آية حث بعض المفسرين على تدبرها

إنضم
26/08/2006
المشاركات
63
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
السعودية - جدة
لا يخفى على مسلم مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند ربه ,والمتتبع لآيات القرآن التي يخاطب بها المولى عز وجل رسوله الكريم يلمس عظيم قدره صلى الله عليه وسلم ,ولكن هناك آيات في كتاب الله كان الخطاب فيها شديدا ,وهي آيات معدودة تدل على عظم الأمر الذي نزل فيه الخطاب ,كالأمر بالتوحيد وعدم الركون للمشركين والصدع بالحق وتبليغ القرآن دون تحريف ,وهي مواضع جديرة بالبحث والدراسة .
وقد لفت نظري موضع منها كان الخطاب فيه قويا للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ,وهو قوله عز شأنه في سورة الإسراء{وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا}.
قال الزمخشري : <وفي ذكر الكيدودة وتقليلها مع إتباع الوعيد الشديد بالعذاب المضاعف في الدارين دليل بيّن على أن القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله وارتفاع منزلته....وفيه دليل على أن أدنى مداهنة للغواة مضادة لله وخروج عن ولايته ,وسبب موجب لغضبه ونكاله , فعلى المؤمن إذا تلى هذه الآية أن يجثو عندها ويتدبرها ,فهي جديرة بالتدبر ,وبأن يستشعر الناظر فيها الخشية وازدياد التصلب في دين الله>.
وتابعه في الأمر بتدبر الآية البقاعي والألوسي في تفسيريهما .
قال ابن الجوزي معلقا على هذه الآية :<وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوما ,ولكنه تخويف لأمته لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين في شيء من أحكام الله وشرائعه>.
فحريٌ بكل مسلم وخاصة أهل العلم والرأي تدبر هذه الآية والتفكر فيها ,فحاجتنا إليها شديدة خصوصا في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن وانتشرت الدعوات المشبوهة للتقارب بين الأديان والتي يبدأ فيها التنازل عن أوامر الدين رويدا رويدا حتى يصل إلى الثوابت عياذا بالله .وقد أبدع صاحب الظلال في بيان معنى الآية وإنزالها على واقع المسلمين اليوم .ولولا خشية الإطالة لنقلت كلامه كله فقد أجاد وأفاد كعادته رحمه الله .
قال النيسابوري في فوائد هذه الآية:<وفيه أنه لا عصمة من المعاصي إلا بتوفيق الله وتثبيته على الحق>.فنسأل الله أن يثبتنا على دينه وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن لا يميتنا إلا وهو راض عنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
 
قال السعدي رحمه الله في تفسيره
وفي هذه الآيات، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه، أن يثبته على الإيمان، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق، قال الله له: { وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا } فكيف بغيره؟"
وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه، وعصمته من الشر، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان.
وفيها: أنه بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله: { إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }
وفيها: أن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم
.
 
بارك الله فيكم يا أبا يزيد ، فقد أحسنت الاختيار ، والأمر كما تفضلتم نسأل الله الثبات على الحق حتى نلقى الله .
 
عودة
أعلى