نهاية عصر اهل التبرج والسفور بابطال اعظم شبهاتهم لكل منصف وطالب لنصرة الدين والحق مع الاعتذار لهم

إنضم
04/09/2023
المشاركات
15
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
السعودية
نهاية عصر اهل التبرج والسفور بابطال اعظم شبهاتهم لكل منصف وطالب لنصرة الدين والحق
بسم الله والحمد لله
في مقدمة الطبعة الثالثة لكتاب (إجماعات المذاهب الاربعة على فريضة الحجاب ورد قول من يفتري عليهم وجود خلاف بينهم في ستر المسلمة وجهها بالجلابيب السود) اثبت المؤلف من نقول علماء المذاهب الأربعة . بطلان اعظم واساس وقاعدة شبهات المتاخرين من اهل التبرج والسفور التي انخدعوا بها بانفسهم وخدعوا بها غيرهم في القرون المتاخرة وهي كشف وبيان حقيقة ان خلاف المذاهب الاربعة المتمثل بخلاف الجمهور مع رواية في مذهب احمد على (عورة) و(ليس عورة) إنما كان في كشف المراة او عدم كشفها (في الصلاة) و(في الضرورات لاجنبي) ولم يكن خلافهم بتاتا في الاجنبي الذي (في فريضة الحجاب) . لان الامام احمد والتابعي ابي بكر بن عبد الرحمن احد فقهاء المدينة السبعة ومن وافقهم شرطوا لصحة (صلاة) المراة ان لا يظهر منها ولا ظفرها ولو كانت في بيتها لوحدها. وكذلك لا تكشف (لاجنبي في الضرورات) ولو لخاطب ولا ظفرها. بحجة انها في الاصل عورة في فريضة الحجاب. ولكنهم زادوا انها ايضا عورة في (الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي.) فخالفهم الجمهور والرواية الثانية لاحمد. فهم جميعا موافقين احمد ان المراة في (فريضة الحجاب عورة) لا يختلفون في ذلك بتاتا لانها من الفرائض التي امر الله رسول صلى الله عليه وسلم ببيانها فهي من الحلال والحرام والفرائض البينة كما قال عليه الصلاة والسلام (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك.) وقوله( الحلال بين والحرام بين) ولكن الجمهور خالفوا احمد في الفروع الفقهية في روايته الثانية لما منع كشف المراة في (موضع الصلاة) وفي (موضع الضرورات لاجنبي) وعندها استثنوا من العورة الوجه والكفين في مقولتهم الشهيرة ( المراة كلها عورة إلا الوجه والكفين ) يقصدون في (الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي) وهما الموضعين الذي منع احمد كشفها فيهما . مستدلين على احمد باباحة الشريعة لذلك بادلة منها:
١. اية الرخص والضرورات التي استثنت حالة الضرورة كما في قوله تعالى ( الا ما ظهر منها) ككل استثناءات القران تاتي في الرخص في الضرورات كقوله تعالى ( الا ما اضطررتم اليه....الا المستضعفين من الرجال والولدان لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا... الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان....الا ان تتقوا منهم تقاة.... الا من اغترف غرفة بيده.... لا يكلف الله نفسا الا وسعها... لا يكلف الله نفسا الا ما اتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا) ونحوها .
٢. كما استدل الجمهور ضد احمد باقوال الصحابة في تفسير الاية بالوجه والكفين والخضاب والخاتم والسوار والكحل لانه اذا جاز كشف اصل زينتها الخلقية للضرورة جاز ما كان تابعا لها واقل منها من زينتها المكتسبة التي تكتسبها من خارج خلقتها.
٣. وكذلك استدلوا بحديث اسماء ان المراة اذا بلغت لم يصلح ان يرى منها الا هذا وهذا لان الحديث اصلا في الرخص والضرورات حيث كان كشف اسماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة لجواز كشف من شاءت من النساء له لخصوصيته عليه الصلاةوالسلام ولمكان الحصمة كما ذكر ذلك ابن حجر والسيوطي في الخصائص ولكن لما كانت حديثة عهد بنزول فريضة الحجاب ونزول رخص الضرورات في فريضة الحجاب ومكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث انها اخت زوجته ولا يجوز الجمع بينهما وبنت صاحبه ابي بكر منذ صغرها من زمن النطاقين ومع ذلك فلم يشفع كل ذلك لها في ان تدخل بكشف اكثر من الوجه والكفين فارشدها صلى الله عليه وسلم انها في مثل حاله في رخصة خصوصيته او في الرخص والضرورات لاجنبي من شاهد وتوثيق متبايع وقاضي ونحوهم فلا تكشف المراة (الا هذا وهذا واشار للوجه والكفين) فالحديث اصلا في الرخص ومن اصول ادلة الجمهور ضد احمد والتابعي ابي بكر بن عبدالرحمن لتكشف المراة في ( الصلاة ) وفي ( الضرورات لاجنبي) لهذا تجدهم يوردون ادلة الجمهور هذه في ( كتاب الصلاة) وفي ( كتب معاملات المراة الضرورية مع الاجنبي) كمثل ( كتاب النكاح لرؤية الخاطب وكتاب البيوع لتوثيقها مع المتبايع وكتاب المحاكمة لتكشف لقاضي لمعرفة شخصها وكتاب الشهادات وكتاب العيوب بالمراة وكتاب العلاج وكتاب شهادة الزنا او الرضاع او الحمل ونحوها من تعاملاتها الضرورية مع الاجنبي). حيث ان هذا هو مكمن وحقيقة الخلاف الذي كان بين الجمهور واحمد حين منع في رواية كشف المراة في الصلاة وفي الضرورات لاجنبي.

..وبالتالي فالمذاهب الاربعة متمثلة في الجمهور مع احمد كلهم لم يختلفوا في فريضة الحجاب بتاتا فلم ياتي ولا مرة واحدة عند قولهم (عورة) و (ليس عورة) كلمة واحدة عن (الحجاب) ولا حروفه ( الحاء والجيم والباء) بل جاء (الصلاة) و (الاجنبي في الضرورات) حيث منع احمد كشفها فيهما. كما انك لن تجد في تفسيرهم لاية فريضة الحجاب الاولى داخل البيوت ( من وراء حجاب ) ولا اية فريضة الحجاب الثانية خارج البيوت ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) التي اجمع عليها كل تفاسير الدنيا من جهابذة مفسري المذاهب الاربعة على تفسيرها بقولهم (يغطين وجوههن) ولهذا لن تجد عن تفسيرها كلمة واحدة عن (عورة) و(ليس عورة) بل ولن تجد ابدا ان فيها انها تغطي راسها وتكشف وجهها ولن تجد فيها خلافا اصلا بل ولن تجد فيها اسم مذهب من المذاهب الاربعة ولا اسم امام منهم لانها فريضة معلومة من الدين بالضرورة لا تحتاج لبيان احد مهما بلغت علمه في زمنهم . ولن تجد في تفسير اية (يدنين) ادلة الجمهور تلك لتكشف في الصلاة وفي الضرورات لاجنبي. وبالتالي فلن تجد مع ايات فريضة الحجاب التي في سورة الاحزاب لا ايات الرخص والضرورات التي في سورة النور (الا ما ظهر منها ) ولا ذكر لاقوال الصحابة فيها الوجه والكفين والخاتم والخضاب والسواران ونحوها ولا ذكر لحديث اسماء( الا هذا وهذا ) لانهما ضدين ونقيضين وعكسين فايات الاحزاب في فرض الحجاب بستر وجهها وكامل بدنها. وايات النور لتكشف رخصة وقت الضرورة ما تحتاج من وجهها او بدنها فلا علاقة لهما ببعض بل ضدين . فاية ( الا ما ظهر منها ) ليست من ايات فريضة الحجاب بل عكس الحجاب في الرخص والضرورات. كما ان ايات الفطر في رمضان للمسافر والمريض ليست من ايات فريضة صوم رمضان بل عكسها وضده ونقيضه ليفطر المريض والمسافر رخصة في رمضان ولهذا فلا يجتمعنا في حكم واحد ولهذا فسر المفسرون كل ايات في السورة التي نزلت فيها فايات سورة الاحزاب في الاحزاب وايات سورة النور في النور ولم يخلطوا ولم يعجنوا ولم يجمعوا بينهما بتاتا ولم يحرفوا بذكر احدهما مع الاخرة.
فمن لم يعرف من المتاخرين كاهل التبرج والسفور غفر الله لنا ولهم مكمن وحقيقة خلاف المذاهب الاربعة ضن ان خلافهم في (عورة وليس عورة) كان وقيل في فريضة الحجاب وهذا باطل كما اثبتنا هنا ونقلنا في كتابنا اقوال جميع علماء المذاهب الأربعة يثبتون ان خلافهم مع احمد والتابعي ابي بكر بن عبد الرحمن في (عورة وليس عورة) كان في كشفها او عدم كشفها في (الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي) ولم يذكروا بتاتا ولا مرة كلمة مع عورة وليس عورة كلمة عن (الحجاب) ولا حروفه (ح.ج.ب). واذا رغبتم نقلت اقوالهم تلك هنا.

فعلى كل مسلم بعد ان ظهرت له الحقيقة وانهدم اعظم عمود واساس وقاعدة لشبهات اهل التبرج والسفور والتي بنوا عليها بقية شبهاتهم فاستطالوا على اهل ستر الوجه بحجة ان معهم قول الجمهور (الوجه والكفين ليسا عورة) ولم يعلموا غلطهم وجهلهم بحقيقة ومكمن خلاف الجمهور مع احمد وانه كان في (عورة وليس عورة) لتكشف او تغطي في (الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي) وليس في فريضة الحجاب.

وبالتالي فعلى كل محب لدين الله أن يعتذر لمن اخطأوا ووقعوا في البدعة فلو بان لهم هذا الحق قبل موتهم لكانوا اول الفرحين والقائلين به فقد ضحوا بحياتهم في سبيل دين الله و انهم لن يتحرجوا في سبيل بيان الحق في دين الله الذي افنوا حياتهم من اجل بيانه ونصرته لو قيل امامهم انهم جهلوا فريضة الحجاب. نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله احدا. فكل ابن ادم خطاء وذكر شيخ الاسلام ان هناك كثيرا من المجتهدين من وقعوا في البدعة من غير قصد وليسوا بمبتدعه لان اصولهم كانت على الكتاب والسنة
كما نقلت قوله في مقدمة الكتاب واعدت نقله في آخره اعتذارا لمن أخطأوا وهذا يكفي . ولكن لا يجامل احدنا ويقدم محبة احد على محبة الله ورسوله فعندما افتى غلط ابو السنابل وهو صحابي قال رسول الله ( كذب ابو السنابل) فسماه كذبا لمخالفته الحقيقة في دين الله مع انه لم يتعمد الكذب ولما قيل عن عامر لقد قتل نفسه وحبط عمله فقال الرسول عن بعض الصحابة الذين قالوها (كذبوا انه لجاهد مجاهد) ولما غلط الصحابي ابو ذر قال له الرسول (انك امروء فيك جاهلية) يعلمنا توصيف واضح للغلط وعدم تمييعه وتهوينه مجاملة لاي احد مع حفظ مكانتهم والاعتذار لهم. ولكن لا شيء يقدم على حق الله الكامل. بل من يحب الله ورسوله يحب ان يقدم روحه في سبيل اعلاء كلمة الله فضلا عن ان يقال له انه في مسالة اخطات وجهلتها وضللت فيها طريق الحق او وقعت في بدعة نصرة لدين الله واعلاء لكلمته وحتى يحذرها ويتنبه هو وغيره من خطر ذلك على تحريف وتبديل الدين بل سيشكر من اهدى اليه عيوبه ولم يجامله او يميع الحق لدرجة ان يظن الناس ان الخلاف في الفرائض والحلال والحرام سائغ ومقبول . ولهذا فلندرك جميعا ما خلقنا من اجله والامانة التي حملنا الله قبل فوات الاوان كما في فريضة الحجاب و انقاذ غربة الاسلام من تحريف وتبديل وتصحيف فريضضة الحجاب . فان كان من اخطاء وجهل حقيقة فريضة الحجاب او اي مسالة قد يكون معذورا عند الله ولكن من بان له الحق فعاند و كتم و جامل فهولاء غير معذورين . والله اعلم
وبال
له التوفيق.
 

المرفقات

  • Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٣٨_WhatsApp.jpg
    Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٣٨_WhatsApp.jpg
    1,013.8 KB · المشاهدات: 0
  • Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٢٣_WhatsApp.jpg
    Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٢٣_WhatsApp.jpg
    1.2 MB · المشاهدات: 0
  • Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٠٤_Adobe Acrobat.jpg
    Screenshot_٢٠٢٥٠٣٠٥_١٢٣٩٠٤_Adobe Acrobat.jpg
    1.1 MB · المشاهدات: 0
في الطبعة الثالثة لكتاب إجماعات المذاهب الاربعة على فريضة الحجاب ورد قول من يفتري عليهم وجود خلاف بينهم في ستر المسلمة وجهها بالجلابيب السود
الادلة على ان خلاف المذاهب الاربعة على (عورة) و(ليس عورة) كان (في الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي) وليس في (الاجنبي) الذي في ايات (فريضة الحجاب) بتاتا:

1. قال ابن عبد البر في التمهيد (٦/٣٦٤)(وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنه قول الأئمة الثلاثة وأصحابهم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام *وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورةحتى ظفرها... وقول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف* )انتهى.
2. وقال في التعليقة الكبيرة للقاضي ابي يعلي الحنبلي *(كتاب الصلاة)* (وقد أطلق أحمد القول بأن جميعها عورة فقال في رواية النسائي كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها .
3. قال في رواية أبي داود إذا صلت* لا يرى منها ولا ظفرها وتغطي كل شيء منها وهذا محمول على ما عدا الوجه لانه قد نص في رواية فيمن خطب امرأة فله ان ينظر الى الوجه)* انتهى. فذكر الموضعين
4. قال ابن قدامة بالمغني طبعة مكتبة القاهرة *(كتاب الصلاة) مَسْأَلَةٌ قَالَ وَإِذَا انْكَشَفَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِشَيْء ٌ سِوَى وَجْهِهَا أَعَادَتْ الصَّلَاةَ *لَايَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا فِي الصَّلَاةِ*...وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِي ُّ وَالشَّافِعِيُّ جَمِيعُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَمَاسِوَى ذَلِكَ يَجِبُ سَتْرُهُ *فِي الصَّلَاةِ* لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى{إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}قَالَ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَ نَهَى الْمُحْرِمَةَ عَنْ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَلَوْ كَانَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَوْرَةً لَمَا حَرُمَ سَتْرُهُمَا *وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى كَشْفِ الْوَجْهِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْكَفَّيْنِ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ *وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمَرْأَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ* لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ صَ «الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ»رَوَاه ُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *وَلَكِنْ رُخِّصَ لَهَا فِي كَشْفِ وَجْهِهَاوَكَفَ ّيْهَا لِمَا فِي تَغْطِيَتِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَأُبِيحَ النَّظَرُ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْخِطْبَةِ لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍالْحَارِث ِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ الْمَرْأَةُكُلُ ّهَا عَوْرَةٌحَتَّى ظُفُرُهَا)انتهى. وانظر فذكر الموضعين
5. وفي بطبعة تحقيق التركي للمغني بالهامش نسخة قال ابن قدامة *(كتاب الصلاة)(والثانية هما من العَوْرة ويجبُ سترُهما في الصلاة وهذا قَوْلُ الخِرَقِىِّ ونحوَه قال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام* فإنَّه قال المرأةُ كلُّها عَوْرةٌ حتى ظُفْرُها* لأنَّه رُوِىَ عن النَّبِيِّ ص قال"الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ"... *وهذا عامٌّ يقْتضى وُجوبَ سَتْرِ جميع بَدَنِها [و]تَرْكُ الوَجْهِ للحاجةِ*)انتهى. وهنا ذكر الموضعين لتكشف وليس عورة الصلاة والضرورات لاجنبي.
6. في مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود(بَابُ: الْمَرْأَةِ يَبْدُو مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ) (قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ "الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ مَا يُرَى مِنْهَا؟ قَالَ: لَا يُرَى مِنْهَا وَلَا ظُفُرُهَا، تُغَطِّي كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا «قُلْتُ لِأَحْمَدَ» امْرَأَةٌ صَلَّتْ وَسَاعِدُهَا مَكْشُوفٌ، تُعِيدُ؟ قَالَ: نَعَمْ") انتهى.
7. وقال ابن المنذر الشافعي في كتابه الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (كتاب السفر ذكر عورة المرأة)(أجمع أهل العلم على المرأة الحرة البالغة أن تخمر رأسها إذا صلت وعلى أنها إن صلت وجميع رأسها مكشوف أن صلاتها فاسدة، وأن عليها إعادة الصلاة. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا ثنا يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]. وَجْهُهَا وَكَفُّهَا". وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّتْ أَنْ تُغَطِّيَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا صَلَّتْ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا ظُفْرُهَا، تُغَطِّي كُلَّ شَيْءٍ» وَقَالَ أَحْمَدُ «فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ، أَوْ بَعْضُ سَاقِهَا، أَوْ بَعْضُ سَاعِدِهَا، لَا يُعْجِبُنِي» قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَّتْ: قَالَ: إِذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، فَأَرْجُو. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ «كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرِهَا)انتهى. والكلام واضح فكم مرة ذكروا مع اية (الا ما ظهر)(الصلاة)(8) مرات وكم مرة ذكر الحجاب ولا مرة ذكر.
8. قال القرافي المالكي في الذخيرة (الباب الثالث شروط الصلاة) (فصل في الرعاف) (قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا صَلَّتْ مُتَنَقِّبَةً لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِم ذَلِك رَأْيِي وَالتَّلَثُّمُ كَذَلِكَ وَنَهَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لَنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَورَة فِي الْإِحْرَامِ فَلَا يَكُونُ عَوْرَةً فِي الصَّلَاةِ)انتهي
والكلام واضح في اثبات ان الخلاف بين الجمهور وبين الرواية في مذهب احمد في (شروط الصلاة... إِذَا صَلَّتْ... وَأَوْجَبَ ابْنُ حَنْبَلٍ تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا... فِي الصَّلَاةِ) فكرر (الصلاة) ثلاث مرات لتعلم ان الخلاف في تغطية وجهها او كشفه هو في الصلاة. فتبين ان عبارتهم الشهيرة (لَيْسَ عَورَة) هو (فِي الْإِحْرَامِ... فِي الصَّلَاةِ) وفي (الضرورات) ليخرجوا ويستثوا الصلاة والضرورات من العورة، وليس في الحجاب ولهذا لم يذكر عبارة (لَيْسَ عَورَة) نحو مائة مفسر في ايات الحجاب ولا مرة من 14 عشر قرنا.
9. قال ابن رجب شرح البخاري(ت:795ه)(كتاب الصلاة باب وجوب الصلاة في الثياب) (واختلفوا فيما عليها أن تغطي في الصلاة: فقالت طائفة: عليها أن تغطي ما سوى وجهها وكفيها، وهو قول الاوزاعي والشافعي وأبي ثور. وقال أحمد إذا صلت تغطي كل شيء منها ولا يرى منها شيء ولا ظفرها. وقال أبو بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام كل شيء من المراة عورة حتى ظفرها) انتهى.فبالله عليكم الم يقراء اهل السفور عنوان الكتاب انه(كتاب الصلاة) وذكرت اربع مرات ليتبين مكمن خلافهم وانه في الصلاة والضرورات فأين الكلام عن الحجاب؟ الجواب لا يوجد


10. وقال الخطابي الشافعي (ت:٣٨٨ه) في معالم السنن شرح سنن أبي داود (كتاب الصلاة) (باب في كم تصلي المرأة) (عن أم سلمة أنها سألت النبي أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليهما إزار. فقال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. قلت واختلف الناس فيما يجب على المرأة الحرة أن تغطي من بدنها إذا صلت فقال الأوزاعي والشافعي تغطي جميع بدنها إلاّ وجهها وكفيها. وروي ذلك عن ابن عباس وعطاء. وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها. وقال أحمد المرأة تصلي ولا يرى منها شيء ولا ظفرها وقال مالك بن أنس إذا صلت المرأة وقد انكشف شعرها أو صدور قدميها تعيد ما دامت في الوقت... في الخبر دليل على صحة قول من لم يجز صلاتها إذا انكشف من بدنها شيء ألا تراه يقول إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها فجعل من شرط جواز صلاتها أن لا يظهر من أعضائها شيء) انتهى. وانظر كم مرة ذكر لفظة (صلاة)؟ ثمانية مرات ثم تطمس كلها وتحرف وتبدل وتصحف زورا وبهتانا الى ان (اختلف الناس) في(الحجاب) ولا حول ولا قوة الا بالله. وذكر مذهب الامام التابعي ابي بكر والامام احمد بل ورجحه وقواه وهو شافعي المذهب وجعله شرطا من شروط الصلاة.
11. قال ابن بطال المالكي (ت:٤٤٩ه) في شرحه لصحيح البخاري ( كتاب الصلاة) )باب في كم تصلي المرأة من الثياب( (والمرأة كلها عورة، حاشا ما يجوز لها كشفه فى الصلاة والحج، وذلك وجهها وكفاها فإن المرأة لا تلبس القفازين محرمة، ولا تنتقب فى الصلاة ولا تتبرقع فى الحج، وأجمعوا أنها لا تصلى منتقبة ولا متبرقعة، وفى هذا أوضح دليل على أن وجهها وكفيها ليس بعورة، ولهذا يجوز النظر إلى وجهها فى الشهادة عليها، وقال أبو بكر بن عبد الرحمن: كل شىء من المرأة عورة حتى ظفرها، وهذا قول لا نعلم أحدا قاله إلا أحمد بن حنبل) انتهى. وقوله (والمرأة كلها عورة، حاشا ما يجوز لها كشفه فى الصلاة والحج) فاستثنى مثل الجمهور من عبارتهم الشهيرة من كلها عورة الا وجهها وكفيها ليسا عورة بقوله (حاشا ما يجوز لها كشفه فى الصلاة والحج... فى الشهادة) فقط ولا يوجد حجاب.
12. واخرج ابي بكر بن ابي شيبة في مصنفه بسنده (كتاب النكاح) (في الغيرة وما ذكر فيها) (عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفُرُهَا) انتهى. وفي هذا بيان من منع كشفها في الضرورات ولو لخاطب .
13. قال في كتاب بحر المذهب للروياني الشافعي (كتاب الصلاة) (وأما المرأة فكل بدنها عورة إلا الوجه والكفين، فمتى صلت وقد كشف بعضها، وإن كان شعرة بطلت صلاتها. وبه قال الأوزاعي ومالك وأبو ثور... وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: يجب عليها ستر جميع بدنها حتى ظفرها وإن انكشف منها شيء بطلت صلاتها. وروي هذا عن أحمد. وروي عن أحمد وداود: كل بدنها عورة إلا وجهها فقط. واحتجا بقوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}) انتهى.
وانظر هنا ذكر الروايتين عن الامام احمد الرواية التي لا تجيز كشف وجهها وكفيها في الصلاة، والرواية الثانية التي وافق فيها الجمهور بجواز كشف وجهها وكفيها في الصلاة.
وانظر قوله (المرأة فكل بدنها عورة إلا الوجه والكفين... كل بدنها عورة إلا وجهها فقط) اين قالوها يامن تنقلونها في الحجاب؟ وهي امامكم في (كتاب الصلاة... فمتى صلت... صلاتها... صلاتها) كررها لكم عند تفسير الاية اربع مرات من بداية العنوان حتى نهاية كلامه، ومن المحتمل لو اكملنا كلامه لوجدنا انه كرر كلمة (الصلاة) اكثر من اربع مرات. فمن اين المتأخرون اليوم جاءوا وافتروا على المذاهب الأربعة وحرفوا علومهم ان (كل بدنها عورة إلا الوجه والكفين) في (الحجاب) في الشوارع والطرقات؟ وليس في كلام المذاهب الأربعة (ان الوجه والكفين ليسا عورة) (في الحجاب)، فكيف حولوه وكأن خلافهم في (فريضة الحجاب) وليس هناك حرف عن (الحجاب) بل ولا حروفه (الحاء ولا الجيم ولا الباء) التي في حجاب فضلا عن كلمة (الحجاب) نفسها.

14. قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسير آية:(إلا ما ظهر منها): (وَأولَى الأقوال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ الْوَجْه وَالكفان، يَدْخُل فِي ذَلِكَ إذا كان كَذَلِكَ الْكُحْل، وَالخاتم، وَالسِّوَار، وَالخضاب. وإنما قلنا ذلك: أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كلّ مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي ﷺ أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف. فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا؛ كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره؛ وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ﴿إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾؛ لأن كل ذلك ظاهر منها... وقوله: ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾... التي هي غير ظاهرة، بل الخفية منها، وذلك: الخلخال والقرط والدملج، وما أمرت بتغطيته بخمارها من فوق الجيب، وما وراء ما أبيح لها كشفه وإبرازه في الصلاة وللأجنبيين من الناس، والذراعين إلى فوق ذلك، إلا لبعولتهنّ.) انتهى. فذكر الموضعين.
وقد تقدم معنا تفسيره، عند نقلنا أقول الصحابة في الآية، أنهم كانوا يفسرون، بحسب طريقتهم في التفسير، بضرب الأمثلة بأنواع من الزينة التي يجوز للمرأة أن تظهرها منها في الرخص والضرورات. وذكرنا كيف استدل الإمام ابن جرير بالآية على أنها استثناء مباح كشفه في الضرورتين: (ضرورة كشفها في الصلاة) وفي (ضرورة كشفها في معاملاتها الضرورية مع الأجانب)، فقوله (ما أبيح لها كشفه وإبرازه) دل انه في الاصل غير مكشوف ولا مبرز لولا للضرورة في الصلاة وللاجنبيين كالخاطب والشاهد والقاضي والمتبايع والطبيب ونحوهم فلا يقال لما كشف للضرورة عنه (عورة) ولا (حراما)؛ ولهذا ما كانوا يقولون في الرخص والضرورات بالحُرمة أو العورة فما جاز كشفه في الموضعين للضرورة في الصلاة ولاجنبي لا يقال عنه عورة بل ليس عورة ؛ لأن الله أباحه للضرورة، كما لا يقال: إن أكل الميتة للمضطر حرام. فالقاعدة:(الضرورات تبيح المحظورات). وقد تقدم وسيأتي من قالوا بالإباحة، ونفوا العورة في حق الخاطب، ونحوه، عند الضرورات وذلك عند تفسيرهم الآية. وانظر أمام شدة معرفة الامام ابن جرير الطبري لخلاف الجمهور مع أحمد في الموضعين، كرر الموضع الأول: كلمة (الصلاة) أربع مرات. وذكر وكرر الموضع الثاني: (أن لها أن تبدي من بدنها... للرجال... للأجنبيين) مرتين؛ ليرد على الذين منعوا كشف وجهها في (صلاتها) وفي (ضروراتها مع الرجال الأجانب) كالخاطب والشاهد والقاضي ونحوهم؛ لأن هذا الخلاف هو الذي كان بينهم ويشغل بالهم بسبب ان الامام احمد في رواية وافق التابعي ابي بكر بن عبدالرحمن في منع كشف المراة في الموضعين فردوا عليه؛ لحاجة المرأة الضرورية لكشفها في الموضعين، وللإجماع الذي ذكره هو وغيره على ضرورة كشفها في صلاتها، وخارجها، في ضروراتها للأجنبي؛ ونسب الإجماع على كشفها في الصلاة وفي الضرورات، مع وجود المخالفين له كاحمد والتابعي ابي بكر ، لأن الخلاف ضعيف وبخاصة لوجود رواية أشهر لأحمد وافق فيها الجمهور؛ فقال: (فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا...كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ﴿إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾)؛ فبين رحمه الله أن الآية استثناء؛ والاستثناء مؤقت ككل الاستثناءات الضرورية في القرآن وخير تفسير هو تفسير القران بالقران كما في قوله تعالى في كل استثناءات القران كقوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} ]البقرة:249[. وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ]البقرة:286[. وقوله: {إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} ]ال عمران:28[. وقوله ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) (النساء98 ) وقوله: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام:119]. وقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} ]النحل:106[. وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} ]الطلاق:7[، وغيرها. وقوله: (وما وراء ما أبيح لها كشفه وإبرازه في الصلاة، وللأجنبيين من الناس)؛ فلا يقال: (ما أبيح لها كشفه وإبرازه) إلا ما كان في الأصل قبل ذلك مستورا، كما في آيتي فريضة الحجاب قالوا جميعا (يغطين وجوههن)، وقوله صلى الله عليه وسلم :(المرأة عورة) كما في أحوالها العادية؛ فأبيح رخصة (كشفه وإبرازه) بعد ان كان فرضا مستورا في أحوالها الاستثنائية الضرورية، بعد أن كان حراما، مغطى غير مكشوف ولا مبرز، كما يقال: أبيح الفطر في رمضان، وأبيح أكل الميتة للمضطر، ونحو ذلك. فابن جرير في استخدامه كلمة (الإباحة) في الضرورات، كالإباحة الأصلية (فالضرورات تبيح المحظورات) فمن رحمة الله بعبادة ان جعل المحرم في الضرورات مباح كالاراحة الاصلية حتى لا يتحرجوا، وابن جرير يشبه غيره، كالإمام الطحاوي بقوله: (أن الَّذِي أباحهُ رَسُولُ اللَّهِ e فِي الآثار الأول، هُوَ النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلَالٌ). وقد تقدم وسيأتي غيرهما ممن يستخدمون كلمة (الإباحة)، ونحوها، عند تفسير الآية؛ لأنها نزلت في الرخص والضرورات.

والذي اوقع المتاخرين من الفريقين في الغلط الجهل بمنهج المتقدمين كابن جرير الطبري في تفسيره سواء اهل النقاب الذين اخذو قول ابن مسعود (الثياب) وتركوا بقية اقوالهم او اهل التبرج والسفور الذين اخذوا تفسير ابن عباس (الوجه والكفين) وتركوا بقية اقوالهم هو انهم اعتقدوا ان الاية اية حجاب وهذا غلط فكلهم خالفوا تفسير ابن جرير
لانه قال ( يَدْخُل فِي ذَلِكَ إذا كان كَذَلِكَ الْكُحْل، وَالخاتم، وَالسِّوَار، وَالخضاب. ) وذكر من قالوا بالقولين معا فقال رحمه الله (قال آخرون: عنى به الوجه والثياب ذكرُ مَن قال ذلك...) انتهى . مما ينفي اي خلاف بين ابن عباس وابن مسعود في الاية ويكشف خلط المتاخرين اليوم من الفريقين الذين قسموهما لقسمين واخذوا من كل قسم ما يناسبهم وتركوا بقية اقوالهم على اعتبار انهما مختلفين اختلاف تضاد وعلى ان الاية اية حجاب فرتكبوا ظلمات فوق بعض. لان ابن جرير الطبري كغيره من جميع المفسرين والفقهاء المتقدمين فهم ان الاية رخصة في الضرورات عكس الحجاب فهي في الاساس رخصة لتكشف في الضرورات لاجنبي والفقهاء لما وجدوا احمد في رواية منع كشفها الوجه والكفين في الصلاة عندها ردوا عليه ةقاسوا ضرورة كشفها في الصلاة للمشقة والحرج بضرورة كشفها في الضرورات لاجنبي للمشقة والحرج. وقوله (اولى الاقوال) ليس فيه نفي او رد من ابن جرير لقول من قالوا (الثياب) وانما قال (اولى ) كعادته اي افضل واحسن واصواب وادق في العبارة ولكن الكل عنده حسن وصواب. ولهذا كان ابن جرير الطبري يقول بعد كل ذكر اختلاف اقوالهم (وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عن تأويله، غير أن معنى جميعهم يؤول إلى هذا). فهي في دائرة اختلاف التنوع في الألفاظ في المتن او في طرق السند. ولقد صدق رحمه الله فاولى الاقول لكون الاية رخصة هو القول (بالوجه والكفين ويَدْخُل فِي ذَلِكَ إذا كان كَذَلِكَ الْكُحْل، وَالخاتم، وَالسِّوَار، وَالخضاب) لان اغلب ما تحتاج المراة لكشفه في الضرورات وجهها وكفيها وما فيهما من زينة مكتسبة تكون تابعة لزينتها الخلقية من جسدها كالخاتم والكحل والخضاب والسواران ونحوها كالثياب. وكذلك غلط الفريقين من المتاخرين اليوم عندما فهموا ان ابن جرير الطبري كثيرا ما يقول في تفسير كل اية (اختلفوا) على اقوال فان اهل التبرج والسفور فهموا من مقولة الامام ابن جرير الطبري عند تفسيره اية( الا ما ظهر منها ) بقوله اختلفوا في تفسيرها على اقوال فهموا انها يقصد اختلفوا اختلاف تضاد وهذا غلط فمنهج وعادة ابن جرير انه يقصد اختلاف تنوع وهم متفقون في معنى الاية لانه ينقل الاقوال بالسند المتصل له فيعتبر ان اي اختلاف في الاقوال في المتن او في الطرق اختلاف كما يقول المحدثون واختلفت الفاظ الحديث وطرقه يقصدون اختلاف تنوع ولا يقصدون اختلاف تضاد وان هذا يخالف هذا بل يقصدون الدقة وان الفاظ متن وطرق الحديث اختلفت المروية عن الرواة وهذا مما يقوي ويوضح ويبين اكثر مقصدهم وتفسيرهم وكذلك في تفسير الصحابة اية ( الا ما ظهر منها ) فاقوال الصحابة كلها صحيحة وصواب وهم متفقون ومجمعون ان الاية محكمة في الرخص والضرورات فاقوالهم يقصدون منها تاييد قول بعضهم البعض في بيان انواع وامثلة مختلفة من الزينة يجوز كشفها عند الرخص والضرورات كما كان اسلوبهم في التفسير بالامثلة (الوجه والكفين والكحل والخاتم والخضاب والسواران ) لانه اذا جاز كشف اصل زينتها الخلقية كالوجه جاز ما كان تابعا لها من زينتها المكتسبة كالكحل لان الضرورات طارئة وقصير وقتها كمن كشفت العينين من خلف نقابها لتبصر ما تشتريه من حبوب وفيهما الكحل او كشفت اليدين تتفحص القماش وفيهما الخضاب والخاتم او كشفت الثياب فلم تلبس الجلباب خارج بيتها عند طبيب او كانت في مزرعتها بعيدة عن اعين الرجال وهكذا فكانوا يعبرون ويفسرون بطريقتهم بالامثلة كما ذكر ذلك السيوطي والشاطبي وابن تيمية في قواعد التفسير .
قال الإمام الزركشي (ت:794هـ):
(يكثر في معنى الآية أقوالهم واختلافهم ويحكيه المصنفون للتفسير بعبارات متباينة الألفاظ ويظن من لا فهم عنده أن في ذلك اختلافاً فيحكيه أقوالا وليس كذلك بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى ظهر من الآية وإنما اقتصر عليه لأنه أظهر عند ذلك القائل أو لكونه أليق بحال السائل وقد يكون أحدهم يخبر عن الشيء بلازمه ونظيره والآخر بمقصوده وثمرته، والكل يؤول إلى معنى واحد غالباً، والمراد الجميع، فليتفطن لذلك، ولا يُفهم ثَمَّ اختلاف العبارات اختلاف المرادات) انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات وتارة لذكر بعض أنواع المسمى وأقسامه كالتمثيلات هما الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف).
ولهذا كان ابن جرير الطبري يقول بعد كل ذكر اختلاف في اقوالهم (وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل، وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عن تأويله، غير أن معنى جميعهم يؤول إلى هذا). فهي في دائرة اختلاف التنوع في الألفاظ في المتن او في طرق السند..

وبالتالي فمن أخذ من آية الرخص والاستثناءات التي نزلت في سورة النور المتأخرة سنة 6 ما جعله حكماً لبيان طريقة وصفة فريضة الحجاب ، كان قوله هذا فوق أنه متعارض مع ما جاء من إجماع ونقول في سورة الأحزاب المتقدمة بفرض الحجاب سنة 5 على وصف ذلك وصفاً دقيقاً متواترا في كل تفاسير الدنيا لجهابذة علماء المذاهب الاربعة (امرن ان يغطين وجوههن)، كان كمن يأخذ بادلة الفطر في رمضان للمسافر والمريض ويقول صوم رمضان سنة ومستحب وليس واجب ولا فرض.

فاقوال الصحابة في تفسير اية ( الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) متفقه ومتحده والصحابي كان يؤيد ويوافق قول الصحابي الآخر . بدليل ان هذه عادة ابن جرير يقول اختلفوا لادنى اختلاف في المتن او رجال السند وبدليل ان ابن جرير الطبري ذكر قول من جمعوا معا بين (الثياب والوجه) فقال ( وقال آخرون عني به الوجه والثياب) دليل انه لا خلاف تضاد بينهم القولين لابن عباس وابن مسعود وبدليل ان الامام ابن جرير الطبري لانه فقيه فهم ان الاية كبقية فقهاء المذاهب الأربعة ترد على رواية في مذهب احمد والتابعي ابي بكر بن عبد الرحمن في جواز كشف المسلمة في الصلاة ولاجنبي في الضرورات ولهذا ذكر في تفسيره كلمة (الصلاة) في حدود ٤ مرات وذكر ضرورةمعاملاتها مع الاجنبي مرتين . ولم يذكر كلمة (الحجاب) ولا مرة ابدا ولم يذكر حتى حروف الحجاب(ح.ج.ب) . لانه يعلم كغيره من المفسرين ان الاية رخصة وضرورة.
فمن لم يفهم منهج المتقدمين ومقصد خلافهم اختلط عليه وحرف الدين فمن لم يعرف من المتاخرين اليوم منهج الامام المحدث الفقيه ابن جرير الطبري كبقية المحدثين حين يقولون ويقصدون اختلفوا في الفاظ المتن وسند الرواية ..او لم يعرف حقيقة ومكمن خلاف المذاهب الاربعة المثمثل في مذهب الجمهور ضد احمد في عورة وليس عورة وانه كان بسبب ان احمد ومن معه منعوا كشفها في الصلاة وفي الضرورات لاجنبي فيحسب المتاخر اليوم من اهل التبرج والسفور ان خلاف الصحابة والمذاهب الاربعة كان وقيل في فريضة الحجاب. فخلطوا بين (الأجنبي) الذي يذكره مفسرو وفقهاء المذاهب الأربعة، كابن جرير، وغيره، وبخاصة في مختصرات الفقه ومطولاته فيذكروه في (كتاب الصلاة) وفي (كتب ضرورات المرأة مع الأجنبي) مع أنهم بينوا وشرحوا لهم في كتب مطولات الفقه مقصدهم ومرادهم من (الأجنبي) بأنه: الخاطب والمتبايع والشاهد والقاضي والطبيب ونحوهم، في أحوالها الضرورية، والذين لا يمر بهم الرجال الا نادرا فكيف بالمرأة ، فضلا على ان لهم أماكنهم الخاصة فالخاطب ياتي البيوت والطبيب في العيادة والقاضي في المحاكم والمتبايع في اماكن توثيق البيوع وكتابات العدل والشهود في القضايا الكبيرة، فكيف فهِمَ المتأخرون من أهل التبرج أن أمثال هؤلاء، هم الرجال والشباب العاديين من يكونون ويسيرون في الشوارع والاسواق في أحوالها العادية في فريضة الحجاب؟ فهل لهذه الدرجة لم يفهموا شروح المذاهب في الفرق بين الأجنبيين الاثنين؟ وهذا مما لا يدع مجالاً للشك في أنهم غلطوا بأن جعلوا الآية من آيات فريضة الحجاب، والحقيقة أن الآية في الرخص والضرورات، ولا علاقة لها بفريضة الحجاب بتاتاً . ففريضة الحجاب من الحلال والحرام والفرائض البينة لا يدخلها الخلاف بين المذاهب الاربعة لانهم اخوة اصولهم واحدة وانما يدخل بينهم الخلاف في الفروع والجزئيات في فروع الفقه كمثل هل تكشف المراة الوجه والكفين لانهما ليسا عورة او لا تكشفهما لانهما عورة في الصلاة وفي الضرورات لاجنبي ، والمقصد مما تقدم بيان ان خلاف الجمهور مع احمد في عورة وليس عورة كان في الصلاة ولاجنبي الضرورات ولم يكن في فريضة الحجاب .
فمن ينسب الخلاف بين المذاهب الاربعة في الفرائض والحلال والحرام فهذا غلط فهذا قدح في بلاغ الرسول لقول الله له بالامر( يأيها الني قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) فهل لم يعرف عليه الصلاة والسلام ان يبلغ او يبين وهو يقول( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك) وقوله (الحلال بين والحرام بين ) فكيف بالفرائض لم تبين؟ فعلى كل طالب علم فضلا عن عالم ان يعرف ويتيقن ان الحلال والحرام والفرائض لا يدخلها خلاف بين المذاهب الاربعة لانهم اخوة أصولهم واحدة لا يختلفون في الحلال والحرام البين .
راجع الطبعة الثالثة لكتاب إجماعات المذاهب الاربعة على فريضة الحجاب ورد قول من يفتري عليهم وجود خلاف بينهم في ستر المسلمة وجهها بالجلابيب السود
وبالله التوفيق . .
 
من بداية غلاف وعنوان كتابي الشيخ الالباني رحمه الله يظهر غلطه ووقوعه في بدعة التبرج والسفور ومخالفته محكمات آيات فريضة الحجاب
*بتصرف يسير من كتاب إجماعات المذاهب الأربعة على فريضة الحجاب
المرحلة الرابعة: تدوين بدعة التبرج والسفور في أوساط بعض السلفيين:لقد سرت هذه البدعة مؤخراً بين بعض أتباع منهج السلف، وكان من أبرز من تأثر بها الشيخ الألباني، رحمه الله (ت:1420ه)، وقد كان بدوره متأثراً بأحد أصحاب المدرسة العقلية، وهو الشيخ محمد رشيد رضا، وبشبهاته التي كان يأخذها من بعض شراح الفقه المتأخرين من أهل التبرج والسفور، وينشرها في مجلته، وكتبه. فقلده الشيخ الألباني، وجمع تلك الشبهات في كتاب، ولعله أول كتاب يؤلف في فريضة الحجاب، ويدعو فيه مؤلفه من أتباع منهج السلف، إلى بدعة التبرج والسفور بنزع المسلمة لنقابها. ثم أتبعه بكتاب ثان. ومن شدة ضعف وتهافت شبهاته، في الكتابين، أنه من الممكن الرد عليها بكل سهولة، من غلاف عنوان اسمي الكتابين، وكما يقال: (الكتاب من عنوانه)، فكان من أشهر أغلاطه:
الغلطة الأولى للشيخ الألباني كتابه (جلباب المرأة المسلمة): فمن غلاف الكتاب، وبداية من اسمه وعنوانه، وقبل فتحه، يرد على نفسه بنفسه، فبإجماع مفسري الدنيا قاطبة، من أصحاب المذاهب الأربعة أنه كتاب: (جلباب الأمة العبدة المملوكة)، وليس (جلباب المرأة الحرة المسلمة). وقد تقدم معنا ذكر هذا الإجماع عند نقلنا تفسير آية: (يدنين) بالأمر للحرائر أن يغطين وجوههن، وأن الكشف كان للإماء؛ حتى لا يتشبهن بالحرائر. ويمكن للجميع اليوم، مع توافر التطبيقات، الرجوع بكل سهولة، لأي تفسير من تفاسير أتباع المذاهب الأربعة، وغيرهم؛ للوقوف والتأكد من هذا الإجماع. وبالتالي، فمن عنوان غلاف كتابه الأول، وقبل أن نفتحه، سنعلم أنه مخالف للكتاب والسنة والإجماعات، ووقوعه، من غير قصد، في بدعة التبرج والسفور، وجل من لا يخطىء. ولعلمه رحمه الله أن الحق واحد في الفرائض والحلال والحرام، لا يدخلها خلاف فقد كان يقول للشيخ التويجري في الرد المفحم: (ولست أقابله إلا بقوله تعالى، تعليما لنا: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين")[سبأ: ٢٤]. وصدق رحمه الله، فالحق واحد، فإما أن نجامله، ونخطئ جميع مفسري الدنيا، أو نخطئه، ونعتذر له.
بل إن بعض العلماء، قد أوجب حتى على الإماء، تغطية وجوههن كالحرائر، كأبي حيان الأندلسي، والواحدي، والنووي، وابن حزم، وابن رجب، وبعض الحنابلة، وبعض الشافعية، وغيرهم. وقد تقدم ذكر المحكمات في فريضة الحجاب، وأقوال جميع مفسري المذاهب الأربعة عليها، فلتراجع منعا للتكرار.
الغلطة الثانية للشيخ الألباني كتابه (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحبة): وهو أسوأ من الكتاب الذي قبله، فقد جاء فيه بأخطاء جديدة وشنيعة، سبق وأن ذكرنا بعضها في مبحث بعنوان: (القول بتساهل شنيع في نسبة مذهب التبرج والسفور للأئمة الأعلام). لأنه من الطبيعي أن من بدأ طريقه خطأ، ولم يرجع واستمر، زادت أخطاؤه، وهكذا كلما سار في نفس الطريق زاد بعداً عن الحق. ولهذا فقد جاء كتابه الثاني أيضاً، ومن بداية غلاف عنوان واسم الكتاب، وقبل فتحه، يرد على نفسه بنفسه، ويثبت وقوعه في بدعة التبرج والسفور، وذلك بإجماع مفسري الدنيا، من أصحاب المذاهب الأربعة، لآيات فريضة الحجاب، من قوله تعالى: (من وراء حجاب)، وقوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن)، حيث لم يقل واحد منهم منذ أربعة عشر قرناً: (إن في فريضة الحجاب، سنة ومستحباً). بل ولن تجد (سنة ومستحباً) حتى في آية الرخص والضرورات، من قوله تعالى: (إلا ما ظهر منها)، التي يستدل بها الألباني نفسه وأهل التبرج والسفور على بدعة كشف المسلمة لوجهها. وما سأل نفسه: هل فريضة الحجاب بهذا الغموض واليتم والخفاء حتى أضع تحدياً مفحماً خاسراً، أمام العالم، من بداية غلاف كتابه: (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحبة)؟ في حين أن (سنة ومستحب) غير موجودة أصلاً في كل تفاسير الدنيا قاطبة. وقد بينا أنه أخذها تقليداً لشبهات من قبله، حيث كان متأثراً ببعض أصحاب المدرسة العقلية، وهو محمد رشيد رضا، وما يكتبونه في مجلاتهم وكتاباتهم من شبهات كانوا قد أخذوها بدورهم من بعض شراح الفقه المتأخرين من أهل التبرج والسفور، من عبارة يتيمة مغمورة بين الأسطر، موجودة في شرح القاضي عياض لحديث في صحيح مسلم عن جَرِير بن عبدِ الله البَجَلِي ، في مسائل أحكام (باب نظر الفجأة)، يقصد أن المرأة لا يجب عليها أن تستر وجهها في طريقها أو الأماكن الخالية من الرجال؛ ولكن لو سترته احتياطاً وورعاً خشية من نظر الرجال لها فجأة (ذلك استحباب وسنة لها)، فظنها أهل التبرج والسفور كالمواق وزروق والنفراوي، وأصحاب المدرسة العقلية المعاصرة كالأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، وغيرهم، أن في فريضة الحجاب اختياراً للمرأة: إن شاءت كشفت وجهها، وإن شاءت غطت، و(ذلك استحباب وسنة لها). فطار بها الألباني، وجعلها عنواناً لكتابه، يقرر فيه فريضة الحجاب، فيرد بهاتين الكلمتين (سنة ومستحبة) اليتيمتين المغمورتين اللتين جاءتا في (باب نظر الفجأة) زمن القاضي عياض كل الآيات والأحاديث المحكمات، والتي نزلت خصيصاً، وقت تشريع فريضة الحجاب، زمن رسول الله ، ويرد أيضاً إجماع أقوال مئات المفسرين من المذاهب الأربعة على تفسير تلك المحكمات، وبخاصة آية:(يدنين) بقولهم:(أمرن أن يغطين وجوههن). وأي باحث لو نظر لعنوان (باب نظر الفجأة)، لم يستجز لنفسه أن يأخذ منه حكم (فريضة الحجاب)؛ لأنه من عنوان الباب، واضح أنه لا علاقة له بفريضة الحجاب أصلاً، فضلاً عن أن يكون قول القاضي من المحكمات التي من أول ما نزلت في تشريع فريضة الحجاب. بل لو راجع أي شرح لحديث (باب نظر الفجأة)، كشرح القاضي عياض نفسه، وغيره؛ لعلم من كلمة واحدة في الحديث وهي (الفجأة) أنها ترد على مذهب التبرج والسفور وعلى كتابه (الرد المفحم)، إذ إن حديث (باب نظر الفجأة)، يدل على فريضة الحجاب بستر المسلمة لوجهها؛ لأن نظر الفجأة والبغتة، والأمر بغض البصر، كلها دلائل على أن هناك شيئاً كان في الأصل مستوراً، فوقع النظر إليه بغتة وفجأة من غير قصد، وليس كما يدعي أهل التبرج والسفور أن وجه المرأة يكون دائماً مكشوفاً للجميع، ويجب غض البصر عنه فجأة. فعلى بدعهم الخيالية هذه، والتي لم يسبقهم لقولها ولا لتطبيقها أحد، لاستحالة ذلك، لن تكون هناك نظر فجاة اصلا . وكم سينتج من الحوادث عند قلب الوجوه؟ فهذه شبهة مردودة من كل وجه، وبخاصة إنها من خارج المحكمات، فلا يُحتج بها أصلاً في مواطن النزاع، بل تدل على فساد وإفلاس مذهب التبرج والسفور. وللمزيد فقد رددنا على هذه الشبهة المفتراة على القاضي عياض، فلتراجع منعاً للتكرار.
الغلطة الثالثة للشيخ الألباني ما جاء في كتابه الرد المفحم بقوله: (وهو ما جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل" للشيخ علاء الدين المرداوي (١/٤٥٢): (الصحيح من المذاهب أن الوجه ليس من العورة. ثم ذكر مثله في الكفين، وهو اختيار ابن قدامة المقدسي في "المغني" (١/٦٣٧)، واستدل لاختياره بنهيه  المحرمة عن لبس القفازين والنقاب، وقال: "لو كان الوجه والكفان عورة؛ لما حرم سترهما؛ ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء" وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه" العمدة)"٦٦). فما رأي الشيخ التويجري بهذا النص من هذا الإمام الحنبلي الجليل؟ أتظنه داعية للسفور أيضاً، وفاتحا لباب التبرج على مصراعيه...؟) انتهى من الرد المفحم.
وما عَرَف الالباني رحمه الله أنه كان فعلاً دون أن يشعر، (داعية للسفور... وفاتحاً لباب التبرج على مصراعيه)، وذلك من خلال تقليده لشبهات من قبله، الذين لم يفهموا وينقحوا حقيقة مناط خلاف المذاهب الأربعة، وأنه كان بسبب أن رواية عند الإمام أحمد ومن وافقه منعوا كشف المرأة شيئاً في (الصلاة) وفي (الضرورات لأجنبي)، ولا حتى ظفرها. وبالتالي، فخلافهم في (عورة) و(ليس عورة) لم يكن بتاتاً في فريضة الحجاب، كما ظن وفهم أهل التبرج والسفور. فما نقله الألباني من المصدرين، عن المرداوي وابن قدامة كان من (كتاب الصلاة). فمن عنوان (كتاب الصلاة) الذي نقله عن كل من المرداوي، وابن قدامة، يتضح أنهما لم يكونا يتكلمان في فريضة الحجاب بتاتاً، فضلاً عن أن يعد كلامهما من المحكمات. فاستشهاد الألباني الأول كان من كتاب الإنصاف للمرداوي: (كتاب الصلاة): (باب ستر العورة). واستشهاده الثاني كان من كتاب المغني لابن قدامة: (كتاب الصلاة) (باب صفة الصلاة). ولا يوجد في كلامهما كلمة واحدة عن (الحجاب)، أو حروفه. وإنما أدخلوا وأقحموا فيه الكلام عن (كتاب ضرورات كشف المرأة لأجنبي)، لأنهما الموضعان اللذان كان فيهما خلاف الجمهور مع أحمد؛ ولهذا كانوا يذكرونهما معاً. فإذا ذكروا جواز كشف وجهها وكفيها في (كتاب الصلاة)، ذكروا معه (كتاب كشفها في الضرورات لأجنبي)، وكلما ذكروا (كتاب كشفها في الضرورات لأجنبي)، ذكروا معه كشفها في (كتاب الصلاة)؛ فيقيسون ويستدلون بكشفها في كل موضع بكشفها في الموضع الآخر. وقد سبق بيان هذا بالتفصيل عند مبحث أدلة الجمهور في الرد على رواية أحمد. وهذا ما نقله الألباني بيده عن ابن قدامة فحذف وبتر كلمة (الصلاة) التي ذكرت عدة مرات، وحذف ذكر من منعوا كشفها في الصلاة وفي الضرورات، كأبي بكر بن عبد الرحمن، والرواية الثانية لأحمد؛ ولهذا لم يفهم أن كلامهما لم يكن في فريضة الحجاب فليس هناك كلمة عن (الحجاب) ولا حروفه (ح.ج.ب)، وانما ( الصلاة) و(الضرورات لاجنبي) فابن قدامة ذكر الموضعين لتكشف فيهما تأييداً لقول الجمهور والرواية الثانية لأحمد، كما في (كتاب الصلاة): (مسألة؛ قال:(وإذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها، أعادت الصلاة). وبقوله:(ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء). أي أن الوجه في الأصل كان مستوراً لولا (الحاجة تدعو إلى كشف الوجه). ومثلوا له بضرورة (للبيع والشراء)، ومثله الخطبة والتقاضي والعلاج والشهادة، وهي أمور نادرة الحدوث للرجال، فكيف بالنساء؟ فهي لا تدعى كل يوم لتشهد أو تُخطب أو تُعالَج، أو تُقاضي؛ حتى تكشف لغيرهم من الرجال في الشوارع والأسواق؟ مما يبين عدم فهم أهل التبرج والسفور لحقيقة خلاف الجمهور مع أحمد، في عورة وليس عورة، وأنه كان في(الصلاة) وفي (الضرورات لأجنبي).
• وليس القصد تقصي كل أخطاء الشيخ الألباني رحمه الله في الكتابين، فهي كثيرة، ويكفي ما بيناه من أخطاء بإجماع المذاهب الأربعة، من بداية غلاف اسم عنوان الكتابين، كما يقال: الكتاب من عنوانه. وفي الكتاب ردود على بقية اخطائه وبدعه الكثيرة في فريضة الحجاب . يمكن مراجعتها. مثل فهمه كلام تفسير ابن جربر الطبري غلط لاية (يدنين) عندما ذكر اختلاف طريقة ستر الوجه عن ابن عباس وتلامذته لاهمية ذلك فطريقة بالنقاب واللثام والبرقع ونحوها لا تجوز للمحرمة وعليها الاثم والفدية وطريقة ثانية تجوز للمحرمه بالسدل والارخاء والالقاء من فوق راسها على وجهها وان كشفت عينا واحدة من جانب السدل فجائز ولا بعتبر من النقاب المنهي عنه لانه بدون عطف ولا شد ولا لف على الخد والوجه وانما من جانب السدل كشفت عينا تبصر بها الطربق بدل النقاب المنهي عنه وهذا من فقه الصحابة كابن عباس رضي الله عنه وتلامذته فظن الالباني ان قول ابن جرير في اختلاف طريفتي الادناء انها طريقة تكشف الوجه وطريقة تستر مع انه ذكر في الطريقتين ستر الوجه وما ذكر كشف الوجه بتاتا ومع هذا لم يفهم مقصد ابن جرير وانما ظنا منه لكلامه وتسرع ولم يرجع لبقية المفسرين ليفهم قصد ابن جرير ويتاكد لانهم اخوة يفسرون كلام الله ليس بالاراء ولا الاهواء ولا الاجتهاد وخاصة في الفرائض والحلال والحرام البين فقد ذكر الطريقتين السلف غير ابن عباس كعبيدة السلماني والحسن البصري وقتادة وغيرهم ونقلها من المفسرين ابن عطية والقرطبي والثعالبي وابن جزي َغيرهم . راجع للمزيد كتابنا كشف الاسرار بعنوان (التحريف والتبديل الذي لحق تفسير ابن جرير الطبري عند تفسيره لاية يدنين)
ولا شك أن الالباني رحمه الله كان يطلب الحق من مصادر السلف: الكتاب والسنة، ولكن ليس كل طالب للحق يصيبه، ولهذا وقع في البدعة من غير ان يقصد، كما قال شيخ الإسلام: (وَكَثِيرٌ مِنْ مُجْتَهِدِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَدْ قَالُوا، وَفَعَلُوا مَا هُوَ بِدْعَةٌ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ بِدْعَةٌ) انتهى. وعليه فليس هو بمبتدع؛ لأنه طَلب الحق من طريق الكتاب والسنة فأخطأه، بتسرعه في تقليده شبهات من قبله من أهل التبرج والسفور، بل والزيادة عليها، وبتساهله في عدم الرجوع للمحكمات في فريضة الحجاب، ولإجماعات مفسري الدنيا من المذاهب الأربعة على تلك المحكمات، كما في آية:(من وراء حجاب)، بسترهن الكامل داخل البيوت، وشملوا معهن نساء المؤمنين. وكما في آية: (يدنين) بسترهن الكامل خارج البيوت. وأكد صراحة الآيتين المحكمتين، الإجماع الصريح لكل مفسري الدنيا، من المذاهب الأربعة، بقولهم:(أمرن أن يغطين وجوههن). ولحديث:(المرأة عورة). فكان المفترض عليه، وهو يدعو لمنهج السلف بالتمسك بصريح الكتاب والسنة، أن يتمسك بحديثه : (المرأة عورة)، فهو ألزم وأوجب عليه من مقولة الجمهور: (الوجه والكفان ليسا عورة)، فحتى لو لم يفهمها كغيره من أهل التبرج والسفور، وظنها أنها قيلت في فريضة الحجاب، فإن هذا أيضاً لا يعفيه؛ لأن منهجه السلفي يحتم عليه الرجوع للكتاب والسنة، وتقديمهما، عند الخلاف، على ما سواهما. فكان عليه، في فريضة الحجاب، الأخذ بقول الرسول، ورمي قول من سواه، كائناً من كان. فلو تمسك الشيخ الألباني بمنهجه السلفي في فريضة الحجاب، لقاده، كغيره من السلفيين، إلى القول بفريضة ستر المسلمة لوجهها عن الأجانب، ولأمكنه، مستقبلاً، من فهم مكمن وحقيقة خلاف الجمهور مع أحمد، وأنه كان في (الصلاة) وفي (الضرورات)، ولم يكن في (فريضة الحجاب). فلم ترم به الشبهات في مهاو بعيدة؛ فدل خطأه على أن منهج السلف بأدلته الصريحة، يقود دوماً للصواب والأسلم والأحكم، ولا يكافئه أي شبهة مهما عظمت، فالتمسك بالكتاب والسنة والإجماع نجاة وأي نجاة، ولكن جل من لا يخطئ.
فعلى كل مسلم بعد ان ظهرت له الحقيقة وانهدم اعظم عمود واساس وقاعدة لشبهات اهل التبرج والسفور والتي بنوا عليها بقية شبهاتهم فاستطالوا على اهل ستر الوجه بحجة ان معهم قول الجمهور (الوجه والكفين ليسا عورة) ولم يعلموا غلطهم وجهلهم بحقيقة ومكمن خلاف الجمهور مع احمد وانه كان في (عورة وليس عورة) لتكشف او تغطي في (الصلاة) وفي (الضرورات لاجنبي) وليس في فريضة الحجاب.
وبالتالي فعلى كل محب لدين الله أن يعتذر لمن اخطأوا ووقعوا في البدعة فلو بان لهم هذا الحق قبل موتهم لكانوا اول الفرحين والقائلين به فقد ضحوا بحياتهم في سبيل دين الله و انهم لن يتحرجوا في سبيل بيان الحق في دين الله الذي افنوا حياتهم من اجل بيانه ونصرته لن يتحرجوا لو قيل امامهم انهم جهلوا وضلوا الحق في فريضة الحجاب. نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله احدا. فكل ابن ادم خطاء وذكر شيخ الاسلام ان هناك كثيرا من المجتهدين من وقعوا في البدعة من غير قصد وليسوا بمبتدعه لان اصولهم كانت على الكتاب والسنة كما نقلت قوله في مقدمة الكتاب واعدت نقله في آخره اعتذارا لمن أخطأوا وهذا يكفي . ولكن لا يجامل احدنا ويقدم محبة ونصرة احدا على الله ورسوله ولندرك جميعا قبل فوات الاوان فريضة الحجاب و انقاذ غربة الاسلام من تحريف وتبديل وتصحيف فرائضه . فان كان من اخطاء وجهل حقيقة فريضة الحجاب او اي مسالة معذورا عند الله ولكن من بان له الحق فعاند و كتم و جامل فهولاء غير معذورين . والله اعلم
وبالله التوفيق.
 
عودة
أعلى