آيات أشكل عليّ تفسيرها

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع محمد الأمين
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
م

محمد الأمين

Guest
الآية الأولى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14) سورة الصف

وجه الإشكال أن الذين أمنوا بعيسى عليه السلام من بني إسرائيل لم يصبحوا ظاهرين على المشركين، بل ظل النصارى الأوئل مضطهدين لثلاثة قرون حتى جاء قسطنطنين وتمسح لكن بطريقة محرفة وحارب أيضاً الموحدين النصارى.


{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (55) سورة آل عمران
 
أخي العزيز محمد الأمين وفقه الله وبارك فيه
لقد تأملت منذ زمن هذه الآية والمعنى الذي استشكلته في الآية ، ومنذ ذلك الوقت وأنا أرغب في مراجعة كلام العلماء حول هذا الأمر ولم يتسن لي حتى الساعة. ولكن باعتبار أن ما يكتب هنا تتناوله العقول والأقلام بالتنقيح والتصحيح فقد انقدح في ذهني معنى أرجو أن يكون صحيحاً.
وهو أن المقصود بالظهور والفوقية هنا هي فوقية الدين والاستجابة لأمر الله وأمر رسله عليهم السلام وأن هذا الانقياد والإسلام لله هو الظهور الحقيقي على الكفار وهو الفوقية الحقيقة. ولا أظن أن هذا المعنى قد فات على الشيخ الجليل الدكتور ناصر العمر في كتابه (حقيقة الانتصار) فهو صاحب تأملات في غاية الدقة وفقه الله ، فلعلك أخي الكريم تراجع هذا الكتاب أو أنا أفعل ذلك إن شاء الله.
ولعل التأمل للتاريخ يؤكد هذه الحقيقة ، فالكفار حتى ولو انتصروا عسكريا فهم مهزومون من جانب العقيدة والمبادئ والقيم ولذلك يحاولون جاهدين أن يغطوا هذا النقص بالقوة العسكرية ، وفي نهاية المطاف ستنتصر المبادئ الصادقة والقيم الإسلامية الراسخة. وعقلاء الغرب قد اعترفوا بهذه الحقائق وأن الإسلام دين المبادئ والقيم ، وأنه الدين الوحيد الذي يلبي حاجات الروح والجسد.
هذه وجهة نظر ولعله يكون هناك من كلام الزملاء من يصوبها و يدعمها أو يبين خطأها. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} (14) سورة الصف


أرجو توضيح وجه الإشكال في الآية

فالآية تتحدث عن زمن محدد قد مضى ، ظهر فيه أتباع عيسى بن مريم _ عليه السلام _ على من كفر من " بني اسرائيل"
فلا دخل للمشركين في الآية ولا علاقة للآية بتمديد الظهور إلى يوم القيامة ... والله أعلم
 
تأكيدًا لكلام الشيخ عبد الرحمن الشهري _ حفظه الله _

تأكيدًا لكلام الشيخ عبد الرحمن الشهري _ حفظه الله _

شيخنا الفاضل الشيخ محمد الأمين _ حفظه الله وأمتع به _
لقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع عديدة من كتبه أن ظهور أهل الحق على أهل الباطل ، في نصوص الكتاب والسنة عمومًا _ ومنها هذه الآية الكريمة _ نوعان :
1) الظهور بالحجة والبيان : وهذا دائم في جميع الأزمان لا ينقطع ، فأهل الحق حجتهم دائمًا ظاهرة على حجة عدوهم ، حتى لو كان المؤمنون في زمن استضعاف .
2) الظهور بالسيف والسِّنان : وهذا يكون في بعض الأوقات دون بعض ، فإن الرسل وأتباعهم يدالون على العدو مرة ، ويدال عليهم العدو أخرى .
وفي ضوء ذلك يمكن أن نفهم الظهور الذي وعد الله به المؤمنين .

______________
أخي الكريم ( أخوكم ) _ حفظه الله _
الآية الكريمة لا تتحدث عن زمن محدد قد مضى ، بل هي باقية إلى قيام الساعة ، وتفيد ظهور أتباع عيسى بن مريم _ عليه السلام _ ، وهم المؤمنون بعيسى من الموحدين قبل بعثة نبينا محمد ، ثم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد بعثته ، فهؤلاء هم المتبعون لعيسى حقًا ، وذلك لأن المسلمين هم الامتداد الطبيعي للمؤمنين بعيسى عليه السلام وبما أرسل به ، فوعد الله تعالى بظهورهم على من كفر من " بني اسرائيل"إما بالحجة والبيان ، وإما بهما مع الظهور بالسيف والسنان .
ثم إن الفترة التي تحدث عنها الشيخ محمد الأمين هي الفترة التي قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيها كما ذكر فضيلته قوم موحدون من أتباع عيسى أظهرهم الله بالحجة والبيان على المشركين من بني إسرائيل .
 
شيخنا الحبيب أبو خالد نفعنا الله بعلمه

أرى أنكم قد أصبتم في تأويل الآية بقولكم: <<1) الظهور بالحجة والبيان : وهذا دائم في جميع الأزمان لا ينقطع ، فأهل الحق حجتهم دائمًا ظاهرة على حجة عدوهم ، حتى لو كان المؤمنون في زمن استضعاف . >>

وأما التأويل بأن المراد بالمؤمنين هم المسلمين بعد البعثة النبوية، فلا أراه متفقاً مع الآية التي تذكر أن هؤلاء المؤمنين هم من بني إسرائيل "فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ". فيبدو أن الظهور هو المعنى الأول الذي ذكرتموه، والله أعلم. وبذلك ينحل الإشكال.
 
فسر الإمام الطبري هذه الآية على غير ما تفضلتم بذكره. قال رحمه الله:

حدثني أَبو السائب، قال: ثنا أَبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، قال: "لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلي أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلا من عين في البيت ورأسه يقطر ماء؛ قال: فقال: إن منكم من سيكفر بي اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن بي؛ قال: ثم قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي؟ قال: فقام شاب من أحدثهم سنًا، قال: فقال أنا، فقال له: اجلس؛ ثم أعاد عليهم، فقام الشاب، فقال أنا؛ قال: نعم أنت ذاك؛ فألقى عليه شبه عيسى، ورُفع عيسى من رَوْزَنَة في البيت إلى السماء؛ قال: وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه. فقتلوه وصلبوه، وكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن به، فتفرّقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء، ثم صعد إلى السماء، وهؤلاء اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء الله، ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية. وقالت فرقة. كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسًا حتى بعث الله محمدًا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فآمنت طائفة من بني إسرائيل، وكفرت طائفة، يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، فأيدنا الذين آمنوا على عدّوهم، فأصبحوا ظاهرين في إظهار محمد على دينهم دين الكفار، فأصبحوا ظاهرين.

ثم قال رحمه الله:

وقوله: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ) يقول: فقوينا الذين آمنوا من الطائفتين من بني إسرائيل على عدوهم، الذي كفروا منهم بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتصديقه إياهم، أن عيسى عبد الله ورسوله، وتكذيبه من قال هو إله، ومن قال: هو ابن الله تعالى ذكره، فأصبحوا ظاهرين، فأصبحت الطائفة المؤمنون ظاهرين على عدّوهم الكافرين منهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عبد الله الهلالي، قال: ثنا أَبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ) قال: قوّينا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم (فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ) قال: لما بعث الله محمدًا، ونزل تصديق من آمن بعيسى، أصبحت حجة من آمن به ظاهرة.
قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم، في قوله: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) قال: أيدوا بمحمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فصدّقهم، وأخبر بحجتهم.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم، في قوله: (فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) قال: أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كلمة الله وروحه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) من آمن مع عيسى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.
 
عودة
أعلى