د. محمد بن جميل المطري
Member
حكم رواية الإسرائيليات
بقلم/ محمد بن جميل المطري
روى البخاري في صحيحه (3461) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج))، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الأخبار عن أهل الكتاب بشرط عدم تصديقهم ولا تكذيبهم، ففي صحيح البخاري (4485) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُصدِّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم))، وروى البخاري (2685) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يُشَبْ؟! وقد حدَّثكم الله أن أهل الكتاب بدَّلوا ما كتب الله وغيَّروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟!)، وروى عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (10901) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فتكذبون بحق، أو تصدقون بباطل، إن كنتم سائليهم لا محالة، فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه).
وقد كان بعض الصحابة والتابعين يسمعون بعض الأخبار الإسرائيلية ممن أسلم من أهل الكتاب كعبد الله بن سلَام وكعب الأحبار ووهب بن مُنبِّه، وغيرهم، وكانوا يروونها من غير تصديق لها ولا تكذيب، ولكن حصل الخطأ من بعض المفسرين في اعتمادهم على تلك الإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم، وصار بعض الناس يجزمون بها، مع أن بعضها باطل، وتمييز الإسرائيليات في التفسير أمر مهم صونًا لكتاب الله من أن يدخل في تفسيره ما ليس منه، ومن أخذ بالرخصة وروى شيئًا من أخبار بني إسرائيل بغير تصديقٍ فلا حرج عليه، إن كان الخبر مما لا يُعلم بطلانه بالشرع أو العقل، قال ابن كثير في تفسيره (7/ 394): "إنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: ((وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) فيما قد يجوِّزه العقل، فأما فيما تُحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم. وقد أكثر كثيرٌ من السلف من المفسرين، وكذا طائفةٌ كثيرةٌ من الخلف، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنة".
وقال ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح (3/ 95): "ما أخبرونا به عن الأنبياء إن علِمنا صدقَهم فيه، صدَّقناهم فيه، وإن علِمنا كذبهم فيه كذَّبناهم فيه، وإن لم نعلم صدقَه ولا كذِبَه لم نُصَدِّقْهُ ولم نُكَذِّبْهُ، بل نقول: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46]".
بقلم/ محمد بن جميل المطري
روى البخاري في صحيحه (3461) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج))، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الأخبار عن أهل الكتاب بشرط عدم تصديقهم ولا تكذيبهم، ففي صحيح البخاري (4485) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تُصدِّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم))، وروى البخاري (2685) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله، تقرءونه لم يُشَبْ؟! وقد حدَّثكم الله أن أهل الكتاب بدَّلوا ما كتب الله وغيَّروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند الله ليشتروا به ثمنًا قليلًا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟!)، وروى عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (10901) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فتكذبون بحق، أو تصدقون بباطل، إن كنتم سائليهم لا محالة، فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه).
وقد كان بعض الصحابة والتابعين يسمعون بعض الأخبار الإسرائيلية ممن أسلم من أهل الكتاب كعبد الله بن سلَام وكعب الأحبار ووهب بن مُنبِّه، وغيرهم، وكانوا يروونها من غير تصديق لها ولا تكذيب، ولكن حصل الخطأ من بعض المفسرين في اعتمادهم على تلك الإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم، وصار بعض الناس يجزمون بها، مع أن بعضها باطل، وتمييز الإسرائيليات في التفسير أمر مهم صونًا لكتاب الله من أن يدخل في تفسيره ما ليس منه، ومن أخذ بالرخصة وروى شيئًا من أخبار بني إسرائيل بغير تصديقٍ فلا حرج عليه، إن كان الخبر مما لا يُعلم بطلانه بالشرع أو العقل، قال ابن كثير في تفسيره (7/ 394): "إنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: ((وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)) فيما قد يجوِّزه العقل، فأما فيما تُحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل، والله أعلم. وقد أكثر كثيرٌ من السلف من المفسرين، وكذا طائفةٌ كثيرةٌ من الخلف، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنة".
وقال ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح (3/ 95): "ما أخبرونا به عن الأنبياء إن علِمنا صدقَهم فيه، صدَّقناهم فيه، وإن علِمنا كذبهم فيه كذَّبناهم فيه، وإن لم نعلم صدقَه ولا كذِبَه لم نُصَدِّقْهُ ولم نُكَذِّبْهُ، بل نقول: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46]".