«قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم» بقلم الدكتور صلاح الخالدي

إنضم
13/10/2011
المشاركات
19
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
76
الإقامة
الاردن، عمان
«قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم» بقلم الدكتور صلاح الخالدي


د.صلاح عبد الفتاح الخالدي

تعيش الأمة المسلمة في هذه الأيام أجواء الجهاد والقتال، وتتنفس نسائم الجهاد والمقاومة، وكثير من أفراد الأمة تنبض قلوبهم نبضات الجهاد، ويتفاعلون مع جبهات الجهاد الحية الساخنة، في أفغانستان والعراق والصومال، وفي الجبهة الأخطر والأهم والأعظم، والأكثر حدة وسخونة، إنها جبهة غزة المجاهدة الصابرة الثابتة المرابطة، المنصورة بإذن الله.
وفي هذه الأجواء الجهادية المباركة؛ علينا أن نعود إلى المعين النقي الصافي، نأخذ منه حقائقه وإشاراته ومقرراته، عن الجهاد، والقتال، والمقاومة والمواجهة، إنه القرآن العظيم، الذي تحدث عن الجهاد والقتال حديثاً مفصلاً واضحاً بيناً، وإن إعداد الأمة المسلمة للجهاد، وتوجيهها إليه، وتهييجها عليه، وتعريفها بأعدائها الحاقدين؛ يُعتبر من أهم مقاصد القرآن الملحوظة المقصودة.
وإن حديث القرآن عن الجهاد والقتال حديث أصيل، وعلى المسلمين المجاهدين أن يستمعوا لهذا الحديث القرآني الفصيح الواضح، وأن يُقبلوا عليه وأن يفهموه حق الفهم، وأن يفقهوه أحسن الفقه، وأن يثقّفوه ويستوعبوه، ويتتلمذوا عليه طويلاً، ليكونوا مجاهدين صادقين.
ولنقف أمام هذه الآيات المتحدثة عن القتال والآمرة به، ولنلحظ أنوارها المباركة، التي تحققت في واقعنا المعاصر، والتي أنارت ليل الأمة المظلم؛ على أيدي ساداتنا وقادتنا وزعمائنا المجاهدين الأبرار، على جبهة غزة، الذين علموا الناس كلهم كيف يكون القتال والثبات، والتحدي والمواجهة!!
قال الله عز وجل: }قاتلوهم، يعذبهم الله بأيديكم، ويُخْزهم، وينصركم عليهم، ويَشْفِ صدور قوم مؤمنين، ويُذهب غيظ قلوبهم، ويتوب الله على من يشاء، والله عليم حكيم{ (التوبة: 14 - 15).
تهيِّج هاتان الآيتان المؤمنين على قتال الكافرين المعتدين، وتذكران مجموعة من مكاسب وفوائد وثمرات القتال، ولا يمكن أن يحققها المجاهدون إلا بالقتال، ومن هذه الثمرات: بالقتال يعذِّب الله أعداءه، ويكون تعذيبهم على أيدي المجاهدين، ويخزي الله هؤلاء الأعداء، وينصر المجاهدين عليهم، ويشفي صدور قوم مؤمنين، ويذهب غيظ قلوب الكفار، ويتوب الله على من يشاء.
إذا حقّق المجاهدون ثمرة واحدة من هذه الثمرات؛ يكون مكسبهم وافراً، فكيف إذا حققوا هذه الثمرات السبع مجتمعة؟
كم يخسر المسلمون المتخاذلون من الخير العظيم الكثير؛ عندما يتثاقلون عن الجهاد، ويتوقفون عن القتال، وما واقعهم المعاصر إلا مصدق عملي لما نقول.
ووقفتنا الآن مع الآيتين الكريمتين، وما تقرر أنه من مقررات وحقائق، وستكون وقفة سريعة موجزة، وسنشير إلى بُعدها الواقعي الذي نراه في هذه الأيام.
1- }قاتلوهم{:
هذه جملة فعلية طلبية آمرة، مكوّنة من فعل وفاعل ومفعول به، والآمر فيها هو الله، الحاكم المشرِّع سبحانه وتعالى، والمأمورون هم المسلمون، لأن واو الجماعة - الفاعل - تعود عليهم، والمفعول به يعود على الكفار المحاربين المعتدين، الذين ينقضون العهود ويعتدون، والأمر هو قتال هؤلاء الكفار.
ونعلم في بدهيات أصول الفقه أن الأمر للوجوب، وأنه لا يُصرف عنه إلى الندب إلا لقرينة، ولا قرينة هنا للصرف عن الوجوب.. ومعنى هذا أن قتال الكفار المقاتلين المعتدين واجب على المسلمين.
وقد اعتدى اليهود في هذه الأيام على أساتذتنا وقادتنا المجاهدين في قطاع غزة، وهذا يوجب على كل نظام حكم عربي أقام علاقات وصلات مع اليهود أن يقطع تلك العلاقات، وأن يغلق تلك السفارات، وأن يطرد الموظفين اليهود على أرضه!! وإذا كانت إقامة صلات بين أي نظام عربي وبين دولة العدوان اليهودية حراماً في الظروف العادية، فإنها في جو عدوان اليهود على غزة؛ أكثر حرمة وإثماً وجريمة عند اللهّ، ومن غير المعقول ولا المقبول أن يكون رئيس فنزويلا - شافيز - أكثر نخوة من حكام عرب عندما طرد سفير دولة العدوان من بلده! بينما ينطبق على أولئك المصرّين على العلاقات قوله تعالى: }فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة..{ (المائدة: 52).
يجب على كل نظام في العالم العربي والإسلامي قتال اليهود المعتدين، لإيقاف عدوانهم على المجاهدين، كما يجب عليهم نصرة المجاهدين في القطاع، بمختلف صور النصرة الشاملة، فإن لم يقوموا بهذا الواجب كانوا عصاة مذنبين آثمين، تاركين ما أمر الله، مرتكبين ما حرم الله!!
2- }يُعَذِّبْهم الله{:
"يعذب" فعل مضارع مجزوم، لأنه جواب الطلب الذي يتضمنه فعل الأمر: "قاتلوهم" وما بعده أفعال مجزومة، لأنها معطوفة عليه: "ويُخْزِهم"، و"ينصُرْكم" و"يَشْفِ" و"يُذهبْ".
تخبر الآية أن الله يريد أن يعذب الكفار المعتدين، وذلك بسبب كفرهم أولاً، وعدوانهم ثانياً. ومن أراد الله تعذيبه؛ هلك، لأنه لا راد لأمر الله، ولا معطل لقضائه.. وتعذيبه لهم لأنه لا يحبهم، والله لا يحب الكافرين، ولا يحب المعتدين، وإنما يحب المؤمنين المجاهدين!
وعلينا أن نوقن جازمين أن الله لا يحب اليهود، وإن زعموا هم كاذبون أن الله يحبهم، ولذلك يريد أن يعذبهم، ويوقع بهم الضيق والمشقة والأذى.
والمراد بالعذاب هنا عذابهم في الدنيا، المتمثل بقتالهم وقتلهم، وإضعاف قوتهم، وهذا معناه أن الله يعذب الكفار عذابين: عذاب سريع في الدنيا، وعذاب دائم في جهنم في الآخرة.
3- }بأيديكم{:
هذه شبه جملة من الجار والمجرور، متعلقة بالفعل المضارع: "يعذِّبْهم". والباء فيها باء الاستعانة والسببية، والخطاب فيها للمؤمنين المجاهدين.
والمعنى: يعذب الله الكفار المحاربين بأيديكم أنتم.. أي: يجعلكم الله سبباً بشرياً لإيصال عذابه إلى الكفار وإيقاعه بهم.
وهذه فضيلة خاصة للمجاهدين الأبرار تضاف إلى فضائلهم ومزاياهم الكثيرة، التي خصّهم الله بها، وميّسزهم بها عن غيرهم، وللمجاهدين من الفضائل ما لا يمكن أن يرتقي اليه المخلفون القاعدون، مهما بلغوا من العبادة والعلم والعمل..
ماذا يريد المجاهدون أكثر من أن يكونوا "ستاراً" لقدر الله، يحقق الله الحكيم قدَره من خلالهم؟ وماذا يريدون أكثر من أن يكونوا "أداة" مباركة بيد الله سبحانه، يحركهم كيف يشاء؟ وماذا يريدون أكثر من أن يكونوا جنوداً صادقين لله، يستخدمهم الله في حربه للكفار، ويحقق على أيديهم المباركة تعذيبه لأعدائه..
كم يفرح ويسعد المؤمنون عندما يكونون أداة بيد الله، يعذب الكفار بأيديهم، ولا يفعل ذلك سبحانه إلا وهو محب لهم، راض عنهم.
وإننا نرى في أيامنا هذه المنة الربانية على قادتنا المجاهدين في غزة، الذين استخدمهم الله الحكيم في جهاد أعدائه، وجعلهم ستاراً لقدره، وعذّب اليهود على أيديهم.
4- }ويُخْزهم{:
هذه الجملة معطوفة على الجملة السابقة }يعذبهم الله بأيديكم{، تقدم ثمرة ثالثة من ثمرات الجهاد المبرور، وهي: إيقاع الخزي بالأعداء المعتدين.
وخزيهم هو إذلالهم وفضحهم، وإضعاف قوتهم، وتسويد وجوههم، وتحطيم أسطورتهم، وخفض منزلتهم بين الأقوام والدول.
يحرص الأعداء على تحسين صورتهم أمام الآخرين، وتكبير حجمهم، وتخويف الآخرين وإرهابهم، ويجعلون حولهم "هالة" إعلامية مكبّرة، فيها انتفاش وانتفاخ وافتخار، ولا يسمحون لأحد أن يقترب منها، أو أن يهزها.
فيأتي المجاهدون بأمر الله، ويقاتلون هؤلاء المنتفشين، ويحطمون أسطورتهم، ويزيلون هالتهم، ويعيدونهم إلى حجمهم الصغير الضئيل الحقير، وبذلك يتم خزيهم وفضحهم..
واليهود من أحرص الناس على الانتفاش والانتفاخ، والظهور على الآخر بمظهر الدولة التي لا تُقهر، والجيش الذي لا يُغلب، والهالة التي لا تُمسّ..
ولقد حطم المجاهدون على أرض فلسطين - وفي قطاع غزة بالذات - هذه الأسطورة الكاذبة، ووقفوا أمام الآلة اليهودية بصبر وتحدٍّ وثبات، وقدموا الدليل للناس أن هالة اليهود خادعة، وبذلك أخرى الله اليهود على أيدي هؤلاء المجاهدين وهذه هي البداية، والمستقبل للمجاهدين بإذن الله.
 
جزاكم الله خيراً شيخنا الكريم على هذه الوقفات مع آيات الجهاد ، ولا أشك أنها سلسلة سوف تتالى فالحديث عنها ذو شجون .
ونحن في ملتقى أهل التفسير نرحب بكم بين محبيكم وتلاميذكم الذين استفادوا من علمكم ومؤلفاتكم القيمة ، زادكم الله توفيقا وعلماً وتقبل منكم .
 
الحمدلله على نعمة القرآن .. الحمدلله على نعمة الجهاد في سبيل .. الحمد لله على نعمة العزة في الإسلام ..
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في شتى بلاد الإسلام .. وبارك في جهاد إخواننا في غزة واربط على قلوبهم وتولى أمرهم ..

بارك الله فيكم دكتورنا الفاضل د.صلاح الخالدي .. طاب قلمكم المجاهد
 
عودة
أعلى