محمد محمود إبراهيم عطية
Member
لا يتنازع اثنان في أن للجليس أثرًا على جليسه إيجابًا أو سلبًا ، وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم ذلك بيانًا شافيًا ؛ ففي الصحيحين عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ ؛ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً " [1] . قال النووي - رحمه الله : فِيهِ تَمْثِيله صلى الله عليه وسلم الْجَلِيس الصَّالِح بِحَامِلِ الْمِسْك , وَالْجَلِيس السُّوء بِنَافِخِ الْكِير , وَفِيهِ فَضِيلَة مُجَالَسَة الصَّالِحِينَ وَأَهْل الْخَيْر وَالْمُرُوءَة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْوَرَع وَالْعِلْم وَالْأَدَب , وَالنَّهْي عَنْ مُجَالَسَة أَهْل الشَّرّ وَأَهْل الْبِدَع , وَمَنْ يَغْتَاب النَّاس , أَوْ يَكْثُر فُجْرُهُ وَبَطَالَته ؛ وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ الْأَنْوَاع الْمَذْمُومَة .ا.هـ .
فلا تجالس فاسقًا مصرًّا على معصية كبيرة ، وسواء أكانت هذه الكبيرة واحدة الكبائر أم كانت إصرارًا على الصغائر ؛ لأن من يخاف الله لا يصر على معصية ، ومن لا يخاف الله لا تؤمن غوائله ، بل يتغير بتغير الأحوال والأعراض ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلا تُطِع مَن أَغفَلْنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُه فُرُطا } [ الكهف : 28 ] .
وينبغي أن يُعلم أن المجالسة - في عصرنا هذا - لا تقتصر على الأشخاص ، فإن من الأجهزة المعاصرة كالتلفاز والكومبيوتر ما يقوم بأشد مما تقوم به مجالسة الفاسق ، فليحذر العاقل ذلك أشد من حذره من مجالسة الأشرار من الناس .
قال الغزَّالي - رحمه الله - في ( بداية الهداية ) : فاحذر صحبة الفاسق ؛ فإن مشاهدة الفسق والمعصية على الدوام تزيل عن قلبك كراهية المعصية ، وتهوِّن عليك أمرها ، ولذلك هان على القلوب معصية الغيبة لإلفهم لها ، ولو رأوا خاتمًا من ذهب ، أو ملبوسًا من حرير على فقيه ، لاشتد إنكارهم عليه ، والغيبة أشدُّ من ذلك .ا.هـ .
--------------------------------------
[1] البخاري ( 2101 ، 5534 ) ، ومسلم ( 2628 ) واللفظ له .
فلا تجالس فاسقًا مصرًّا على معصية كبيرة ، وسواء أكانت هذه الكبيرة واحدة الكبائر أم كانت إصرارًا على الصغائر ؛ لأن من يخاف الله لا يصر على معصية ، ومن لا يخاف الله لا تؤمن غوائله ، بل يتغير بتغير الأحوال والأعراض ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلا تُطِع مَن أَغفَلْنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُه فُرُطا } [ الكهف : 28 ] .
وينبغي أن يُعلم أن المجالسة - في عصرنا هذا - لا تقتصر على الأشخاص ، فإن من الأجهزة المعاصرة كالتلفاز والكومبيوتر ما يقوم بأشد مما تقوم به مجالسة الفاسق ، فليحذر العاقل ذلك أشد من حذره من مجالسة الأشرار من الناس .
قال الغزَّالي - رحمه الله - في ( بداية الهداية ) : فاحذر صحبة الفاسق ؛ فإن مشاهدة الفسق والمعصية على الدوام تزيل عن قلبك كراهية المعصية ، وتهوِّن عليك أمرها ، ولذلك هان على القلوب معصية الغيبة لإلفهم لها ، ولو رأوا خاتمًا من ذهب ، أو ملبوسًا من حرير على فقيه ، لاشتد إنكارهم عليه ، والغيبة أشدُّ من ذلك .ا.هـ .
--------------------------------------
[1] البخاري ( 2101 ، 5534 ) ، ومسلم ( 2628 ) واللفظ له .