أثر المعنى في إعراب ( رسولا ) في قوله تعالى : ( ذكرا رسولا ) ؟ ؟

إنضم
24/06/2007
المشاركات
90
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
اختلف المعربون والمفسرون في إعراب ( رسولا ) في قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) ) [الطلاق: 8 - 11]





وهذا الخلاف فيما يظهر مبني على الخلاف في معنى الذكر والرسول في الآية .



فأما الذكر فقد اختلف في المراد به على أربعة أقوال :
1- أن يكون المراد به ( القرآن ) ، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) [فصلت: 41] ، وقوله تعالى : (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) ) [طه: 99، 100] ، وقوله تعالى : (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) [الحجر: 6] ، وقوله تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (9) [الحجر: 9] ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) ) [الأنبياء: 105، 106]، وقوله تعالى : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) ) [ص: 1] وقوله تعالى : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8) ) [ص: 8]، وقوله تعالى : (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)) [القلم: 51، 52] ، وتفسير ابن عباس كما جاء في تنوير المقباس من تفسير ابن عباس أنه قال : ( {رَّسُولاً} ذكرا مَعَ الرَّسُول )


2-أن يكون المراد به ( الرسول ) ويدل على هذا المعنى قراءة من قرأ ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولٌ ) بالرفع على إضمار "هو" ، فيكون الذكر هاهنا وصف للنبي صلى الله عليه وسلم كما أن الكلمة وصف لعيسى عليه السلام ، وقد يقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام وصف بالنور في قوله تعالى :{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)} [المائدة: 15] ولكن عند التأمل في ذكر النور في كتاب الله تجد أنها تكون بمعنى القرآن ، يدلك على هذا قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [النساء: 174] {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)} [الشورى: 52]{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) } [التغابن: 8، 9] ولا يكون " النور " صفة للرسول عليه الصلاة والسلام إلا إذا ذكر قرن معها القرآن كما في الآية السابقة ، وليس "الذكر" كذلك .


3-أن يكون المراد به ( الشرف ) ، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) ) [الزخرف: 44، 45] ولكنه عند التأمل في سياق الآية يتضح أن الذكر هنا من صفات القرآن ، إذ يقول الحق سبحانه قال : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) ) فهو على هذا يؤول إلى المعنى الأول وهو القرآن الكريم ..


4-وأضاف أبو علي الفارسي أن يكون بمعنى الحدث ، وهذا قول لم يذكره أحد من السلف .


وأما الرسول فقد اختلف في المراد به على أربعة أقوال :
1- أن يكون المراد به محمدا صلى الله عليه وسلم
2- أن يكون المراد به جبريل عليه السلام
3- أن يكون المراد به الرسالة ، ومن مجيءِ «رسول» بمعنى رسالة قوله:
لقد كَذَبَ الواشُون ما فُهْتُ عندهمْ بِسِرٍّ ولا أَرْسَلْتُهُمْ برسولِ
4- أن يكون فعول بمعنى مفعول أي مرسل .




فعلى هذا من رأى أن الذكر بمعنى الرسول جاز عنده في ( رسولا ) الأوجه الآتية :
القول الأول : أن يكون بدل كل من كل ، وهذا القول يشكل عليه أمران :
1-قوله (قد أَنْزَلَ اللَّهُإِلَيْكُمْ ذِكْرًا ) ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينزل من السماء إلا إن قيل : إن المراد بالرسول جبريل عليه السلام ، ويدل على هذا قوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ) ولكن هذا المعنى بعيد لأن سياق الآية يردها ، وذلك في قوله تعالى : (يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ ) وجبريل عليه السلام لم يتل القرآن على المؤمنين وإنما تلاه عليهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو يقال إن الإنزال بمعنى الإحداث والإنشاء، كقوله تعالى : ( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر/ 6] ، ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) [الحديد/ 25] {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف: 26] وإن كان إنزال الحديد قد يحمل على معناه الحقيقي كما ورد عن عكرِمة عن ابن عباس، قال: ثلاثة أشياء نزلت مع آدم صلوات الله عليه: السندان والكلبتان، والميقعة، والمطرقة. ، ومع ذلك لم تحمل ( أنزلنا ) في الآيات السابقة على أرسلنا أو أظهرنا !!
أو قيل : إن الإنزال على حقيقته وسمي به الرسول صلى الله عليه وسلم لكثرة ملازمته له ، وفيه على هذا مبالغة له ، فهو يعمل به ، وبطاعة أوامره ، فكأنه صلى الله عليه وسلم لامتثاله ما في القرآن صار ذكرا كالقرآن، فالقرآن ذكر، والرسول صلى الله عليه وسلم لتطبيقه ما في القرآن وتبليغه أيضا ذكر، وعلى هذا يجوز في هذا الوجه أن يكون : (رسولا) عطف بيان لـ(ذكرا) على القول الكوفي كما ذهب إليه الطبري ، ويؤخذ على هذا القول أن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة ، وأن مجيء عطف البيان في النكرات فيه خلاف ...
2-أن ( ذكرا ) نهاية آية ، و(رسولا ) بداية آية أخرى مما يدل على أن البدل بعيد هنا إلا أن هذا قد يردّ بما جاء في سورة البقرة في قوله تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) } فقوله تعالى : ( في الدنيا والآخرة ) متعلقة بما قبلها وهي بداية آية .

والقول الثاني : أن يكون مفعولا به على تقدير : أعني
والكلام ليس بملتبس حتى يقدر : أعني .


ومن رأى أن الذكر بمعنى القرآن جاز عنده في إعراب ( رسولا ) ما يلي :
القول الأول : أن يكون بدل كل من كل ، حذف المبدل منه وناب المضاف إليه منابه ، أي: " ذا ذكر رسولا " ثم حذف المضاف وناب المضاف إليه (ذكر) مكانه ، أو يكون التقدير : ، ونظير حذف المضاف وإنابة المضاف إليه قوله تعالى:" اسأل القرية" ، أي : اسأل أهل القرية .
وحذف المضاف فيما يظهر لي متكلف هنا وليس بنظير ( واسأل القرية )
والقول الثاني : أن يكون أيضا بدل كل من كل على أن يكون الرسول بمعنى الرسالة ، وهذا القول مشكل ، لقولُه تعالى : «يَتْلُو عليكم» ، لأنَّ الرسالةَ لا تَتْلوا إلاَّ بمجازٍ ، فيكون فاعل (يتلو) يعود على الرسول المراد به الكتاب أي القرآن أي: أن القرآن نفسه يتلو عليهم ، والأصل حمل الكلام على حقيقته لا مجازه .
والقول الثالث : أن يكون بدل اشتمال ، إذ الذكر أي القرآن مشتمل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وإن قيل أين الضمير الذي يعود على المبدل منه ، يُجاب بأنه قد يحذف الضمير ويقدر ، وقد ورد ذلك في قوله تعالى:"قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴿4﴾ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ " . أراد ناره ، وحذف الضمير ، وتقديره هنا : رسولا منهم ....
والقول الرابع : أن يكون مفعولا به على إضمار فعل ، واختلفوا في تقديره :
فقدره ابن عطية بـ( بعث) إذ يقول : وأبين الأقوال عندي معنى أن يكون الذكر للقرآن والرسول محمد، والمعنى بعث رسولا، لكن الإيجاز اقتضى اختصار الفعل الناصب للرسول ونحا هذا المنحى السدي ..
وقدره مكي وأبو البقاء بـ( وأرسل ) رسولا ، وزاد مكي : (تَذكرُوا) رَسُولا أَو (فَذكر رَسُولا ) ، وقدره الكرماني : قد أنزل الله إليكم ذكراً آتاه رسولاً.
وتقدير الكرماني هو أوضحها عندي .
والقول الخامس : أن يكون منصوبا على الإغراء
أَي : اتبعُوا رَسُولا أَو الزموا رَسُولا
وهذا القول يرده السياق ، لأن سياق الآية سياق من على المؤمنين ، وليس سياق إلزام وحث حتى يكون إغراء !
والقول السادس : أن يكون صفة لموصوف محذوف تقديره : " ذكرا ذا رسول" ، وحذف الصفة وإقامة الموصوف مقامها يقول فيها ابن جني : (حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه على كل حال قبيح وهو في بعض الأماكن أقبح منه في بعض ) .
والقول السابع : أن يكون حالا للذكر ، فيكون ( رسولا ) فَعُول بمعنى مَفْعُول أي مُرْسَل، ومجيء فَعُول بمعنى مَفْعُول قليلٌ في العربية .
والقول الثامن : أن يكون منصوبا على نزع الخافض ، والتقدير "على رسول" إلا أنه ليس بمطرد إلا مع أن وأنّ .


ومن رأى أن الذكر بمعنى الشرف جاز عنده في إعراب ( رسولا ):
أن يكون بدل كل من كل ، على حذف المبدل منه وناب المضاف إليه منابه ، أي: ذِكْرًا شَرَفَ رَسُولٍ، أَوْ ذِكْرًا ذِكْرَ رَسُولٍ؛ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الشَّرَفَ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَ الْمُضَافِ، ونظير حذف المضاف وإنابة المضاف إليه قوله تعالى:" اسأل القرية" ، أي : اسأل أهل القرية .
وحذف المضاف أيضا هنا فيما يظهر لي متكلف وليس بنظير ( واسأل القرية )


ومن رأى أن الذكر بمعنى الحدث جاز عنده في إعراب ( رسولا ):
أن يكون مفعولا به للمصدر ، يقول أبو علي الفارسي : قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا فيكون: رسولا معمول المصدر، والتقدير: أن ذكر رسولا أي: ذكر رسولا لأن يتبعوه، فيهتدوا بالاقتداء به، والانتهاء إلى أمره، وذلك نحو قوله: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ [الأعراف/ 157] إلى قوله أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف/ 157] ، ويقول مكي : قيل هُوَ نصب بِذكر لِأَنَّهُ مصدر يعْمل عمل الْفِعْل تَقْدِيره قد أنزل الله اليكم أَن تَذكرُوا رَسُولا
وهذا المعنى بعيد في هذه الآية ، إذ السياق لا يدل عليها



والذي يظهر لي أن معنى الذكر في كتاب الله إنما هو بمعنى القرآن ، والمراد بالرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا يكون إعراب ( رسولا ) مفعولا به لفعل محذوف تقديره : آتاه رسولا .

فما يقول أعضاء المنتدى الكرام في ذلك ؟ ؟
 
أيها الإخوة كنت قد رجحت أن ( رسولا) مفعولٌ به لفعل محذوف تقديره : آتاه ، ولكن بدا لي أن ذلك الوجه يعد مرجوحا لكثرة الحذف والتقدير ، إذ فيه حذفان : حذف الفعل ، وحذف الضمير الذي هو في الأصل مفعول به أول .
لذا أرجح القول القائل بإعراب ( رسولا ) بدلا من الذكر بدل اشتمال ، إذ الذكر أي : القرآن مشتمل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
فيكون المعنى على ذلك : قد أنزلنا إليكم ذكرا مشتملا على رسوله ... ،
والتقدير : أنزلنا إليكم ذكرا رسولـــــــه يتلوا عليكم ... والرابط هو الهاء.
وهذا القول ليس فيه إلا حذف واحد ( حذف الرابط ) ، وقلة الحذف أولى من كثرته ، وفيه حمل الكلام على حقيقته ، وهو الأصل ، إذ الحمل على المجاز والعدول عن الحقيقة لا يصار إليه إلا عند الحاجة بدليل ، وقد انتفت هذه الحاجة بحمل هذا الإعراب على بدل الاشتمال ....

ثم رأيت بعد ذلك كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة ذكره في كتابه الجواب الصحيح (5/ 315)، إذ يقول : ( أبدل الرسول من الذكر لاشتماله عليه ... والرسول البشري كان الرسول الملكي يتصل به في الباطن فيثقل عليه الوحي حين ينزله . وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام قال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي قال أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا
والفصم الفك والفصل من الأمور اللينة كما قال فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم
وبالقاف هو الكسر الذي يكون في الأمور الصلبة
فبين أن الملك حين ينزل الوحي عليه يتصل به ويلتبس به ثم بعد ذلك ينفصل عنه وينفك عنه وهذا الاشتمال والانفصال أبلغ من غيره فيحسن معه أن يكون إبدال أحدهما من الآخر أحسن من غيره فيقال هذا القرآن بلغه الرسول النبي وبلغه جبريل عن الله ....)

فما تقولون ؟ ؟
 
أستاذنا الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزاكم الله خيرا على هذه الدرر، يكفي المار هنا‏_وإن لم يدلي برأيه‏_‏ الاستفادة المتمثلة في هذه النقول وهذه الترجيحات والتوجيهات .
لكن لي سؤال سيدي ، ما وجه تضعيف النصب بأعني إن حمل معنى الذكر على الرسول والإنزال على الإنشاء والإحداث ؟
نريد الاستفادة فقط والسلام عليكم
 
أستاذنا الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزاكم الله خيرا على هذه الدرر، يكفي المار هنا‏_وإن لم يدلي برأيه‏_‏ الاستفادة المتمثلة في هذه النقول وهذه الترجيحات والتوجيهات .
لكن لي سؤال سيدي ، ما وجه تضعيف النصب بأعني إن حمل معنى الذكر على الرسول والإنزال على الإنشاء والإحداث ؟
نريد الاستفادة فقط والسلام عليكم

جزاك الله خيرا أخي الكريم على مداخلتك ومشاركتك فأنت أول المشاركين في هذه النافذة ، فقد خلت أن هذه النافذة زهيدة عند إخوتي ....

القول بتقدير : أعني ، إن كان المراد بالذكر هو الرسول مردود بأمرين :
الأمر الأول : أنه بحاجة إلى تقدير . وعدم التقدير أولى من التقدير .
والأمر الآخر : أن تقدير : أعني ، كما نص عليه أبو حيان لا يأتي إلا إذا كان في الكلام لبس .
والكلام على هذا فيه لبس إذن بين الذكر والرسول ، إذ لما خشي إلباس بين القرآن والرسول قال أعني رسولا .
فعلى هذا يكتفى برد تقدير : أعني بالأمر الأول فقط .
 
<font color="red">جزاك الله خيرا أخي الكريم على مداخلتك ومشاركتك فأنت أول المشاركين في هذه النافذة ، فقد خلت أن هذه النافذة زهيدة عند إخوتي ....</font><br />
<br />
القول بتقدير : أعني ، إن كان المراد بالذكر هو الرسول مردود بأمرين :<br />
الأمر الأول : أنه بحاجة إلى تقدير . وعدم التقدير أولى من التقدير .<br />
والأمر الآخر : أن تقدير : أعني ، كما نص عليه أبو حيان لا يأتي إلا إذا كان في الكلام لبس .<br />
والكلام على هذا فيه لبس إذن بين الذكر والرسول ، إذ لما خشي إلباس بين القرآن والرسول قال أعني رسولا .<br />
فعلى هذا يكتفى برد تقدير : أعني بالأمر الأول فقط .
<br />
أكرمكم الله ، بل هي في غاية من النفاسة‏_كيف لا وهي متعلقة بكلام الرحمن _واستفدنا منها كثيرا ، وأتمنى أن تكتمل الفائدة بهذا التساؤل :<br />
هذا الوجه الذي بني عليه الرد هل يؤول بهذا التفسير إلى الضعف أم البطلان ؟<br />
وجزاكم الله خيرا
 
السلام عليكم
( أبدل الرسول من الذكر لاشتماله عليه ... والرسول البشري كان الرسول الملكي يتصل به في الباطن فيثقل عليه الوحي حين ينزله
أخى الكريم
يؤخذ على هذا الوجه أن الرسول البشرى لم يُنزل ... فلم تشمله عملية انزال الذكر ..... ولايمكن القول أنه اشتمال جزئى !!
واتصال الرسول الملكى بالبشرى لايسمى اشتمال ، فلا فائدة من سوق الحديث ههنا .

والذى يدور فى ذهنى الآن هو لماذا كل هذا التعقيد
الأمر بسيط
الذكر هو القرآن والرسول هو القرآن .... هل هناك ما يمنع هذا فيكون الاعراب أن " رسولاً " بدل وكفى ؟
 
السلام عليكم

أخى الكريم
يؤخذ على هذا الوجه أن الرسول البشرى لم يُنزل ... فلم تشمله عملية انزال الذكر ..... ولايمكن القول أنه اشتمال جزئى !!
واتصال الرسول الملكى بالبشرى لايسمى اشتمال ، فلا فائدة من سوق الحديث ههنا .

والذى يدور فى ذهنى الآن هو لماذا كل هذا التعقيد
الأمر بسيط
الذكر هو القرآن والرسول هو القرآن .... هل هناك ما يمنع هذا فيكون الاعراب أن " رسولاً " بدل وكفى ؟

أكرمكم الله ، هذا الكلام غير مقبول ، ما علم في اللغة أن يحمل لفظ الرسول على القرآن ، وعلى التسليم بذلك فالمعنى غير مستقيم (قرآن يتلوا عليكم آيات الله ؟‏!‏‏!‏
ثم ما فائدة البدل على هذا التوجيه .
بارك الله فيكم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الأستاذ الفاضل مصطفى سعيد : في هذه العبارة : ( الأمر بسيط
الذكر هو القرآن والرسول هو القرآن .... هل هناك ما يمنع هذا فيكون الاعراب أن " رسولاً " بدل وكفى ؟)
لا يظهر للقارئ أن رسولا بدل من ذكرا ، لأن القرآن يُتلَى ولا يَتلو ، فهل القرآن يتلو نفسه ، أم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من يتلوه بعد أن يتلقاه من الوحي جبريل عليه السلام ؟؟
وعموما هذه أوجه مختصرة ذكرها الأستاذ محي الدين الدرويش في كتابه النافع (إعراب القرآن الكريم وبيانه) :

(رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ) في نصب رسولا أوجه تكاد تكون متساوية نوردها لك فيما يلي:
1- منصوب بالمصدر المنوّن قبله وهو ذكرا كما عمل «أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما» وكما قال الشاعر:
بضرب السيوف رؤوس قوم ... أزلنا هامهنّ عن المقيل
وإلى هذا الإعراب ذهب الزجّاج والفارسي.
2- بدل من ذكرا وجعل نفس الذكر مبالغة، وإليه جنح الزمخشري.
3- بدل من ذكرا على حذف مضاف من الأول تقديره ذا ذكر رسولا.
4- مفعول به لفعل محذوف أي أرسل رسولا لدلالة ما تقدم عليه.
5- أن يكون مفعولا به لفعل محذوف على طريقة الإغراء أي اتبعوا والزموا رسولا هذه صفته.
وجملة يتلو عليكم في محل نصب صفة وعليكم متعلقان بيتلو وآيات الله مفعول به ومبينات حال. انتهى نقلا .
وأنا أميل للتوجيه الرابع ، فهو الأقرب للمعنى والله أعلم ، ويؤيده قول الله عز وجل : (كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ... " . (إبراهيم - 1) فالقرآن يفسر بعضه بعضا .
وأما قول البعض بأن (رسولاً) منصوب على أنه بدل اشتمال وملابسة ، فعللوه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي بلغ الذكر ، وهذا أيضا توجيه مقبول عند كثير من المفسرين والله أعلم .
 
السلام عليكم
أنا أرى تعدد الاعرابات دليل على خطأها جمبعا
فهذا ليس مثل " فى اختلافهم رحمة "
أرى أنه لابد من القطع حتى نحسن الفهم
الذكر ...قطعنا أنه القرآن ....
والقرآن روح ... حى لايموت .... يتلو آيات مبينات .... ماذا نستبعد فى هذا ؟
فلا الرسول الملكى ولا الرسول البشرى يتلو علينا الآن آيات مبينات ... بل هو القرآن ...
سيدنا محمد كان تُتلى عليه الآيات :
" تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ " البقرة 252
" ذٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ " آل عمران 58
وكان يتلوها
" رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ ..." البقرة 129
"كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا ...." البقرة 151

ولكن فى آيات سورة الطلاق لايمكن ادخال الرسول فى معنى الذكر
ولذلك " رسول " فيها لاتنصرف إلى الرسول عليه الصلاة والسلام
وهذا الذى نبحث عنه
أثر المعنى فى الاعراب .
 
أيها الفضلاء الآن أصبحت النافذة حية بكم فجزاكم الله خيرا

إخوتي الكرام إن الخلاف في الأعاريب السابقة مبني على الخلاف في المراد بالذكر والرسول ، وأنا أميل إلى أن المراد بالذكر القرآن وبالرسول محمد صلى الله عليه وسلم مستدلا بآيات سابقة تجدونها في أول المشاركة .

وقد رجح الطبري رحمه الله فيما فهمته من كلامه أن الذكر هو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فقال : ( وقوله: (قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا) اختلف أهل التأويل في المعني بالذكر والرسول في هذا الموضع، فقال بعضهم: الذكر هو القرآن، والرسول محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله: (قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا) قال: الذكر: القرآن، والرسول: محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله عزّ وجلّ: (قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا) قال: القرآن روح من الله، وقرأ: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) إلى آخر الآية، وقرأ: (قَدْ أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا رَسُولا) قال: القرآن، وقرأ: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ) قال: بالقرآن، وقرأ (إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ) قال: القرآن، قال: وهو الذكر، وهو الروح.
وقال آخرون: الذكر: هو الرسول.
والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر، ذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة.
فتأويل الكلام إذن: قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذكرًا من الله لكم يذكركم به، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله، والعمل بطاعته، رسولا يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه (مُبَيِّنَاتٍ) يقول: مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله ).
ولكن الطبري لم يبين رحمه الله معنى ( أنزل ) هنا إذ القول بأن الذكر هو الرسول لا يستقيم إلا بتغيير دلالة أنزل إلى أرسل ، ولم تأت ( أنزل ) في غير معناها الحقيقي إلا بمعنى ( خلق ) كما مر في الآيات السابقة .

وأما القول بأن الذكر هو القرآن والرسول هو محمد عليه الصلاة والسلام ، ففيه أعاريب منها :
1-أن يكون بدل كل من كل : وهذا يحوجنا إلى المجاز ، والأصل حمل الكلام على حقيقته .
2-أن يكون بدل اشتمال ، وهذا ليس فيه مجاز ، وإنما فيه حمل الكلام على حقيقته سواء أقلنا أن الذكر أي القرآن مشتمل على الرسول أو الرسول مشتمل على القرآن ، فالقرآن فيه حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مشتمل عليه ، والرسول يحفظ القرآن وهو في قلبه فهو مشتمل عليه ...
وليس في هذا الوجه من جهة الصناعة النحوية إلا حذف الضمير
3-أن يكون مفعولا به لفعل محذوف إما أن يقدر بـ( بعث ) أو ( أرسل ) وهذا فيه من جهة الصناعة حذف فعل إلا أن المعنى فيه ركاكة ، إذ التقدير يكون : أنزل الله إليكم ذكرا أرسل رسولا ، ولا تزول ركاكته في نظري إلا بتقدير حرف عطف فيصير المعنى : أنزل الله إليكم ذكرا وأرسل رسولا ، وهنا قدرنا أمران : فعل وحرف عطف ، وفي بدل الاشتمال استقام المعنى ولم يحذف منه إلا شيء واحد وهو الضمير ، والله أعلم

وأتمنى منكم إثراء مشاركة لي سابقة بعنوان أثر المعنى في إعراب ( صديد ) على هذا الرابط فمنكم أستفيد وأفيد http://vb.tafsir.net/tafsir29387/
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى