الشنقيطي الصغير
New member
- إنضم
- 11/03/2009
- المشاركات
- 2
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
ترى هل ينفذ الخطة ويفجر نفسه وسط أولئك الكفرة السفلة أم أن للعقل دور في نجاته من ذلك الحزام الناسف الذي كان مقررا أن ينسف جسده النحيل وسط ضحاياه المساكين.. تابع معنا هذه القصة ولا تخرج بدون رد تنورنا به..
آخر ليلة في حياة إرهابي..
كان تلك آخر ليلة في حياته القصيرة.. كان شابا في الثامنة عشرة من عمره مندفعا محبا للخير.. كانت بطولات الصحابة تملأ رأسه.. كان يرى طلحة يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم دفاع الأبطال يوم أحد.. كان يرى أبو عبيدة يفقد ثنيتيه وهو يشد بأسنانه على الحلقة التي أصابت وجه النبي حرصا على راحته.. كان الجهاد في سبيل الله يلهب حماسه.. كان يعلم أن المجاهدين في الدرجات العلا من الجنة وأن الموت في سبيل الله هو أشرف موت في الوجود..
كان رغم صغر سنه متوقد الذهن شديد الذكاء.. أخبروه بأن الجهاد في سبيل الله فرض على كل مسلم فأقر لهم بان الروح إن لم تبذل في سبيل الله فلا فائدة فيها.. أخبروه بأن الناس كلهم كفار.. قالوا له أن النصارى كفار وأن اليهود كفار وأن حكام المسلمين ومن آمن بهم من المسلمين مجرد كفار..
- ولكنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت العتيق.. أجابوه:
- ولكنهم مع الظالمين.. حكمهم حكم الظالمين..
ترى هل حكم الظالمين هو التفجير.. كان رغم صغر سنه قد اعتاد على استخدام عقله.. لم يسمح يوما للهوى أن يكون دليله.. كانت تساؤلات كثيرة تملأ عقله الصغير.. ترى أيمكننا أن نعبد الله بغير أمرنا به.. لو كان الأمر كذلك لكانت عبادة اليهود أو النصارى صحيحة.. إذا فالعبادات تكون بالواجب والمستحب وإلا لصلى من شاء كيفما شاء.. فهل من الواجب أو المستحب إزهاق الأرواح لمجرد أن أصحابها كفار في نظر قلة من المتأولين..
كانت تلك الليلة ليلة عمليته الكبرى.. ففيها سيفجر نفسه وسط جيش أعزل من السياح الغربيين الكفرة ومن طوعت له نفسه حراستهم أو مرافقتهم من المسلمين الكفرة..
ألقى نظرة متفحصة على حزامه المتفجر.. ترى هل ستحملني إلى الجنة أم إلى النار.. ترى هل ستحرقني في الدنيا أم ستنجني من عذاب النار.. كم أحب الجنة.. وكم أنا خائف من الانحراف عن سبيلها..
سمع طرقا خفيفا على الباب فغمغم في شرود:
- تفضل..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ترى ما معنى السلام.. ما معنى السلام عليكم..
كرر الداخل السلام وهو يقول:
- هل مازلت تحلم كعادتك.. تعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
الشيطان الرجيم.. كم هو عبقري ذلك الشيطان الرجيم إن أوقعنا في الجحيم من باب أشق العبادات على أنفسنا..
أجابه بتثاقل:
- وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..
- لم يبق على موعدنا سوى الساعتين عليك الاستعداد قبلهما.. لا تنس أن تتوضأ وتصلي ركعتين فأنت مقبل على الجنة.. أطهر المنازل..
مقبل على الجنة.. من أخبره بذلك.. ترى هل يعلم الغيب.. همس لصاحبه بصوت وجل:
- لست مطمئنا لهذه العملية.. أنا.. أنا لم أقتل نملة في حياتي متعمدا فكيف أزهق أرواح البشر..
- إنهم كفرة.. كفرة.. ألا تفهم..
ابتسم بشرود وهو يقول:
- هل واجبنا كمسلمين قتل الكفرة أم هدايتهم..
- واجبنا هدايتهم ولكن حكامهم قد ظلمونا..
ابتسم مجددا وهو يقول:
- هل نحكم بالقتل على كل من ظلمنا..
أجابه صاحبه:
- دعك من هذا واعلم أنك إنما تجاهد في سبيل الله..
- ولكن الجهاد له ضوابط..
- دعك من هذا..
- حسنا لنفرض أنك تعرف وجه فرعون.. وأنك رأيته في مكان مزدحم بالمسلمين وفيه أيضا كفار مثله.. وأنك خيرت بين قتله وقتل الجميع معه أو تركه وترك الجميع فهل تقتله أم تتركه تقديرا لأرواح الآخرين..
شد صاحبه حزامه المتفجر على وسطه وألقى عليه نظرة نارية وهو يقول:
- لو كان فرعون يحتمي بكوكب الأرض كله لفجرت الكوكب بمن فيه على رأسه..
ضحك بمرارة وهو يقول بصوت خافت:
- ولكن الله تعالى قال لموسى: "وقولا له قولا لينا".. الله سبحانه وتعالى أعطاه فرصة للحياة في نعمة الهداية فلماذا نسرق نحن الحياة من الآخرين.. ما أدرانا أنهم لن يهتدوا أو يعدلوا.. هل نقلب قلوبهم أو نطبع عليها.. أليست الهداية بيد الله فهو القادر على هداية الكافر بعد عمر طويل في الفواحش ما ظهر منها وما بطن وإدخاله الجنة.. وهو القادر في الوقت ذاته على إضلال مسلم أمضى مثل عمره في العبادة وإدخاله النار.. لا تنسى أن الإسلام يجبّ ما قبله..
أجابه صاحبه:
- دعك من فلسفة الجبناء..
- قلب الحزام المتفجر بين يديه وهو يقول:
- حتى في حالة الحرب لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل جميع النصارى ولا اليهود.. بالعكس أمرنا أن لا نهدم كنائسهم وأن لا نقتل رهبانهم ولا نسائهم ولا أطفالهم.. اليهود والنصارى عاشوا في جوار الرسول صلى الله عليه وسلم فهل سمعت يوما أنه كان يقتلهم لمجرد أنهم كفار.. بل دعاهم كما دعا العرب إلى هذا الدين الرحيم الذي هو للناس كافة.. فأسلم اليهودي والنصراني والمجوسي وكان منهم العلماء والمجاهدين وغيرهم.. لا تنسى أن هذه الدنيا دار ابتلاء نحن مبتلون فيها بأقرب الناس إلينا وواهم من ظن أنها ستصبح في يوم من الأيام جنة من جنان الخلد.. والعاقل من يخرج من هذا الامتحان ناجحا بمعدل يضمن له إحدى الدرجات العليا في الجنة.. لا من يلقى ربه وقد سفك دم فلان واغتصب مال فلان وأضل فلان..
أجابه صاحبه بانفعال:
- ولكن العالم كله يحارب المسلمين..
ألقى عليه نظرة تأمل وهو يقول:
- هذا من ضمن الابتلاء.. ولكن لا يعني أن يعتدى علينا أن نكون من المعتدين.. كيف نقتل من يشهد أن لا إله إلا الله لمجرد أنه جندي من جنود الحاكم يطعم أبنائه من راتب الحكومة الضئيل.. لماذا نقتله.. هل حكم الزاني وقد يتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المتبرجة وقد تتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المشرك وقد يسلم في أية لحظة هو القتل.. ألا ترى معي أن في ديننا العظيم فسحة..
- ولكنهم ارتدوا بمعاونتهم للحكام الذين يعاونون الكفار..
ضحك مجددا وهو يقول:
- يسمى مرتدا من أعلن انسلاخه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.. وهذا يستتاب ثلاثة أيام قبل أن يقتل ولا يتربص به في الطرقات ليذبح كالخروف.. نحن كبشر لا نملك جنة أو نار حتى نحكم على من هو مثلنا بأنه خارج من الجنة أو داخل في النار.. بل علينا أن نتبع خطى نبينا عليه الصلاة والسلام في هداية الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. ليس لنا من الأمر شيء بل الأمر كله لله.. يا عزيزي.. نحن ضعفاء أولى بنا أن ننتبه لأنفسنا لكي لا نقع في شر أعمالنا.. ولا تنس قول نبيك الكريم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".. فو الله لو أجتمع مشايخ هذه الحركات كلهم على تبرير قتل الناس لما وسعتهم خيمة المنطق..
- دعك من هذا فقد فات الأوان.. ضع حزامك الناسف وتوكل على الله..
- أتوكل عليه في ما لم يأمرني به..
- ولكنك تجاهد في سبيله..
- بقتل الأبرياء المعاهدين والمسلمين..
- بل بقتل الكفار..
رمى الحزام من يده وهو يقول لصاحبه:
- أثبت لي فقط أنهم كفار.. أثبت لي أن حق الكافر علينا كمسلمين هو القتل لا الهداية.. قل لي بأن الإسلام حكرا على جماعة من الناس دون أخرى.. أخبرني بأن الحاكم يستحيل أن يكون أعلم مني ومنك وأكثر صلاة ومعرفة بالله.. قل لي بأنك تعلم الغيب وما تخفي الصدور وتعلم متى يجب أن تقتل أحدهم ومتى يجب أن تحييه..
نظر إليه صاحبه باستغراب وتمتم:
- ولكنك كنت أشجعنا..
- أشجعكم في الحق.. يا أخي العزيز إنها الجنة أو النار.. فو الله لأن أطيل في عمري بدل الانتحار المحرم أصلا حتى في ساحة الوغى وأتزوج ببنت الحلال التي تسعدني في بيتي وأعبد الله مائة عام في الصحراء أسعد برؤية الشمس والقمر خلالها في كل يوم لخير لي من أن أدخل نفسي في متاهات شبهة اتفق علماء المسلمين كلهم على ضلالها..
رمى صاحبه الحزام الناسف من يده وعانقه وهو يقول والدموع تملأ عينيه:
- صدقت.. فليحيا الناس بسببنا بدل أن يموتوا.. إذا كنا حقا شجعانا كما ندعي فلنجعل قوتنا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. لنحب الناس جميعا ولنتمنى لهم الهداية فنحن لا نملك قلوبهم ولا أرواحهم حتى نميتهم أو نحييهم متى شئنا..
ابتسم وهو يضمه إليه:
- صدقت.. الإسلام دين رحمة لا دين قنبلة.. لم يكن المسلم يوما سبابا ولا لعانا فكيف يصبح مفجرا..
- صدق الله العظيم عندما قال "لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".. ما أخطر الجهل وحفيده الغلو على الإنسان..
أحس بطمأنينة تسري في عروقه فهتف بسعادة:
- والله لأن ألقى الله بطاعة مؤكد قبولها خير لي من ألقاه أقول كنت أظن كذا أو قالوا لي كذا أو رأيتهم في الفضائيات ومواقع الإنترنت يفعلون كذا..
قاما بإتلاف المتفجرات التي كان من المفترض أن تحرقهم وضحاياهم وغادرا المكان في هدوء وطمأنينة.. همس لصاحبه بسعادة:
- لقد ربحنا حياتنا وحياة الآخرين..
رد عليه والأمل يشرق في سماء حياته مجددا:
- كم هي جميلة الحياة بدين السلام..
النهاية..
ما أجمل أن يحيي المسلم أخوه الإنسان بالإسلام.. ما أجمل أن يهديه إلى قراءة القرآن.. ما أجمل أن يهديه إلى أجمل الجنان.. ما أجمل أن يجعل منه أخا في الله يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.. وما أقبح قتل النفس.. ما أقبح قتل الأبرياء المسالمين الغافلين.. ما أقبح إدخال الرعب إلى القلوب المطمئنة.. ما أقبح هدر دماء المسلمين والآمنين..
من أنت يا مسلم حتى تحكم بكفر أخيك وأنت تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل من المنافقين ظواهرهم وترك بواطنهم لله وهم في الدرك الأسفل من النار.. من أنت حتى تقتل إنسانا وواجبك أن تحييه بالإسلام.. من أنت حتى تحيي من تشاء وتميت من تشاء.. انتبه.. فليست القضية مجرد إطلاق رصاصات في الهواء أو نزع فتيل قنبلة نائمة منذ شهور.. المسألة أكبر من ذلك بكثير.. إنها الجنة أو النار..
الشنقيطي الصغير
إخوتي أنا جديد على منتداكم الغالي ويهمني كثيرا رأيكم ورأي الشيوخ في مثل هذه القصص..
آخر ليلة في حياة إرهابي..
كان تلك آخر ليلة في حياته القصيرة.. كان شابا في الثامنة عشرة من عمره مندفعا محبا للخير.. كانت بطولات الصحابة تملأ رأسه.. كان يرى طلحة يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم دفاع الأبطال يوم أحد.. كان يرى أبو عبيدة يفقد ثنيتيه وهو يشد بأسنانه على الحلقة التي أصابت وجه النبي حرصا على راحته.. كان الجهاد في سبيل الله يلهب حماسه.. كان يعلم أن المجاهدين في الدرجات العلا من الجنة وأن الموت في سبيل الله هو أشرف موت في الوجود..
كان رغم صغر سنه متوقد الذهن شديد الذكاء.. أخبروه بأن الجهاد في سبيل الله فرض على كل مسلم فأقر لهم بان الروح إن لم تبذل في سبيل الله فلا فائدة فيها.. أخبروه بأن الناس كلهم كفار.. قالوا له أن النصارى كفار وأن اليهود كفار وأن حكام المسلمين ومن آمن بهم من المسلمين مجرد كفار..
- ولكنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت العتيق.. أجابوه:
- ولكنهم مع الظالمين.. حكمهم حكم الظالمين..
ترى هل حكم الظالمين هو التفجير.. كان رغم صغر سنه قد اعتاد على استخدام عقله.. لم يسمح يوما للهوى أن يكون دليله.. كانت تساؤلات كثيرة تملأ عقله الصغير.. ترى أيمكننا أن نعبد الله بغير أمرنا به.. لو كان الأمر كذلك لكانت عبادة اليهود أو النصارى صحيحة.. إذا فالعبادات تكون بالواجب والمستحب وإلا لصلى من شاء كيفما شاء.. فهل من الواجب أو المستحب إزهاق الأرواح لمجرد أن أصحابها كفار في نظر قلة من المتأولين..
كانت تلك الليلة ليلة عمليته الكبرى.. ففيها سيفجر نفسه وسط جيش أعزل من السياح الغربيين الكفرة ومن طوعت له نفسه حراستهم أو مرافقتهم من المسلمين الكفرة..
ألقى نظرة متفحصة على حزامه المتفجر.. ترى هل ستحملني إلى الجنة أم إلى النار.. ترى هل ستحرقني في الدنيا أم ستنجني من عذاب النار.. كم أحب الجنة.. وكم أنا خائف من الانحراف عن سبيلها..
سمع طرقا خفيفا على الباب فغمغم في شرود:
- تفضل..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ترى ما معنى السلام.. ما معنى السلام عليكم..
كرر الداخل السلام وهو يقول:
- هل مازلت تحلم كعادتك.. تعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
الشيطان الرجيم.. كم هو عبقري ذلك الشيطان الرجيم إن أوقعنا في الجحيم من باب أشق العبادات على أنفسنا..
أجابه بتثاقل:
- وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..
- لم يبق على موعدنا سوى الساعتين عليك الاستعداد قبلهما.. لا تنس أن تتوضأ وتصلي ركعتين فأنت مقبل على الجنة.. أطهر المنازل..
مقبل على الجنة.. من أخبره بذلك.. ترى هل يعلم الغيب.. همس لصاحبه بصوت وجل:
- لست مطمئنا لهذه العملية.. أنا.. أنا لم أقتل نملة في حياتي متعمدا فكيف أزهق أرواح البشر..
- إنهم كفرة.. كفرة.. ألا تفهم..
ابتسم بشرود وهو يقول:
- هل واجبنا كمسلمين قتل الكفرة أم هدايتهم..
- واجبنا هدايتهم ولكن حكامهم قد ظلمونا..
ابتسم مجددا وهو يقول:
- هل نحكم بالقتل على كل من ظلمنا..
أجابه صاحبه:
- دعك من هذا واعلم أنك إنما تجاهد في سبيل الله..
- ولكن الجهاد له ضوابط..
- دعك من هذا..
- حسنا لنفرض أنك تعرف وجه فرعون.. وأنك رأيته في مكان مزدحم بالمسلمين وفيه أيضا كفار مثله.. وأنك خيرت بين قتله وقتل الجميع معه أو تركه وترك الجميع فهل تقتله أم تتركه تقديرا لأرواح الآخرين..
شد صاحبه حزامه المتفجر على وسطه وألقى عليه نظرة نارية وهو يقول:
- لو كان فرعون يحتمي بكوكب الأرض كله لفجرت الكوكب بمن فيه على رأسه..
ضحك بمرارة وهو يقول بصوت خافت:
- ولكن الله تعالى قال لموسى: "وقولا له قولا لينا".. الله سبحانه وتعالى أعطاه فرصة للحياة في نعمة الهداية فلماذا نسرق نحن الحياة من الآخرين.. ما أدرانا أنهم لن يهتدوا أو يعدلوا.. هل نقلب قلوبهم أو نطبع عليها.. أليست الهداية بيد الله فهو القادر على هداية الكافر بعد عمر طويل في الفواحش ما ظهر منها وما بطن وإدخاله الجنة.. وهو القادر في الوقت ذاته على إضلال مسلم أمضى مثل عمره في العبادة وإدخاله النار.. لا تنسى أن الإسلام يجبّ ما قبله..
أجابه صاحبه:
- دعك من فلسفة الجبناء..
- قلب الحزام المتفجر بين يديه وهو يقول:
- حتى في حالة الحرب لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل جميع النصارى ولا اليهود.. بالعكس أمرنا أن لا نهدم كنائسهم وأن لا نقتل رهبانهم ولا نسائهم ولا أطفالهم.. اليهود والنصارى عاشوا في جوار الرسول صلى الله عليه وسلم فهل سمعت يوما أنه كان يقتلهم لمجرد أنهم كفار.. بل دعاهم كما دعا العرب إلى هذا الدين الرحيم الذي هو للناس كافة.. فأسلم اليهودي والنصراني والمجوسي وكان منهم العلماء والمجاهدين وغيرهم.. لا تنسى أن هذه الدنيا دار ابتلاء نحن مبتلون فيها بأقرب الناس إلينا وواهم من ظن أنها ستصبح في يوم من الأيام جنة من جنان الخلد.. والعاقل من يخرج من هذا الامتحان ناجحا بمعدل يضمن له إحدى الدرجات العليا في الجنة.. لا من يلقى ربه وقد سفك دم فلان واغتصب مال فلان وأضل فلان..
أجابه صاحبه بانفعال:
- ولكن العالم كله يحارب المسلمين..
ألقى عليه نظرة تأمل وهو يقول:
- هذا من ضمن الابتلاء.. ولكن لا يعني أن يعتدى علينا أن نكون من المعتدين.. كيف نقتل من يشهد أن لا إله إلا الله لمجرد أنه جندي من جنود الحاكم يطعم أبنائه من راتب الحكومة الضئيل.. لماذا نقتله.. هل حكم الزاني وقد يتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المتبرجة وقد تتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المشرك وقد يسلم في أية لحظة هو القتل.. ألا ترى معي أن في ديننا العظيم فسحة..
- ولكنهم ارتدوا بمعاونتهم للحكام الذين يعاونون الكفار..
ضحك مجددا وهو يقول:
- يسمى مرتدا من أعلن انسلاخه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.. وهذا يستتاب ثلاثة أيام قبل أن يقتل ولا يتربص به في الطرقات ليذبح كالخروف.. نحن كبشر لا نملك جنة أو نار حتى نحكم على من هو مثلنا بأنه خارج من الجنة أو داخل في النار.. بل علينا أن نتبع خطى نبينا عليه الصلاة والسلام في هداية الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. ليس لنا من الأمر شيء بل الأمر كله لله.. يا عزيزي.. نحن ضعفاء أولى بنا أن ننتبه لأنفسنا لكي لا نقع في شر أعمالنا.. ولا تنس قول نبيك الكريم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".. فو الله لو أجتمع مشايخ هذه الحركات كلهم على تبرير قتل الناس لما وسعتهم خيمة المنطق..
- دعك من هذا فقد فات الأوان.. ضع حزامك الناسف وتوكل على الله..
- أتوكل عليه في ما لم يأمرني به..
- ولكنك تجاهد في سبيله..
- بقتل الأبرياء المعاهدين والمسلمين..
- بل بقتل الكفار..
رمى الحزام من يده وهو يقول لصاحبه:
- أثبت لي فقط أنهم كفار.. أثبت لي أن حق الكافر علينا كمسلمين هو القتل لا الهداية.. قل لي بأن الإسلام حكرا على جماعة من الناس دون أخرى.. أخبرني بأن الحاكم يستحيل أن يكون أعلم مني ومنك وأكثر صلاة ومعرفة بالله.. قل لي بأنك تعلم الغيب وما تخفي الصدور وتعلم متى يجب أن تقتل أحدهم ومتى يجب أن تحييه..
نظر إليه صاحبه باستغراب وتمتم:
- ولكنك كنت أشجعنا..
- أشجعكم في الحق.. يا أخي العزيز إنها الجنة أو النار.. فو الله لأن أطيل في عمري بدل الانتحار المحرم أصلا حتى في ساحة الوغى وأتزوج ببنت الحلال التي تسعدني في بيتي وأعبد الله مائة عام في الصحراء أسعد برؤية الشمس والقمر خلالها في كل يوم لخير لي من أن أدخل نفسي في متاهات شبهة اتفق علماء المسلمين كلهم على ضلالها..
رمى صاحبه الحزام الناسف من يده وعانقه وهو يقول والدموع تملأ عينيه:
- صدقت.. فليحيا الناس بسببنا بدل أن يموتوا.. إذا كنا حقا شجعانا كما ندعي فلنجعل قوتنا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. لنحب الناس جميعا ولنتمنى لهم الهداية فنحن لا نملك قلوبهم ولا أرواحهم حتى نميتهم أو نحييهم متى شئنا..
ابتسم وهو يضمه إليه:
- صدقت.. الإسلام دين رحمة لا دين قنبلة.. لم يكن المسلم يوما سبابا ولا لعانا فكيف يصبح مفجرا..
- صدق الله العظيم عندما قال "لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".. ما أخطر الجهل وحفيده الغلو على الإنسان..
أحس بطمأنينة تسري في عروقه فهتف بسعادة:
- والله لأن ألقى الله بطاعة مؤكد قبولها خير لي من ألقاه أقول كنت أظن كذا أو قالوا لي كذا أو رأيتهم في الفضائيات ومواقع الإنترنت يفعلون كذا..
قاما بإتلاف المتفجرات التي كان من المفترض أن تحرقهم وضحاياهم وغادرا المكان في هدوء وطمأنينة.. همس لصاحبه بسعادة:
- لقد ربحنا حياتنا وحياة الآخرين..
رد عليه والأمل يشرق في سماء حياته مجددا:
- كم هي جميلة الحياة بدين السلام..
النهاية..
ما أجمل أن يحيي المسلم أخوه الإنسان بالإسلام.. ما أجمل أن يهديه إلى قراءة القرآن.. ما أجمل أن يهديه إلى أجمل الجنان.. ما أجمل أن يجعل منه أخا في الله يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.. وما أقبح قتل النفس.. ما أقبح قتل الأبرياء المسالمين الغافلين.. ما أقبح إدخال الرعب إلى القلوب المطمئنة.. ما أقبح هدر دماء المسلمين والآمنين..
من أنت يا مسلم حتى تحكم بكفر أخيك وأنت تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل من المنافقين ظواهرهم وترك بواطنهم لله وهم في الدرك الأسفل من النار.. من أنت حتى تقتل إنسانا وواجبك أن تحييه بالإسلام.. من أنت حتى تحيي من تشاء وتميت من تشاء.. انتبه.. فليست القضية مجرد إطلاق رصاصات في الهواء أو نزع فتيل قنبلة نائمة منذ شهور.. المسألة أكبر من ذلك بكثير.. إنها الجنة أو النار..
الشنقيطي الصغير
إخوتي أنا جديد على منتداكم الغالي ويهمني كثيرا رأيكم ورأي الشيوخ في مثل هذه القصص..