آداب الاستيقاظ من النوم

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
للاستيقاظ آداب جمعها حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في الصحيحين أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ : " يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ : عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ ؛ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ " ولفظ مسلم : " فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ " .
وقافية الرأس : مؤخرتها ؛ وقيل : القفا ، وآخر كل شيء قافيته .
ومعنى قوله : " يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ : عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ " أي : يضرب بيده على العقدة تأكيدًا وإحكامًا لها ، قائلا : " عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ " لتسويفه بالقيام ، والإلباس عليه بأن في بقية الليل من الطول ما له فيه فسحة ؛ ونقل ابن بطال عن المهلب قال : قد فسر النبي صلى الله عليه وسلم معنى العقد ، وهو قوله : " عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ " كأنه يقولها إذا أراد النائم الاستيقاظ إلى حزبه ، فيعتقد في نفسه أنه بقيت من الليل بقية طويلة ، حتى يروم بذلك إتلاف ساعات ليله وتفويت حزبه .ا.هـ.
وقد بين الحديث ثلاثة آداب لحل عقد الشيطان الثلاثة :
الأول : ذكر الله تعالى ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ "
ومما ورد من أذكار الاستيقاظ ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اسْتَيْقَظَ قَالَ : " الْحَمْدُ لله الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " ؛ وفي حديث آخر : " فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي ، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي ، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ " .
الثاني : الوضوء ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ " ، وفيه التحريض على الوضوء في هذه الحالة ، وهو كونه تنحل به إحدى عقد الشيطان وإن لم تنضم إليه في تلك الحالة صلاة ؛ فإذا انضم إلى ذلك حل العقدة بالذكر كان المنحل من العقد بالذكر والوضوء عقدتان .
الثالث : الصلاة : " فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ " ، وعند مسلم : " فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ " ؛ المراد أنه انحل بالصلاة تمام عقده ، فإنه قد انحل بالذكر والوضوء اثنان منها ، وما بقي إلا واحدة ، فإذا صلى انحلت تلك الواحدة ؛ وحصل حينئذ تمام انحلال المجموع .
وفيه حض على قيام الليل ؛ لأن فيه أنه يصبح طيب النفس نشيطًا بعد الذكر والوضوء والصلاة .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ " يريد أنه بذكر الله تعالى وبالوضوء وبالصلاة تنحل عقد الشيطان كلها ، وينجو المسلم من كيده ، ومن شر عقده ؛ فيصبح نشيطًا قد انحلت عنه عقد الشيطان التي تكسله ؛ فينشط لما يرد عليه من عبادات أُخر ، من صلوات وغيرها ، وينشط لما يحتاجه من أمور حياته ؛ " طَيِّبَ النَّفْسِ " بما عمل في ليله من عمل البر ؛ لرجاء ثواب ما فعل ؛ ولانشراح صدره بما يستقبل ، فيصبح مسرورًا بما قدم ، مستبشرًا بما وعده الله من الثواب والغفران ، مع ما يبارك له في نفسه وتصرفه في كل أموره ؛ والله أعلم ، واستظهر ابن حجر - رحمه الله - أن في صلاة الليل سرًّا في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلي شيئا مما ذكر ؛ قال : وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى : { إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً } [ المزمل : 6 ] .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ " أي : متغيرًا بشؤم تفريطه ، وهمِّه بما فاته من حزبه ؛ ولما عليه من عُقَد الشيطان - التي لم تزل - وآثار تثبيطه واستيلائه وإتمام خديعته عليه ؛ إذ قد حمله على أن فاته الحظ الأوفر من قيام الليل ؛ وكسَّله عن النشاط في أعمال البر ؛ وقوله : " كَسْلَانَ " ؛ أي : متثاقل عن فعل الخيرات ؛ وربما يحمله ذلك على تضييع الواجبات ؛ قال النووي - رحمه الله : وظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة - وهي الذكر والوضوء والصلاة - فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان .
 
عودة
أعلى