أثر الوعي الاعتقادي في صياغة المصطلحات النحوية.

إنضم
13/01/2006
المشاركات
245
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center]عدل بعض النحاة عن إطلاق "من" - الاسم الموصول - على "العاقل" إلى إطلاقها على "العالم" بكسر اللام. والسبب عندهم هو أن "من" قد تستعمل في الدلالة على الله لاتصافه بصفة العلم كما في قوله تعالى (سبحان من يسبح الرعد بحمده)...في هذا المثال رأينا كيف أثّر وعي النحويين الاعتقادي في تعديل المصطلح النحوي ، وقد سبق في هذا المنتدى المبارك طرح موضوع ينتقد استعمال بعض المصطلحات في حق الله تعالى ، كمن يعترض على قول البلاغيين "حسن التخلص" ، وقد وقفتُ شخصياً عند قول النحاة "اللاّم لام الجحود" ، فهل يليق استعمال هذا الاصطلاح في إعراب كلام الباري ؟

الموضوع ليس إلا لفتة و إشارة ، إذ لم استوعبه بحثاً ولكني أراه جديراً بالمناقشة وأن يتوسع فيه لتعم الفائدة. [/align]
 
[align=center]أستغفر الله العظيم من زللي.
أحسن الله إلى إليك كل إحسان.
لا أظنك فعلاً تنتظر أن أحيلك على مكان لها في القرآن ، ولن تجدها حتى في مصحف فاطمة ولا مصحف اليهود المحرّف ، بل ولا حتى المصاحف التي أحرقها عثمان رضي الله عنه.
نقلت المثال من شرح القطر للأستاذ عبدالله الفوزان ، ومع تذكري التلقائي للآية كتبت "كما في قوله تعالى" سهواً مع العجلة ، لا سيما وأني كنت أحرر أكثر من مشاركة في أكثر من منتدى في نفس الوقت ، فلم انتبه.

آمل تحرير المشاركة ، كما آمل اتحافنا بما لديكم حول أصل الموضوع.[/align]
 
وقريبا من هذا
قول بعض النحاة في الفعل المبني للمجهول : ( مبني لما لم يسمَّ فاعله ) إذا كان الفاعل هو الله ، وهذا من الأدب الحسن .
 
[align=center]حياك الله ومرحبا بك أخي العزيز عبدالله.
مثال جيد على ما يمكن تسميته "الورع اللغوي".
ولكن لو قال قائل "لما لم يسم فاعله" فيه محذور من جهة أن الله مسمى ، فله الأسماء الحسنى يُعرف بها ، بل اسمه أعرف المعارف ، والأدق أن يقال "لما لم يُذكر فاعله". حتى بالنسبة لغير الله تعالى ، يصح ما أوردناه من الاحتمال على لسان قائل افتراضي. ومنه قوله تعالى (اذكرني عند ربك) ولم يقل (سمّني) فإن التسمية للفاعل ثابتة ذُكر الفاعل أو لم يذُكر ، والأمر في مسألتنا يتعلق بالفاعل هل ذُكر أم لم يذكر ،
فما رأيك في هذا ؟[/align]
 
أهلا اباضياء
المقصود ( لم يسم فاعله = يذكر اسمه ...حال النطق بالجملة)
 
[align=center]بارك الله فيك. أعلم أن تقدير الجواب كامن وممكن ، ولكني قصدت التفريع قدر الإمكان ، وإن كان البعض لا يرتاح لتشقيق المسائل ، إلا أني جربت هذه الطريقة فوجدتها نافعة على الأقل في كشف اللثام عن دقائق الأفكار.[/align]
 
ومن هذا الباب قول ابن مالك في باب البدل : "مطابقاً أو بعضاً او ما يشتمل عليه يلفىَ أو كمعطوف ببل"
يقول ابن مالك يوجد البدل على أربعة أقسام : بدل مطابق وهو ما يعرف عند النحويين {بدل كل من كل} ، وإنما عدل ابن مالك عن كلمة "كل من كل" إلى " مطابق" لأنه وُجِد منه مثال يتعلق بالله عز وجل وهو منزه عن الكل والكلية والجزء والجزئية والمثال هو قوله تعالى:" لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ ..... (2){إبراهيم}
فلفظ الجلالة بدل من لفظ العزيز الحميد.
ولما خطر بذهن ابن مالك تنزهه تعالى عن الكل والكلية والجزء والجزئية عدل عن مصطلح كل من كل إلى مصطلح بدل مطابق، والجدير بالذكر أن أنواع البدل الأخري هي: بدل بعض من كل، وبدل اشتمال، وبدل غلط أو اضراب. والله الموفق.
 
[align=center]شكراً على التمثيل المفيد يا دكتور خضر.
ما شاء الله ، بدأ الموضوع يلم شتات نكت جديدة ، مفرقة عند الإخوان والمشايخ الكرام.[/align]
 
ومما يناسب الموضوع قول أحدهم :

[align=center]وفي (سألتُ اللهَ) للتعليمِ * نقول : منصوبٌ على التعظيمِ[/align]

تأدباً بدل قولنا : منصوب على المفعوليَّة .
 
[align=center]ماذا عن "الوعي الاعتقادي المشوّه" الذي يعدل بصاحبه إلى نحت أو تعديل اصطلاحات نحوية ؟ هذا لم نتعرض له بمثال. مثلاً من يجنح إلى التأويل ويميل إلى شيء من التعطيل من بعض العلماء ، هل يوجد من كان كذلك وأثر وعيه الاعتقادي هذا في إقرار اصطلاح نحوي يعزز مذهبه ؟ هل اطلع البعض على شيء من هذا في الكشاف للزمخشري مثلاً فيورده إن وجد ؟[/align]
 
ومما يناسب الموضوع قول أحدهم :

[align=center]وفي (سألتُ اللهَ) للتعليمِ * نقول : منصوبٌ على التعظيمِ[/align]

تأدباً بدل قولنا : منصوب على المفعوليَّة .

[align=center] أحسنتم يا دكتور عبدالرحمن. هذا له تعلّق بأنواع الطلب ، ومنه طلب الأسفل من الأعلى ، وهو دعاء ، والدعاء مبعثه التعظيم ، فناسب ماذكرتم. [/align]
 
أعجبني مصطلح "الورع اللغوي"، الذي تعلمته منكم لأول مرة. فبارك الله فيكم.
وبخصوص الدعاء أضيف ما يلي:

الدعاء يولَّد مجازاً من صيغتي الأمر والنهي. قال سيبويه: "الدعاء بمنزلة الأمر والنهي وإنما قيل‏: ‏دعاء لأنه استعظم أن يقال‏: أمر أو نهي‏" [الكتاب، سيبويه: 1/142]، ويشترط في صدوره أن يكون الداعي أقل رتبة من المدعوّ، أو أن يكون المدعوّ مستعلياً عليه. وإنما سمي أمرًا (أو نهيًا) على المجاز، لأنه يخضع لنفس صيغ الأمر والنهي وما يلحقها من علامات الإعراب، وإلا فإن الدعاء لا يصدر إلا عن تلطف ورغبة وتذلل وخضوع.
قال الزركشي، في البرهان، في صيغة ﴿اغْفِرْ لَنَا﴾ [سورة الحشر: الآية 10] و﴿اهْدِنَا الصِّرِاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [سورة الفاتحة: الآية 6] إنهما: "فِعْلاَ دعاءٍ أو سؤالٍ. ولا نقول (فِعْلَيْ أمرٍ) تأدبًا، من جهة أن الأمر يستلزم العلو والاستعلاء" [البرهان في علوم القرآن، للزركشي: 1/306].
 
[align=center]جزاكم الله خيرا يا أخي محمد وأحسن إليكم. ولا يخفاكم أنه يوجد من قسّم الدعاء نفسه إلى نوعين : دعاء سؤال ودعاء ثناء.[/align]
 
مما يقرب من هذا الموضوع : كتاب (الأثر العقدي في تعدد التوجيه الإعرابي لآيات القرآن الكريم) رسالة علمية مفيدة طبعت في ثلاثة مجلدات عن دار التدمرية ط1 1419هـ , ومؤلفها الدكتور/ محمد بن عبد الله السيف , عضو هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة القصيم .
 
[align=center]تأملت مسألة عقدية في ضوء الصناعة النحوية
فتوصلت للنتيجة التالية:


من الفروع المترتبة على ما ذكرنا - القول بأن الوعي الإعتقادي مؤثر في الصياغة النحوية سواء ما تعلق بالاصطلاح أو بصناعة النحو عموماً - أن القائلين والمؤمنين بـمقولة "الكلام النفسي" [1] سيجدوا أنفسهم في مأزق ، وتصير حجتهم داحضة. لما يلي:

يقول النحويون الماضي هو الزمن الذي قبل بداية الكلام ، والمضارع هو الزمن الذي يحصل فيه الكلام ، والمستقبل هو الزمن الذي يبدأ بعد انتهاء الكلام. الإشكال الذي سيقع فيه القائلون "بالكلام النفسي" هو استحالة أو تعذر معرفة الأزمنة النحوية الثلاثة [2] ، لأن الكلام النفسي على قولهم معنى مجرد لا تعرف حدوده وغاياته ، فيتعذر معه تماماً معرفة الحد الذي يكون قبله الماضي ويكون بعده المستقبل ويكون عنده المضارع. [/align]


ففي ضوء الصناعة النحوية يمكننا القول بأن عقيدة "الكلام النفسي" تثير اشكالات كبيرة ، منها ماتوصلنا إليه هنا ، ومنها ماهو مسطور معروف في كتب العقيدة.
**********************************************
[1] وهو اعتقاد أن الكلام في حقيقته معنى قائم بالنفس وإنما عُبر عنه باللفظ ليظهر ويُعرف ، وأما القيمة الحقيقية للكلام فهي في المعنى القائم بالنفس أما اللفظ فيطلق عليه كلامٌ تجوزاً ، فليس بكلام على وجه الحقيقة ، وهو قول تبنته المعتزلة وبعض الأشاعرة والحنفية.
[انظر: ميزان الأصول في نتائج العقول ، علاء الدين السمرقندي الحنفي (539 هـ) ، ص84]
[2] قيد الزمن النحوي يخرج غيره من الأزمنة التي تقع في خطاب المتخصصين في علوم أخرى كالزمن النفسي عند النفسيين ، والزمن الثرموديناميكي عند الفيزيائيين [انظر: موجز اختصار الزمن ، لمؤلفه: ستيفن هوكنج ، لا يحضرني رقم الصفحة]
 
و( لا) الزائدة .. يسميها بعض النحويين : الصلة .. فالقرآن ليس فيه حروف زائدة .

في مثل قوله تعالى : ( لا أقسم بهذا البلد) .
 
[align=center]جزاك الله خيرا. إنني أؤيد القول أنه ليس في القرآن حروف زائدة بلا معنى.

وهنا مسألة: ما نقول فيما يرد على ألسنة النحاة: "لا محل له أو لها من الإعراب؟" ، ومعلوم أن الإعراب كشف عن وجه موقع الكلمة ، وتفسير لطبيعة العلاقة بين الكلمات والتراكيب ، وهذه المسألة ترتبط بمسلّمة مهمة وهي أن القرآن كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ، كما أنه انزل بلسان عربي مبين ، ومعنى البيان وطيد الصلة بمعنى الإعراب لغة ، لأن الإعراب - كما ذكر الثعالبي في أسرار اللغة العربية وغيره - من قولهم أعرب أي أبان وأظهر الشيء ، ومن قولهم : عربت معدة البعير ، إذا تغيرت بسبب المرض ونحوه ، وهذا يشير إلى معنى التغير الذي يعتري أواخر الكلمات بسبب اختلاف العوامل الداخلة عليها ، كل هذه الاعتبارات تشير إلى خلاصة مهمة: أن التراكيب النحوية في القرآن يحكُمها قانون لغوي مُحكم غاية الإحكام ، وبسبب هذا الإحكام الفريد ، تجلّت واستبانت دلالات ألفاظه. فهل لنا أن نقول عن شيء من القرآن أنه "لا محل له من الإعراب؟". ربما يدل هذا على قصور في التفسير البشري ، اي لا محل لما ذُكر من الإعراب في نظرنا وبحسب ما انتهى إليه وسعنا ، ولكن لا يمكن ألاّ يكون له محل عند الله تعالى ، المنزه عن وضع الأشياء في غير موضعها اللائق بها.

فمـا رأيكـم ؟[/align]
 
بعض هذه الأمثلة التي ذكرها الإخوة الأفاضل لا علاقة لها بالعقيدة من قريب أو بعيد ، إنما هي " سلوك " من بعض العلماء الذين صدرت منهم هذه المواقف ، أو قل بعبارة أوضح هي ما أشار إليه بعض الإخوان " الورع النحوي " و " ليس " العقدي النحوي " ، بدليل أن نفس هؤلاء العلماء قد استخدموا هذه المصطلحات التي تورعوا عنها في أماكن أخرى من كلامهم ، فما ذا نسمي صنيعهم هذا يا ترى : منزلة نحوية بين المنزلتين " أم ماذا ؟
هذا رأيي الخاص و الله أعلم .
ومن باب المشاركة لأخي عبدالله الشهري في موضوعه ، وهو موضوع كما قلت ممتع وشيق من وجهة النظر " الأدبية " لا " العقدية " أقول :
يعرف كل من درس النحو أن " العامل " هو " المحور " الذي تدور حوله الأبحاث والدراسات النحوية غالباً ، حتى إن بعضهم كان يطلق مصطلح " العامل " ويريد به أبواب النحو كله ، فمدرسة سيبويه النحوية بنيت على أن الفاعل لا يُرفع – بالبناء للمجهول – إلا بعامل ، وكذلك المنصوب والمجرور ، ومتى لم يجد المعربون هذا " العامل " ظاهراً طلبوه مؤوّلاً .
واستمر النحويون على اختلاف مدارسهم على هذا حتى جاء الإمام أحمد ابن مضاء النحوي ( ت 592هـ) فأحدث ما سماه العلماء النحويون " الظاهرية النحوية " تأثراً بالإمام ابن حزم رحمه الله و " ظاهريته الفقهية " .
المهم مما له علاقة بموضوعنا أنقل لكم رأيه في " العامل" الذي رفع " الفاعل " ما هو ؟ فيقول :
" بِمَ يُردّ على من يعتقد أن معاني هذه الألفاظ هي العاملة ؟
قيل : الفاعل عند القائلين به إما أن يُفعل بإرادةٍ كالحيوان ، وإما أن يُفعل بالطبع كما تحرق النار ويبرد الماء ، ولا فاعل إلا الله عند أهل الحق ، وفعل الانسان وسائر الحيوان فعل الله تعالى ، كذلك الماء والنار وسائر ما يَفعل ، وأما العوامل النحوية فلم يقل بعملها عاقل ، لا ألفاظها ولا معانيها لأنها لا تفعل بإرادة ولا بطلب " اهـ
ولما اعترض عليه رحمه الله بأن النحويين أجمعوا على القول بالعوامل قال عبارته المشهورة : إجماع النحويين ليس بحجة على من خالفهم " اهـ
وفي موضع آخر من كتابه يقول في نحو : قام زيد ، لم رفع زيد ؟ فيجيب :
" الصواب أن يقال كذا نطقت به العرب اهـ
وجوابه هذا مبني على مذهبه في " اللغة " وهو : أنها كاملة لا تحتاج إلى تعديل أو زيادة لأنها من عند الله خالق كل شيء ، فهي " توقيفية " .
ملاحظة :
لخصت هذا الكلام من كتاب : المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس
تأليف الدكتور: توفيق احمد الإدريسي
والسبب عدم وجود كتاب ابن مضاء عندي الآن ، ومن بركة العلم رد الفائدة لأصحابها
 
[align=center]جزاك الله خيرا يا أستاذنا الفاضل. وأثمن لك رأيك الخاص بك. ولعلي إن شاء الله أتوسع قليلاً في المراد بـ "الوعي الإعتقادي" ، فهو شيء والعقيدة شيء آخر ، أما طرحك المفيد بخصوص أصل العامل ، وعلاقة ذلك بأصل اللغات ، وكذلك علاقة هذين بفعل العبد ، أهو مخلوق لله لا كسب له فيه ، أم مخلوق له لا سلطان لله عليه ، فقد سنحت لي فكرته من قبل ، ولكني آثرت تأجيله حتى وقفت على ما سطره فضيلتكم. في مشاركة قادمة بحول الله سأتعرض لشيء مما ذكرت في ضوء المدارس اللغوية الحديثة ، وأما كتاب ابن مضاء فهو عندي ، وسوف أبحث فيه عما يكون له صلة بما سأتناوله. [/align]

** لدي نسخة مصورة من كتاب ابن المضاء ،المعروف بـ "الرد على النحاة" ، ارفقها لمن أراد تحميلها والاستفادة منها.
 
موضوع جميل وبحث مفيد, وهو متشعب الأطراف ومتفرق في عدد من الأبواب النحوية ,والأمثلة فيه عديدة .وقد وقفت بعون الله على كثير منها. ولعلي أنبه هنا على ما ذكره شيخنا الفاضل الدكتور السالم من كون بعض الأمثلة تتعلق بالسلوك لا بالعقيدة. وهذا حق, فإطلاق المصطلح النحوي مع ألفاظ الجلالة أو ما يتعلق بالذات الإلاهية أو بكتاب الله منه ما يكون أدبا أو تنزيها _وهو الغالب_ كإعراب لفظ الجلالة و(كان)الناسخة و(لا)الناهية و(لام)العاقبة و(نا)العظمة و(من)الموصولية ويدخل فيه إطلاق مسمى الحرف الزائد في القرآن, ومنه ما يتعلق بالجانب العقدي_وهو قليل_كإطلاق مصطلح التعجب على الخالق عز وجل.والموضوع طريف وأشكر أخي عبدالله على إثارته والشكر موصول لمن داخل وأفاد.
 
[align=center]جزاك الله خيرا على مرورك اللطيف يا دكتور عبدالعزيز. أسعدني اهتمامك بموضوع المشاركة وعزمك على الإضافة. مرة أخرى ، المراد "بالوعي الاعتقادي" يحمل دلالات تمتاز عن مصطلح العقيدة كما نعرفه نحن. الوعي الاعتقادي هو شعور المرء بالحاجة إلى فعل سلوك معين بسبب معتقد يحمله على ذلك. هذا المعتقد - بمفهومه النفسي - أو ما يسمى "belief" في الحقل النفسي ، يملي اتجاهات ونزعات معينة على وعي الإنسان ليمارس سلوكاً معيناً ، فما أسميته "الورع اللغوي" صحيح أنه سلوك ولكن وراء كل سلوك معتقد يحفزه ويثيره ، فلولا "اعتقاد" المرء بأن الله يستحق كذا وكذا أو أنه لا ينبغي أن يقال في جناب الحضرة الإلهية كذا وكذا ، لولا "اعتقاد" ذلك لما استتبعه هذا السلوك أو ذاك. هذل باختصار شديد لما رأيت الحاجة تدعو لإيضاح المقصود بـ "الوعي الاعتقادي". والله الموفق. [/align]
 
ومن الاول ياخ عبدالله صرفهم لعل عن الترجي الى الوجوب في مثل قوله تعالى ( لعلكم ترحمون )
ومن الثاني رد ابن مالك في الكافية

ومن رأىالنفي بلن مؤبدا فقوله اردد وسواه فاعضدا

قاله ردا على الزمخشري الذي قال ان النفي بلن يفيد التإبيد ليثبت تابيد النفي في قوله تعالى ( لن تراني ) في إنكار الرؤية
 
[align=center]أحسن الله إليك على هذه الإضافة يا دكتور فهد ، فصلتها بالوعي الاعتقادي قوية.

وقد وقفت على موضع آخر في التفسير النحوي ، لم ينص عليه أحد من العلماء فيما أعلم ، ولكن صلته وثيقة بموضوعنا ، ألا وهو اشتراطهم تقدم ما يدل على "اليقين" في حالة استعمال "أنْ" المخففة من "أنّ" المشددة ، كأن يقال "علمت أنْ خالدٌ قويُّ الشكيمة" ، فالعرف النحوي يقضي بجواز استعمال "أن" المخففة هنا لتقدم ما يدل على اليقين وهو فعل "علمت" ، ولكن هل يصح أن يعلل كلام الله بمثل هذا ؟ أي هل يُشترط في كلام الله ألا تستعمل "أن" المخففة إلا بوجود ما يدل على اليقين ؟ ربما يحتاج إلى تفصيل. إلا أني لا أتردد في رد هذا الشرط في حق الله لأن كلام الله من علمه(أنزله بعلمه) وعلمه قديم محقق ، يعلم حقائق الأشياء والحوادث على التفصيل الذي لا يشبهه تفصيل ، فلا حاجة لله أن يُشترط في حق الكلام الإلهي قرينة اليقين ليتسنى استعمال "أن" المخففة. ولعل مثل هذه المسألة تصلح حجة يتقوى بها مذهب من يرى اللغة توقيف وإلهام من الله ، لأن صيانة الجناب الإلهي - في كثير من الأحايين - يقتضي أن نضرب صفحاً عن التحليل والتعليل النحوي بالاصطلاحات التي وضعها البشر. والله أعلم.

===========================

قلت : ولذلك جاء في القرآن ما يؤيد ما ذكرت. حيث جيء بـ "أن" المخففة مع عدم تقدم ما يدل على اليقين ؟ لمـاذا ؟ لأن المتكلم هو الله العليم ، فلا حاجة لهذا الشرط لاستغناءالذات الإلهية عنه ، والموضع هو قوله تعالى ((وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )).[/align]

[align=center]وآية أخرى قوله تعالى ((وأن ليس للإنسان إلا ما سعى))[/align]
 
أولاً : أين من كلام الله تعالى ما يمكن أن يكون داخلاً تحت ذا القاعدة ، فإني أراك - أخي الكريم - ضربت لنا مثالاً هو من كلام المخلوق ، وكنت أرى أن الأولى أن يكون من كتاب الله تعالى ثم تعقبه بمن قال فيه هذا القول ، حتى تصح المناقشة في ذلك .
ثانياً : أراك أخي الكريم لم يساعدك " الوعي الاعتقادي " من التخلص من انتمائك النحوي والكلامي ط وذلك في قولك :
وعلمه قديم محقق
فمن أي دليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم - وهما أصل الورع الاعتقادي - وصف علم الله تعالى بوصف " القديم "؟؟؟
وأرجو أن لا يذهب بك الظن بعيداً فتناقشني في " معنى " القدم ، ذلك شيء واعتراضي هنا شيء آخر ، ولا أظن أن من شم رائحة علم الكلام يجهل معنى " القدم - بكسر القاف - عند المتكلمين .
ثالثاً :
أي هل يُشترط في كلام الله ألا تستعمل "أن" المخففة إلا بوجود ما يدل على اليقين ؟ ربما يحتاج إلى تفصيل. إلا أني لا أتردد في رد هذا الشرط في حق الله لأن كلام الله من علمه(أنزله بعلمه) وعلمه قديم محقق ، يعلم حقائق الأشياء والحوادث على التفصيل الذي لا يشبهه تفصيل ، فلا حاجة لله أن يُشترط في حق الكلام الإلهي قرينة اليقين ليتسنى استعمال "أن" المخففة
مادام الكلام في الاشتراط في كلام الله أو في " عدم احتياج كلام الله لكذا وكذا .. حاشا والف حاشا - فمعلوم أن لا اشتراط ولا حاجة هناك ،والعلماء الذين أراك أخي الكريم تنتقدهم بطرف خفي وتنتقد مناهجهم هم أعلم بالله تعالى وبما يجب له من غيرهم كيف وغيرهم على أقل تقدير لم يصل ربع درجتهم فضلاً عن غير ذلك ،بل إنهم - غيرهم - يختلفون معهم في " منهج " التأصيل الذي من خلاله يبنى فهم المسائل ثم قبولها أو الاعتراض عليها .
ولكاتب المقال ألف تحية وتقدير .
 
[align=center]جزاك الله خيرا. تعليقكم على العين والرأس وإن كان لي تحفظ على بعض ما ذكرتم.[/align]
 
جزاكم الله خيرا..

موضوع مفيد ..


وفقكم الله .
 
الشيخ الجكني وفقني الله وإياك لما تحب وترضى ، ونفعنا الله بما تُحسِن من العلم.

في الحق مشاركتي رقم (24) لم تكن من فراغ ، ولم تكن - كما يقول ابن القيم - من قبيل "المقدرات والفروض الذهنية " التي لا واقع لها. مشاركتي تلك انقدحت بسبب تعليق للدكتور عبدالله الفوزان حفظه الله في شرحه لمتن القطر. فقد ذكر في الحاشية - أثناء الكلام عن "أن" المخففة - أن قوله تعالى ((وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )) لم يجيء وفق القاعدة النحوية المذكورة ، أي لم يرد في الآية ما يدل على يقين القائل بما يقول ، وأراه أخطأ - من غير قصد منه ولا أشك في ذلك - في سحب قضايا هذه القاعدة على كلام الله ، ففي إخبار الله لا ينبغي أن نشترط ورود ما يدل على اليقين قبل استعمال "أن" المخففة ، لأن شرط العلم المطلق متحقق بلا قرينة أصلاً ، لأن المخبر هو الله ، ولوكان غير الله لكان كلام الشيخ في محله بلا شك.

أما لفظة "القديم" فأوافقك أن الأحوط والأسلم التزام ما جاء في الكتاب السنة. ولكن كان بالإمكان انتهاج طريقة ابن تيمية في تبيّن مراد المتكلم بالاصطلاحات الحادثة ، فإن وافق مراده معنى كلام السلف فلا تثريب عليه ، وإن خالفه رد عليه ، وأنا استعملت القديم بمعنى في الأزل ، بلا بداية ، لا بالمعنى السلبي المعروف.

وأما كلامك في نهاية مشاركتك ، فإني أفضل التغاضي والصفح عنه ، لأنه يتعلق بمقصدي ونيتي ، ولا أحب المنافحة عن أمور تمس شخصي ولو كنت على الحق إلا في نطاق الضرورة.
 
فائدة ذكرها لنا الدكتور/عبدالرحمن المقبل في درس النحو هي ورع ابن هشام حيث عبر بالاحتمال في قوله :"يحتمل ان يكون من هذا النوع..." ، وذلك فيما يكتسبه المضاف من المضاف إليه تذكيراً وتأنيثاً ، ومثاله الذي حكى فيه الاحتمال هو قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين) ، وسبب تذكير المضاف هنا هو "احتمال" اكتسابه ذلك من لفظ الجلالة ، وعبّر ابن هشام بالاحتمال لأن إطلاق لفظ التذكير على الله فيه ما فيه. والله أعلم.
 
جزيت خيراً ياشيخ عبدالله على هذه المشاركة الجميلة.
ويشرفني أن أشارك بما عساه أن يقبل أو يقوم:
أما مسألة الحروف الزائدة في القرآن فإني أعجب ممن يبالغ في نفيها قاصداً بذلك تعظيم القرآن وصيانته , وهذا القصد فاضل ومطلوب ولكن أكثر من أطلق الزيادة يقصد أنها زائدة في المعنى ,لاأنها مقحمة في الكلام بحيث يكون المعنى بها وبدونها سواء
وحينئذ فلا غرو أن يكون القول بالزيادة هنا سائغاً مقبولا .
وإن كان بعض البلاغيين يشددون في هذه المسألة كالدكتور عبدالعزيز العمار في كتابه (الحروف في القرآن الكريم)والدكتور فضل عباس وغيرهم , والأمر يسير إن شاء الله.
ولو وسعت دائرة هذا الموضوع ياشيخ عبدالله لكان أولى ليشمل كل ماكتب فيه ولئلا يغضب بعض الأحباب.
لي عودة إن شاء الله.
 
إن كتاب _دراسات لأسلوب القرآن الكريم _ فيه فوائد من هذا الباب وكذلك كتاب _المقاصد الشافية _فإنها حقا شافية
 
عودة
أعلى