعلهم يعتبرون ويرجعون عن مقالتهم ثم ياتي السياق وهو يتدرج في الرجوع بالزمن من وقت موسى عليه السلام الى وقت اقدم الاوهو وقت الخلق فياتي من ذكرالخلق بما تتقازم حجم النفوس وتتصاغر الفراعين وهي ترى كونا شاسعا متراميا تقصر الانظار عن بلوغ مداه لكن لاتقصر عن فهم مغزى خلقه في ان لها خالقا قويا لايعجزه اعادتهم من موتتهم وربا مدبرا رعاهم من بدء الخلق بماخلق لهم من قوتهم وقوت دوابهم لعلهم يشكروه ثم ينتقل السياق فيطوي صفحة الدنيافجأة كانها عشية اوضحاها:وهذه لوحدها لطيفة من لطائف السورة: فيذكر اليوم الجلل وتذكر العمل وانقسام الملل فيبين مايكون مآل كل قسم وهاهي النفس يذكرها الله بانها منقادة بامره جل جلاله يومها فكيف تشك في الاخرة ثم يذكر السياق في خاتم السورة مايليق ان يذكر وهي وقت ذلك اليوم العظيم ويبين ان مايهم للنفس ما اعدته من عمل لتتقي شر ذلك اليوم الذي سياتي سريعا كما تختم ايات النازعات... عشية اوضحاها ..هذه سورة النازعات فكأنها نزلت تخاطب كل منكر ليوم الدين فتؤكد بالقسم على وقوعه بل وتصف حاله يومها وتذكره بأعتى المنكرين وبالكون دليلان على قدرته عز وجل ثم تخاطب فطرته بان لابدمن حساب بعد الفناء وتنذره .اللهم لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا.والسلام عليكم
سمى الله ذلك اليوم الذي يحل فيه الدمار بهذا العالم ، ثم يعقبه فيه البعث والنشور للجزاء والحساب بأسماء كثيرة ، وقد اعتنى جمع من أهل العلم بذكر هذه الأسماء ، وقد عدها الغزالي والقرطبي فبلغت خمسين اسماً كما يقول ابن حجر العسقلاني (1) .
وقد ساق القرطبي هذه الأسماء مفسراً لها ، ولكنه أخذ تفسيرها من كتاب ( سراج المريدين ) لابن العربي ، وربما زاد عليه شيئاً ما في الشرح والتفسير (2) .
وقد عدَّها بعضهم من غير تفسير ، منهم ابن نجاح في كتابه (( سبيل الخيرات )) ، وأبو حامد الغزالي في (( الإحياء )) وابن قتيبة في (( عيون الأخبار )) (3) .
وسنقتصر في هذا الحديث على ذكر أشهر هذه الأسماء ، مع تعريف كل اسم تعريفاً مختصراً .
أشهر أسماء ذلك اليوم :
1- يوم القيامة : ورد هذا الاسم في سبعين آية من آيات الكتاب ، كقوله تعالى : ( اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ ) [ النساء : 87 ] ، وقوله : ( وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ) [ الإسراء : 97 ] ، وقوله : ( إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) [ الشورى : 45 ] .
والقيامة في اللغة مصدر قام يقوم ، ودخلها التأنيث للمبالغة على عادة العرب ، وسميت بذلك لما يقوم فيها من الأمور العظام التي بينتها النصوص . ومن ذلك قيام الناس لرب العالمين .
قال القرطبي : " والساعة كلمة يعبر بها في العربية عن جزء من الزمان غير محدود ، وفي العرف على جزء من أربعة وعشرين جزءاً من يوم وليلة ، اللذين هما أصل الأزمنة .. وحقيقة الإطلاق فيها أن الساعة بالألف واللام عبارة في الحقيقة عن الوقت الذي أنت فيه، وهو المسمى بالآن ، وسميت به القيامة إما لقربها ، فإن كل آت قريب . وإما أن تكون سميت بها تنبيهاً على ما فيها من الكائنات العظام التي تصهر الجلود . وقيل : إنما سميت بالساعة لأنها تأتي بغتة في ساعة .. " (4) .
7- يوم الفصل : قال تعالى : ( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ) [ الصافات: 21 ] . وقال : ( هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ ) [ المرسلات : 38 ] . وقال : ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ) [ النبأ : 17 ] .
سمي بذلك لأن الله يفصل فيه بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون ، وفيما كانوا فيه يختصمون ، قال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) [ السجدة : 25 ] .
والدين في لغة العرب : الجزاء والحساب . قال الشاعر :
حصادك يوماً ما زرعت وإنما ××× يدان الفتى يوماً كما هو دائن
سمي بذلك لأنه الله يجزي العباد ويحاسبهم في ذلك اليوم .
9- الصاخة : قال تعالى : ( فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ ) [ عبس : 33 ] .
قال القرطبي : " قال عكرمة : الصاخة النفخة الأولى " والطامة النفخة الثانية . قال الطبري : أحسبه من صخ فلان فلاناً إذا أصمه . قال ابن العربي : الصاخة التي تورث الصمم ، وإنها المسمعة ، وهذا من بديع الفصاحة حتى لقد قال بعض أحداث الأسنان حديثي الأزمان :
أصمَّ بك الناعي وإن كنت أسمعا
وقال آخر :
أصمَّني سيرهم أيام فرقتهم ××× فهل سمعتم بسير يورث الصمما
ولعمر الله إن صيحة القيامة مسمعة ، تصم عن الدنيا ، وتسمع أمور الآخرة " (7) . وقال ابن كثير : " قال البغوي : الصاخّة يعني صيحة يوم القيامة ، سميت بذلك لأنها تصخُّ الأسماع ، أي : تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها " (8) .
10- الطامة الكبرى : قال تعالى:( فَإِذَا جَاءتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى )[النازعات : 34] .
سميت بذلك لأنها تطم على كل أمر هائل مفظع ، كما قال تعالى : ( وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )[ القمر : 46 ] .
قال القرطبي : " الطامَّة الغالبة . من قولك : طمَّ الشيء إذا علا وغلب . ولما كانت تغلب كل شيء كان لها هذا الاسم حقيقة دون كل شيء . قال الحسن : الطامة : النفخة الثانية . وقيل : حين يسار أهل النار إلى النار " (9) .
11- يوم الحسرة : قال تعالى : ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) [ مريم : 39 ] .
سمي بذلك لشدة تحسر العباد في ذلك اليوم وتندمهم . أما الكفار فلعدم إيمانهم ( حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ) [ الأنعام : 31 ] ، واستمع إلى تحسر الكفار عندما يحل بهم العذاب : ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ - أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) [ الزمر : 56-58 ] .
ويتحسر المؤمنون في ذلك اليوم بسبب عدم استزادتهم من أعمال البر والتقوى .
12- الغاشية : قال تعالى : ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) [ الغاشية : 1 ] ، سميت بذلك لأنها تغشى الناس بأفزاعها وتغمهم ، ومن معانيها أن الكفار تغشاهم النار ، وتحيط بهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، كما قال تعالى : ( يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) [ العنكبوت : 55 ] . وقال : ( لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ) [ الأعراف : 41 ] .
13- يوم الخلود : قال تعالى :( ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) [ق : 34] .
سمي ذلك اليوم بيوم الخلود لأن الناس يصيرون إلى دار الخلد ، فالكفار مخلدون في النار ، والمؤمنون مخلدون في الجنان ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [ البقرة : 39 ] ، وقال : ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [ آل عمران : 107 ] .
سمي بذلك اليوم بيوم الحساب ، لأن الله يحاسب فيه عباده ، قال القرطبي :
" معنى الحساب أن الله يعدِّد على الخلق أعمالهم من إحسان وإساءة ، ويعدِّد عليهم نعمه ، ثم يقابل البعض بالبعض ، فما يشف منها على الآخر حكم للمشفوف بحكمه الذي عينه للخير بالخير ، وللشرِّ بالشرِّ ، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما منكم أحد إلا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ".
15- الواقعة : قال تعالى : ( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) [ الواقعة : 1 ] ، قال ابن كثير :" سميت بذلك لتحقق كونها ووجودها " (10) . وأصل وقع في لغة العرب كان ووجد .
16- يوم الوعيد : قال تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ) [ق : 20] ، لأنه اليوم الذي أوعد به عباده . وحقيقة الوعيد هو الخبر عن العقوبة عند المخالفة .
17- يوم الآزفة : قال تعالى : ( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ) [ غافر : 18 ] ، سميت بذلك لاقترابها ، كما قال تعالى : ( أَزِفَتْ الْآزِفَةُ -لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ ) [ النجم : 57-58 ] . والساعة قريبة جداً . وكل آت فهو قريب وإن بَعُد مداه . والساعة بعد ظهور علاماتها أكثر قرباً .
18- يوم الجمع : قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ) [ الشورى : 7 ] ، سميت بذلك ، لأن الله يجمع فيه الناس جميعاً ، كما قال تعالى :( ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ ) [هود : 103].
19- الحاقة : قال تعالى : ( الْحَاقَّةُ - مَا الْحَاقَّةُ ) [ الحاقة : 1-2 ] ، سميت بذلك – كما يقول ابن كثير – لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد (11) .
قال البخاري في صحيحه : " هي الحاقة لأن فيها الثواب وحواق الأمور . الحقة والحاقة واحد " . وقال ابن حجر في شرحه لكلام البخاري : " هذا أخذه من كلام الفراء. قال في معاني القرآن . الحاقة : القيامة . سميت بذلك لأن فيها الثواب وحواقّ الأمور . ثم قال : الحقة والحاقة كلاهما بمعنى واحد . قال الطبري : سميت الحاقة لأن تحقّ فيها . وهي كقولهم : ليلٌ قائم . وقال غيره : سميت الحاقة لأنها أحقت لقوم الجنة ولقوم النار . وقيل : لأنها تحاقق الكفار الذين خالفوا الأنبياء . يقال : حاققته فحققته ، أي : خاصمته فخصمته . وقيل : لأنها حق لا شك فيه " (12) .
قال ابن كثير : " قال ابن عباس : يلتقي فيه آدم وآخر ولده . وقال ابن زيد : يلتقي فيه العباد . وقال قتادة والسدي وبلال بن سعد وسفيان بن عيينة : يلتقي فيه أهل الأرض والسماء ، والخالق والخلق ، وقال ميمون بن مهران : يلتقي فيه الظالم والمظلوم . وقد يقال : إن يوم التلاق يشمل هذا كله ، ويشمل أن كل عامل سيلقى ما عمله من خير وشر كما قاله آخرون " (13) .
21- يوم التناد : قال تعالى حاكياً نصيحة مؤمن آل فرعون قومه : ( وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ )[غافر : 32] ، سمي بذلك لكثرة ما يحصل من نداء في ذلك اليوم ، فكل إنسان يدعى باسمه للحساب والجزاء ، وأصحاب الجنة ينادون أصحاب النار، وأصحاب النار ينادون أصحاب الجنة ، وأهل الأعراف ينادون هؤلاء وهؤلاء .
22- يوم التغابن : قال تعالى : ( يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ )[ التغابن : 9 ] .
سمي بذلك لأن أهل الجنة يغبنون أهل النار ، إذ يدخل هؤلاء الجنة ، فيأخذون ما أعد الله لهم ، ويرثون نصيب الكفار من الجنة .
هذه هي أشهر أسماء يوم القيامة ، وقد أورد بعض العلماء أسماءً أخرى غير ما ذكرناه، وهذه الأسماء أخذوها بطريق الاشتقاق بما ورد منصوصاً ، فقد سموه بيوم الصدر أخذاً من قوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) [ الزلزلة : 6 ] ، ويوم الجدال أخذاً من قوله تعالى : ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا ) [ النحل : 111 ] .
وسموه بأسماء الأوصاف التي وصف الله بها ذلك اليوم ، فقالوا من أسمائه : يوم عسير، ويوم عظيم ، ويوم مشهود ، ويوم عبوس قمطرير ، ويوم عقيم .
ومن الأسماء التي ذكروها غير ما تقدم : يوم المآب ، يوم العرض ، يوم الخافضة الرافعة ، يوم القصاص ، يوم الجزاء ، يوم النفخة ، يوم الزلزلة ، يوم الراجفة ، يوم الناقور، يوم التفرق ، يوم الصدع ، يوم البعثرة ، يوم الندامة ، يوم الفرار .
ومنها أيضاً : يوم تبلى السرائر ، يوم لا تملك نفساً لنفس شيئاً ، يوم يُدَعُّون إلى نار جهنم دَعّا ، يوم تشخص فيه الأبصار ، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ، يوم لا ينطقون ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، يوم لا يكتمون الله حديثاً ، يوم لا مرد له من الله ، يوم لا بيع فيه ولا خلال ، يوم لا ريب فيه .
وقد يضيف إليها بعض أهل العلم أسماء أخرى ، وقد يسمى الاسم بما يقاربه ويماثله، قال القرطبي : " ولا يمتنع أن تسمى بأسماء غير ما ذكر بحسب الأحوال الكائنة فيه من الازدحام والتضايق واختلاف الأقدام ، والخزي ، والهوان ، والذل ، والافتقار ، والصَّغار، والانكسار ، ويوم الميقات ، والمرصاد ، إلى غير ذلك من الأسماء " (14) .
السر في كثرة أسمائه :
يقول القرطبي : " وكل ما عظم شأنه تعددت صفاته ، وكثرت أسماؤه ، وهذا مهيع كلام العرب ، ألا ترى أن السيف لما عظم عندهم موضعه ، وتأكد نفعه لديهم وموقعه ، جمعوا له خمسمائة اسم ، وله نظائر .
فالقيامة لما عظم أمرها ، وكثرت أهوالها ، سماها الله تعالى في كتابه بأسماء عديدة ، ووصفها بأوصاف كثيرة " (15) .
--------------------------------
(1) فتح الباري : (11/396) .
(2) التذكرة للقرطبي : 233 .
(3) التذكرة : 232 .
(4) التذكرة للقرطبي : 216 .
(5) لسان العرب : مادة : ( ب ع ث ) (1/230) .
(6) التذكرة للقرطبي : 209 .
(7) تذكرة القرطبي : 227 .
(8) تفسير ابن كثير : (7/217) .
(9) تذكرة القرطبي : 227 .
(10) تفسير ابن كثير : 6/507 .
(11) تفسير ابن كثير : (7/99) .
(12) فتح الباري : (11/395) .
(13) تفسير ابن كثير : (6/130) .
(14) التذكرة : 233 .
(15) التذكرة : 214 .
المصدر مجموعة عقيدة المسلم
بسم1 الحمدُلله والصلاةُوالسلامُ على رسول الله وبعد: رُبّ سائلٍ يسئل:لماذا ذكر القويُّ جل جلاله قصة هلاك فرعون في سورة النّازعات؟
وهذه الأسباب تبيّن الإجابة:
1- تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم بعدما لاقى تكذيب المشركين
2-بيانا لقدرة الله على اهلاك الطغاة المكذّبين بدليل واقعي انذاراً وتهديداً وعبرةً لمن يخشى
3- ملحظ آخر في أنَّ السورة تأتي تذكّرنا بالعقاب والثواب بعد الحياة الدنيا وهذا عقاب وثواب حصل في الحياة الدنيا فإنَّ الله جل جلاله أحياناً لايرجئ العقاب والثواب الى الآخرة فحسب بل ويعجّله في الدنيا ورُبّ سائلٍ يسئل :فلم ذكر العقاب هنا بهلاك فرعون ولم يذكر الثواب بنجاة سيدنا موسى ومن معه؟
والإجابة ان السورة في معرض للعقوبة كما بدأت في مطلع السورة بذكر الراجفة والرادفة والقلوب الواجفة والزجرة فتأمّل