ورد في فضل الذكر نصوص كثيرة ؛ وقد ذكر ابن القيم في كتابه ( الوابل الصيب من الكلم الطيب ) أن للذكر فوائد مائة ، ثم سرد هو أكثر من سبعين فائدة ؛ ولا يتسع المجال لذكر كل الفوائد ؛ ولكن نطوِّف ببعض ذلك ، والله المستعان .
روى أحمد والترمذي وابن ماجة عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ ، فَتَضْرِبُوا رِقَابَهُمْ ، وَيَضْرِبُونَ رِقَابَكُمْ : ذِكْرُ اللَّهِ U " .
وقد استشكل هذا الحديث مع ما ورد في فضل المجاهد أنه كالصائم لا يفطر ، وكالقائم لا يفتر .. وغير ذلك ، مما يدل على أفضليته على غيره من الأعمال الصالحة ، قال ابن حجر -

قال مقيده - عفا الله عنه : سبق ابنُ القيم ابنَ حجر - رحمهما الله - في هذا المعنى ؛ قال : وفي الترمذي - أيضًا - عن النبي e عن الله U أنه يقول : " إِنَّ عَبْدِي كُلَّ عَبْدِيَ الَّذِي يَذْكُرُنِي وَهُوَ مُلَاقٍ قرْنَهُ " [2] ، وهذا الحديث هو فصل الخطاب والتفصيل بين الذاكر والمجاهد ؛ فإن الذاكر المجاهد أفضل من الذاكر بلا جهاد والمجاهد الغافل ؛ والذاكر بلا جهاد أفضل من المجاهد الغافل عن الله تعالى ؛ فأفضل الذاكرين المجاهدون ، وأفضل المجاهدين الذاكرون [3] .. والعلم عند الله تعالى .
[1] انظر ( فتح الباري ) : 11 / 210 .
[2] رواه الترمذي ( 3580 ) ، وضعفه ، ثم قال : وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " وَهُوَ مُلَاقٍ قرْنَهُ " ، إِنَّمَا يَعْنِي عِنْدَ الْقِتَالِ ، يَعْنِي أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ . ا.هـ. قال ابن علان في ( شرح الأذكار ) : قال الحافظ ( ابن حجر ) : ولكن و جدت له شاهدًا قويًّا مع إرساله ، أخرجه البغوي من طريق جبير بن نفير ، فلذلك قلت : حسن .ا.هـ .
[3] الوابل الصيب ص 56 .