أثر الصحبة

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
أثر الصحبة
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد :
فلا يستغني عاقل في حياته عن صداقة وصحبة ، فهي نافعة في الدنيا والآخرة إذا أسست على التقوى لله تعالى ، وأما إذا بنيت على غير ذلك فلا تنفع أصحابها يقينًا في الآخرة ، وإن أصابهم بعض نفع دنيوي من ورائها ؛ قال الله تعالى : ] الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [ [ الزخرف : 67 ] .
ولا تخفى حاجة الناس لهذه العلاقة المبنية على التقوى ، فإنها ضرورية لحياة طيبة ، موصولة بحياة أطيب منها ؛ أما في الحياة الدنيا ، فقد قيل : الأخوَّة قرابةٌ مستفادة ؛ ويقال : الرجل بلا أخ كشمال بلا يمين ؛ وقال الشاعر :
ومـا الـمرء إلا بإخوانه ... كما يقبض الكف بالمعصمِ
ولا خير في الكف مقطوعة ... ولا خير في الساعد الأجذمِ
هذه العلاقة إذا تأسست على قاعدة ( الحب في الله والبغض في الله ) هي أنفع شيء للإنسان ؛ قال ابن عباس - رضي الله عنهما : أحبب في الله ، وأبغض في الله ، وعاد في الله ، فإنه لا تنال موالاة الله إلا بذلك ، ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان ولو كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك ؛ قال : ولقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا ، وذلك لا يجدي على أهله ، ثم قرأ ابن عباس : ] الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [ [ الزخرف : 67 ] ، وقرأ : ] لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ [ المجادلة : 22 ] .ا.هـ .
فيجب على الإنسان أن لا يصحب إلا من له دين وتقوى ، فإن المحبة في الله تنفع في الدنيا والآخرة وما أحسن ما قال بعضهم :
وكل محبة في الله تبقى ... على الحالين من فرج وضيق
وكل محبة فيما سواه ... فكالحَلْفَاءِ في لهب الحـريق
والحلفاء نوع من الأعشاب يشتعل سريعًا .
وأما الاقتران بأهل السوء الذين لا يعرفون لله حقًّا ، ولا تجد لهم في معاملاتهم خُلُقًا ، ولا يُعرَف لهم في أنفسهم طيب الصفات ؛ فهم كالبهائم في قضاء شهواتهم ، أو كالسباع في الاعتداء على أعراض الناس وحرماتهم ، فهؤلاء أضر البشر على البشر ، وأفسد المخلوقات في الأرض ؛ وفسادهم يُعدي مقارنَهم وإن لم يفعل مثل أفعالهم ؛ فمن تعرض للتهمة بصحبتهم فلا يلومن من أساء به الظن .
وقد رأينا في واقع الناس شاهدًا على ذلك ، فمن خالط أهل الخيانة فإنه يصير خائنًا ؛ ذلك لأن القرين يقتدي بقرينه .
فالعاقل يحذر هؤلاء حذره من المرض الخبيث ، ويفر منهم فراره من الأسد ، ولله در القائل :
إذا لَمْ أجدْ خِلًّا تقيًّا فَوَحْدَتي ... أَلَذُّ وأَشَهَى مِنْ غَويٍّ أعاشرُه
وأَجلسُ وحدي للعبادةِ آمِنًا ... أَقَرُّ لعيني مِنْ جَليسٍ أحـاذرُه
 
عودة
أعلى