قال الخطابي -
: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه ، معنى الإجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره ، وليس الأمر كما يتوهمونه ، وإنما معناه : الإخبار عن تقدم علم الله
بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم ، وصدورها عن تقدير منه ، وخلقٍ لها خيرها وشرها . والقدر : اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر ، يقال : قدَرت الشيء ، وقدَّرت ، خفيفة وثقيلة ، بمعنى واحد . والقضاء في هذا معناه الخلق ، كقوله تعالى :
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ
( فصلت : 12 ) ، أي خلقهن . وإذا كان الأمر كذلك : فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور ، وملابستهم إياها عن قصد وتعمد وتقديم إرادة واختيار ، فالحجة إنما تلزمهم بها ، واللائمة تلحقهم عليها .
وجماع القول في هذا الباب : أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأن أحدهما بمنزلة الأساس ، والآخر بمنزلة البناء ، فمن رام الفصل بينهما ، فقد رام هدم
البناء ونقضه . ا.هـ المراد منه ( 1 ) .
فعلى هذا : فالقدر هو علم الله الأزلي بما تكون عليه المخلوقات . وأما القضاء فمعناه : إيجاد الله تعالى الأشياء حسب علمه وإرادته ؛ وهما متلازمان .
والقضاء له وجهان : أحدهما تعلقه بالرب سبحانه ونسبته إليه ، فمن هذا الوجه يرضى به كله . والثاني : تعلقه بالعبد ونسبته إليه ، فمن هذا الوجه ينقسم إلى ما يرضى به ، وإلى ما لا يُرضى به . ومثال ذلك : قتل النفس - مثلاً - له اعتباران : فمن حيث إنه قدره الله وقضاه وكتبه وشاءه ، وجعله أجلاً للمقتول ونهاية لعمره ، يرضى به . ومن حيث إنه صدر من القاتل وباشره وكسبه وأقدم عليه باختياره ، وعصى الله بفعله ، يسخطه ولا يرضى به . أفاده ابن القيم
، وهو كلام نفيس في بابه ، مَنْ تنبه له اتضحت له كثير من معضلات هذه القضية . وبالله تعالى التوفيق .

1 ) انظر معالم السنن : 7 / 69 ، 70 ( مع مختصر السنن للمنذري ) .




وجماع القول في هذا الباب : أنهما أمران لا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأن أحدهما بمنزلة الأساس ، والآخر بمنزلة البناء ، فمن رام الفصل بينهما ، فقد رام هدم
البناء ونقضه . ا.هـ المراد منه ( 1 ) .
فعلى هذا : فالقدر هو علم الله الأزلي بما تكون عليه المخلوقات . وأما القضاء فمعناه : إيجاد الله تعالى الأشياء حسب علمه وإرادته ؛ وهما متلازمان .
والقضاء له وجهان : أحدهما تعلقه بالرب سبحانه ونسبته إليه ، فمن هذا الوجه يرضى به كله . والثاني : تعلقه بالعبد ونسبته إليه ، فمن هذا الوجه ينقسم إلى ما يرضى به ، وإلى ما لا يُرضى به . ومثال ذلك : قتل النفس - مثلاً - له اعتباران : فمن حيث إنه قدره الله وقضاه وكتبه وشاءه ، وجعله أجلاً للمقتول ونهاية لعمره ، يرضى به . ومن حيث إنه صدر من القاتل وباشره وكسبه وأقدم عليه باختياره ، وعصى الله بفعله ، يسخطه ولا يرضى به . أفاده ابن القيم


1 ) انظر معالم السنن : 7 / 69 ، 70 ( مع مختصر السنن للمنذري ) .
تعليق