مشكلات تقابل طلبة العلم : من باب المدارسة
من ذلك :
عندما قرأت على بعض المشايخ لاحظت أن منهم يلزم الوقف على (به ) من قوله تعالى
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ * وهم بها لولا أن رأى برهان ربه] حتى إن بعضهم ليشدد في ذلك وينهر من يفعل ذلك، والعكس منهم يرى خلاف ذلك .
فقررت أن أبحث المسألة، هل الواو مستأنفة أم عاطفة
وهذا الأمر يحتاج إلى معرفة ما معنى الهم أولا؟!! فإن اختلف الهمان فهي مستأنفة، وعليه يكون الوقف على (به)، وإن كان العكس فهي معطوفة وعليه يكون الوصل أولى كبداية ..
بدأت بقراءة الروايات المأثورة عند الإمام الطبري، لكنني عند قراءتها كدت أن أقطع القراءة من تلك الروايات ، كلام يصعب أن يقرأ على أحد ، أو يدرس
لكنني تابعت القراءة ، فلم أجد ما يدل على تحقيق لتلك الروايات!! ، ثم قررت أن أقوم بالمشاركة مع أحد المتخصصين في علم الحديث لمعرفة حكم أسانيد تلك الروايات فاتضح أن أكثرها ضعيف أو موضوع. باستثناء موضع واحد صح سندا لكنه أثبت أنه ضعف متنا - من وجهة نظره - ، وقد رجعنا إلى العديد من المراجع حتى نصل إلى ذلك وجلسنا ساعات طوال في مسألة واحدة .
أكثر من عشرين رواية يذكرها الإمام الطبري في مسألة معينة ويظهر أن غالبها غير صحيح السند ؟!!!
وكانت النهاية هو التركيز على أقوال المفسرين وترك تلك الرويات حيث لا طاقة لنا بحصرها ومواصلة التحقيق فيها، وكانت النهاية أن تكون بهذا الشكل :
http://vb.tafsir.net/tafsir36031/
أمل من الأخوة الكرام الفضلاء توضيح
أولا : مالسبيل للحكم على تلك الروايات التي ذكرها الإمام الطبري وغيره من علماء التفسير من حيث صحة السند والمتن .
ثانيا : هل خرج كتاب اعتنى بتحقيق جمع روايات الطبري وغيره من كتب التفسير بالمأثور مبينا صحتها من ضعفها من مثل هذه الروايات؟!
ثالثا: كيف يمكن للباحث أن يميز بن ما صح سنده وضعف متنه وما هي أبرز المراجع التي تخدم في ذلك ؟!
وأنا لا أقصد تلك المسألة بعينها حتى نقف عندها إنما أقصد طريقا يعين الباحثين لا سيما ممن ليس لهم نصيب قوي في علم الحديث وهذا شأن أكثر طلاب العلم فقد يكون فقيها لكن ليس من ذوي الخبرة والممارسة العالية التي تؤهله إلى تحقيق وتحرير مسائل دقيقة مثل هذه الروايات لا سيما إن صح سندا وضعفا متنا.
وإليكم تلك الروايات التي ذكرها الإمام الطبري:
يقول الإمام أبو جعفر الطبري -
: - :
القول في تأويل قوله تعالى :
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) 
قال أبو جعفر: ذكر أنَّ امرأة العزيز لما هَمَّت بيوسف وأرادت مُراودته ، جعلت تذكر له محاسنَ نفسه ، وتشوّقه إلى نفسها، كما:-
19013 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا عمرو بن محمد ، قال: حدثنا أسباط ، عن السدي:(ولقد همت به وهم بها) قال: قالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك!
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
قال: هو أوَّل ما ينتثر من جسدي . قالت: يا يوسف، ما أحسن وجهك ! قال: هو للتراب يأكله . فلم تزل حتى أطمعته ، فهمَّت به وهم بها، فدخلا البيت ، وغلَّقت الأبواب ، وذهب ليحلّ سراويله ، فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت، قد عضَّ على إصبعه، يقول:"يا يوسف لا تواقعها (1) فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات ووقع إلى الأرض لا يستطع أن يدفع عن نفسه. ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل عليه ، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النَّمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه"، فربط سراويله ، وذهب ليخرج يشتدُّ ، (2) فأدركته ، فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته، حتى أخرجته منه وسقط ، وطرحه يوسف واشتدَّ نحو الباب. (3)
19014 - حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال: أكبَّت عليه - يعني المرأة - تُطمعه مرة وتخيفه أخرى ، وتدعوه إلى لذّة من حاجة الرجال في جمالها وحسنها وملكها ، وهو شاب مستقبل يجد من شَبق الرجال ما يجد الرجل ; حتى رَقَّ لها مما يرى من كَلَفها به ، ولم يتخوَّف منها حتى همَّ بها وهمَّت به ، حتى خلوا في بعض بُيوته.
ومعنى"الهم بالشيء" ، في كلام العرب: حديث المرء نفسه بمواقعتِه ، ما لم يُواقِع
فأما ما كان من هم يوسف بالمرأة وهمها به ، فإن أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره ، وذلك ما:-
19015 - حدثنا أبو كريب وسفيان بن وكيع ، وسهل بن موسى الرازي ، قالوا: حدثنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حَلّ الهِمْيان ، وجلس منها مجلس الخاتن (2) = لفظ الحديث لأبي كريب. (3)
19016 - حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن عيينة ، قال: سمع عبيد الله بن أبي يزيد ابن عباس في(ولقد همت به وهم بها) قال: جلس منها مجلس الخاتن ، وحلّ الهميان.
19017 - حدثنا زياد بن عبد الله الحسَّاني ، وعمرو بن علي ، والحسن بن محمد ، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال: سمعت ابن عباس سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان ، وجلس منها مجلس الخاتن.
19018 - حدثني زياد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سألت ابن عباس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له ، وجلس بين رجليها.
19019 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا يحيى بن يمان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة:(ولقد همت به وهم بها) قال: استلقت له ، وحلّ ثيابه.
19020 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال: حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس:(ولقد همت به وهم بها) ،
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بين رجليها ، وحلّ ثيابه = أو ثيابها.
19021 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سألت ابن عباس ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت على قفاها ، وقعد بين رجليها لينزعَ ثيابه.
19022 - حدثنا أبو كريب ، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سئل ابن عباس ، عن قوله:(ولقد همت به وهم بها) ما بلغ من هم يوسف؟ قال: حل الهميان = يعني السَّراويل .
19023 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن إدريس ، قال: سمعت الأعمش ، عن مجاهد ، في قوله:(ولقد همت به وهم بها) قال: حلَّ السراويل حتى أَلْيَتيه (1) واستلقت له.
19024 - حدثنا زياد بن عبد الله الحساني ، قال: حدثنا مالك بن سعير ، قال: حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، في قوله:(ولقد همت به وهم بها) قال: حلّ سراويله ، حتى وقع على أَلْيَتيه. (2)
19025 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد:(ولقد همت به وهم بها) قال: جلس منها مجلس الرجل من امرأته.
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
19026 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، قال: حدثني القاسم بن أبي بزة:(ولقد همت به وهم بها) قال: أمّا همّها به ، فاستلقت له = وأما همُّه بها، فإنه قعد بين رجليها ونزع ثيابه.
19027 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال: حدثني حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة ، قال: قلت لابن عباس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له ، وجلس بين رجليها ينزع ثيابه.
19028 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا الحماني ، قال: حدثنا يحيى بن اليمان ، عن سفيان ، عن علي بن بذيمة ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، قالا حلّ السراويل ، وجلس منها مجلس الخاتن.
19029 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، عن شريك ، عن جابر ، عن مجاهد:(ولقد همت به وهم بها) قال: استلقت ، وحلّ ثيابه حتى بلغ ألياته. (1)
19030 - حدثني الحارث ، قال: حدثنا عبد العزيز ، قال: حدثنا قيس ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير:(ولقد همت به وهم بها) قال: أطلق تِكَّة سراويله.
19031 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، قال: شهدت ابن عباس سئل عن هم يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهِميان ، وجلس منها مجلس الخاتن. فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا، وهو لله نبيّ؟
قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك.
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
فقال بعضهم: كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة ، (1) فإنما ابتلاه الله بها، ليكون من الله
ّ على وَجَلٍ إذا ذكرها ، فيجد في طاعته إشفاقًا منها ، ولا يتّكل على سعة عفو الله ورحمته.
وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك، ليعرّفهم موضع نعمته عليهم ، بصفحه عنهم، وتركه عقوبتَه عليه في الآخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رَجاء رحمة الله ، وترك الإياس من عفوه عنهم إذا تابوا.
وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأوَّلوا القرآن بآرائهم ، فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة.
فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف ، وهمَّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمِّها به مما أرادته من المكروه ، لولا أنّ يوسف رأى برهان ربه ، وكفَّه ذلك عما همّ به من أذاها = لا أنها ارتدعت من قِبَل نفسها . قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله:(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) قالوا: فالسوء هُو ما كان همَّ به من أذاها ، وهو غير"الفحشاء".
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به، فتناهى الخبرُ عنها. ثم ابتدئ الخبر عن يوسف ، فقيل:"وهم بها يوسف لولا أن رأى برهان ربه" . كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلى أنَّ يوسف لم يهمّ بها ، وأن الله إنما أخبر أنَّ يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمَّ بها ، ولكنه رأى برهان ربه فلم يهمَّ بها ، كما قيل:( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا )، [النساء: 83].
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
قال أبو جعفر: ويفسد هذين القولين: أن العرب لا تقدم جواب"لولا" قبلها ، لا تقول:"لقد قمت لولا زيد" ، وهي تريد": لولا زيد لقد قمت" ، هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن، الذين عنهم يؤخذ تأويله.
وقال آخرون منهم: بل قد همَّت المرأة بيوسف، وهم يوسف بالمرأة ، غير أن همَّهما كان تميِيلا منهما بين الفعل والترك، (1) لا عزمًا ولا إرادة. قالوا: ولا حرج في حديث النفس، ولا في ذكر القلب، إذا لم يكن معهما عزْمٌ ولا فعلٌ.
نفع الله بالجميع وسدد خطاكم لكل خير وهدى .
من ذلك :
عندما قرأت على بعض المشايخ لاحظت أن منهم يلزم الوقف على (به ) من قوله تعالى

فقررت أن أبحث المسألة، هل الواو مستأنفة أم عاطفة
وهذا الأمر يحتاج إلى معرفة ما معنى الهم أولا؟!! فإن اختلف الهمان فهي مستأنفة، وعليه يكون الوقف على (به)، وإن كان العكس فهي معطوفة وعليه يكون الوصل أولى كبداية ..
بدأت بقراءة الروايات المأثورة عند الإمام الطبري، لكنني عند قراءتها كدت أن أقطع القراءة من تلك الروايات ، كلام يصعب أن يقرأ على أحد ، أو يدرس
لكنني تابعت القراءة ، فلم أجد ما يدل على تحقيق لتلك الروايات!! ، ثم قررت أن أقوم بالمشاركة مع أحد المتخصصين في علم الحديث لمعرفة حكم أسانيد تلك الروايات فاتضح أن أكثرها ضعيف أو موضوع. باستثناء موضع واحد صح سندا لكنه أثبت أنه ضعف متنا - من وجهة نظره - ، وقد رجعنا إلى العديد من المراجع حتى نصل إلى ذلك وجلسنا ساعات طوال في مسألة واحدة .
أكثر من عشرين رواية يذكرها الإمام الطبري في مسألة معينة ويظهر أن غالبها غير صحيح السند ؟!!!
وكانت النهاية هو التركيز على أقوال المفسرين وترك تلك الرويات حيث لا طاقة لنا بحصرها ومواصلة التحقيق فيها، وكانت النهاية أن تكون بهذا الشكل :
http://vb.tafsir.net/tafsir36031/
أمل من الأخوة الكرام الفضلاء توضيح
أولا : مالسبيل للحكم على تلك الروايات التي ذكرها الإمام الطبري وغيره من علماء التفسير من حيث صحة السند والمتن .
ثانيا : هل خرج كتاب اعتنى بتحقيق جمع روايات الطبري وغيره من كتب التفسير بالمأثور مبينا صحتها من ضعفها من مثل هذه الروايات؟!
ثالثا: كيف يمكن للباحث أن يميز بن ما صح سنده وضعف متنه وما هي أبرز المراجع التي تخدم في ذلك ؟!
وأنا لا أقصد تلك المسألة بعينها حتى نقف عندها إنما أقصد طريقا يعين الباحثين لا سيما ممن ليس لهم نصيب قوي في علم الحديث وهذا شأن أكثر طلاب العلم فقد يكون فقيها لكن ليس من ذوي الخبرة والممارسة العالية التي تؤهله إلى تحقيق وتحرير مسائل دقيقة مثل هذه الروايات لا سيما إن صح سندا وضعفا متنا.
وإليكم تلك الروايات التي ذكرها الإمام الطبري:
يقول الإمام أبو جعفر الطبري -

القول في تأويل قوله تعالى :


قال أبو جعفر: ذكر أنَّ امرأة العزيز لما هَمَّت بيوسف وأرادت مُراودته ، جعلت تذكر له محاسنَ نفسه ، وتشوّقه إلى نفسها، كما:-
19013 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا عمرو بن محمد ، قال: حدثنا أسباط ، عن السدي:(ولقد همت به وهم بها) قال: قالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك!
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
قال: هو أوَّل ما ينتثر من جسدي . قالت: يا يوسف، ما أحسن وجهك ! قال: هو للتراب يأكله . فلم تزل حتى أطمعته ، فهمَّت به وهم بها، فدخلا البيت ، وغلَّقت الأبواب ، وذهب ليحلّ سراويله ، فإذا هو بصورة يعقوب قائمًا في البيت، قد عضَّ على إصبعه، يقول:"يا يوسف لا تواقعها (1) فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات ووقع إلى الأرض لا يستطع أن يدفع عن نفسه. ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل عليه ، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النَّمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه"، فربط سراويله ، وذهب ليخرج يشتدُّ ، (2) فأدركته ، فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته، حتى أخرجته منه وسقط ، وطرحه يوسف واشتدَّ نحو الباب. (3)
19014 - حدثنا ابن حميد ، قال: حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال: أكبَّت عليه - يعني المرأة - تُطمعه مرة وتخيفه أخرى ، وتدعوه إلى لذّة من حاجة الرجال في جمالها وحسنها وملكها ، وهو شاب مستقبل يجد من شَبق الرجال ما يجد الرجل ; حتى رَقَّ لها مما يرى من كَلَفها به ، ولم يتخوَّف منها حتى همَّ بها وهمَّت به ، حتى خلوا في بعض بُيوته.
ومعنى"الهم بالشيء" ، في كلام العرب: حديث المرء نفسه بمواقعتِه ، ما لم يُواقِع
فأما ما كان من هم يوسف بالمرأة وهمها به ، فإن أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره ، وذلك ما:-
19015 - حدثنا أبو كريب وسفيان بن وكيع ، وسهل بن موسى الرازي ، قالوا: حدثنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حَلّ الهِمْيان ، وجلس منها مجلس الخاتن (2) = لفظ الحديث لأبي كريب. (3)
19016 - حدثنا أبو كريب ، وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن عيينة ، قال: سمع عبيد الله بن أبي يزيد ابن عباس في(ولقد همت به وهم بها) قال: جلس منها مجلس الخاتن ، وحلّ الهميان.
19017 - حدثنا زياد بن عبد الله الحسَّاني ، وعمرو بن علي ، والحسن بن محمد ، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال: سمعت ابن عباس سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان ، وجلس منها مجلس الخاتن.
19018 - حدثني زياد بن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سألت ابن عباس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له ، وجلس بين رجليها.
19019 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا يحيى بن يمان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة:(ولقد همت به وهم بها) قال: استلقت له ، وحلّ ثيابه.
19020 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة ، قال: حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس:(ولقد همت به وهم بها) ،
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بين رجليها ، وحلّ ثيابه = أو ثيابها.
19021 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا إسحاق ، قال: حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سألت ابن عباس ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت على قفاها ، وقعد بين رجليها لينزعَ ثيابه.
19022 - حدثنا أبو كريب ، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا أبي ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال: سئل ابن عباس ، عن قوله:(ولقد همت به وهم بها) ما بلغ من هم يوسف؟ قال: حل الهميان = يعني السَّراويل .
19023 - حدثنا أبو كريب وابن وكيع ، قالا حدثنا ابن إدريس ، قال: سمعت الأعمش ، عن مجاهد ، في قوله:(ولقد همت به وهم بها) قال: حلَّ السراويل حتى أَلْيَتيه (1) واستلقت له.
19024 - حدثنا زياد بن عبد الله الحساني ، قال: حدثنا مالك بن سعير ، قال: حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، في قوله:(ولقد همت به وهم بها) قال: حلّ سراويله ، حتى وقع على أَلْيَتيه. (2)
19025 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد:(ولقد همت به وهم بها) قال: جلس منها مجلس الرجل من امرأته.
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
19026 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا أبو حذيفة ، قال: حدثنا شبل ، قال: حدثني القاسم بن أبي بزة:(ولقد همت به وهم بها) قال: أمّا همّها به ، فاستلقت له = وأما همُّه بها، فإنه قعد بين رجليها ونزع ثيابه.
19027 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال: حدثني حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة ، قال: قلت لابن عباس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له ، وجلس بين رجليها ينزع ثيابه.
19028 - حدثني المثنى ، قال: حدثنا الحماني ، قال: حدثنا يحيى بن اليمان ، عن سفيان ، عن علي بن بذيمة ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، قالا حلّ السراويل ، وجلس منها مجلس الخاتن.
19029 - حدثنا ابن وكيع ، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي ، عن شريك ، عن جابر ، عن مجاهد:(ولقد همت به وهم بها) قال: استلقت ، وحلّ ثيابه حتى بلغ ألياته. (1)
19030 - حدثني الحارث ، قال: حدثنا عبد العزيز ، قال: حدثنا قيس ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير:(ولقد همت به وهم بها) قال: أطلق تِكَّة سراويله.
19031 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا ابن عيينة ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، قال: شهدت ابن عباس سئل عن هم يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهِميان ، وجلس منها مجلس الخاتن. فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا، وهو لله نبيّ؟
قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك.
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
فقال بعضهم: كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة ، (1) فإنما ابتلاه الله بها، ليكون من الله

وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك، ليعرّفهم موضع نعمته عليهم ، بصفحه عنهم، وتركه عقوبتَه عليه في الآخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رَجاء رحمة الله ، وترك الإياس من عفوه عنهم إذا تابوا.
وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأوَّلوا القرآن بآرائهم ، فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة.
فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف ، وهمَّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمِّها به مما أرادته من المكروه ، لولا أنّ يوسف رأى برهان ربه ، وكفَّه ذلك عما همّ به من أذاها = لا أنها ارتدعت من قِبَل نفسها . قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله:(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) قالوا: فالسوء هُو ما كان همَّ به من أذاها ، وهو غير"الفحشاء".
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به، فتناهى الخبرُ عنها. ثم ابتدئ الخبر عن يوسف ، فقيل:"وهم بها يوسف لولا أن رأى برهان ربه" . كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلى أنَّ يوسف لم يهمّ بها ، وأن الله إنما أخبر أنَّ يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمَّ بها ، ولكنه رأى برهان ربه فلم يهمَّ بها ، كما قيل:( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا )، [النساء: 83].
وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
قال أبو جعفر: ويفسد هذين القولين: أن العرب لا تقدم جواب"لولا" قبلها ، لا تقول:"لقد قمت لولا زيد" ، وهي تريد": لولا زيد لقد قمت" ، هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن، الذين عنهم يؤخذ تأويله.
وقال آخرون منهم: بل قد همَّت المرأة بيوسف، وهم يوسف بالمرأة ، غير أن همَّهما كان تميِيلا منهما بين الفعل والترك، (1) لا عزمًا ولا إرادة. قالوا: ولا حرج في حديث النفس، ولا في ذكر القلب، إذا لم يكن معهما عزْمٌ ولا فعلٌ.
نفع الله بالجميع وسدد خطاكم لكل خير وهدى .
تعليق