بسم الله الرحمن الرحيم
طلب مني بعض إخواني في قسم القراءات المشاركة في هذا الملتقى المبارك لأستفيد من المشايخ الفضلاء, كأخي/ محمد أيت عمران, وأخي/ مدثر الأمين, وقد طلب مني أيضا أخي الدكتور/ محمد بن عمر الجنايني أن أعرف برسالتي في الملتقى, فأحببت أن أجيبه على ما طلبه مني رغم أني استحقر نفسي أن أكتب ذلك بين مشايخ هذا الملتقى العلمي.
فأقول: أحمد الله أولا وآخرا على إتمام هذا البحث, وأشكر بعد الله مشرفي الشيخ الفاضل/ عبدالرحيم بن عبدالله عمر الشنقيطي الذي لم يتوان ولم يدخر جهدا في توجيهي من بداية اختياري للموضوع إلى إتمامه.
ولما كان المطلوب مني أن أعرف برسالتي رأيت أن أنقل المبحث الذي تحدثت فيه عن "منهج الناظم في منظومته" وهذا يعطي تصورا عن منظومة الجعبري ثم أتبعه بمنهجي في شرحها.
المبحث الرابع
منهج الناظم في منظومته
تتألف المنظومة من مائتين واثني عشر بيتاً, وهي قصيدة نونية من البحر الكامل, ووزن هذا البحر:
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ
وهي اختصار لمنظومته الكبرى في التجويد المعروفة بـــ"عقود الجمان", قال الإمام الجعبري في حدود الإتقان:
وَالْزَمْ حُدُوداً قَدْ حَوَتْ فِي سِمْطِهَا غُـرَرَ الْعُقُـودِ بِنَظْمِهَـا الْفَتَّـان
وكان منهج الناظم فيها أنه قسمها إلى أربعة أقسام:
أولاً: مقدمة: ذكر الناظم فيها (14) بيتاً, تناول فيها الثناء على الله
, وذكر بعض أسمائه الحسنى وصفاته العليا, مع كلامه على أهمية التجويد, وأركانه, ومراتب القراءة, وصفة من يقرأ عليه القرآن.
وذكر الناظم فيها أن هذه المنظومة حوت أحسن ما ورد في منظومته (عقود الجمان), فهي خلاصتها, وأهم ما جاء فيها, ولذلك نجد أن كثيراً من أبيات المنظومة موجودة بنصها في (عقود الجمان) دون تغيير أي حرف منها, ومن هذه الأبيات: البيت رقم (2), وكذلك من البيت رقم: (17) إلى البيت رقم: (20), ومن البيت رقم: (22) إلى البيت رقم: (27), وغير ذلك من الأبيات التي توجد بنصِّها في المنظومتين.
ثانياً: الأصول: ذكر الناظم فيها (75) بيتاً, وقسمها إلى بابين:
الباب الأول: مخارج الحروف: ذكر الناظم فيه سبعة عشر مخرجاً للحروف الأصلية, ثم أتبعها بذكر الحروف الفرعية.
الباب الثاني: صفات الحروف: ذكر الناظم فيه اثنتين وعشرين صفة, ومنهج الناظم فيها: أنه يذكر الصفة دون أن يذكر ضدها؛ معتمداً على الشهرة, وكذلك لم يعرِّف الصفة اصطلاحاً؛ بل يذكر حروفها فقط.
وبعد أن ذكر الناظم المخارج والصفات أتبعهما بذكر مسائل وأحكام أخرى لم يعنون لها؛ وإن كان بعضها داخل في الصفات, وهي كالآتي:
1- مخرج الحركة, وعلاقتها بالحرف, وكذلك ذكر ما يعرض لها من اختلاس وروم, والسكون وما يعرض له إن التقى بسكون آخر.
2- الإدغام: أقسامه وأسبابه وشروطه وموانعه.
3- أحكام النون الساكنة والتنوين.
4- أحكام الميم الساكنة.
5- أحكام المد وأقسامه.
6- أحكام الإمالة والتقليل والفتح.
7- أحكام التفخيم والترقيق.
8- أقسام الماءات و(لا).
9- أحكام همزة الوصل والقطع.
10- أحكام الوقف والابتداء: سواء الكلام على كيفية الوقف والابتداء؛ أم معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به.
11- خصائص الرسم العثماني.
ومن هذه العناوين يتضح لنا أن الناظم قد ذكر مسائل التجويد التي يحتاجها القارئ.
ثالثاً: الفروع: ذكر الناظم فيه (110) بيتاً, وطريقة الناظم فيها: أنه يذكر كل حرف على حده؛ مع بيان الأمور التي تحقق مخرجه وصفاته؛ وذكر التحذيرات المتعلقة بكل حرف؛ ليجتنبها القارئ, خاصةً إذا اجتمع مع حرف آخر, وكذلك ذكر ما يعرض له من إبدال أو إدغام أو حذف أو تسهيل وغير ذلك.
رابعاً: الخاتمة: ذكر الناظم فيها (13) بيتاً, تناول فيها أهم القواعد الجامعة لما ذكره في قسم الفروع؛ ثم حث على دراسة المنظومة والتأمل في ألفاظها, ثم ختم بالحمدلة والصلاة على النبي
وعلى أصحابه وأتباعه.
والملامح العامة لمنهج الإمام الجعبري في المنظومة جعلتها في النقاط الآتية:
1- الاختصار الواضح في ذكره للمسائل, فيذكر المسألة أو الحكم بعبارات موجزة, وحصل بسبب ذلك غموض في بعض المسائل؛ والسبب أن الناظم أراد أن يختصر منظومة (عقود الجمان) التي تقع في (825) بيتاً في (212) بيتاً التي هي عدد أبيات هذه المنظومة؛ فكان لزاماً عليه أن يستخدم أسلوب الاختصار والإيجاز.
وهذا الاختصار كان سبباً في وجود مشقة قابلتني أثناء شرحي للمنظومة, ويزيد على هذا الأمر أن الإمام الجعبري في عباراته نوع من الغموض, فكان هذا سبب في أن من تصدى لشرح كلامه قد أعياه فهم مراده في بعض المواضع.
ومن الأمثلة على ما حصل فيه غموض بسبب الاختصار: قوله في الفرق بين حروف المد والصوت:
...............وَحُرُوفُ مَدٍّ جَوَّةٌ لَكِنَّهَا وَالصَّوْتَ مُخْتَلِفَانِ
فقوله: (لَكِنَّهَا وَالصَّوْتَ مُخْتَلِفَانِ): جملة استدراكية لا يبتدأ بها؛ فدلَّ على أن هناك جملة محذوفة, وهذا هو الغموض الأول, وأما الثاني, فهو: أنه لم يذكر وجه الاختلاف الواقع بينهما.
وقد وفقني الله إلى حل كثير من هذه الإشكالات بالرجوع إلى كتب الإمام الجعبري المطبوعة والمخطوطة.
2- الرد على النحاة في طعنهم في القراءات, ومن ذلك أنه رد على من أنكر إدغام الراء في اللام.
وقد لا يسعف الناظم الرد على النحويين في كل مسألة؛ بل يكتفي بالإشارة إلى قولهم, ومن ذلك أنه أشار إلى قول البصريين في منعهم إدغام الحرف القوي في الضعيف, ولم يرد عليهم في ذلك, لكن رد عليهم في كنز المعاني.
3- أَكْثَرَ من ذكر القراءات المتواترة المتعلقة بعلم التجويد, وهي على قسمين:
القسم الأول: أصول القراءات, وهي كالآتي:
• اختلاف القراء في أحكام النون الساكنة والتنوين.
• اختلاف القراء في مراتب المد.
• اختلاف القراء في الترقيق والتفخيم.
• اختلاف القراء في الإدغام والإظهار, ويعتبر أكثر الاختلافات المذكورة من القراءات.
القسم الثاني: فرش القراءات, وهي كالآتي:
• الكلمات التي تقرأ بالتشديد والتخفيف, وذلك ليفرِّق القارئ بينهما, فما شُدِّدَ؛ فيعتني بتشديده؛ لئلا يخلط بينه وبين القراءة بالتخفيف.
• الكلمات التي تقرأ بالسين والصاد والإشمام, وذلك ليفرِّق القارئ بينهم؛ لئلا يخلط إحداهن بالأخرى.
والغالب أنه لا ينسب القراءة إلى صاحبها إلا في مواضع قليلة.
وما ذكرته يبين أن علم التجويد لا يبحث فقط فيما اتفق فيه؛ بل في بعضه مباحث تتعلق باختلاف القراء, ولذلك ذكر بعض العلماء أن القارئ لا يتقن التجويد إلا بمعرفة القراءات.
4- ذَكَر بعض القراءات الشاذة, المتعلقة أيضاً بالتفخيم والترقيق؛ لكنه لا ينص على أنها شاذة, وينسبها إلى قارئها.
5- استخدم بعض المصطلحات التي لم يستعملها العلماء قبله-حسب علمي-, أو هي قليلة الاستعمال عندهم, وهذه المصطلحات هي:
• الِإثْخَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن التفخيم, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• الِإعْلَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإظهار, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• الْكِتْمَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإدغام, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• اللَّيُّ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإمالة, و ذكر الإمام الجعبري أن العلماء يستعملونه؛ إلا أنه غير مشهور.
• السِّرَايَةُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن ذهاب الصفة.
6- ذَكَرَ كثيراً من المسائل الخلافية في المسائل التجويدية؛ كالخلاف في مخرج (اللام, والنون, والراء)( ), والخلاف في حروف التفشي.
وقد يرجِّح الناظم بين القولين المختلفين, كما رجَّح القول بأن عدد حروف الهجاء (29) حرفاً, وردَّ على المبرِّد القائل بأنها (28) حرفاً.
وقد لا يرجِّح بين القولين؛ كذكره الخلاف في حروف العلة, والخلاف في إدغام الحرف القوي في الحرف الضعيف, وغير ذلك, ولم يرجح بين الأقوال في هذه المسائل.
والناظم قد يستخدم عبارات تشير إلى الخلاف في المسألة دون التعرض لذكره, ومن ذلك قوله: (وذاك عن إيقان), عند الكلام على الحروف المهتوتة, وكذلك قوله: (لدى الإعلان) عند الكلام على حكم الميم الساكنة إن التقت مع الفاء أو الواو.
7- لم يعرِّف المصطلحات التجويدية والصوتية في النظم, وسبب ذلك هو الاختصار الذي اتبعه في منظومته, فكثير من المصطلحات عرَّفها في (عقود الجمان), ولم يعرفها هنا, كتعريف: (الهمس, والشدة, والإطباق), وغير ذلك.
8- أكثر من ذكر التعليلات لبعض الأحكام, ومن ذلك تعليله إدغام لام التعريف في الشين بقوله: (لانْتِشَارٍ دَانِ), وكذلك تعليله إدغام الفاء في الباء بقوله: (إِذْ هُمَا كُفْآنِ).
9- أكثر من ذكر الأمثلة؛ خاصة في القسم الثاني من المنظومة, وهو قسم الفروع؛ إلا أنه أحياناً لا يستوعب جميع الأمثلة, ومن ذلك:
أنه لما أمر بحفظ لفظ (العين) وبيانها؛ لئلا تختلط بالحاء, وذلك عند حروف الهمس المعروفة؛ ذكر أمثلةً لحروف الهمس مع العين, وهي قوله:
صُنْهُ عَنِ الْحَا عِنْدَ هَمْسٍ فَاعْفُ مِعْـ ـشَاراً وَيَعْصِ الْبَعْثِ يَخْتَلِطَانِ
ولم يذكر أمثلة (للسين, والكاف, والتاء).
10- قد يستغني باللفظ عن القيد, ومثال ذلك: أنه لما ذكر الإدغام في: چﯜچ( ), لم يذكر شروط الإدغام بل اكتفى بالإشارة إلى أنها مدغمة.
11- استخدم الضرائر الشعرية في المنظومة؛ كقطع همزة الوصل, ووصل همزة القطع, وإسكان المتحرك في الوصل, وغير ذلك.
طلب مني بعض إخواني في قسم القراءات المشاركة في هذا الملتقى المبارك لأستفيد من المشايخ الفضلاء, كأخي/ محمد أيت عمران, وأخي/ مدثر الأمين, وقد طلب مني أيضا أخي الدكتور/ محمد بن عمر الجنايني أن أعرف برسالتي في الملتقى, فأحببت أن أجيبه على ما طلبه مني رغم أني استحقر نفسي أن أكتب ذلك بين مشايخ هذا الملتقى العلمي.
فأقول: أحمد الله أولا وآخرا على إتمام هذا البحث, وأشكر بعد الله مشرفي الشيخ الفاضل/ عبدالرحيم بن عبدالله عمر الشنقيطي الذي لم يتوان ولم يدخر جهدا في توجيهي من بداية اختياري للموضوع إلى إتمامه.
ولما كان المطلوب مني أن أعرف برسالتي رأيت أن أنقل المبحث الذي تحدثت فيه عن "منهج الناظم في منظومته" وهذا يعطي تصورا عن منظومة الجعبري ثم أتبعه بمنهجي في شرحها.
المبحث الرابع
منهج الناظم في منظومته
تتألف المنظومة من مائتين واثني عشر بيتاً, وهي قصيدة نونية من البحر الكامل, ووزن هذا البحر:
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ
وهي اختصار لمنظومته الكبرى في التجويد المعروفة بـــ"عقود الجمان", قال الإمام الجعبري في حدود الإتقان:
وَالْزَمْ حُدُوداً قَدْ حَوَتْ فِي سِمْطِهَا غُـرَرَ الْعُقُـودِ بِنَظْمِهَـا الْفَتَّـان
وكان منهج الناظم فيها أنه قسمها إلى أربعة أقسام:
أولاً: مقدمة: ذكر الناظم فيها (14) بيتاً, تناول فيها الثناء على الله

وذكر الناظم فيها أن هذه المنظومة حوت أحسن ما ورد في منظومته (عقود الجمان), فهي خلاصتها, وأهم ما جاء فيها, ولذلك نجد أن كثيراً من أبيات المنظومة موجودة بنصها في (عقود الجمان) دون تغيير أي حرف منها, ومن هذه الأبيات: البيت رقم (2), وكذلك من البيت رقم: (17) إلى البيت رقم: (20), ومن البيت رقم: (22) إلى البيت رقم: (27), وغير ذلك من الأبيات التي توجد بنصِّها في المنظومتين.
ثانياً: الأصول: ذكر الناظم فيها (75) بيتاً, وقسمها إلى بابين:
الباب الأول: مخارج الحروف: ذكر الناظم فيه سبعة عشر مخرجاً للحروف الأصلية, ثم أتبعها بذكر الحروف الفرعية.
الباب الثاني: صفات الحروف: ذكر الناظم فيه اثنتين وعشرين صفة, ومنهج الناظم فيها: أنه يذكر الصفة دون أن يذكر ضدها؛ معتمداً على الشهرة, وكذلك لم يعرِّف الصفة اصطلاحاً؛ بل يذكر حروفها فقط.
وبعد أن ذكر الناظم المخارج والصفات أتبعهما بذكر مسائل وأحكام أخرى لم يعنون لها؛ وإن كان بعضها داخل في الصفات, وهي كالآتي:
1- مخرج الحركة, وعلاقتها بالحرف, وكذلك ذكر ما يعرض لها من اختلاس وروم, والسكون وما يعرض له إن التقى بسكون آخر.
2- الإدغام: أقسامه وأسبابه وشروطه وموانعه.
3- أحكام النون الساكنة والتنوين.
4- أحكام الميم الساكنة.
5- أحكام المد وأقسامه.
6- أحكام الإمالة والتقليل والفتح.
7- أحكام التفخيم والترقيق.
8- أقسام الماءات و(لا).
9- أحكام همزة الوصل والقطع.
10- أحكام الوقف والابتداء: سواء الكلام على كيفية الوقف والابتداء؛ أم معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به.
11- خصائص الرسم العثماني.
ومن هذه العناوين يتضح لنا أن الناظم قد ذكر مسائل التجويد التي يحتاجها القارئ.
ثالثاً: الفروع: ذكر الناظم فيه (110) بيتاً, وطريقة الناظم فيها: أنه يذكر كل حرف على حده؛ مع بيان الأمور التي تحقق مخرجه وصفاته؛ وذكر التحذيرات المتعلقة بكل حرف؛ ليجتنبها القارئ, خاصةً إذا اجتمع مع حرف آخر, وكذلك ذكر ما يعرض له من إبدال أو إدغام أو حذف أو تسهيل وغير ذلك.
رابعاً: الخاتمة: ذكر الناظم فيها (13) بيتاً, تناول فيها أهم القواعد الجامعة لما ذكره في قسم الفروع؛ ثم حث على دراسة المنظومة والتأمل في ألفاظها, ثم ختم بالحمدلة والصلاة على النبي

والملامح العامة لمنهج الإمام الجعبري في المنظومة جعلتها في النقاط الآتية:
1- الاختصار الواضح في ذكره للمسائل, فيذكر المسألة أو الحكم بعبارات موجزة, وحصل بسبب ذلك غموض في بعض المسائل؛ والسبب أن الناظم أراد أن يختصر منظومة (عقود الجمان) التي تقع في (825) بيتاً في (212) بيتاً التي هي عدد أبيات هذه المنظومة؛ فكان لزاماً عليه أن يستخدم أسلوب الاختصار والإيجاز.
وهذا الاختصار كان سبباً في وجود مشقة قابلتني أثناء شرحي للمنظومة, ويزيد على هذا الأمر أن الإمام الجعبري في عباراته نوع من الغموض, فكان هذا سبب في أن من تصدى لشرح كلامه قد أعياه فهم مراده في بعض المواضع.
ومن الأمثلة على ما حصل فيه غموض بسبب الاختصار: قوله في الفرق بين حروف المد والصوت:
...............وَحُرُوفُ مَدٍّ جَوَّةٌ لَكِنَّهَا وَالصَّوْتَ مُخْتَلِفَانِ
فقوله: (لَكِنَّهَا وَالصَّوْتَ مُخْتَلِفَانِ): جملة استدراكية لا يبتدأ بها؛ فدلَّ على أن هناك جملة محذوفة, وهذا هو الغموض الأول, وأما الثاني, فهو: أنه لم يذكر وجه الاختلاف الواقع بينهما.
وقد وفقني الله إلى حل كثير من هذه الإشكالات بالرجوع إلى كتب الإمام الجعبري المطبوعة والمخطوطة.
2- الرد على النحاة في طعنهم في القراءات, ومن ذلك أنه رد على من أنكر إدغام الراء في اللام.
وقد لا يسعف الناظم الرد على النحويين في كل مسألة؛ بل يكتفي بالإشارة إلى قولهم, ومن ذلك أنه أشار إلى قول البصريين في منعهم إدغام الحرف القوي في الضعيف, ولم يرد عليهم في ذلك, لكن رد عليهم في كنز المعاني.
3- أَكْثَرَ من ذكر القراءات المتواترة المتعلقة بعلم التجويد, وهي على قسمين:
القسم الأول: أصول القراءات, وهي كالآتي:
• اختلاف القراء في أحكام النون الساكنة والتنوين.
• اختلاف القراء في مراتب المد.
• اختلاف القراء في الترقيق والتفخيم.
• اختلاف القراء في الإدغام والإظهار, ويعتبر أكثر الاختلافات المذكورة من القراءات.
القسم الثاني: فرش القراءات, وهي كالآتي:
• الكلمات التي تقرأ بالتشديد والتخفيف, وذلك ليفرِّق القارئ بينهما, فما شُدِّدَ؛ فيعتني بتشديده؛ لئلا يخلط بينه وبين القراءة بالتخفيف.
• الكلمات التي تقرأ بالسين والصاد والإشمام, وذلك ليفرِّق القارئ بينهم؛ لئلا يخلط إحداهن بالأخرى.
والغالب أنه لا ينسب القراءة إلى صاحبها إلا في مواضع قليلة.
وما ذكرته يبين أن علم التجويد لا يبحث فقط فيما اتفق فيه؛ بل في بعضه مباحث تتعلق باختلاف القراء, ولذلك ذكر بعض العلماء أن القارئ لا يتقن التجويد إلا بمعرفة القراءات.
4- ذَكَر بعض القراءات الشاذة, المتعلقة أيضاً بالتفخيم والترقيق؛ لكنه لا ينص على أنها شاذة, وينسبها إلى قارئها.
5- استخدم بعض المصطلحات التي لم يستعملها العلماء قبله-حسب علمي-, أو هي قليلة الاستعمال عندهم, وهذه المصطلحات هي:
• الِإثْخَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن التفخيم, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• الِإعْلَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإظهار, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• الْكِتْمَانُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإدغام, ولم أجد من استخدمه من العلماء غير الإمام الجعبري.
• اللَّيُّ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن الإمالة, و ذكر الإمام الجعبري أن العلماء يستعملونه؛ إلا أنه غير مشهور.
• السِّرَايَةُ: هذا المصطلح استخدمه الناظم للتعبير عن ذهاب الصفة.
6- ذَكَرَ كثيراً من المسائل الخلافية في المسائل التجويدية؛ كالخلاف في مخرج (اللام, والنون, والراء)( ), والخلاف في حروف التفشي.
وقد يرجِّح الناظم بين القولين المختلفين, كما رجَّح القول بأن عدد حروف الهجاء (29) حرفاً, وردَّ على المبرِّد القائل بأنها (28) حرفاً.
وقد لا يرجِّح بين القولين؛ كذكره الخلاف في حروف العلة, والخلاف في إدغام الحرف القوي في الحرف الضعيف, وغير ذلك, ولم يرجح بين الأقوال في هذه المسائل.
والناظم قد يستخدم عبارات تشير إلى الخلاف في المسألة دون التعرض لذكره, ومن ذلك قوله: (وذاك عن إيقان), عند الكلام على الحروف المهتوتة, وكذلك قوله: (لدى الإعلان) عند الكلام على حكم الميم الساكنة إن التقت مع الفاء أو الواو.
7- لم يعرِّف المصطلحات التجويدية والصوتية في النظم, وسبب ذلك هو الاختصار الذي اتبعه في منظومته, فكثير من المصطلحات عرَّفها في (عقود الجمان), ولم يعرفها هنا, كتعريف: (الهمس, والشدة, والإطباق), وغير ذلك.
8- أكثر من ذكر التعليلات لبعض الأحكام, ومن ذلك تعليله إدغام لام التعريف في الشين بقوله: (لانْتِشَارٍ دَانِ), وكذلك تعليله إدغام الفاء في الباء بقوله: (إِذْ هُمَا كُفْآنِ).
9- أكثر من ذكر الأمثلة؛ خاصة في القسم الثاني من المنظومة, وهو قسم الفروع؛ إلا أنه أحياناً لا يستوعب جميع الأمثلة, ومن ذلك:
أنه لما أمر بحفظ لفظ (العين) وبيانها؛ لئلا تختلط بالحاء, وذلك عند حروف الهمس المعروفة؛ ذكر أمثلةً لحروف الهمس مع العين, وهي قوله:
صُنْهُ عَنِ الْحَا عِنْدَ هَمْسٍ فَاعْفُ مِعْـ ـشَاراً وَيَعْصِ الْبَعْثِ يَخْتَلِطَانِ
ولم يذكر أمثلة (للسين, والكاف, والتاء).
10- قد يستغني باللفظ عن القيد, ومثال ذلك: أنه لما ذكر الإدغام في: چﯜچ( ), لم يذكر شروط الإدغام بل اكتفى بالإشارة إلى أنها مدغمة.
11- استخدم الضرائر الشعرية في المنظومة؛ كقطع همزة الوصل, ووصل همزة القطع, وإسكان المتحرك في الوصل, وغير ذلك.
تعليق