كتابي لطائف السيرة عرض وتعريف

إنضم
29/05/2007
المشاركات
479
مستوى التفاعل
3
النقاط
18
الإقامة
مصر
هذا الكتاب قسمته إلى قسمين، وإن شئت ثلاثة أقسام :
فقسم : جمعت فيه آيات القرآن التي لها صلة بخير الأنام من أول القرآن إلى آخره (وهذا القسم موجود لدي فمن أراده أرسله له على الخاص ) . ثم قمت ورتبت الآيات البينات حسب الموضوعات .
أما القسم الثاني ( وهو الجزء الأول ) : فهو سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك تراه ، حيث خصصت الكلام فى هذا الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده ، وقد نشرته على شبكة الإنترنت فابحث عنه تجده ، أما هنا فسوف أنشر لطائف من لطائف السيرة .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك الحق المبين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد،،
فهذا كتاب لطائف السيرة كتبته حبًا و شوقًا لرسول الله ، تقرأ سيرة رسول الله كأنك تراه كله عن رسول الله ومشاهده تخص رسول الله ، ثم أردفته بما ورد في كتاب الله عن رسول الله من أول القرآن إلي سورة الناس فوجدته صلى الله عليه وسلم مذكورًا بما يليق به في كتاب الله، وقد كثر ذكره صلى الله عليه وسلم في مائة و أربع سورة ،وقد كثر ذكره وعلا قدره في القرآن وكأنك تتعجب من كثرة رؤيته في الكتاب المجيد ، و قد يخشى عليه من الحسد من كثرة ما أنعم الله عليه من فضائل وكرامات و منح و ومنن في كثير من الآيات كأن الله يعوذه ويرقيه بالمعوذات، فهاك لطائف السيرة اقرأ كل صفحة فيه وتخيل حبيبك أمامك تراه بعين قلبك وشوقك لعلك تراه بعيني رأسك فتفوز فوزًا عظيمًا هنيئًا لهذه الأمة بكاشف الغمة -صلى الله عليه وسلم- .
يا كرام يا كرام صلوا على خير الأنام، صلوا على النور الهادي ،صلوا على خير سراج
،هو رحمة مهداة ،هو نعمة مسداة ، قلبه رحيم قوله كريم، خلقه عظيم ،فعله قويم، محبته عبادة ، طاعته سيادة، سنته زيادة ،زيارته سعادة، اللهم أسعدنا بزيارته وصلاة ركعتين فى الروضة الشريفة بين المنبر والمقام ، ثم الوقوف للسلام على خير الأنام .
 
وفقك الله لكل خير أخي الكريم، لكن فقط أحببت أن أنبه عن بعض الكلمات التي وردت في مقالك
هنيئًا لهذه الأمة بكاشف الغمة -صلى الله عليه وسلم-
هذا الوصف لا يجوز أخي في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من الغلو المنهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم:( لا تطروني كما أطرت النصارى أبن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله ورسوله )، فهذا الوصف الذي ذكرته إنما يليق بالله تعالى فهو رب الكون مجيب الدعاء وكاشف الغم والكرب كما قال تعالى:"أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) "-النمل-، والسوء يشمل كل شر قد يصيب الإنسان من غم وهم ومرض...فكل هذا لا يكشفه ويزيله إلا من بيده الأمر كله المتصرف في الكون وحده ألا وهو الله سبحانه.
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره ربه سبحانه بقوله:"قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)"، فكيف يكون صلى الله عليه وسلم كاشفا للغم وهو بنفسه يعترف بافتقاره إلى الله سبحانه وأنه لا يملك لنفسه بله لغيره نفعا ولا ضرا؟
يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية:" فإني فقير مدبر، لا يأتيني خير إلا من اللّه، ولا يدفع عني الشر إلا هو، وليس لي من العلم إلا ما علمني اللّه تعالى.
{ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ } أي: لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه، لعلمي بالأشياء قبل كونها، وعلمي بما تفضي إليه.
ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح الدنيا ومنافعها، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب."اهـــــــــ..
فالمرجو الانتباه أخي لمثل هذه الأخطاء العقدية في كتاباتك، وأنصحك ألا تنشر مقالا أو كتابا حتى تراجعه أكثر من مرة، حتى تتجنب الأخطاء وأخص بالذكر الأخطاء العقدية.
وفقك الله تعالى.
 
تكملة للتعريف بالكتاب
وبعد فهذا كتاب السيرة مما ورد في كتب السيرة والسنن والمسانيد وغيرها من الكتب وقد اعتمدت على سيرة ابن اسحاق وصحيح البخاري وقد ارجع إلي غيرهما من الكتب النافعة مما اثبته فى الحاشية . فهذا غيض من فيض كتبته لمن أراد أن يقرأ عن رسول الله وحده ومن أراد المزيد فكتب السيرة الكبيرة بالعشرات ,

وكنت قد جمعت سيرة رسول الله من القرآن الكريم وجعلته فى كتابا متمما لهذا الكتاب وفصلته عنه ليكون للمتخصصين فيقرأ الآية وينظر فى تفسيرها وبهذا نعلم بل ويعلم العدو فضل رسول الله
صلى الله عليه وسلم على العالمين

وومما ذكرته فى مقدمة هذا الكتاب


وبعد فقد تتبعت آيات القرآن الكريم والتقطت ما ورد عن النبي الكريم فجمعت مئات الآيات التي نوهت بذكر نبي الله الكريم وكل ما ذكره الذاكرون من مدح رسول الله المعصوم لا يبلغ ثناء الله فى آية واحدة من تكريم وتشريف وتعظيم ،فالله أعلم حيث يجعل رسالته ، وهو أعلم بفضل من ختم رسالته ، ولن نتعدى ذكر الآيات بل نذكرها فقط ، ولكل رزقه ليعلم فضله، فاقرأ تلك الآيات وانتظر ما يفتح لك من الخيرات .
 
الجزء الثاني من كتابي لطائف السيرة :
ترتيب الآيات حسب الموضوعات :
وتلكم آيات القرآن الكريم مرتبة حسب موضوعات حديثها عن خير البرية ، فمرة تجد عشرات الآيات التي تشترط الإيمان به، وغيرها التي تحض على طاعته واتباعه ،وبعضها تبين أنه واسطة الخير ، فتجد الآية تبدأ بقوله جل جلاله ( قل ) وقد زادت على ثلاثمائة موضع ، وهناك عشرات الآيات التي تدل على تعظيم الله لنبيه وعنايته به وحبه له والحث على الإيمان به وإثبات نبوته،فتلك عشرات الآيات التي تبين أن من شروط الإسلام هو الإيمان بنبوته فمن لم يؤمن به لم يدخل الإسلام أصلًا ،وكون القرآن منزل من عند الله لهو دليل نبوته، وفي القرآن بيان ذلك بأسهل أسلوب و أوضح طريق، فمثلا الآيات التي ترشدنا إلى أن غيبيات القرآن من وحي الله فذلك دليل على نبوته

وهناك آيات تمدح من آمن به صلى الله عليه وسلم .
ففي سورة البقرة :*-(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)
(فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)...
 
بارك الله فيكم يا دكتور عبدالحميد ونفع بعلمكم.
كثيراً ما يرد سؤال عن كتاب أو بحث جمع السيرة النبوية ورتبها من خلال القرآن الكريم خصوصاً، ولا أجد جواباً سوى بعض المحاولات التي أعرفها عن دراسة غزوات النبي صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن للدكتور بكر محمد عابد وهي دراسة قديمة نشرتها الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.

فحبذا الإفادة عن الدراسات والبحوث التي اطلعتم عليها في هذا الموضوع وهو السيرة النبوية من خلال القرآن الكريم، ومدى جودتها من خلال اطلاعكم، ثم حبذ نشر دراستكم التي أنجزتموها ليستفيد منها القراء كذلك وفقكم الله.
 
بارك الله فيكم سعادة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن ، هذا الكتاب اقتبسته من كتاب الله رأسًا ، حيث قرأت آيات القرآن ثم جمعت كل كلمة تتعلق بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبة حسب ترتيب المصحف ، ثم بدا لي أن أرتبها حسب الموضوعات وقد نشرت على الانترنت الجزء الخاص بالموضوعات ،ثم كتبت ما يليق بهذا الكتاب من تعليقات فى الحاشية ، أما الجزء الأصلي المرتب حسب ترتيب المصحف فخشيت أن يقرأه بعضهم بما لا يليق بعظمة القرآن الكريم ، كأن يقرأه وردًا أو تلاوة ، لذا لن أرسله إلا للمتخصصين كي يقتبسوا منه ما يريدون ، أو يرتبونه كما يحبون .
أما عن الكتب التي استفدتها فلا يوجد كتاب معين اعتمدت عليه بل كتبته غيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ردًا على من ينتقص قدره من القرآنيين، و العلمانيين، والملحدين . فأسأل الله أن يكون هذا الكتاب ردءًا لمن أراد أن ينتصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
ومما قلته فى كتاب لطائف السيرةالجزء الثاني:
طاعته ومتابعته صلى الله عليه وسلم :
وعلى من آمن بالحبيب نبيًا و رسولًا أن يطيعه ويتبع هداه فهو يهدي إلى الصراط المستقيم الواصل لجنات النعيم من أعرض فقد حرم نفسه من خيري الدنيا والآخرة .
قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٤٣) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٤٥)
( البقرة : ١٤٣ - ١٤٥)
فانظر رحمك الله ، كيف جاء أول أمر بطاعة رسول الله ومتابعته وملازمته والاقتداء به ، فى تلك الآية التي زكّت الأمه فتلك شهادة من الله ، بأن جعل من اتبع رسوله وأطاعه فهو عدل ، فالمتمسكون بهدية خيار من خيار ، ثم بين الله أن هناك بعض الاختبارات التي تميز من يتبع الرسول ومن يطيعه ممن خالفه وعصاه ، فكن على حذر أن تشك فى سنة رسول الله ، أو تترك سنة رسول الله ، أو تتهاون بسنة رسول الله ،وهو الذي يأخذ بيدك اليمنى بسلام إلى دار السلام .
 
تابع ج٢ لطائف السيرة
واسطة الخير
سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - هو خير الأنام واختاره الله واصطفاه ليكون للعالمين نذيرا ومعنى أنه رسول الله أي الذي تتنزل عليه الأوامر والنواهي الإلهية ، فقد اصطفاه الله ليكون واسطة الخير ، تسأله فيجيبك عن ربه ومولاه ،يأمرك ربك فيوحي إليه هو ،فتقول: سمعنا و أطعنا تسمع آيات القرآن فتقول: إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان فآمنا .
نحن لم نقل شيئا من عندنا بل هذا هو القرآن وذلكم ربكم الذي اصطفاه، ماذا تقول عن وبشر الذين آمنوا
ولم يقل: أبشروا، بل واسطة الخير يبشرنا بكل خير فوجهه يبشر بالخير، و لسانه لا ينطق إلا بالخير، والذى نفسي بيده كله خير صلى الله عليه وسلم، واقرأ (وإذا قال ربك) ، ولم يقل : (وإذ قلنا) ومئات الآيات التي فيها قل علام تدل ، ألم يكن من الجائز أن يرفع كلمة (قل) فيكون أوجز ... وكذا (ألم تر) و نحوها أرأيت ،فكل ذلك ليكون واسطة الخير فهو وجهة كل خير لمن اقتدى به واتبعه وأحبه صلى الله عليه وسلم .
وهكذا اقرأ تلك الآيات ترى فضله عظيمًا و لك من ذلك الفضل نصيب .فلا تستكثر عليه ما أنعم الله به عليه، الله أعلم حيث تتنزل رحماته وبركاته ومننه وفضائله وعطاياه اللهم اجعل لنا منها نصيبًا.


ففي سورة البقرة :
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ( البقرة : 25)

وإذا تتبعنا الآيات البينات التي تشير إلى سيدنا رسول الله وجدنا أول آية تتعلق بكونه واسطة الخير الذي يبلغنا عن مولاه ما أمره به من أوامر ونواهي وتبشير وإنذار تجد أول آية فى هاتيك الأمور كانت من باب التبشير ، فالوجه الحسن والقول الحسن والفعل الحسن جاء عن جد الحسن الذي جمع كل حسن . فأبشر أيها المؤمن بقوله تعالى الذي حمل تلك البشرى أن الذي يبشرك بها هو رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
 
تابع ج٢ لطائف السيرة :
*بيان فضله، و الشفقة عليه، والرحمة به ، وعناية ربه، وحفظه له، ودفاعه عنه :
أنت الآن تقرأ آيات الرحمن الرحيم التي تدل على رحمته بالرحمة المهداة في القرآن الذي أنزله رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين فأولى بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم ، فلا تتعجب من عجائب تلك الرحمات التي اختص بها الرؤوف الرحيم عبده وحبيبه الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم فقد أرسله الله رحمة للعالمين رحمات بعضها فوق بعض، وبجوار بعض ،فتجد آيات تهون على الحبيب إعراض المعرضين أو تبشره بحفظ الله له من كيدهم وعنايته به بل تجد آيات تهون عليه تكذيبهم فيقول الله له :
أنت لست المقصود بالتكذيب بل أنا المقصود إن عدواتهم لك بسبب نبوتك .
فأي شفقة تلك التي تنزلت على سيدنا الحبيب ؟
فأول آية في سورة تتحدث عن الكافرين فيها رفع اللوم عنه صلى الله عليه وسلم إذ لم يؤمنوا بل فيها إعلامه بداية أن من الكافرين لن يؤثر فيهم الإنذار فقد قست قلوبهم وصمت آذانهم وعميت أعينهم فلا تحزن عليهم أما الذي عليك فهو البلاغ وكفى .
ففى سورة البقرة :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )(6)
ووعندما خاطبه بعضهم بما لا يليق بقام النبوة علمهم الله ماذا يقولون
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ )(104)
فهذا تأديب وتزكية للمؤمنين يتلطفوا في التعبير ويتأدبوا في الحديث مع رسول الله, لا تقولوا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " راعنا " وإن كنتم تقصدون بها الرعاية والمراقبة ، فقد اغتنـمها اليهود لموافقة كلمة سيئة عندهم فصاروا يلوون بها ألسنتهم ويقصدون بها الرعونة وهي إفراط الجهالة ، أو لِأَنَّ مَعْنَاهَا ارْعَنَا نرعك فَنُهُوا عَنْ قَوْلِهَا إِذْ مُقْتَضَاهَا كَأنَّهُمْ لَا يَرْعَوْنَهُ إلَّا بِرِعَايَتِهِ لَهُمْ بَلْ حَقُّهُ أنْ يُرْعَى عَلَى كُلّ حال,وَفِي الْمُخَاطَبَةِ بِهَذَا جَفَاءٌ، فَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَخَيَّرُوا مِنَ الْأَلْفَاظِ أَحْسَنَهَا وَمِنَ الْمَعَانِي أَرَقَّها.
 
تابع (لطائف السيرة )
نصائح ربانية لخير البرية
وهذا القسم يشبه الذي قبله ، لكنك تجد النصائح أكثر وأوضح كونها نصيحة وهي تدل على فضله وتعليم ربه له .
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(البقرة ) (147)
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )( البقرة : 150)
 
سورة التوبة فيها نصائح كثيرة جدًا ولم لا وهي التي كشفت أسرار المنافقين، ولم تغفل ذكر الكافرين لذا نال حبيبنا قسطًا كبيرًا من عناية ربه و هدايته لحسن معاملة هؤلاء فلا يعلم سرهم إلا علام الغيوب
قال تَعَالَى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) قِيلَ: هُوَ افْتِتَاحُ كَلَامٍ، كَمَا تَقُولُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ وَأَعَزَّكَ وَرَحِمَكَ! كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ"، حَكَاهُ مَكِّيٌّ وَالْمَهْدَوِيُّ وَالنَّحَّاسُ. وَأَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ قَبْلَ الذَّنْبِ لِئَلَّا يَطِيرَ قَلْبُهُ فَرَقًا. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا بدر منه ترك الاولى فقدم الله له الْعَفْوَ عَلَى الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ فِي صُورَةِ الْعِتَابِ
الدخيل: وَقِيلَ: الْمَعْنَى عَفَا اللَّهُ عَنْكَ مَا كَانَ مِنْ ذَنْبِكَ فِي أَنْ أَذِنْتَ لَهُمْ، فَلَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ" عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، حَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ. ثُمَّ قِيلَ: فِي الْإِذْنِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ " لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ" فِي الْخُرُوجِ مَعَكَ، وَفِي خُرُوجِهِمْ بِلَا عِدَّةٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ فَسَادٌ. الثَّانِي -" لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ" فِي الْقُعُودِ لَمَّا اعْتَلُّوا بِأَعْذَارٍ، ذكرهما الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: وَهَذَا عِتَابُ تَلَطُّفٍ إِذْ قَالَ:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ". وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ نَزَلَ فِيهِ. قَالَ قَتَادَةُ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: ثِنْتَانِ فَعَلَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] و لم يؤمر بِهِمَا: إِذْنُهُ لِطَائِفَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُمْضِيَ شَيْئًا إِلَّا بِوَحْيٍ وَأَخْذُهُ مِنَ الْأُسَارَى الْفِدْيَةَ فَعَاتَبَهُ اللَّهُ كَمَا تَسْمَعُونَ .
قلت: أما موضوع الأساري فقد ورد فيه التخيير كما في بعض الروايات، أما الإذن هنا فالأمر على الأصل يأذن الإمام لمن يشاء لمصلحة يراها وقد بين الله السر في العتاب ليس في الإذن بل لتفويته معرفته لنفاقهم من أول الأمر ، أما أنك قد أذنت لهم فنحن نعلمك خبرهم فالأمر فيه تودد للحبيب وليس فيه تخطئة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلة آله الطيبين ورضي الله تعالى عن صحابته أجمعين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الاستاذ الفاضل عبد الحميد البطاوي وجزاكم الله تعالى خيراً .
( الدخيل : هو الذي ليس له أصل صحيح في الدين ) كتاب الدخيل في التفسير : 12 : مناهج جامعة المدينة العالمية .
قول فضيلتكم : ( الدخيل: وَقِيلَ: الْمَعْنَى عَفَا اللَّهُ عَنْكَ مَا كَانَ مِنْ ذَنْبِكَ فِي أَنْ أَذِنْتَ لَهُمْ ) وهذا يعني تعتبر التفسير المذكور ليس
بصحيح وهو من الدخيل .
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى : (

وهذا عتاب من الله تعالى ذكره، عاتبَ به نبيَّه صلى الله عليه وسلم في إذنه لمن أذن له في التخلف عنه، حين شخص إلى تبوك لغزو الروم، من المنافقين
يقول جل ثناؤه: (عفا الله عنك)، يا رسول الله محمد ، ما كان منك في إذنك لهؤلاء المنافقين الذين استأذنوك في ترك الخروج معك وفي التخلف عنك، من قبل أن تعلم صدقه من كذبه
(لم أذنت لهم)، لأي شيء أذنت لهم؟ (حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين)، يقول: ما كان ينبغي لك أن تأذن لهم في التخلف عنك إذ قالوا لك: (لو استطعنا لخرجنا معك) حتى تعرف مَن له العذر منهم في تخلفه، ومن لا عذر له منهم فيكون إذنك لمن أذنتَ له منهم على علم منك بعذره وتعلمَ مَنِ الكاذبُ منهم المتخلفُ نفاقًا وشكًّا في دين الله ) .
يرجى من حضرتكم تصحيح ذلك والله تعالى أعلم .

 
بارك الله فيك أخي البهيجي أعني بالدخيل هنا: الجزم بصدور ذنب من النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أنك ترى فى الآية غاية الإكرام لخير الأنام ، فقول الجليل :(عفا الله عنك ) لا يليق بأحد أن يضيف ويزيد كلمة ذنبك هنا (عفا الله عنك ما صدر من ذنبك) ، فهذا التلطف من اللطيف يمنع التوهم بصدور الذنب من الحبيب ، فيقول :(الله عفا عنك لم أذنت) فتزيد أنت وتقول كلمة ( ذنبك )
هل نهاه الله عن الإذن له حتى نعده ذنبًا ؟ إذن عددته من الدخيل .
وقد وجدنا بعض الدعاة يجعل هذه الآية عتابا من الله لصدور ذنب ، وليس فى القرآن ولا في السنة ذنب فى هذا الأمر ، بل حدث أن النبي عامل هؤلاء بما يستر عليهم ، ولكن الله يقول له : أنت تعاملهم بالإكرام ،وهم يزيدون فى الإجرام ، فلو حرمتهم من الإذن لانكشف نفاقهم ، وأنت رؤوف رحيم ، وأنا الرؤوف الرحيم .وليس فى كلام الطبري مع شدته نسبة الذنب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
عودة
أعلى