آية استوقفتني

إنضم
08/11/2012
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
دمشق السلام
بسم1

قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الحج (52)مشاهدة المرفق 8985
 
بسم الله الرحمن الرحيم.. الاخ الفاضل..أرى والله تعالى أعلم.. ان علينا كطلبة علم ان لا نسأل قبل ان نقرأ أي ان علينا ان نقرأ تفسير الآية وما أبسطه اكتب في محرك البحث ما تفسير قوله تعالى(.....) فستظهر لك المواقع ومن أفضلها موقع الشبكة الاسلامية حيث يعرض لك التفاسير المعتبرة(الطبري/القرطبي/ابن كثير/ابو حيان/الرازي/الشوكاني/.......)...فاذا قرأت تفسير الآية وبقى لديك سؤالا فعند ذلك أسأل عنه...والله تعالى أعلم.
 
آية استوقفتني

أفضل تفسير لهذه الآية:
حملها على ظاهرها

تمنى النبي إيمان قومه
فألقى الشيطان الشبهات على قومه
ليضعف إيمانهم

ولكن وبعد المعجزات
نسخ الله (أزال) شبهات الشيطان
وظهرت دلالة نبوة النبي محكمة
 
إستوقفتني ترجمات لهذه الآية. وهذا يدل على شيء كررت قوله أن ليس هناك ترجمة أفضل من أخرى؛ فيما يخص هذه الآية نجد ترجمة آربري أحسن من ترجمات مسلمين مثل ترجمة الهلالي مع محسن خان إذ ليس في الآية ما يدل على تدخل شيطان الغيب في عملية التلقي والوحي وتلاوته.

We sent not ever any Messenger or Prophet before thee, but that Satan cast into his fancy, when he was fancying; but God annuls what Satan casts, then God confirms His signs -- surely God is All-knowing, All-wise --
(Arberry)

Never did We send a Messenger or a Prophet before you, but; when he did recite the revelation or narrated or spoke, Shaitan (Satan) threw (some falsehood) in it. But Allah abolishes that which Shaitan (Satan) throws in. Then Allah establishes His Revelations. And Allah is All-Knower, All-Wise:
(Hilali & Khan)



1. نقرأ الآية.
2. نقرأ ما قبل وما بعد الآية.
3. نقرأ الآية في السورة.
4. نستذكر آيات أخرى في القرآن تدور في نفس المحور.
5. نعود إلى التفاسير نقرأ.

الآية
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّـهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّـهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}

المعنى من ظاهر السياق:
(50) الذين يناضلون عنادا ويجتهدون في الكيد لإبطال وظيفة النبي النذير المبين شياطين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل؛ و (51) نضالهم هذا سنة الله التي خلت في عباده المرسلين لكن الله يبطل كيدهم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الشياطين؛ و (52) ما كانت هذه الحرية المتاحة لهؤلاء الشياطين إلا ليجعلها الله إختبارا للذين في قلوبهم نفاق وشك مريب؛ أما (53) الذين آمنوا وبسبب ما يحدث يحصل عندهم العلم الذي يميزون به بين دعوة الحق والدعاية ضد الإنذار القرآني فيزداد بهذا العلم إيمانهم..

الظاهر أن السورة مركبة من آيات مدنية وأخرى مكية، والطابع الغالب على الآيات المكية هو الجانب الجدلي {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ}.

في القرآن آيات تشير إلى تاريخ هذا الجدل منها:
{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}.

وبعد الخطوة الخامسة سيتبين أن ما تفضل به أستاذنا الدكتور الشريف هو أحسن تفسير، والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحد لله رب العالمين.. اما بعد.. جزى الله تعالى خيرا جميع المشاركين... أقول ياكرام..ان تفسير الدكتور عبد الرحيم..ليس هو الراجح..فقد ذكر القرطبي ان(تمنى)أي قرأ وتلا...وكذلك الشوكاني(...قال الواحدي-وقال المفسرون-معنى تمنى تلا)ثم ذكر الشوكاني(قال البغوي-ان أكثر المفسرين قالوا-معنى(تمنى)تلا وقرأ كتاب الله)...ثم قال الشوكاني(..فحاصل معنى الآية-ان الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون ان يتكلم به رسول الله اللهم صل عليه وآله ولا جرى على لسانه فتكون هذه الآية تسلية للرسول-أي لا يهولنك ذلك ولا يحزنك فقد أصاب مثل هذا من قبلك من المرسلين)...والله تعالى أعلم.
 
آية استوقفتني

أخي المكرم
لو ألقى الشيطان في (تلاوة) النبي وقراءته كلاماً له (أي للشيطان)، ولكن بصوت النبي؛ لخالفنا منطوق القرآن الكريم.

قال تعالى:
" وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ( ٢١٠ ) وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ( ٢١١ ) " [سورة الشعراء].
 
بسم الله الرحمن الرحيم.. الاخ الفاضل دكتور عبد الرحيم... تفسير الشوكاني لا يناقض آية الشعراء لان هذه الآية عامة والاية التي نحن بذكرها آية خاصة قدرها الله تعالى بعلمه وحكمته....ثم أنظر الى ذكر النسخ أليس يعني ان الله سبحانه قد أزال كلاما أراد الشيطان ان يدخله ضمن الآيات...والله تعالى أعلم.
 
أخي الحبيب الفاضل وفقكم الله
يا عزيزي
هذا القول يعني بالضرورة إثبات خرافة الغرانيق
تأمل ما جاء في موقع (مركز الكلمة المسيحي) التنصيري بعنوان (آيات شيطانية باعتراف القرآن) :
جلس محمد ذات مرة في ناد من أندية قريش، وجلس معه كثيرون من أبناء قريش، وأحبّ يومئذ ألاَّ يأتيه من الله شيء ينفر منه، وتمنى ذلك فأنزل تعالى سورة النجم 53-7)والنجم إذا هوى(فقرأها حتى بلغ أفرأيتم اللاّت والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان على لسانه {تلك الغرانيق العُلى إن شفاعتهن لترجى}. فلما سمعت قريش فرحوا، ومضى رسول الله في قراءته فقرأ السورة كلها، فسجد وسجد معه المسلمون والمشركون، وتفرَّقت قريش وقد سرَّهم ما سمعوه، وقالوا:"قد ذكر محمد آلهتا بأحسن الذِّكْر". فلما أمسى الرسول أتاه جبريل فقال:"ماذا صنعت لقد تلوت على الناس ما لم آتيك به من عند الله"، فحزن الرسول حزناً شديداً وخاف من الله خوفاً عظيماً..
الإمام عبد الله ابن أحمد النسفي قال: "إنه عليه السلام كان في نادي قومه (أي في مجلسهم) يقرأ سورة (والنجم إذا هوى، ما ضل صاحبكم (أي محمد) وما غوى) فلما بلغ قوله: "أفرأيتم اللاتَ والعُزَّى، ومناةَ الثالثةَ الأخرى" جرى على لسانه (أي أضاف) "تلك الغرانيق العلى (أي: الرائعة الجمال، العالية المقدار) وإن شفاعتهن (أي وساطتهن) لترتجى". قيل: فنبهه جبريل عليه السلام، فأخبرهم أن ذلك كان من الشيطان... (تفسير النسفي الجزء الثالث ص161)
وقد جاء في تفسير الجلالين: أنه عندما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم بمجلس من قريش، بعد الكلمات "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى" ما ألقاه الشيطان على لسان الرسول من غير علمه، صلى الله عليه وسلم: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى". ففرحوا بذلك. ثم أخبره جبريل بما ألقاه الشيطان على لسانه، فحزن، فسُلِّىَ (تعزى) بهذه الآية.
يقول الإمام أبو جعفر النحاس في تعليقه على حديث الغرانيق: "ألقى الشيطان هذا في تلاوة النبي " (كتاب النحاس الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص 225)
وقول الإمام أبو جعفر النحاس أيضا: "معروف من الآثار أن الشيطان كان يظهر في كثير وقتٍ للنبي " (كتاب النحاس الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ص 225)
التساؤل الخطير هنا:
1ـ كيف ينطق الشيطان على لسان الرسول؟
2ـ كيف يؤلف الشيطان آية تماما مثل القرآن؟ الأمر الذي جعل الرسول نفسه لا يميز بين كلمات الله وكلمات الشيطان؟ في الوقت الذي تحدى فيه الله أن يأتوا بآيات مثل آيات القرآن... أفبعد كل هذا التحدي، لا يميز الرسول بين كلام الشيطان والكلام الموحى به، لو لم يرده جبريل؟؟؟!!! بالتأكيد يريد السائل أن يعرف الإجابة الصحيحة.
وحين تتناول المواقع التنصيرية خرافة الغرانيق يعرضونها بأسلوب يُفهم منه أن فرية الغرانيق يعرفها المسلمون، ويسلِّمون بصحتها، ولا تشكل لديهم أي حرج أو إشكال. ومن ذلك ما ورد في الموقع التنصيري (يوم قبل وفاة محمد):
ففي الخطاب القرآني ورد ذكر كثير من أصنام العرب في معرض التنديد غالبا. وأحيانا في معرض الإشارة كتلك الآية المنسوخة من سورة النجم والتي ورد فيها: واللاة [الصواب: أَفَرَاَيْتُمُ الَّلاةَ ] والعزى ومناة الثالثة الأخرى……… تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى". وهي الآية التي يذكر المفسرون أن الشيطان ألقاها في فم محمد

هذه الرواية باطلة موضوعة، ودليل ذلك من القرآن الكريم وصحيح السنة والمعقول والتاريخ، كما يلي:
أولاً: القرآن الكريم:
1. قال تعالى في سورة يونس: " قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) ".
فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدل في كلام الله، فكيف بالشياطين؟
2. وفي سورة الإسراء: " وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا(73) ". وكلمة: " كاد " تفيد إن الأمر لم يحصل.
3. وفيها قوله: " وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا(74) ".
كلمة: " لولا " تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره فدل على أن ذلك الركون، لم يحصل.
4. وفي سورة الفرقان: " كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا(32) "، والتثبيت لا يتحصل بكلام تتدخل فيه الشياطين بداهة!
5.وفي سورة الشعراء: " إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80) ".
وورد في السورة ذاتها نص قاطع ينفي ذلك بتاتاً: " وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ(211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212).. هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) ".
6. وفي سورة الحاقة: " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (45) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعنَا مِنْهُ الوَتِينَ (46) ". انظر التهديد لمن ؟ فكيف بالشيطان إن تدخل؟؟
7. وأختم بسورة النجم ـ موضع الشبهة ـ حيث قال تعالى: " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى(3)إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4) ".
فلو أنه قرأ عقيب هذه الآية: تلك الغرانيق العلى، لكان قد ناقض الآية الكريمة في الحال.
وجاء بعدها: " وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى(26) ". تقرر الآية الكريمة أن شفاعة الملائكة لا تغني شيئاً، هل الغرانيق شفاعتها ترتجى أكثر من شفاعة الملائكة المقربين ؟!
فسبحان من جعل في سورة النجم ـ موضع الشبهة ـ ردَّين عليها: الأول قبلها، والثاني بعدها!!
لقد أخطأ واضعوا تلك الفرية السورة، وعمِيَت بصيرتهم عن كونها ناسفة لشبهتهم.. فلو فكروا ملياً، لاختاروا وضعها في سورة أخرى!

ثانياً: صحيح السنة النبوية:
1. لم يثبت ذلك بأي حديث صحيح مرفوع، كما أن روايات الغرانيق متناقضة ولا يسلم أي منها من مطعن، في السند والمتن.
2. طعنُ المحدِّثين بصحة هذه القصة:
سئل ابن خزيمةعن هذه القصة فقال: " هذا وضع من الزنادقة "، وصنف فيه كتاباً.
وبيَّن الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أن هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل.
وقال القاضي عياض في الشفا " إنه من وضع الزنادقة ". وإن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل.
3. رُوي الحديث الصحيح حول سجود المشركين عند تلاوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أوائل سورة النجم من طرق كثيرة، وليس فيه البتة أي ذكر للغرانيق.
4. لا عبرة بما نقل في كتب القصاص، أو بعض المفسرين المولعين بذكر غريب القصص والأخبار دون تثبت.
5. الأحاديث الصحيحة الكثيرة في عدم تمثل الشيطان بسيدنا محمد لمن يراه أثناء النوم، فيكون عدم قدرته التمثل بنبرة صوته من باب أولى.
6. تناقضات روايات تلك الفرية، وهي ست كما يلي:
الأولى: " تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى ".
الثانية: " الغرانقة العلا إن شفاعتهم ترتجى ".
الثالثة: " إن شفاعتهن ترتجى " ( دون ذكر الغرانيق ).
الرابعة: " وإنها لهي الغرانيق العلا ".
الخامسة: " وأنهن لهن الغرانيق العلا، إن شفاعتهم لهي التي ترتجى ".
السادسة: " تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى ".
وبذا تسقط جميعاً.

ثالثاً: المعقول:
1. من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعي الرسول عليه السلام كان في نفي عبادة الأوثان وشفاعتها، فكيف يُثبِت أمراً جُلُّ رسالته قبل نزول سورة النجم وبعدها في نفيه ؟!
2. معاداتهم للرسول عليه السلام كانت أعظم من أن يقروا بهذا القدر من القراءة دون أن يقفوا على حقيقة الأمر، فكيف أجمعوا على أنه عظَّم آلهتهم، مع أنه لم يظهر عندهم موافقته لهم ؟
3. لو جوَّزنا ذلك لارتفع الأمان عن شرعه، وجوزنا في كل الشرائع أن تكون كذلك، ولا دين يقبل ذلك.
4. لو كان الشيطان له سلطان على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بدرجة أنه يملي عليه كلامه، ويحرك لسانه بالكفر، لكان ألعوبة له، ليس في هذه القصة فقط، بل في غيرها أيضا. والنبي معصوم من الشياطين بداهةً.
5. الاعتراف بشفاعة الأصنام كفر مخرج من الملة.

رابعاً: التاريخ:
1. لم يرد في تاريخ العرب أبداً هذا التشبيه لآلهتهم بالغرنوق، ولم يعهدوه في جاهليتهم، ولم تأت أشعارهم على ذكر ذلك الوصف لآلهتهم.. وهذا يؤكد أنها لُفقت فيما بعد.
2. لو كانت صحيحة، لأحدثت أثراً سلبياً في نفوس من آمن حديثاً، وما نُسب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يمر مرور الكرام.. فإن كان لحادثة الإسراء أثر سلبي في عقيدة بعض ضعاف الإيمان، فتلك القصة ـ على فرض صحتها ـ من باب أولى.
 
في تفسير الإمام القرطبي لتلك الآية عبارات مهمة:
- منها الغث والسمين.
- المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم.
- أن الأمة أجمعت فيما طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه، لا قصدا، ولا عمدا، ولا سهوا، وغلطا ..

إذن لا ينبغي العودة إلى التفاسير بطريقة حشوية لا ندرك معها خطورة ما نكرره لأن هناك غث وجب إستبعاده، وغريب يستحسن إهماله، وإجماع نخضع له كل تفسير.

أزال كلاما أراد الشيطان ان يدخله ضمن الآيات
من تفسير الإمام القرطبي للآية: ليس للشيطان قدرة على سلب الإنسان الاختيار، قال الله تعالى مخبرا عنه: {وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي}؛ ولو كان للشيطان هذه القدرة لما بقي لأحد من بني آدم قوة في طاعة، ومن توهم أن للشيطان هذه القوة فهو قول الثنوية والمجوس في أن الخير من الله والشر من الشيطان. فمن إستجاب للشيطان حتى يمرر في القرآن ما ليس منه؟!

فقد ذكر القرطبي ان (تمنى) أي قرأ وتلا
أقول ما قاله إبن عاشور في تفسيره للآية: عندي في صحة إطلاق لفظ الأمنية على القراءة شك عظيم، بعد أن قال "إذا قرأ على الناس ما أنزل إليه ليهتدوا به ألقى الشيطان في أمنيته، أي في قراءته، أي وسوس لهم في نفوسهم ما يناقضه وينافيه بوسوسته للناس التكذيب والإعراض عن التدبر"؛ وبدأ تفسيره للآية بقوله "عطف على جملة {قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين}" مما يدل على أخذه بظاهر السياق.

وفي نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، نقرأ:
إلا إذا تمنى أي تلا على الناس ما أمره الله به أو حدثهم به واشتهى في نفسه أن يقبلوه حرصا منه على إيمانهم شفقة عليهم ألقى الشيطان في أمنيته أي ما تلاه أو حدث به واشتهى أن يقبل، من الشبه والتخيلات ما يتلقفه منه أولياؤه فيجادلون به أهل الطاعة ليضلوهم .

وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا كما يفعل هؤلاء فيما يغيرون به في وجه الشريعة أصولا وفروعا من قولهم: إن القرآن شعر وسحر وكهانة، وقولهم لو شاء الله ما أشركنا وقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقولهم: إن ما قتله الله بالموت حتف أنفه أولى بالأكل مما ذبح، وقولهم: نحن أهل الله وسكان حرمه، لا نخرج من الحرم فنقف في الحج بالمشعر الحرام ويقف الناس بعرفة ، ونحن نطوف في ثيابنا وكذا من ولدناه، وأما غيرنا فلا يطوف إلا عريانا ذكرا كان أو أنثى إلا أن يعطيه أحد منا ما يلبسه، ونحو ذلك مما يريدون أن يطفئوا به نور الله، وكذا تأويلات الباطنية والاتحادية وأنظارهم التي ألحدوا فيها، يضل بها من يشاء الله ثم يمحوها من أراد من عباده وما أراد من أمره فينسخ أي فيتسبب عن إلقائه أنه ينسخ الله أي المحيط بكل شيء قدرة وعلما ما يلقي الشيطان فيبطله بإيضاح أمره ومج القلوب له.

ولما كان إبطاله سبحانه للشبه إبطالا محكما، لا يتطرق إليه لعلو رتبة بيانه - شبهة أصلا، عبر بأداة التراخي فقال: ثم يحكم الله أي الملك الذي لا كفؤ له آياته أي يجعلها جلية فيما أريد منها، وأدل دليل على أن هذا هو المراد مع الافتتاح بالمعاجزة في الآيات - الختام بقوله عطفا على ما تقديره: فالله على ما يشاء قدير: [ ص: 72 ] والله أي الذي له الأمر كله عليم أي بنفي الشبه حكيم بإيراد الكلام على وجه لا تؤثر فيه عند من له أدنى بصيرة، وكذا ما مضى في السورة ويأتي من ذكر الجدال.
 
من خلال تتبعي لردود بعض العلماء على الاستشكالات وصلت إلى قناعة بأنهم حين يفسرون فإنهم يتخيلون الطرف الآخر الذي يفسرون له يؤمن - بالضرورة - بكل الغيبيات على التفويض (وانتهينا بنقطة آخر السطر).
لكن في زمننا الحالي وبعد تفجر ثورة المعلومات وانتشار الفكر النقدي بين الناس فالأصل أن نترفق بهم، وكلنا على ثغرة فلا يؤتين الإسلام من قِبَلنا.

مثال على ذلك:
من العجيب أن ترى عملاقاً كشيخنا الجليل ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في الفتح 8 / 439 يقول عن خرافة الغرانيق:
" لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا...
وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: " ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها "، وهو إطلاق مردود عليه .
وكذا قول عياض: " هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده ".
وكذا قوله [أي القاضي عياض]: " ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية... " ".
 
وكلامك أستاذنا الشريف يمكن إختصاره في حكمة تنسب للإمام علي كرّم الله وجهه "حدثوا الناس بما يطيقون أتحبون أن يكذب الله ورسوله". وهو ما عنيته بقولي نكرر الكلام الذي لا ندرك خطورته، والمفسر أحيانا ضحية إسقاط نفسي إيجابي أي يتوقع من غيره (المتلقي) ما هو كائن في نفسه من أحاسيس وقناعات يقدر بها على حل المشكل والغريب وكأن الآخر هو وهو الآخر، مما يؤدي أثناء الكتابة إلى الإستغناء عن مزيد من البيان فلا يجنح إلى التوفيق بين ظواهر النصوص والتأويلات بل لا يهتم بمناقشة الإختلافات في التأويل أصلا لأنه تحصيل حاصل فالآخر المتلقي مثله.

أما إبن حجر العسقلاني فقد قال ما قال لأنه عاش في بيئة لم تعرف هذه الإشكاليات فلم تكن هناك حاجة للبحث الدقيق؛ ولو عاش في عصر آخر لقال ما قاله في أحاديث مشكلة في عصره وهو عصر شبهات التشبيه عندما قال "وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجبت وبالله التوفيق إنه إن حضر عنده من يوافقه على معتقده وكان يعتقد تنزيه الله تعالى عن صفات الحدوث وأراد التأسي محضا جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه تعالى الله عن ذلك". ونحن نقرأ في جوابه هذا كلاما آخر وهو: "والأولى به الأخذ بالرأي الذي يذهب إلى القول بأن لا أصل لخرافة الغرانيق".
 
وكلامك أستاذنا الدكتور الشريف يمكن إختصاره في حكمة تنسب للإمام علي كرّم الله وجهه "حدثوا الناس بما يطيقون أتحبون أن يكذب الله ورسوله". وهو ما عنيته بقولي نكرر الكلام الذي لا ندرك خطورته، والمفسر أحيانا ضحية إسقاط نفسي إيجابي أي يتوقع من غيره (المتلقي) ما هو كائن في نفسه من أحاسيس وقناعات يقدر بها على حل المشكل والغريب وكأن الآخر هو وهو الآخر، مما يؤدي أثناء الكتابة إلى الإستغناء عن مزيد من البيان فلا يجنح إلى التوفيق بين ظواهر النصوص والتأويلات بل لا يهتم بمناقشة الإختلافات في التأويل أصلا لأنه تحصيل حاصل مادام المتلقي مثله.

أما إبن حجر العسقلاني فقد قال ما قال لأنه عاش في بيئة لم تعرف هذه الإشكاليات فلم تكن هناك حاجة للبحث الدقيق؛ ولو عاش في عصر آخر لقال ما قاله في أحاديث مشكلة في عصره وهو عصر شبهات التشبيه عندما قال "وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجبت وبالله التوفيق إنه إن حضر عنده من يوافقه على معتقده وكان يعتقد تنزيه الله تعالى عن صفات الحدوث وأراد التأسي محضا جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه تعالى الله عن ذلك". ونحن نقرأ في جوابه هذا كلاما آخر وهو: "والأولى به الأخذ بالرأي الذي يذهب إلى القول بأن لا أصل لخرافة الغرانيق".
 
بسم الله الرحمن الرحيم

لو تأملنا سياق الآية لوجدنا أنها جاءت مسبوقة بقوله جل شأنه :

(( وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ))

قال مجاهد وعبد الله بن الزبير : معاجزين أي مثبطين يثبطون الناس عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم

وقال ابن عباس : معاجزين أي مراغمين يجعلون الناس تفر عن الإصغاء الرسول صلى الله عليه وسلم

وهذا يعني أنه كانت ثمة فئة تصد عن سبيل الله وتقول في كلام الله بغير الحق، والأرجح أن ذلك كان يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي أُمر بتبليغ كلام الله والحرص على ذلك كل الحرص، وربما شعر بالمسؤولية حيال الذي كان يحدث، فجاء قول المولى عز وجل :

(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ))

فالآية الكريمة توضح للنبي صلى الله عليه وسلم بأن عمل أولئك المعاجزين المثبطين المراغمين كان بإيعاز من الشيطان، وأن دأب الشيطان معه ومع من سبقه من الأنبياء والرسل كان دائما إلقاء الشبهات في آيات الله سبحانه وتعالى وتأويلها بالباطل حتى ينصرف الناس عنها، غير أن كيد الشيطان ضعيف، فالله جل وعلا يزيل تلك الشبهات وتلك الأباطيل بما جعله في القرآن الكريم من إحكام وتوافق في معاني الآيات.

لكن لا يتأتى لجميع الناس الوقوف على الحق ودحض الشبهات التي يلقيها الشيطان في كلام الله تعالى، فهناك من يُفتن بها بسبب قسوة قلبه والأمراض الداهمة له فيضل بسببها عن سواء السبيل، وهناك من يقف على بطلانها ويثبُت على الحق الذي تدعو إليه آيات الذكر الحكيم من العلماء الربانيين، وهذا ما تبينه الآيات الكريمة :

((لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))

والله أعلم
 
سبحان الله !!!
بعد شكري لكم: (معلقين ورادّين وناقلين وحتى المتحيّرين)

أقول أحبتي:

لما كتبتُ آية استوقفتني
أرفقت معها ملفا يشفي به الله الأوام ، ذيّلتُه بمرجعين لإمامين، يجد الناظر فيهما كل ما ينزو بذهنه حول الآية محل النقاش، لا سيما الشنقيطي رحمه الله الذي بسط أطناب قلمه فيها .
 
بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين... الاخ الفاضل مهند ألهمنا الله تعالى واياكم الصبر والثبات وعوضنا معكم طلب العلم والطاعات ونسأله سبحانه ان يجعل لنا ولكم بعد هذه الفتن الطامات..منحا كاملات وجنات زاهرات..أخي الكريم الملف الذي ذكرته لا يعمل...فأصلحه ان كنت تستطيع...والله تعالى أعلم.
 
بسم1
لابن عطية تحرير مهم في المسألة وهو: ان حديث الغرانيق وقع في كتب التفسير ونحوها ولم يدخله البخاري ولا مسلم ولاذكره في علمه مصنف مشهور؛ بل الذي يقتضيه مذهب أهل الحديث ان الشيطان ألقى ولا يعينون هذا السبب ولا غيره، ونص انه لا خلاف ان القاء الشيطان انما هو لالفاظ مسموعة بها وقعت الفتنة، ثم اختلف الناس في صورة هذا الالقاء: فالذي في التفاسير وهو مشهور القول ماذكرتم، ومذهب المتكلمين امام الحرمين وغيره ان ذلك غير جائز للعصمة وان الشيطان صوب صوته من صوت النبيصلى الله عليه وسلم فالتبس الامر، وهو الذي تساعده عليه الفاظ الاية على القول بأن تمنى بمعنى تلا، فيكون القاء الشيطان في تلاوته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله ءاياته ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وليعلم الذين أوتوا العلم انه الحق من ربك فيومنوا فتخبت له قلوبهم وان الله لهاد الذين ءامنوا الى صراط مستقيم.
 
{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) } (سورة الحج )

الامنية او التمني : طبيعة بشرية ، وشعور من الرجاء والطمع والتخيل لشيء متمنى خيرا كان أو شرا ، وتقدير حدوثه ووقوعه بطريقه معينة أو بكيفيه ما .. وهمية يتصورها المتمني ، قوله تعالى ( أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) ) (سورة النجم ) .

52- عن الانبياء عليهم السلام.. أصل ومحل (التمني) القلب وإن ظهرعلى الجوارح ، فيلقى الشيطان كيدا في قلب النبي محل الامنية التحسين والتهويل ، ولانه نبي فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بقلبه ، فيزيل الله هذا الالقاء ويحكم اياته في قلب رسوله فلايقول الرسول ولا يفعل إلا الحق . (العصمة )

53-الظلمة القساة ومرضى القلوب ، أماني الشيطان ومايلقيه في قلوبهم لاتزيدهم إلا ضلالا وغيا وبعدا عن الله . (الخذلان)

54- والمؤمنون عصمهم الله وعرفوا حقيقة ما القاه الشيطان في قلوبهم وميزوا الحق من الباطل فضلا من الله ورحمة وأزدات قلوبهم إيمانا وإخباتا . (التأييد )

والمشترك بين الايات الثلاث هو الاماني والقاء الشيطان وقوله تعالى { وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) } (سورة النساء )
فالشيطان لايستطيع الدخول على الانبياء إلا من باب التمنى مع ملاحظة أمر مهم أن أسلوب الشرط في الاية قد يدل على التعليق ، بمعنى عدم وقوع التمني أصلا من الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولكنه خبر وتحذير للرسول عليه السلام بهذه الثغرة ، وقد يكون هذا قبل إسلام قرينه

-إذا تمنى ( فعل الشرط)
-أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ( جملة جواب الشرط )

والله اعلم
 
بسم1
ونعوذ بالله من ان نكون من الاميين الذين لا يعلمون الكتاب الا اماني، القائلين بظنهم شيئا سمعوه فيتمنون أنه من الكتاب؛ فالاتفاق بين المفسرين للكتاب ان الالقاء كان بالفاظ مسموعة متلوة لا نفسية متمنية ووقع الخلاف في صورة الالقاء.
 
اخي / مخلص ..الذي قلته في المشاركة 18 ... أن أصل التمنى ومنبعه القلب ولامانع من ظهوره قولا ، ولكن التمنى في آية الحج لم يكن قولا أو فعلا بل كان تمنى يتعلق بالقلب أو بما خفي في الصدور فقط لاغير، والدليل على ذلك القاء الشيطان ، فالشيطان لايلقى وساوسه إلا في مكان واحد معين وهو الصدر ، لقول الله تعالى ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) (سورة الناس ) ، وقوله تعالى ({ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) } (سورة النمل ) ، والاية فيها التفرقة بين ما خفي مكانه الصدر والاعلان (القول والفعل ) .
 
ليس من الحق القول بأن العلماء اتفقوا على ذلك التأويل المرجوح،
قال البيضاوي: " " ألقى الشيطان في أمنيته " في تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال عليه الصلاة والسلام " وإنه ليغان على قلبي فأستغفر الله سبعين مرة " . " فينسخ الله ما يلقي الشيطان " فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون عليه والإرشاد إلى ما يزيحه . " ثم يحكم الله آياته " ثم يبت آياته الداعية إلى الاستغراق في أمر الآخرة ".
وبمثله قال أبو السعود

وذكر النيسابوري وابن العربي وابن الفرس والبقاعي والمراغي وابن عاشور والشعراوي أن النبي يتمنى أي يشتهي في نفسه أن يقبله الناس ويؤمنون به لكن الشيطان يلقي الشبهات والتخيلات في تلك الأمنية فيتلقفها أولياؤه فيجادلون أهل الطاعة.. الخ

ومن أراد التوسع في الرد على ذاك التأويل فعليه بتفسير القرطبي ومختصره أن الحكاية التي تم الاعتماد عليها لهذا التأويل (للأمنية بالتلاوة) هي في الأصل باطلة، وما بني على باطل فهو باطل.
وطرح استشكالاً هامًا وهو أن ذاك التأويل يوافق المجوس والثنوية ويخالف أصول الإسلام:
قال: " ولو كان للشيطان هذه القدرة لما بقي لأحد من بني آدم قوة في طاعة ، ومن توهم أن للشيطان هذه القوة فهو قول الثنوية والمجوس في أن الخير من الله والشر من الشيطان ".
ثم ختم بقوله:
" وضعف الحديث مغن عن كل تأويل ، والحمد لله . ومما يدل على ضعفه أيضا وتوهينه من الكتاب قوله تعالى : " وإن كادوا ليفتنونك " [ الإسراء : 73 ] الآيتين ، فإنهما تردان الخبر الذي رووه ؛ لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا يفتنونه حتى يفتري ، وأنه لولا أن ثبته لكان يركن إليهم . فمضمون هذا ومفهومه أن الله تعالى عصمه من أن يفتري وثبته حتى لم يركن إليهم قليلا فكيف كثيرا ، وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون والافتراء بمدح آلهتهم ، وأنه قال عليه الصلاة والسلام : افتريت على الله وقلت ما لم يقل . وهذا ضد مفهوم الآية ، وهي تضعف الحديث لو صح ، فكيف ولا صحة له ".

وبمثله قال الشوكاني: " والحاصل : أن جميع الروايات في هذا الباب إما مرسلة أو منقطعة لا تقوم الحجة بشيء منها . وقد أسلفنا عن الحفاظ في أول هذا البحث ما فيه كفاية ، وفي الباب روايات من أحب الوقوف على جميعها فلينظرها في الدر المنثور للسيوطي ، ولا يأتي التطويل بذكرها هنا بفائدة ، فقد عرفناك أنها جميعها لا تقوم بها الحجة ".

وبعد أن توسع صديق حسن خان في تناول الآراء في الموضوع قال:
" هذه الرواية أدخلها على الإسلام يهودي تجلى الغموض عنه وإن وثقه بعض الناس، فإن هذه الرواية تشجب هذا التوثيق وتحجبه، ذلك أن ابن سعد في الطبقات يرويها عن رجل يدعى عبد الله بن حنطب ليس له صحبة، والطبري يرويها عن محمد بن كعب القرظي، كان أبوه من سبي بني قريظة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلقه لأنه رآه دون البلوغ، فتزوج وخلف محمدا هذا وقد ولد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هنا ندرك أن هذه الرواية لم يجرؤ واحد على إسنادها لأحد الصحابة رضوان الله عليهم، وربما تكون قد دست من طريق بني قريظة وكان إرسالهم إياها عن طريق ابن حنطب وابن كعب. ويأتي بعد هذا ابن السائب الكلبي والواقدي فيرويانها عن ابن عباس؛ وحسبك فهما كذابان بالإجماع ".

وتأمل كلام القاسمي الرائع في تفنيد تلك الفرية، وذاك التفسير المبني عليها:
قال بعد أن نقضها من حيث النقل:
وأما من جهة المعنى فقد قامت الحجة وأجمعت الأمة على عصمته عليه السلام ، ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة . إما من تمنيه أن ينزل عليه مثل من مدح غير الله وهو كفر ، أو أن يتسور عليه الشيطان ويشبه عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه ، حتى ينبهه عليه جبريل عليهما السلام ، وذلك كله ممتنع في حقه عليه السلام . أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا ، وذلك كفر . أو سهوا وهو معصوم من هذا كله .
ووجه ثان – وهو استحالة هذه القصة نظرا وعرفا . وذلك أن الكلام ، لو كان كما روي ، بعيد الالتئام ، متناقض الأقسام ممتزج المدح بالذم ، متخاذل التأليف . ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم ولا من بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين ، ممن يخفى عليه ذلك ، وهذا لا يخفى على أدنى متأمل . فكيف بمن رجح حلمه ، واتسع في باب البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه ؟ ووجه ثالث – أنه قد علم من عادة المنافقين ومعاندي المشركين وضعفة القلوب والجهلة من المسلمين ، نفورهم من أول وهلة ، وتخليط العدو على النبي صلى الله عليه وسلم لأقل فتنة ، وتعييرهم المسلمين والشمات بهم الفينة بعد الفينة . وارتداد من في قلبه مرض ممن أظهر الإسلام لأدنى شبهة .
ولم يحك أحد في هذه القصة شيئا مما سوى هذه الرواية الضعيفة الأصل . ولو كان لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة . ولأقامت بها اليهود عليهم الحجة . كما فعلوه مكابرة في قصة الإسراء حتى كانت في ذلك لبعض الضعفاء ردة . وكذلك ما روي في قصة القضية . ولا فتنة أعظم من هذه البلية لو وجدت . ولا تشغيب للمعادي حينئذ أشد من هذه الحادثة لو أمكنت . فما روي عن معاند فيها كلمة . ولا عن مسلم بسببها بنت شفة . فدل على بطلها . واجتثاث أصلها .
ولا شك في إدخال بعض شياطين الإنس والجن ، على بعض مغفلي المحدثين ، ليلبس به على ضعفاء المسلمين.. ".


وهنا مسألة كنت أجدها أحياناً في الرد على شبهات المنصرين والملحدين، وهي أنهم يتعلقون بتأويل المفسرين الذين ينكرون رواية ما، ثم يقولون: وهل فرض صحة الرواية فتأويل الآية كذا وكذا..
مثل فرية رؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأمنا زينب رضي الله عنها وقوله: سبحان مقلب القلوب.
هذه الرواية باطلة واضحة البطلان، ولو سمعت مفسراً يقول: وعلى فرض صحة الرواية فتأويل ما أخفاه رسول الله وأبداه الله كذا..
لكن ليس معنى هذا أن المفسر يؤمن بصحة الرواية فأوّلّها.

وكذا موقف الغزالي من الرواية التي تحث على الأكل من الهريسة لأنها تشد الظهر، فهو أنكرها متناً.. ولكنه قال: على فرض صحتها فالجواب.. الخ

وفي هذا قال البيضاوي عند رده على فرية الغرانيق والاحتجاج بها في تفسير آيتنا هذه: " وهو مردود عند المحققين وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه "

وبمثله قال القاضي عياض: " وحدثني أَبي ( رحمه اللّه تعالى ) أَنَّهُ لَقِيَ بالمشرق من شيوخ العلماء والمتكلمين مَنْ قال : هذا لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم في التبليغ ؛ وإنَّما الأمرُ يعني على تقدير صحَّته .. [فكذا وكذا] ".
يعني لا يعدو كونها فرضية فلسفية يقتضيها أسلوب المناظرات من باب التسليم للخصم.

وأختم بوصية ابن العربي لمن يؤول الآية بذاك التأويل المرجوح:
" وليس في القرآن إلا غاية البيان بصيانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإسرار والإعلان عن الشك والكفران.
وقد أوعدنا إليكم توصية أن تجعلوا القرآن إمامكم، وحروفه أمامكم، فلا تحملوا عليها ما ليس فيها، ولا تربطوا فيها ما ليس منها، وما هدي لهذا إلا الطبري بجلالة قدره، وصفاء فكره، وسعة باعه في العلم، وشدة ساعده وذراعه في النظر؛ وكأنه أشار إلى هذا الغرض، وصوب على هذا المرمى فقرطس بعدما ذكر في ذلك روايات كثيرة كلها باطلة، لا أصل لها، ولو شاء ربك لما رواها أحد ولا سطرها، ولكنه فعال لما يريد، عصمنا الله وإياكم بالتوفيق والتسديد، وجعلنا من أهل التوحيد بفضله ورحمته ".

* خلاصة ما سبق:
لم يجزم بتأويل آية الحج بفرية الغرانيق عدد من كبار المفسرين، وأبرزهم:
1. الطبري
2. البيضاوي
3. النيسابوري
4. ابن العربي
5. ابن الفرس
6. البقاعي
7. القرطبي
8. صديق حسن خان
9. القاسمي
10. الشوكاني
11. أبو السعود
12. المراغي
13. ابن عاشور (ورد الزعم بأن العرب تعرف الأمنية بمعنى التلاوة بأدلة قوية)
14. الشعراوي

وغيرهم كثير ممن لو تتبعت كلامهم لوجدتهم يقولون بلسان الحال : " على فرض صحته.. فالجواب كذا ". ومن أبرزهم الرازي وابن الجوزي والشنقيطي.

لنعد إلى التذكير بأن ما بني على باطل فهو باطل، وبما أن خرافة الغرانيق باطلة، فتأويل الآية ونقلها من الظاهر إلى التأويل ومن حقيقة معنى (تمنى) إلى المعنى المجازي للأمنية استناداً عليها باطلٌ لا مسوغ له أبداً.
فالأصل حمل اللفظ على ظاهره،
ولا يُنقل المعنى من الظاهر إلا لسبب ظاهر!
 
إن أفضل من تكلم وابدع من فسر في هذه الآية فضيلة الشيخ الشعراوي ومعظم بقية المفسرين وقع في الخطأ وإعتمد روايات ساقطة هزيلة جل كتاب الله ورسوله عن ذلك وإليكم وصلة الشيخ الشعراوي على اليوتيوب :
https://www.youtube.com/watch?v=NWoMpPHxN8o
 
عودة
أعلى