بافلح عبد الوهاب
New member
[FONT="]المؤتمَر العالمي الثاني للباحثين في القرآن وعلومه[/FONT]
[FONT="]آفاق خدمة النص والمصطلح في الدراسات القرآنية[/FONT]
[FONT="]اليوم الثاني: 02 جمادى الثانية 1434ه/ 12 أبريل 2013م[/FONT]
[FONT="]د.عبد الرحمن بوكيلي[/FONT]
[FONT="]بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين[/FONT]
[FONT="]قد يصدق قول القائل إن الإفراد قاتل، في مجال الصيدلة والتداوي، وربما يصلح ذلك فيما أنا بصدد الكتابة عنهُ، ففي معظم المؤتمرات (( العلمية )) التي أحضرها بين الفينة والأخرَى يسقط من عيني الكثير مما حيك حول إقامة المؤتمر وموضوعه وأهميته في المجال التخصصي الذي ينتَمِي إليه، فأجد ما في الواقع مفارِقا لما قُرِّر في مطويات وإعلاناتِ المؤتَمَر. فيسقط الكلام المقال في الحرفيَّةِ، والفضفاضيَّة واللاَّواقعيَّة، ومرَّاتٍ في الانطباعات الشخصيَّة، إن لم يتجاوزهُ إلى النكت والعَبَثِ. وهذا عائِدٌ لأمور عدَّة لا مجال لبسطِهَا.[/FONT]
[FONT="]ولكن يحدُثُ عادةً أن يفارقَ البعضُ الجوَّ العام فيحدثوا الفارِق، وتلحظ في كلمتهم ملامسة الواقِعِ وحلَّ الإشكالات التي يُفترَضُ أنَّها مَن جمعت الحاضرينَ، فهي التي تُشكِّلُ الهمَّ المشترَك، أو السُّؤال الذي نذرَوا أنفسهُم لأجلِهِ.[/FONT]
[FONT="]بعد هذه المقدمة أرجو أن ألا تكون قد طالت أقول بحق إن المصطلح القرآني الذي كان عنوان الجلسة الثانية من هذا المؤتمر الجامِعِ، يُشكِّلُ بحقٍّ أزمةً معرفيَّةً يحقُّ له أن تتبَّوَأَ رأسَ الأولويات عند كلِّ من يريدُ خيراً بهذه الأمَّة ويسعَى نحو اجتثاثِها ممَّا هيَ رازحة فيه.[/FONT]
[FONT="]وكانَ للكلمة الثالثة للأستاذ الكريم عبد الرحمن بوكيلي وقعٌ كبير في نفسي، لأنها لامَسَت هموماً كبيرة بداخلِي، وأزالت غبارا، وإن كان ضئيلا، كان حائما حول نظرة كنت أصنعُها لنفسي ولمن يعاني ما أعانيه، فجعلت الصورة ناصعةً أمامي واضحة جلية، فباختصار استطاع الأستاذُ أن يعينني على نفسِي ويتكلَّمَ عني، فحين إلقائه الكلمة خُيِّلَ إليَّ أنَّهُ اطَّلعَ على ما بداخلي فنطق عنهُ، كيف لا والهمُّ مُشترَك والغاية واحدة.[/FONT]
[FONT="]بدايةً سأصدُقُ نفسِي إن قلت إن عنوانَ الكلمة لم يُثِرْ فيَّ ما أثارتهُ الكلمة في آخرِها، ربما يعود هذا إلى أني عوَّدتُ نفسِي على أن لا أتوقَّعَ الكثير مما لم أعرفهُ يقيناً حتَّى أُجنِّبَ نفسِي الإحباطَ وخيبةَ الأمَلِ، والوُقوع في ما يُسمِّيه البلاغيُّون خيبة أفق الانتظارِ.[/FONT]
[FONT="]يقول المولى عزَّ وجلَّ: {[/FONT][FONT=QCF_P485] ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ[/FONT][FONT="] } [/FONT][FONT="][سورة الشورى:17][/FONT][FONT="] لنقف عند بعض ألفاظ الآية الكريمة.[/FONT]
[FONT="]الحقِّ: ضدُّ الباطل، والله هو الحق وكلامُه هو الحقُّ، وما خلاهُ مما يناقضه الباطل.[/FONT]
[FONT="]الميزان: قَدْر الشَّيْءِ ماديا كان أم معنويّاً، في آية أخرَى: {[/FONT][FONT=QCF_P263] ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ[/FONT][FONT="] } [/FONT][FONT="][سورة الحجر:21][/FONT][FONT="] فالقرآن قبل أن ينزله المولى عزَّ وجلَّ أخضعهُ للميزان، فكلماتُهُ ومواضيعهُ وتقريراتهُ وأوامرهُ ونواهيهِ كلُّها خضعت لميزان صانع حكيم أتقن صنعتَهُ، فلا هيَ بالقدر الزائد فإفراط، ولا بالقدر الناقصِ فتفريطٌ.[/FONT]
[FONT="]إذن حجم ورود الكلمة في ثنايا كلامِ ربِّ العالَمين وأشكالُها وصيغُها معيارٌ دالٌّ على منزلتِها، هذا ما في العُنوان، ولا أحدَ سيُماري في هذا التَّقرير، ولنرَ على ذلك أمثلة.[/FONT]
[FONT="]ولنَأخذْ الوضُوء، هذه العبادة التي يمارسها المسلم خمسَ مرات في اليَوم منذ أول بلوغِهِ إلى أن توافيه المنيَّةُ، ويُعدُّ لذلك العدَّة الكافية سواء في الحضر أو في السَّفر، ففي البيت يحرصُ علَى أن يكونَ له بيت خاص للوضوءِ وأوانيَ طاهِرة، وقبلَها يحرِصُ على معرفة الفرائض والسنن لكي يأتيَ العبادة على وجهها التَّام، ونجد مثلَ ذلك في المساجدِ بيوتاتِ الوضوءِ والصنابيرَ، وهذا ماءٌ دافِئ، وهذا ماءٌ بارد، ومعلَّقاتٍ تبيِّنُ مراحل الإسباغِ والأخطاءَ التي يُتوخَّى الوقوعُ فيها. نقول هل لكلِّ هذا الحضور مقابل في كلام ربَّ العالَمين؟[/FONT]
[FONT="]لمعرفة الجوابِ لنقارن هذا مع فريضة الجهاد وقضاياهُ، ففي القُرآن آيٌ كثيرة لا تكاد آية الوضوء تجابهُها، ولكنَّ الواقعَ عكس ذلك.[/FONT]
[FONT="]مثالٌ آخَر: الهجرة النبويَّة في مقابل مولد المصطفَى الحبيب، وللرَّائي أن يستخلِصَ الفرقَ من الهرج والمرَجِ الحادث في الاحتفالات السنوية بالمولد وما ينبغي أن يكون عملاً بمقتضَى آياتِ القرآن الكريم، فما يكون حضورهُ كثيفا في القرآن ينبغي أن يُقابلَه حضور مماثل في الواقعِ،و إلَّا اختلَّ الميزان وطفحَ الكيلُ وتلمَّسْنا النَّتائجَ.[/FONT]
[FONT="]فما ذكر أكثر تُلِيَ أكثر وعُرفَ أكثر فلا بدَّ أنَّ حاجتَنا إليهِ أكثر بمقتضَى ميزان رب العالَمين.[/FONT]
[FONT="]من خلال هذين المثالين وأمثلة أخرَى استطاعَ المحاضِرُ أن يضع المستمعَ في بؤرة الإشكال ليفرغَ بعد ذلك إلى سرد نظرتهِ حول العمل على صياغة نظرة شاملة للإشكال المطروح من خلال القرآن الكريم، فدعا إلى تأسيسِ أولويات كُبرَى تندَرج ضمن كلِّ أولويَّة أولويات داخليَّة حسب ورود المفردة وتموضعها في الحقل القُرآني.[/FONT]
[FONT="]اقترحَ المحاضرُ الترتيب الآتي لبعض مواضيع القرآن دون استقصاءٍ لها فكان:[/FONT]
· [FONT="]الإيمان: وتحته تندرج الألفاظ: الله (لفظ الجلالة) أسماء الله الحسنَى، الآخرة... وهذه الألفاظ مجتمعة تشكل الحقل الأكبرَ الذي عالجه القرآنُ.[/FONT]
· [FONT="]العلم: ومن ألفاظه: التفكر، النظر...[/FONT]
· [FONT="]الأخلاق: التقوى، الصدق، الصبر...[/FONT]
· [FONT="]العبادات: الصوم، الصلاة...[/FONT]
· [FONT="]السياسة الشرعية: الملك، الحكم، العدل...[/FONT]
[FONT="]وبعدُ فميزان الله تعالى لا يخطِئُ التقدير كيف لا وهُوَ الفاطِرُ لكلِّ شيءٍ، والعالِمُ بخبايا الكونِ ومآلهِ، {[/FONT][FONT=QCF_P404] ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ[/FONT][FONT="] } [/FONT][FONT="][سورة الروم:4][/FONT][FONT="] والحمد لله ربِّ العالَمين.[/FONT]
[FONT="] [/FONT]