بعض آداب الذكر

إنضم
11 يناير 2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
قال الله تعالى : ] وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ [ [ الأعراف : 205 ] .
والذكر ها هنا عام في جميع الأذكار ، من قراءة القرآن ، والدعاء ، والتسبيح ، والتهليل ... وغير ذلك ؛ وقد ذكر I في هذه الآية آدابًا لذكره :
الأول : أن يكون في نفسه ، لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص ، وأقرب إلى الإجابة ، وأبعد من الرياء .
الثاني : أن يكون على سبيل التضرع ، وهو التذلل والخضوع والاعتراف بالتقصير ، ليتحقق بذلة العبودية لعزة الربوبية .
الثالث : أن يكون على وجه الخيفة ، أي : الخوف والخشية من سلطان الربوبية ، وعظمة الألوهية ، من المؤاخذة على التقصير في العمل ، لتخشع النفس ، ويخضع القلب .
الرابع : أن يكون دون الجهر ، لأنه أقرب إلى حسن التفكر ؛ قال ابن كثير : فلهذا يستحب أن لا يكون الذكر نداءً ، ولا جهرًا بليغًا ؛ وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري t قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار ، فقال لهم النبي e : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ ، وَلاَ غَائِبًا ، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا ، وَهُوَ مَعَكُمْ " ؛ فالمراد أن يقع الذكر متوسطًا بين الجهر والمخافتة ، كما قال تعالى : ] وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [ .
الخامس : أن يكون باللسان لا بالقلب وحده ، وهو مستفاد من قوله : ] وَدُونَ الْجَهُرِ [ لأن معناه : ومتكلمًا كلامًا دون الجهر ، فيكون صفة لمعمول حال محذوفة معطوفاً على ] تَضَرُّعًا [ ، أو هو معطوف على : ] فِي نَفْسِكَ [ أي : اذكره ذكرًا في نفسك ، وذكرًا بلسانك دون الجهر .
السادس : أن يكون بالغدو والآصال ، أي : في البكرة والعشي ؛ فتدل الآية على مزية هذين الوقتين ، لأنهما وقت سكون ودعة وتعبد واجتهاد ، وما بينهما الغالب فيه الانقطاع إلى أمر المعاش ؛ وقد روي أن عمل العبد يصعد أول النهار وآخره ، فطلب الذكر فيهما ، ليكون ابتداء عمله واختتامه بالذكر .
ثم نهى تعالى عن الغفلة عن ذكره بقوله : ] وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ [ أي : من الذين يغفلون عن ذكر الله ، ويلهون عنه ، وفيه إشعار بطلب دوام ذكره تعالى ، واستحضار عظمته وجلاله وكبريائه ، بقدر الطاقة البشرية[SUP] [1] [/SUP].

[1] انظر ( محاسن التأويل للقاسمي ) عند الآية ( 205 ) من سورة الأعراف .
 
عودة
أعلى