هل حِفظ السنة النبوية مَنْصوص عليه في الكتاب العزيز كما القرآن الكريم ؟ أم أنه مُستنبطٌ ؟
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
php
تقليص
X
-
لا أحفظ في حفظ السنة نصاً كما في حفظ القرآن بقوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
ولكن الأدلة التي تدل على حفظ السنة بلازمها كثيرة، أولها هذه الآية نفسها، فحفظ الذكر لا يكون بحفظ ألفاظه فحسب، وإنما بحفظ ألفاظه وحفظ ما يبينها ويشرحها وهي السنة.
وكذلك قوله تعالى : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) يستلزم حفظ أوامره ونواهيه عليه الصلاة والسلام من أجل الامتثال لها، وهي السنة النبوية.
وقوله تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) ، فإن لازم ذلك حفظ سنته ليتسنى لمن بعده الامتثال لأمر الله في هذه الآية.
ولو تتبعها باحث لخرج بعشرات الأدلة على حفظ السنة من خلال آيات القرآن الكريم.
-
يعطيك العافية شيخنا الفاضل على هذه التجلية الدقيقة والإمعان في النظر، ذلك لأن هذه المسألة على أهميتها وبالغ خطرها قد تخفى على الكثير منا؛ نعم يُستدل على حفظ السنة بحفظ القرآن على جهة اللُزوم، فمن لازم حفظ كلام الله الـمَتْلو حفظ كلامه غير المتلو، أي: السنة.
وهنا سؤال شيخنا: هل يمكن القول بأن السنة هي كلام الله تعالى من حيث المعنى دون اللفظ ؟ بقطع النظر عن الأحاديث القدسية فهي من كلامه تعالى لفظا ومعنى.
مع وافر الشكر
تعليق
-
أخي الكريم امحمد السنة هي من عند الله تعالى معنى وليس لفظا، فهي الوحي الثاني بعد القرآن الكريم، لكنه غير متلو ولا متعبد بتلاوته كالقرآن الكريم.
قال رسول الله: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" . يعني: السنة.
وقال بعض السلف لعله ابن عطية فيما أذكر: كان جبريلينزل على رسول الله
بالقرآن وبالسنة تفسر ذلك.".
ولعل من الشواهد على أن السنة من عند الله معنى لا لفظا اختلاف روايات الحديث الواحد وتعدد مخارجه وتنوع ألفاظه، حتى كان بعض السلف بل منهم بعض الصحابة كأنسيقول بعد ذكره للحديث:"أو كما قال رسول الله
".
فيجوز على الصحيح رواية الحديث بالمعنى، وهذا يحرم في القرآن الكريم لأنه كلام الله جل في علاه لفظا ومعنى.
والله تعالى أعلم وأحكم.
تعليق
-
يؤيد هذا الفهم (وهو أن السنة وحي كالقرآن) بل وأشد من ذلك أن قول النبيفي السنة، كأنه قول لله، حديث عبدالله بن مسعود
وحواره مع المرأة التي سمعت بلعنه للنامصة والمتنمصة، فذهبت إليه تستفسر منه عن مستنده في ذلك، والحديث له روايات كثيرة في البخاري ومسلم وغيرهما .
لَعَنَ عبدُ اللَّهِ، الواشِماتِ والمُتَنَمِّصاتِ، والمُتَفَلِّجاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللَّهِ.
قالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: ما هذا؟
قالَ عبدُ اللَّهِ: وما لي لا ألْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ، وفي كِتابِ اللَّهِ؟
قالَتْ: واللَّهِ لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَما وجَدْتُهُ،
قالَ: واللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وجَدْتِيهِ: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عنْه فانْتَهُوا
) [الحشر: 7]
تعليق
-
المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن الشهري مشاهدة المشاركةلا أحفظ في حفظ السنة نصاً كما في حفظ القرآن بقوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
ولكن الأدلة التي تدل على حفظ السنة بلازمها كثيرة، أولها هذه الآية نفسها، فحفظ الذكر لا يكون بحفظ ألفاظه فحسب، وإنما بحفظ ألفاظه وحفظ ما يبينها ويشرحها وهي السنة.
وكذلك قوله تعالى : (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) يستلزم حفظ أوامره ونواهيه عليه الصلاة والسلام من أجل الامتثال لها، وهي السنة النبوية.
وقوله تعالى : (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) ، فإن لازم ذلك حفظ سنته ليتسنى لمن بعده الامتثال لأمر الله في هذه الآية.
ولو تتبعها باحث لخرج بعشرات الأدلة على حفظ السنة من خلال آيات القرآن الكريم.
ولو أن من نشط إلى هذا البحث راعى أوجه الاتفاق بين القرآن والسنة لكان حسنا
فمن أوجه الاتفاق:
1-أن كلاهما وحي ويدل على ذلك قوله تعالى: ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )
والفرق في هذا الوجه أن القرآن بلفظه ومعناه متعبد بتلاوته وقع به التحدي والسنة ليست كذلك.
2- أن كلاهما أداه النبي ويدل على ذلك قوله تعالى : (ويعلمهم الكتاب والحكمة)
والفرق في هذا الوجه في كيفية الأداء لكل منهما.
3- أن كل منهما محفوظ وحفظه النبي
والفرق هنا في كيفية الحفظ
وقدتعرضت في أطروحتي للدكتوراه لطرف من ذلك فقلت: (وكما كان النبي e يأتي بهذا الأحوال حتى يعلمهم ألفاظ القرآن ومعانيه، وحتى يجمع القرآن في الصدور، كان e يأتي بأحوال تعين على جمع القرآن في السطور؛ فأمر e بكتابة القرآن، ونهى e عن كتابة غيره .
أما: أمره e بكتابة القرآن: فقال الدكتور محمد أبو شهبة ذاكراً ذلك، ومبينا أثر التزامه e بهذا الحال في حفظ القرآن الكريم: (لم يكتف النبي e بحفظ القرآن وإقرائه لأصحابه ن وحفظهم له، بل جمع إلى ذلك كتابته وتقييده في السطور.
وكان للنبي r كتّاب يكتبون الوحي؛ منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب وغيرهم، فكان إذا نزل على النبي e من الوحي شيء دعا بعض من يكتب فيأمره بكتابة ما نزل، وإرشاده إلى موضعه، وكيفية كتابته على حسب ما كان يرشده إليه أمين الوحي جبريل.
روي عن عثمان بن عفان أنه قال: «كان رسول الله e مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشـيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: «ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا»([1]).
وعن زيد بن ثابت قال: «كنا عند رسول الله e نؤلف القرآن من الرقاع» ([2]). ويشبه أن يكون المراد به تأليف ما نزل من الآيات المفرقة في سورها وجمعها فيها بإشارة النبي e.
ولم تكن أدوات الكتابة ميسـرة في ذلك الوقت، فلذلك كانوا يكتبونه على حسب ما تيسـر لهم في الصحف والرقاع والعسب والأكتاف واللخاف والأقتاب([3]) ونحوها، وقد كان القرآن كله مكتوبا في عهده e وإن كان مفرقا.
وأما الصحابة فقد كان بعضهم لا يكتب القرآن، اعتمادا على الحفظ وسيلان الأذهان، كما هو شأن العرب في حفظ شعرها ونثرها وأنسابها، وبعضهم كان يكتب ولكن كان مفرقا؛ وكان بعض الصحابة لا يقتصـرون فيما يكتبونه على ما ثبت بالتواتر، بل كانوا يكتبون المنسوخ تلاوة وبعض تفسيرات وتأويلات لمعانيه.
وخلاصة القول: أن القرآن كله كتب بين يدي النبي e وإن كان مفرقا، وكذلك كتب بعض الصحابة القرآن أو ما تيسـر لهم منه، وإن لم تبلغ كتابتهم في الوثوق مبلغ ما كتب بين يدي النبيe. وطبعي أن المكتوب في هذا العهد لم يكن مرتب السور والآيات. ضرورة التفريق في العسب والرقاع ونحوها، وليس معنى هذا أنهم كانوا يقرءونه غير مرتب الآيات- وحاشا- وإنما كانوا يقرءونه مرتب الآيات على حسب ما أوقفهم عليه الرسول، بإرشاد جبريل، عن رب العالمين وعلى ما هو عليه اليوم .
والسبب الباعث على كتابته في عهد النبي e .
1 - معاضدة المكتوب للمحفوظ لتتوفر للقرآن كل عوامل الحفظ والبقاء، ولذا كان المعول عليه عند الجمع الحفظ والكتابة.
2 - تبليغ الوحي على الوجه الأكمل؛ لأن الاعتماد على حفظ الصحابة فحسب غير كاف؛ لأنهم عرضة للنسيان أو الموت، أما الكتابة فباقية لا تزول.
وهكذا نرى أن كتابته مفرقا في العهد النبوي ضرورة لا محيص عنها) ([4]). فهذ بيان أمر النبي e الصحابة بكتابة القرآن، وبيان أثر ذلك في حفظه.
وأما : نهيه e عن كتابة غير القرآن . فيدل عليه حديث أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم: «لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه» ([5]).
ولفهم هذا النهي وبيان أثره في حفظ القرآن. ينبغي بيان طريقة العرب في الحفظ، والتي اعتُمِدَ عليها في حفظ السنة، ثم بيان كيفية حفظ القرآن ، وبيان الأمور الخاصة التي اتبعها e وأمر بها الصحابة حتى يتحقق حفظ القرآن، والتي نهىe عن اتباعها في حفظ غيره .
وبالنظر إلى العرب وطرائقهم في الحفظ نجد أنهم كانوا أمة أمية، يعتمدون على ذواكرهم وعقولهم في حفظ كل شيء، وكان الحفظ عن طريق الكتابة والتدوين قليل الوقوع نادر الحدوث، وذلك لقلة الكتبة ولقلة أدوات الكتابة، ولم يكن يقع إلا للأمور المهمة وذات الشأن كالمعاهدات والمعلقات فكانوا يكتبونها .
ولقد اعتمد النبي e على هذه الذواكر الجبارة لحفظ الدين قرآنا وسنة، إلا أنه خص حفظ القرآن بمزية لم تتوفر لغيره وهي: وجوب الحفظ في السطور مع الحفظ في الصدور. ولأجل ذلك أَمَرَ النبيe بكتابة كل ما يصدر عنه من القرآن، وحدد لذلك كتبة يكتبونه عند نزوله، ويضعونه في الموضع الذي يحدده e، وندب e مجموع الصحابة إلي كتابة القرآن، وتعبدهم بقراءة وتلاوة ما كتبوه. فتم حفظه قراءة و كتابة، ولذا سمي "قرآنا" و"كتابا".
قال الدكتور دراز مبينا سر تسمية كلام الله المنزل على النبيe "قرآنا" و"كتابا": (وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضوعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعًا، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلًا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة. ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر.
وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداءً بنبيها بقي القرآن محفوظًا في حرز حريز، إنجازًا لوعد الله الذي تكفل بحفظه) ([6]).
والحاصل: أن القرآن كان متميزا في طريقة حفظه؛ فحفظ كاملا في السطور مع حفظه في الصدور، وكان ذلك من خصائصه التي ينبغي أن لا تتبع في حفظ غيره، ولذا نهى النبي e عن حفظ السنة بهذه الطريقة . فنهى النبي e أصحابه عن تدوين وكتابة كل ما يصدر عنه سوى القرآن كتدوينهم وكتابتهم للقرآن ([7]) ، مع إذنه e لهم في حفظ كل ما يصدر عنه في صدورهم والتحديث به، و إذنه e لهم في حفظ ما كان مهمًا أو دعت الحاجة لكتابته بالكتابة كعادة العرب في حفظ المهمات بكتابتها.
قال الحافظ ابن حجر: اعلم أن آثار النبي e لم تكن في عصـر أصحابه مدونة في الجوامع ولا مرتبة لأنهم كانوا قد نهوا عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم([8]) عن أبي سعيد أنه قال: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني، ولا حرج» ([9]).
ومن الأدلة على ذلك غير ما ورد في الصحيح ما رواه الإمام الترمذي بسنده عن أبي سعيد الخدري ، قال: «استأذنا النبي e في الكتابة فلم يأذن لنا» ([10]).
وما رواه الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة، قال: كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي e فخرج علينا، فقال: « ما هذا تكتبون؟» فقلنا: ما نسمع منك، فقال: «أكتاب مع كتاب الله؟ " فقلنا: ما نسمع، فقال: « أكتاب غير كتاب الله امحضوا كتاب الله ، وأخلصوه » . قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد، ثم أحرقناه بالنار، قلنا: أي رسول الله e أنتحدث عنك؟ قال: « نعم تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»([11]).
ولما كان بعض الصحابة قد جلسوا ليكتبوا كل ما سمعوه من السنة على الصورة التي نهى النبيe عنها، كما يدل عليه العموم في قول أبي هريرة: (كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي e). واستأذن بعضهم في ذلك كما أخبر أبو سعيد بقوله:( استأذنا النبي e في الكتابة).
فلما كان ذلك كذلك أمرهم النبي e بمحو ما كتبوه، ولعل ذلك حتى يستفاد بوسائل الكتابة التي محيت الأحاديث منها في كتابة القرآن ([12]). وأما الصحف التي لم يستطع الصحابة محوها، أو الاستفادة منها في كتابة القرآن مرة أخري، فقد أمر النبي بجمعها في صعيد واحد وإحراقها حتى لا يضاهي بها الصحابة القرآن؛ لا في كيفية جمعه، ولا في كيفية قراءته.
ولما كان هذا النهي عن كتابة السنة نهيا عن كتابتها بصورة خاصة وهذه الصورة هي: كتابة كل ما يصدر عن النبي e من السنن، ككتابة كل ما يصدر عنه e من القرآن. لم يفهم الصحابة من هذا النهي أنه نهي عن مطلق الكتابة، ولذا كانوا يكتبون الأحاديث المهمة لحفظها كالتشهد مثلا. جريا على عادتهم كعرب في حفظ الأمور المهمة بالكتابة .
ويدل على ذلك أن أبا سعيد الخدري t الذي روي عنه النهي في حديث : «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه » ([13]).قد روي عنه أيضا أنه قال: «كنا لا نكتب شيئا إلا القرآن والتشهد»([14]).
قال الخطيب البغدادي([15]) موجها النهي في الحديث الأول: (إنما كرهوا الكتاب لأن من كان قبلكم اتخذوا الكتب فأعجبوا بها فكانوا يكرهون أن يشتغلوا بها عن القرآن. فقد ثبت أن كراهة من كره الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يضاهى بكتاب الله تعالى غيره، أو يشتغل عن القرآن بسواه) ([16]).
وقال معلقا عند إيراده للحديث الثاني:( أبو سعيد هو الذي روي عنه أن رسول الله e قال: «لا تكتبوا عني سوى القرآن ومن كتب عني غير القرآن فليمحه» . ثم هو يخبر أنهم كانوا يكتبون القرآن والتشهد، ولا فرق بين التشهد وبين غيره من العلوم في أن الجميع ليس بقرآن. وفي ذلك دليل أن النهي عن كتب ما سوى القرآن إنما كان على الوجه الذي بيناه من أن يضاهى بكتاب الله تعالى، غيره وأن يشتغل عن القرآن بسواه ) ([17]).
https://vb.tafsir.net/forum/%D8%A7%D...86%D9%8A%D8%A9
([1]) جزء من حديث ضعيف؛ رواه الإمام أحمد في مسنده برقم(399) (1/460). قال محققوه: (إسناده ضعيف ومتنه منكر... وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي قراءة وسماعا وكتابة في المصاحف وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأية وحاشاه من ذلك فلا علينا إذا قلنا إنه حديث لا أصل له تطبيقا للقواعد الصحيحة التي لا خلاف فيها بين أئمة الحديث).
والحديث بتمامه رواه الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس أنه قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة، وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا - قال ابن جعفر: بينهما - سطرا: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟
قال عثمان: إن رسول الله e كان مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده يقول: " ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وينزل عليه الآيات، فيقول: " ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا " وينزل عليه الآية، فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ".
وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة، وبراءة من آخر القرآن، فكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله e ولم يبين لنا أنها منها، وظننت أنها منها، فمن ثم قرنت بينهما، ولم أكتب بينهما سطرا: بسم الله الرحمن الرحيم.
([2]) جزء من حديث حسن ؛ رواه الإمام أحمد في مسنده برقم(21608) (35/484). قال محققوه: (إسناده حسن).
والحديث بتمامه رواه الإمام أحمد بسنده عن زيد بن ثابت أنه قال: بينا نحن عند رسول الله e نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال: "طوبى للشام " قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: "إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها ".
([3])الرقاع جمع رقعة وقد تكون من جلد أو قماش أو ورق، العسب: جمع عسيب طرف الجريد العريض كانوا يكشطون الخوص ويكتبون فيه، والأكتاف جمع كتف وهي العظام العريضة من أكتاف الحيوان كالإبل والبقر والغنم، واللخاف بكسر اللام: جمع لخفة بفتح فسكون، وهي الحجارة الرقيقة، والأقتاب: جمع قتب وهي الخشب الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه./انظر هامش المدخل لدراسة القرآن الكريم (267) بتصرف .
([4]) انظر المدخل لدراسة القرآن الكريم (265 وما بعدها ) بتصرف .
([5]) جزء من حديث صحيح؛ رواه الإمام مسلم (4/ 595) برقم (3004) – كتاب الزهد والرقائق - باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم. ونص الحديث بتمامه : («لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني، ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»).
قال الإمام النووي شارحا: ( واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي؛ فقيل هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه كحديث اكتبوا لأبي شاه وحديث صحيفة علي ط وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر ط أنسا ط حين وجهه إلى البحرين وحديث أبي هريرة أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب وغير ذلك من الأحاديث وقيل إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما أمن ذلك أذن في الكتابة وقيل إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ)./ينظر شرح النووي لصحيح مسلم (18/130).
([6]) انظر النبأ العظيم (41) بتصرف .
([7]) ودفع إلى هذا النهي- غير مضاهاة طريقة القرآن في الحفظ – أمور منها:
أولا: قلة أدوات الكتابة، وقلة عدد الكاتبين في ذلك الزمان، ولعل هذا ما جعل الرسول e يستفيد بهم في تدوين القرآن الكريم ، ولم يشأ أن يوزع الجهود، بين القرآن الكريم وغيره.
ثانيا: كثرة الأحاديث النبوية فكان للنبي e في كل مسألة جواب وفي كل نازلة حكم وفي كل لحظة إرشاد. فلو فرض توفر أدوات الكتابة فمن أين لهم الوقت لتدوين كل ما يصدر عنه e من الأحاديث تدوينا كاملا كتدوينهم القرآن .
ولبيان هذه الوجوه ينظر السنة النبوية بين كيد الأعداء لحمدي عبد الله الصعيدي(99-101) – ط1 لسنة 2007 – مكتبة أولاد الشيخ، والوحى إلى الرسول محمد لعبد اللطيف السبكى (151) – مطبوعات المجلس الأعلى للشئون الاسلامية – القاهرة.
([8]) انظر فتح الباري لابن حجر (1/ 6)بتصرف .
([9]) حديث صحيح؛ رواه الإمام مسلم (4/ 595) برقم (3004) – كتاب الزهد ...- باب التثبت في الحديث... .
([10])حديث صحيح ؛ رواه الإمام الترمذي في سننه (5/ 38) برقم (2665). وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2/339) برقم (2147) .
([11])حديث صحيح ؛ رواه الإمام أحمد في مسنده (17/ 156)برقم(11092). قال محققوه: (حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد: وهو ابن أسلم العدوي، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح....
قوله: "أكتاب مع كتاب الله"، أي: يخلط كتاب آخر مع كتاب الله. قوله: فقلنا ما نسمع، أي: ما نسمع منك، لا أمر آخر يقابل كتاب الله حتى نخاف منه على كتاب الله. قوله: "امحضوا": بحاء مهملة، وضاد معجمة. أي: أخلصوه ).
([12]) هذا التوجيه لعلة الأمر بالمحو أولى من القول بأن النهي عن الكتابة والأمر بالمحو كان لخوف اختلاط الحديث بالقرآن ، وبأنه إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط فيشتبه على القارئ.
وذلك لأن التعليل بخوف اختلاط القرآن بالسنة مستبعد؛ لما يتميز به أسلوب القرآن الفريد المعجز، وبيانه المتفرد، ولما كان عليه الصحابة من الفصاحة والبيان بحيث لا يظن بحال اختلاط كلام الله تعالى بكلام نبيه في أسماعهم، مشتبها بعضه ببعض.
([13]) حديث صحيح؛ رواه الإمام مسلم (4/ 595) برقم (3004) – كتاب الزهد - باب التثبت في الحديث .
([14])حديث صحيح ؛ أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 260)./ ينظر المصنف لأبي بكر بن أبي شيبة- ت: كمال يوسف الحوت - ط1 سنة 1409- الناشر: مكتبة الرشد – الرياض، وصححه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير(1/482)- ت: حسن بن عباس بن قطب - ط1 لسنة1995م-الناشر:مؤسسة قرطبة – مصر.
والحديث بتمامه رواه الإمام أحمد بسنده عن زيد بن ثابت أنه قال: بينا نحن عند رسول الله e نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال: "طوبى للشام " قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: "إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها ".
([15]) هو: أحمد بن علي بن ثابت بن ، أبو بكر الخطيب البغدادي، العلامة المفتي، الحافظ الناقد. ولد سنة (392هـ). وتوفى سنة (463 هـ)/ انظر وفيات الأعيان (1/ 92)، وموسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (6/ 302)
([16]) انظر تقييد العلم للخطيب البغدادي (57) - الناشر: إحياء السنة النبوية – بيروت. بتصرف .
([17]) انظر تقييد العلم للخطيب البغدادي (93)بتصرف .
تعليق
يعمل...
X
تعليق